نور روح الله | بالدموع الحسينيّة قضينا على الاستكبار* بمَ ينتصر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ (2)* فقه الولي | من أحكام النزوح تحقيق | قصائدُ خلف السواتر مناسبات العدد ياطر: إرثٌ في التاريخ والمقاومة (2) محميّة وادي الحجير: كنزُ الجنوب الصامد (1) قصة | وزن الفيل والقصب شعر | يا ضاحية الافتتاحية | لحظة صدقٍ مع اللّه

الافتتاحية | لحظة صدقٍ مع اللّه

الشيخ بلال حسين ناصر الدين
 

يُروى أنّ الذين خرجوا مع الإمام الحسين عليه السلام من مكّة نحو الكوفة كانوا بالمئات، بل ببضع آلاف، كما في بعض المرويّات. وكان الأعمّ الأغلب من هؤلاء يظنّون أنّهم ذاهبون إلى الدعة والسلام، بعد أن ألزم أهل الكوفة أنفسهم بمؤازرة الإمام عليه السلام ونصرته، وركز في نفوسهم أنّ زمام الحكم سوف تصبح بيد الإمام عليه السلام لا محالة. ولكن، بينما كانت قافلة التمحيص سائرة في طريقها، وبدأت أخبار أصحاب الإمام عليه السلام من سفرائه تصل خبراً يتلوه خبر؛ فقد استشهد هانئ بن عروة ومسلم بن عقيل وعبد الله بن يقطر، عندها، خطب الإمام عليه السلام في الجموع مبيّناً ملامح الطريق الذي سيمضي فيه. وبعد أن سمعوا مقالته عن أنّ الطريق لا كما كانوا يظنّون، وقع في قلوبهم الخوف والرعب، فتفرّقوا عنه يميناً وشمالاً وهم يتسلّلون من قافلته في حلك الليل حياءً! حتّى بقي منهم من بقي من أولئك الأصحاب الميامين، الذين نالوا شرف الشهادة بهم على لسانه الشريف: «فإنيّ لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي».

ما سرّ ثبات هؤلاء يا ترى؟ ما الدافع لأن يبقوا ملازمين له عليه السلام وهم يدركون جيّداً أنّ أفق البقاء يشير إلى وقوع الشدائد والبلايا؟ وما الذي ميّزهم حتّى استحقّوا إطراء الإمام لهم في ما قال؟ قد نضع لذلك إجابات عديدة، مثل الوعي، أو الشجاعة، أو عدم الانكباب على الدنيا، قد نقول كلّ ذلك وأكثر، وكلّ هذا صحيح، لكنّ أمراً من كلّ ذلك لا يفي كنه التزامهم، دون أن نقرنه بالدافع الأساسيّ لالتزامهم وثباتهم، ألا وهو الولاية.

هي الولاية التي كانت لهم جسراً عبروا به المصائب وشدائد النوازل التي لاحت في أفق كربلاء، حتّى جعلت من شيخهم المسنّ شابّاً يافعاً، ومن شبّانهم رجالاً حكماء، فأدركوا بذلك الفتح المبين.

هي الولاية التي حصّنتهم من الوقوع في الخوف والتردّد والانكفاء والشكّ، فرأوا ما لم يره الآخرون ممّن وقعوا في شِباك الدنيا وحبّها حيناً، أو وقعوا في شِباك الجهل بحقائق الأمور حيناً آخر.

واليوم، نحن أيضاً ممتحنون، بما امتُحن به أصحاب سيّد الشهداء عليه السلام، بحيث نرى سهام الباطل والاستكبار تتّجه نحو مشروع المقاومة، وقلبها دولة الولاية في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران المباركة، وتجاسر عالم الاستكبار عليها، وخنوع المنبطحين من حكومات أمّتنا. وامتحاننا يكمن في أن نرى منظور مستقبلنا بعين الله، وأنّه مهما تعاظمت قوى الشرّ علينا، فلن يثنينا هذا عن ملازمة وليّ أمرنا، فلا يدخل الشكّ في قلوبنا، ولا نتردّد في مؤازرة هذا المشروع الإلهيّ، بكلّ ما أوتينا من قوّة، ولا نحيد عن توجيهات قيادتنا الحكيمة المتمثّلة بشخص الإمام الخامنئيّ المفدّى قيد أنملة.

إنّها لحظة صدقٍ مع الله أوّلاً، ومع آهات الأمّهات الثكلى، ومع قلوبِ أطفالٍ ارتعبت وارتجفت بفعل أصوات القذائف الشيطانيّة، التي عميت عن كلّ مبادئ الإنسانيّة. لحظة صدقٍ تحرّكنا لأن نبذل قصارى جهدنا كي نكون شركاء في الدفاع عن الحقّ وأهله، كلٌّ من موقعه الذي هو فيه.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع