﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ (التحريم/ 6).
* عزيزتي المرأة:
سواء أكنتِ فتاة تحلم بأن تصبح أماً أم كنت أماً بالفعل..
وسواء أكنت ربة منزل أم كنت مشروع ربة منزل..
وسواء أكان عندك أطفال كبار أو صغار أم بصدد أن تصبحي كذلك..
نقدم لك هذه المعلومات والإيضاحات على لسان طفل يريد أن يعيش طفولة سليمة خالية من المشاكل والتعقيدات – ولا شك في أنه يبالغ في أسلوبه وفهمه لحريته – فيعاني من أم تحب سعادة أولادها ولكنها تبالغ في اهتماماتها، أو جهلها أحياناً، لتصل مع أولادها إلى السعادة المنشودة فيلجأون عند كل مشكلة إلى المختص الذي يساعدهم على حل مشاكلهم وبالتفاهم والتعاون بين الجميع.
فلا شك في أن مهمة تربية الطفل تلعب فيها عوامل كثيرة متعددة الجوانب تبدأ من الإختيار الأول للأم، مما لعامل الوراثة من تأثير (من جانبي الأب والأم وأهل كل منهما) إلى مرحلة الشباب مروراً بالحمل والرضاعة والمراحل اللعبية والتعليمية وما يصاحب ذلك من بيئة ومجتمع ومدرسة وغير ذلك.
من يسميني؟!
وهذا الحوار الثاني الذي دار بين الطفل ديب وأمه:
هذا الطفل الذي يواجه بالسخرية والضحك من الآخرين دائماً بسبب اسمه وكيف وواجهه الأم بإجابات قاسية دون مراعاة لمشاعره أو لشخصيته وهذا يجري بشكل عام مع بعض الأمهات.
ديب، لماذا؟
_ الطفل: أمي! أريد أن أسألك: من سماني هذا الاسم "ديب"؟ أنا لا أحبه، كل رفاقي في المدرسة وأولاد الجيران والجميع يسخرون مني وينادونني مرة "نمر" وأخرى "أسد".
- الأم: أبوك هو الذي سمّك لأنه اسم والده ويريد أن يتذكره دائماً.
- ديب: أنا لا أحب هذا الإسم باليوم المعلمة أيضاً في المدرسة سألت: من الذي أطلق عليك هذا الاسم؟ ثم قالت: إنه اسم حيوان ضخم فضحك كل الصف عليَّ.
- الأم: سأتكلم مع المعلمة حتى لا يتكرر الأمر، انتهى النقاش الآن.
- الطفل: أنا لا أريد هذا الاسم وغداً لن أذهب إلى المدرسة ولن أتكلم مع أحد ولن أقول اسمي لأحد. أمي.. أمي!.. ما رأيك لو تغيرون إسمي، هه؟.. وعندها لا يسخر مني أحد.
- الأم: لا تكن غبياً مثل أبيك، لا يمكن هذا، لقد سجّل في السجلات، ثم إني قلت يجب أن تحفظ إسم والد العئالة.
- ديب: وما شأني بوالد العائلة؟ ولماذا تقولين أنني مثل أبي؟
أنتِ تقولين غبياً مثل أبيك وأبي يقول: غبياً مثل أمك، فما ذنبي؟ أنتم جئتم بي وأنتم مسؤولون عني، أريدُ أن أون مثل الآخرين: أمرح وألعب..
- الأم: عليك أن تحترم والديك وتسمع كلامهما ولا تناقش وتجادل كثيراً..
إذهب والعب الآن بألعابك واتركني لأنني أريد أن أنجز أعمال المنزل.
- ديب: قلتُ لكِ لا أريد هذا الإسم وعندما يعود أبي سأطلب منه ذلك وأخبره أني لن أقبل به بعد اليوم..
من يسمعني
- أمي! أبي مثلك تماماً لم يسمع كلامي ولم يقبل بأن يغير لي اسمي.. أنتم لا تعيروني اهتماماً ولا تبالون بي ولا برغباتي.
- الأم: كف عن الجدال ولا تحمي نفسك بالبكاء!
- ديب: حسناً لقد سمعتُ أبي يقول إن جارنا الشيخ علي سيأتي اليوم للسهرة عندنا فسأخبره واسأله عن الأمر فقد ساعدنا في المرة الماضية!
