الشيخ علي حجازي
ثبتت حرمة الرّبا في الكتاب الكريم والروايات الشريفة
وإجماع من المسلمين... والرّبا من المحرّمات والكبائر العظام. وهو قسمان: الرّبا
المعامليّ والرّبا القرضيّ.
1 - الرّبا القرضيّ
يتحقّق الرّبا القرضيّ بأن يقترض شخص مالاً على أن يسدّده مع زيادة للمقرِض، بلا
فرق في الزيادة المحرَّمة بين أن تكون عينيَّة (كاقتراض عشرة دراهم على أن يسدّدها
اثني عشر درهماً -مثلاً- إلى الأجل المعيّن، أو تكون الزيادة عملاً كعشرة دراهم
بعشرة دراهم وعمل كخياطة ثوب، أو تكون الزيادة غير ذلك).
2 - حكم الزيادة
لا يستحقّ المقرِض الزيادة، بل يكفي أن يسدّد المقترِض أصل المال، ولا يجوز للمقرِض
أن يأخذ الزيادة، بل يجب عليه أن يردّها على المقترِض.
3 - القرض الربويّ من البنك
القرض الربويّ حرام شرعاً حتّى لو كان لقضاء حاجة النفس، أو قضاء حاجة مؤمن، أو
لأيّ غرض آخر محلَّل. ولكن لا يبطل القرض بذلك، بل يكون صحيحاً مع وجود الإثم،
ويكون شرط الزيادة باطلاً؛ ولذلك يمكن لمن يريد أن يقترض من البنك أن يلجأ إلى
الطريقة الآتية:
يطلب المكلّف القرض وينوي (بشكل جدّيّ) أن لا يسدّد الرّبا، وعند الدفع إذا عجز عن
التهرّب من دفع الزيادة فيدفعها اضطراراً، وبذا يصحّ القرض ولا إثم عليه، ولكنّ
البنك لا يجوز له أخذ الزيادة.
4 - تأخير تسديد الدَّين
إذا أخّر الدائن تسديد دينه عن أجله، فليس للمَدين أن يطالبه بمبلغ أزيد من مبلغ
الدَّين.
5 - الشراء نسيئة
إذا اشترى شخص سلعة نسيئة (بأن يأخذ السلعة ويؤجّل دفع ثمنها لمدّة محدّدة) لثلاثة
أشهر مثلاً، وبعد حلول الأجل طلب من البائع تمديد الأجل لثلاثة أشهر أخرى على أن
يدفع له مبلغاً زائداً عن أصل الدَّين، فهذه الزيادة من المال على الدَّين في مقابل
تمديد مدّة تسديده، وتكون هذه الزيادة من الرّبا المحرّم.
6 - التعهّد بزيادة
إذا اقترض شخص مبلغاً من المال لمدّة سنة -مثلاً- بشرط أن يتعهّد بتسديد نفقات سفر
المقرِض، كسفره للحجّ مثلاً، فهذا الشرط وأمثاله في ضمن عقد القرض يكون من شرط
الفائدة على القرض، ويكون حراماً وباطلاً شرعاً، إلّا أنّ أصل القرض صحيح.
7 - الإقراض لأجل الإقراض
لو كان الشخص يدفع المال إلى شركة بعنوان القرض بشرط أن تُقرضه الشركة في المستقبل،
فهذا لا يجوز شرعاً، ولكنّ أصل القرض يكون صحيحاً، ويكون الشرط باطلاً.
8 - الإقراض للعمل
يدفع البعض مبلغاً من المال لشخص على أن يدفع المقترِض للمقرِض مبلغاً من المال
شهريّاً، ففي المسألة صورتان:
الأولى: أن يدفع المقترِض مبلغاً شهريّاً محدّداً مقابل الإقراض، من دون
إدراجه تحت أيّ عقد، وإنّما يتمّ ذلك على أساس اتّفاق الطرفين فقط، فمثل هذه
المعاملة تُعدّ قرضاً ربويّاً، ويكون شرط الربح والزيادة باطلاً، وتعتبر رباً
وحراماً شرعاً ولا يجوز أخذها.
الثانية: أن يقوم المقترِض بتشغيل المال في عملٍ متّفق عليه مع المقرِض، على
أنّه إذا تحقّق ربحٌ يأخذ المقرِض نسبة معيّنة منه كلّ شهر، ومع عدم الربح فلا شيء
له، وهذا ما يسمّى بالمضاربة، وهو حلال، ولا مشكلة فيه ولا حرمة مع مراعاة سائر
شروط المضاربة.
9 - الزيادة المستحبّة
إنّما تحرم الزيادة مع الشرط، وأمّا بدونه فيجوز، بل يستحبّ للمقترِض دفع الزيادة،
حيث إنّه من حُسن القضاء، وخير الناس أحسنهم قضاءً.
10 - النقيصة في القرض
يجوز للمقرِض أن يشترط النقصان، كما لو أقرضه عشرة دراهم على أن يؤدّيها ثمانية،
وهكذا.
11 - البيع نقداً ونسيئة
يجوز بيع وشراء السلع نقداً بسعرٍ ونسيئةً (لأجل محدّد) بسعر آخر أزيد من الأوّل.
وأمّا لو اشتراه بثمنٍ معيّن معجّلاً أو لأجل وقد حلّ الأجل فطالب المشتري بتأخير
الأجل مع زيادة الثمن، فهذه الزيادة من الرّبا المحرّم.
12 - الفرار من الرّبا
أ- القيام بالحيلة لأجل الفرار من الرّبا القرضيّ محرّمٌ شرعاً وباطلٌ. مثلاً:
يشتري متاعاً أو مالاً نسيئة بثمن أزيد من سعره الحقيقيّ، ثمّ يبيعها نقداً من
البائع في المجلس نفسه بقيمة أقلّ، كما لو اشترى كيلوغراماً واحداً من الزعفران
بمبلغ معيّن نسيئة لمدّة سنة، فيصير الزعفران للمشتري، وفي المجلس نفسه يبيع
المشتري الزعفران من البائع نقداً بثلثيّ قيمة الشراء، فهذه المعاملة حرام وباطلة
شرعاً.
ب- أن يضمّ شيئاً قيمته زهيدة (كعلبة كبريت) إلى المال بهدف الفرار من الرّبا، كما
لو أقرضه مئة درهم وعلبة كبريت لمدّة شهر، على أن يسدّدها مئة وعشرين درهماً، فلا
يصير حلالاً بهذه الضميمة، وتكون الزيادة على المال من المقترِض حراماً وباطلةً
شرعاً.
ختاماً، حصل القرض الربويّ مراراً وتكراراً، وخسر الكثير من الناس أموالهم ومع
ذلك يعيد البعض التجربة نفسها فيقرضون المال من جديد، ويخسرون المال من جديد، وما
حصل هو أنّهم يقرضون شخصاً أو شركة أو ما شابه مبلغاً معيّناً، في مقابل مبلغ شهريّ
محدّد يدفعه المقترِض للمقرض، وليس كنسبة من الأرباح، وهذا مضافاً إلى حرمته، أدّى
ويؤدّي إلى هرب الكثير من المقترِضين، فانتبهوا.