نور روح الله | بالدموع الحسينيّة قضينا على الاستكبار* بمَ ينتصر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ (2)* فقه الولي | من أحكام النزوح تحقيق | قصائدُ خلف السواتر مناسبات العدد ياطر: إرثٌ في التاريخ والمقاومة (2) محميّة وادي الحجير: كنزُ الجنوب الصامد (1) قصة | وزن الفيل والقصب شعر | يا ضاحية الافتتاحية | لحظة صدقٍ مع اللّه

بمَ ينتصر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ (2)*

السيّد عبّاس عليّ الموسويّ
 

في هذا المقال، نواصل الحديث عن الأسباب التي تكفل للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف الانتصار على القُوى المستكبرة، ونشر العدل في الأرض. وقد ذكرنا في العدد السابق أنّ انتصاره مؤكّد بفضل عوامل مثل العقيدة الصادقة والقيادة الربّانيّة.

* ذهاب ثلثَي العالم
يظهر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بعد حرب طاحنة عالميّة تقضي على ثلثي البشريّة؛ ذلك أنّ الدول المستكبرة تريد السيطرة على الدول الأضعف وتسخّر مواردها وشعوبها لخدمتها، ما يستدعي أن تتنافس في ما بينها للهدف نفسه. وعند تضارب المصالح، تقع الواقعة وتستخدم الدول ما ادّخرته من أعتى أنواع الأسلحة وأشدّها فتكاً.

بعد هذه الحرب التي تقضي على ثلثي البشريّة، يعود الناس إلى رشدهم، فيأتيهم نداء الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف فيستجيبون له؛ لشعورهم أنّهم بحاجة إلى مخلّص صادق، يرفع عنهم القهر والظلم ويعيد إليهم العزّة والكرامة والسعادة.

ففي الحديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «لا يكون هذا الأمر –قيام الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف- حتّى يذهب تسعة أعشار الناس»(1)، وفي رواية «ثلثا الناس».

* حدوث آيات كونيّة
تحدث قبل ظهور القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف علامات كونيّة تشكّل إرهاصات لحدث في غاية الأهميّة تجعل الناس في حالة استفهام وحيرة دائمة عمّا يجري، وما وراءه، وماذا يجب عليهم فعله؛ فتُحدث في نفوسهم نوعاً من الانتباه إلى ربّهم، وتجعلهم يلفظون غبار النسيان الذي استولى على الفطرة. فالإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام قال لمن سأله عن القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف: «لا يكون حتّى ينادي منادٍ من السماء يُسمِع أهل المشرق والمغرب، حتّى تسمعه الفتاة في خدرها»(2). كما جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: «إذا رأيتم علامة في السماء ناراً عظيمة من قِبَل المشرق تطلع لياليَ، فعندها فرج الناس، وهي قدّام القائم بقليل»(3).

* نزول المسيح عليه السلام
عندما أراد اليهود أن يقتلوا المسيح عليه السلام، ألقى الله شبهه على أحد المتآمرين عليه، فقبضوا عليه ظنّاً منهم أنّه المسيح وقتلوه صلباً. أمّا المسيح نفسه، فقد رفعه الله إليه وجعله وديعة عنده ليُخرجه لمهمّة كبرى عندما يظهر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، ليكون تحت رايته وداعية له يساعده في معركته. من هنا، عندما يستقرّ المقام بالإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، يُنزل الله عيسى ابن مريم عليهما السلام، فيلتقيان في القدس. وعندما يحين وقت الصلاة، يدعو الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف المسيح عليه السلام أن يصلّي، فيمتنع الأخير أدباً وإظهاراً لمكانته، فيتقدّم الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ويأتمّ به المسيح عليه السلام. وقد ورد هذا المعنى في روايات السنّة والشيعة. عندما يرى المسيحيّون أنّ المسيح عليه السلام يدعوهم إلى الهداية، فلا بدّ من أن يحصل تغيير في فكرهم وسلوكهم، وهذا من العوامل المهمّة التي تهيّئ الأجواء لانتصار الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في معركته التاريخيّة الحاسمة.

* منصورٌ بالحبّ والرعب
ألقى الله تعالى الرعب في قلوب أعداء جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنصره في معاركه، وهذا أمر خاصّ به، لا يشمل غيره حتّى من الأنبياء. أمّا الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، فيهيّئ الله له راية خفّاقة حتَّى تظهر نتائج انتصاراته.
وعندما يرى الناس طريقة حكمه، يأخذون بالحديث عن عدله وكرمه وجوده وأهداف دعوته، ويعتقدون بما كان قد وصلهم عن أخباره، وعندها، يتداعى المؤمنون إلى لقائه شوقاً وحبّاً له.

ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: «القائم منّا منصورٌ بالرعب مؤيّدٌ بالنصر»(4). وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: «لو خرج قائم آل محمد لنصره الله بالملائكة المسوّمين والمردفين والمنزلين والكروبيّين، يكون جبرائيل أمامه وميكائيل عن يمينه وإسرافيل عن يساره، والرعب (يسير) مسيرة شهر أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله، والملائكة المقرّبون حذاه»(5).

* وجود الأنصار
ينتصر الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بأصحابه الذين أخرجهم الله لهذه المهمّة العظيمة. فعندما يتوفّر العدد المطلوب الذي على يديه يتمّ النصر، تكون النتيجة حتميّة وقطعيّة.

وقد وصفت الأحاديث أصحابه من قادة الجيوش وأصحاب الألوية وحكّام الولايات، بأوصاف غاية في الأهميّة من كلّ الجهات المعنويّة والماديّة؛ فهم أصحاب قوّة إيمان في قلوبهم، وإذا توجّهوا لشيء لم يؤخّرهم إنجازه مهما كان ذلك الأمر صعباً وشاقّاً.

أمّا مستواهم العلميّ والثقافيّ وما أعطوا من قدرات فكريّة، فهم في أعلى درجات القدرة العلميّة بحيث إذا أراد أحدهم أن يعرف أمراً عرف الجواب، سواء كان ذلك عن طريق الإعجاز أو باستخدام وسائل الكشف الحديثة.

* نضج الأمة فكريّاً وثقافيّاً
من العوامل المهمّة لانتصار الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف بلوغ الأمّة في زمانه درجة عالية من النضج الفكريّ والثقافيّ، بحيث عندما يعرض عجل الله تعالى فرجه الشريف الإسلام بصيغته التي أُنزل بها، وهي واقعيّة صافية نقيّة، فإنّ الأمّة ستؤمن مباشرةً بما يطرحه ويدعو إليه من جهاد وكفاح، وحمل السلاح في سبيل نشر الدين وإعلاء رايته وتحقيق أهدافه وما يصبو إليه من إقامة العدل والقضاء على الظلم.

*مقتبس من كتاب: الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف عدالة السماء، ص 260- 269.
(1) الغيبة، النعماني، ص 283.
(2) المصدر نفسه، ص 265.
(3) المصدر نفسه، ص 262.
(4) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 359.
(5) بحار النوار، العلّامة المجلسيّ، ج 52، ص 348.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع