مقتطفات من سيرة الإنسان العظيم الذي جسد حياة الأولياء والصديقين
"النقطة الأولى في أي إصلاح هي نفس الإنسان، لأن الإنسان الذي لا يتمكن من تربية نفسه لا يمكنه أن يربي الآخرين" الإمام الخميني قدس سره.
* يقول حجة الإسلام رحيميان: "اتّبع سماحة الإمام أسلوباً عملياً يقتضي احترام الأنظمة والمقررات المرعية، والتقيّد بالتراتبية في العمل خلال تعاطيه مع كافة المسائل، خاصة بالنسبة للمواضيع الإدارية.
على سبيل المثال: نقل إلى الإمام سؤال شرعي عن لسان السيد كمال الموسوي الشيرازاي حول شخص في عهدته قضاء صيام عدة أيام ولديه متسع من الوقت لإيفائها، ترى هل يستطيع أن يؤدي الصيام المستأجر؟ فردّ الإمام على السؤال بقوله: "عودوا إلى الرسالة الشرعية". فكرر السيد الموسوي سؤاله ملفتاً إلى أنه لم يعثر على جواب شاف في الرسالة المشار إليها، فأجاب الإمام: "اسألوا مكتب الاستفتاء بشأن هذه المسألة". إن هناك نماذج كثيرة أخرى من هذا القبيل، بيّنت لنا ضرورة مراعاة سلسلة الأنظمة والقوانين والتراتبية أثناء العمل واتخاذ القرارات، مما كان لها أعمق الأثر في تنمية هذه الروح بين الكوادر والمسؤولين".
* ويضيف حجة الإسلام رحيميان: "في مسألة الأموال الشرعية التي كانت تصل إلى الإمام من مقلدِّيه في خارج إيران بالعملة الأجنبية، كان يلزم أحياناً تبديلها إلى الريال الإيراني. وقد كانت الحيرة تقع بين أن نصرفه من المصرف المركزي أو بشكل حر، حيث أن هناك تفاوت بين القيمة الحكومية والقيمة الحرة (كان سعر الدولار باقيمة الحكومية سابقاً يساوي 7 تومانات وفي السوق الحرة يتجاوز المئة تومان). وبهذه الحالة كان الإمام يقول: "اسألوا السيد الموسوي - السيد مير حسين الموسوي رئيس الوزراء آنذاك - فإذا لم يكن هناك إشكال من نظر الحكومة فاشتروها بالشكل الحر".
* هذا الالتزام والتقيد البارز من قبل الإمام بالقرارات والقوانين المنطقية لم يكن منحصراً بقوانين النظام الإسلامي، بل كان أسلوب الإمام مشابهاً لذلك في رعاية المصالح العامة للمجتمع وحفظ الأموال حتى في زمن النظام البهلوي الفاسد، ومن تلك القضايا ما كان ينقله آية الله الشهيد مصطفى الخميني "أثناء عبور الإمام لأحد الشوارع ولكي يمك الإمام على القسم المزروع بالحشائش في وسط الشارع، فقد قطع مسافة أطول لكي يعبر الشارع من التقاطع ولا يضطر للسير على الحشائش ولو بمقدار خطوة واحدة.
* وينقل أيضاً حجة الإسلام رحيميان: "إنني كوني أحد الخادمين لسنوات عديدة في مكتب الإمام أستطيع القول وبجرأة وحق أنني لم أرَ من الإمام في حدود حياته الخاصة أي شكل من أشكال التخطّي لقرارات الدولة الإسلامية، ومن باب المثال: الفواتير والحسابات المتعلقة بالماء والكهرباء والتلفون وغيرها. فبمجرد وصول هذه الفواتير كانت تدفع في أقرب فرصة ولم كين الإمام يجيز بأي شكل للمنتسبين لبيته ولمكتبه بأن يخطو خطوة واحدة خارج محيط القرارات والضوابط للحكومة الإسلامية.
* ويُحدّث حجة الإسلام عبد العلي قرهي: "عندما كان الإمام في النجف كان يذهب إلى الحرم المطهر لأمير المؤمنين عليه السلام صباحاً ومساءً، ولكن بعد انشغاله بالدورس صار يذهب إليه مساءً فقط. كانت زيارته تستغرق حوالي 35 إلى 40 دقيقة، وقد كانت تطول إلى الوقت الذي كان الخادم يتهيأ لتنظيف المكان وإغلاق الأبواب فكان ينتظر حتى ينتهي الإمام من الزيارة. التفت إلى هذه المسألة وأخبرت الإمام، فلم يعد يقرأ الزيارة الجامعة هناك، إلاّ في ليالي الجمعات حين يبقى باب الحرم مفتوحاً حتى الصباح".
* وينقل حجة الإسلام محمد سجادي أصفهاني: "كان التمييز بين الطلاب في مسألة إيتاء الرسوم دارجاً في الحوزة قبل قدوم الإمام إلى النجف الأشرف، وكان التمييز حاصلاً في إعطاء الحقوق بين الطلبة الأفغان والعرب والإيرانيين وغيرهم. فقال الإمام: "إذا تقرر إعطاء الشهرية فيجب أن تكون في مستوى واحد، والطلبة المستوفون للشرائط أكانوا عرباً أم أفغاناً أم هنوداً أم باكستانيين أم إيرانيين فلا فرق بينهم".
لقد كان هذا عملاً عظيماً أنجزه الإمام في النجف وأفرح به الكثير من الطلاب، حيث بادر (وهذه من إحدى خصائص الإمام أن يكون سباقاً) إلى إتمام هذه المسألة التي لم تكن مطروحة من قبل، ممّا جعل بقية المراجع يتبعوا هذه السيرة الحسنة".