* يقول آية الله جوادي الآملي:
"كان الإمام قدس سره يرى أن رسالة الحوزات العلمية في أيام شهر رمضان المبارك وشهر محرم الحرام هي في السعي لنشر الأحكام الإلهية لإنقاذ الشعب الإيراني المستضعف من الأخطار المحدقة به. (وكان يلفت إلى أن) أرقام الجرائم الأخلاقية في كل من شهري رمضان المبارك ومحرم الحرام تشهد انخفاضاً ملحوظاً، في حين أن عدد السجناء السياسيين كان يتصاعد فيهما. لقد صان هذه البلاد شهر رمضان المبارك، وكذلك شهر محرم الذي أريقت فيه دماء أبي عبد الله الحسين عليه السلام. وفي الحقيقة، صان البلاد هذان الأصلان اللذان قال عنهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي". وكانا يتطلبان ناطقاً عنهما، فكان القائد الأكبر لهذه الثورة الإسلامية الإمام الخميني قدس سره الناطق عن القرآن الكريم والسنة والعترة الطاهرة حيث أخرجهما من الهجران والغربة.
* يروي حجة الإسلام السيد علي أكبر محتشمي:
"في اليوم التاسع من محرم [الذي حلَّ ونحن في نوفل لوشاتو في باريس] أبلغني السيد إشراقي برغبة الإمام في أن أتهيّأ قبل الظهر بساعة واحدة لقراءة مجلس حسيني. وقد تحيّرت لأني لم أكن مهيّئاً لمثل ذلك ولأن المحيط - حسب ظني - لم يكن ملائماً لمثل هذه المناسبة، فرجوته أن يخبر الإمام بأني غير مستعد الاستعداد الكافي لقراءة المجلس خاصة في جو باريس حيث للطبقة المثقفة نظرة خاصة إلى هذه المجالس. ولكن الإمام أجاب بعزم وإصرار: "قولوا لفلان إني أريد مجلساً حسينياً كمجالسنا المعروفة يقرأه هنا". لقد أحسست من ذلك مبلغ الولاء والعلاقة بالأئمة الأطهار عليهم السلام وإصراره على عرض هذا المحتوى المقدس ولو كان ذلك في باريس أو في قلب الغرب.
وانعقد المجلس كما أراده الإمام وقد كان منظره يبعث على الدهشة والتساؤل من قبل الذين وفدوا علينا من أقطار أوروبية مختلفة من صحفيين أجانب وغيرهم ليشاهدوا الإمام الذي يقف كالطود الشامخ في مواجهة الشاه ومن ورائه أمريكا، كيف كان يبكي بكاء الثكالى لأجل مأساة الإمام الحسين عليه السلام".
* ويضيف السيد محتشمي: "وأذكر حين كنا في النجف الأشرف، كيف كان الإمام مستقبل محرم الحرام، حيث كان يتوجه إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ويقرأ زيارة عاشوراء في كل يوم من أيامه".
* ويقول حجة الإسلام فرقاني: [يوم وفاة السيد مصطفى الخميني نجل الإمام قدس سره] حرص السيد أحمد أن يجري وبتنسيق مع بعض الأخوة لقاء مع الإمام ومن خلال الحديث الدائر في حضرته يمكن التلميح إلى تلك الحادثة المحزنة، ولكن خلال اللقاء الذي تمّ لم يتمالك السيد أحمد نفسه فانفجر باكياً ولم يستطع السيطرة على عواطفه، فالتفت الإمام إليه قائلاً: "ما بك يا أحمد، هل مات مصطفى؟إن أهل السموات يموتون وكذلك أهل الأرض ولا يبقى منهم أحد وكلهم يفنون..." ثم اتجه إلى الآخرين وقال لهم: "أيها السادة اذهبوا إلى إنجاز ما ينتظركم من أعمال". ثم انتقل الإمام إلى صحن الدار لتقبل التعازي. وفي لحظة من اللحظات وجدت الإمام ينظر إليّ شزراً مما جعلني أعود إلى نفسي أسألها ماذا عسى أن يكون في مظهري شيء غير منتظم، أم ماذا؟ وكان دائماً يتكلم معي بالنظرات، فتقدمت نحوه، فقال لي هامساً: "ألم يكن من المقرر أن تذكرني في الساعة التاسعة بطلب الشيخ الواعظ [وكان الشيخ قد طلب مالاً لرجل عاجز وفقير] والآن الساعة تشير إلى التاسعة وعشر دقائق". عظم الأمر علي وبينت للإمام أن واقع الحال قد حال بيني وبين أداء هذا الواجب. فأشار إلي فتبعته إلى الغرفة وسلمني ظرفاً فيه مبلغاً من المال ختمه بنفسه وطلب مني إيصاله فوراً. [لقد كان الإمام يتابع إنجاز أعماله كان شيئاً لم يكن] فقد أخبرني بعد عودتي أيضاً أنه سيتوجه إلى المسجد لصلاة الجماعة كالمعتاد فتعجبت من ذلك. وفي المسجد عقدت الدهشة ألسنة الحاضرين حتى قال الجميع: "إن الخميني لا يبكي أبداً". ولكن هذه الصورة تبدلت تماماً حين عقد مجلس عزاء حسيني إثر الانتهاء من أداء الفريضة حيث بكى بكاءً شديداً عندما ذكرت مصائب أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين".
* ويقول حجة الإسلام والمسلمين محمد مهدي الآصفي: "إن الذي يتتبع كلمات الإمام قدس سره خلال مسيرة الثورة وبعد قيام الدولة، يجد أن الإمام يولي اهتماماً كبيراً بربط الثورة بثورة سيد الشهداء الحسين عليه السلام وبالمحافظة على إقامة ذكراه في عاشوراء بالصيغة الشعبية التي ألفها المؤمنون، وبالاستفادة من منابر عاشوراء ومجالسها ومسيراتها، مع المحافظة على الناحية المأساوية فيها والاستمرار في إقامة مجالس العزاء، كل ذلك لتبقى عجلة الثورة مشدودة إلى أبعادها التاريخية ولترتبط مسيرتنا السياسية والجهادية بتلك المسيرة الربانية الكبرى".