- الشيخ علي: حسناً يا بني! اهدأ وتكلم بما عندك ولكن دون انفعال أو بكاء (أخبره بكل الحوار)
الشيخ علي: بسم الله الرحمن الرحيم: يقول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ صدق الله العلي العظيم. (التحريم/ 6).
* الإسلام والأسرة!
لقد اعتنى الإسلام ببناء الأسرة واهتم اهتماماً بالغاً بالأولاد وتربيتهم، لذا جاءت الأحاديث عن المعصومين عليه السلام تؤكد أهمية الزواج وتبين كيفية الإختيار (بين الزوج والزوجة)، حتى تنشأ الأسرة متماسكة ويعيش الأولاد بالتالي حياة هادئة واعية، فيأخذون حقوقهم ويؤدّون واجباتهم حسب الأصول الإسلاميّة، فيكون المجتمع سليماً معافى من كل تعقيد.
* حق الوالد!
أما ما يخص الأولاد فقد أوضح لنا الحديث الشريف: أنَّ من حق الوالد على أبيه أن يختار له أماً صالحة واسماً صالحاً، وأيضاً جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويحسن أدبه". (كنز العمال 192).
كثيرة هي الأحاديث التي تؤكد على أهمية اختيار الاسم الصالح لما له من تأثير ووقع على شخصية الطفل صغيراً أو كبيراً وما له من انعكاس على ثقته بنفسه واستشعاره القوة أو الضعف.
* أسماؤكم هي يوم القيامة
وقد جرى العرف عبر العصور، اختيار أسماء العظماء والقيادين للأولاد، فيما بينت الأحاديث من جهة أخرى سبب تسمية الأشخاص بأسماء الحيوانات القوية في الجاهلية بأنهم كانوا في مواجهة دائمة مع الحيوانات فهي تُشعِر بالقوة وتخويف القبائل الأخرى لذا لا داعي لها اليوم. وفي المقابل أشار المعصومون عليهم السلام الى استحباب تسمية الأولاد بأحسن الأسماء وتكنيتهم بأحسن الكنى فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة قم يا فلان بن فلان الى نورك، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك" الوسائل – هذا له تاثير نفسي على الطفل وشعوره إمَّا بالمكانة والرفعة وإما بالحقارة والدنو.
* خير الأسماء
وقد ورد أن لأسماء المعصومين أثر كبير على الطفل بل على المنزل ككل:
عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: "لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء" (الوسائل ج5 ص 128-129).
إضافة الى شعور الطفل بالانتماء والتواصل مع العظماء وهم أهل بيت العصمة ولما فيه من المعاني القوية والجميلة..
* اقتراح هو الحل:
وقد حثوا على تغيير الأسماء المنكرة كما جاء عن الامام الصادق (عليه السلام) عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يغير الأسماء القبيحة في الرجال والبلدان وأيضاً، طلب من أحدهم أن يغير اسم ابنته التي سماها حميراء لأنه اسم يبغضه الله عز وجل.
أمّا فيما يخص اسمك يا بني فإني سأقترح اقتراحاً أظنه مناسباً:
ما رأيكم لو تطلقون على ولدكم اسماً آخر؟
وإذا لم يكن في السجلات فيكون متعارفاً بينكم وتخبرون المدرسة والجيران به وهكذا ينتهي الولد من عقدة الإسم وتحافظون أنتم على اسم الوالد في الهوية.
ومن هنا فإننا نوجّه دعوة إلى الأهالي الكرام الذين يريدون الإقتداء بنهج الإسلام الأصيل واتّباع خطى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، بأن لا تُعمي أبصارهم التقاليد الغربية، بحيث أن الأب والأم لكثيرة ما يتأثرون به على شاشاة التلفزيون وغيره من اسم للممثّل أو البطل الفلاني أو إسم للممثّلة الفلانية فيسارعون إلى تسمية أبنائهم بأسمائهم.
فالخير كل الخير لأبنائكم ولأطفالكم أن تسمّوهم بأسماء أشرف خلق الله وأنواره في هذه الأرض: النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين المعصومين (عليهم السلام).