نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أدب ولغة: كشكول الأدب


إبراهيم منصور


* من أمثال العرب
"عَشِّ ولا تَغْتَرّ": مثلٌ للعرب تضربه في التوصية بالاحتياط والأخذ بالحَزْم. وأصلُ هذا المثل أنّ رجلاً أراد أن يجتاز صحراءَ بإبله ولم يُعشِّها ثقةً منه على ما فيها من العُشب والكلأ، فقيل له: "عَشِّ ولا تَغْتَرّ"؛ أي عَشِّ إِبلَكَ قبل أن تقطع بها الصحراء وخُذ بالاحتياط، فإنْ كان فيها نباتٌ لم يَضُرَّكَ ما صَنَعْتَ، وإن لم يكن فيها شيء كنتَ قد أخذتَ بالثقة والحزم. وفي حديث ابن عبّاس أنّ رجلاً أتاه فقال له: كما لا ينفعُ مع الشِّرْكِ عمَل هلْ يضرُّ مع الإيمان ذنْب؟ فأجابه ابن عبّاس: "عَشِّ ولا تَغْتَرّ"؛ فأراد ابنُ عبّاس بقوله هذا المثلَ: اجتنِبِ الذنوبَ ولا تركَبْها اتكالاً على الإسلام، وخُذ في ذلك بالثقة والاحتياط(1).

* من جذور الكلام
العَصَا؛ سُمِّيَت العَصَا عَصاً لأنّ اليدَ والأصابعَ تَعْصُو عليها؛ أي تجتمعُ عليها. وهو مأخوذٌ من قول العرب: عَصَوْتُ القومَ أُعْصُوهُم إذا جَمَعْتُهم على خيرٍ أو شرّ. وفي المروي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لرجل: "لا ترفعْ عَصَاك عن أهلِك"؛ أي لا تَدَعْ تأديبَهُم وجَمْعَهُم على طاعة الله تعالى. ويرى المفسِّرون أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يُرِدِ العَصَا التي يُضْرَبُ بها ولكنه أرادَ الأدبَ وجعلَه مثلاً؛ يعني لا تغفُلْ عن أدبِهم ومنعِهِم من الفساد(2).

* من أجمل شعر المديح
من أجمل الشِّعر قصيدةٌ عصماءُ أنشدها الشاعر سعيد عقل في مدح الإمام عليّ عليه السلام، ومنها هذه الأبيات:

كلامي على ربِّ الكلامِ هَوًى صَعْبُ تَهَيَّبْتُ إلّا أنّني السيفُ لم يَنْبُ
حَبَبْتُ عليّاً مُذْ حَبَبْتُ شمائلي له اللغتانِ: القوْلُ يشمخُ والعَضْبُ [السيفُ]
بلاغتُهُ اللَّيْلاءُ أُسُّ أريكةٍ فكيف بما أبلى الذي وَثْبُهُ الوَثْبُ؟
تخيَّلْتُهم يومَ الغدير وقد سَمَا سَمَاويُّهُم: بَلِّغْ، فمُزِّقَتِ الحُجْبُ
فقال: "ألا مَنْ كنتُ مَوْلاهُ فَلْيَكُنْ.." وأكملها، يا طيبَ ما اكتملَ الدَّرْبُ!
وكانت إماماتٌ وكانت مطارِحٌ مَحَطُّ نُزولِ اللهِ أو يقرُبُ القُرْبُ
ومَنْ لا يُحِبُّ البَيْتَ، سيفُ عَلِيِّهِ جميلٌ وذاك النهجُ كوثرُهُ عذْبُ
كلامٌ كما الأربابُ في طَيْلَسانها ألا فَلْتَدَاولْهُ وتَرْتعشِ الكُتْبُ(3)


*من لغة العرب
عِضِين؛ جاء في التنزيل العزيز: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (الحجر: 91)؛ أي مجزَّأً متفرِّقاً. وهو مأخوذٌ أصلاً من العُضْوِ أو العِضْوِ، وهو الواحد من أعضاء الشاة وغيرها، وقيل: هو كلُّ عَظْمٍ وافرٍ بلحمه، وعَضَّ الذبيحةَ: قطَّعها أعضاءً.

وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين قيل في تفسيره: جزَّؤوه أجزاءً فتفرَّقوا فيه؛ أي آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، وقيل: فرَّقوا فيه القوْلَ، فقالوا: شِعْرٌ وسِحْرٌ وكَهانةٌ كما قالوا: أساطيرُ الأوَّلين، فقسَّموا القرآن أقساماً وعَضَّوْهُ أعضاءً.

* البلاغةُ المُعجزة
من أجمل صُوَرِ البلاغة والفصاحةِ والبيان تلك الصُّوَرُ والألوان العجيبة التي بلغتْ حدَّ الإعجاز في وصف الإمام عليّ عليه السلام للطاووس. وممَّا جاء في هذا الوصف الأنيق المُبْدِع: "ومِنْ أَعْجَبِها خَلْقاً الطاووسُ الذي أقامه في أحكَمِ تعديل، ونضَّدَ ألوانه في أحسنِ تنضيد، بجناحٍ أَشرجَ قَصَبَهُ وذَنَبٍ أطال مسْحبَه، تخالُ قَصَبَتَه مداريَ من فضَّة، وما أنبتَ عليها من عجيبِ داراتِهِ وشموسِهِ خالِصَ العِقْبان وفِلَلَ الزبرجد. فإن شَبَّهْتَهُ بما أنبتَتِ الأرضُ قُلْتُ: جَنْيٌ جُنِيَ من زهرةِ كلِّ ربيع، وإن ضاهَيْتَهُ بالملابس فهو كَمَوْشِيِّ الحُلَلِ.. يمشي مَشْيَ المَرِحِ المُختال، ويتصفَّحُ ذنبَهُ فيُقَهْقِهُ ضاحكاً من جمال سِرْباله وأصابيغِ وِشاحه، فإذا رمى ببصرِهِ إلى قوائمه زقا مُعْوِلاً بصمت يكادُ يُبينُ عن استغاثته، ويشهد بصادِقِ توجُّعه... ومَغْرِزُ (عُنُقِهِ) إلى حيث بَطْنُهُ كصِبْغِ الوَسِمَةِ اليمانيَّة، أو كحريرةٍ مُلْبَسَة مرآةً ذاتَ صِقال. وإذا تصفَّحْتَ شَعْرَةً من شَعَراتِ قَصَبِهِ أَرَتْكَ حُمرةً ورديَّة، وتارةً خُضرةً زبرجديَّة، وأحياناً صُفرةً عسجديَّة"(4).

*من أجمل ما قيل
من أجمل ما قيل في التجربة الأدبيّة، وخاصَّة الشعريّة، ما قاله الكاتب الأدبي جورج شكُّور: هي حالةٌ من الانخطاف اللذيذ والترنُّح النفسيّ المجنَّح، تحتشدُ فيها العواطفُ والأحاسيسُ والأخيلةُ والأفكارُ لتكونَ في البالِ معاً كشبهِ غيمةٍ سحريّة ذاتِ إيقاعٍ موسيقيّ يُغَمْغِمُ فيه الأديبُ غمغمةً قبلَ أن تتوضَّحَ تجرِبتُه هذه وتنصَبَّ في كلماتٍ مضيئة.. إنها حالةٌ مُشْرِقَةٌ يَنْحرُّ فيها الأديب وتُصيبُه حُمَّى الإبداع. لكنه بعدما يُنتجُ عملَه الأدبي يُصبحُ أكثر انسجاماً مع نفسه، لأنه أدَّى جزءاً من رسالته بما أطلعه من فنّ وساهَمَ في جعل الوجودِ أجملَ وأسمى(5).

*مذكَّر أم مؤنَّث؟
المال: المالُ، في الأصل، ما يُمْلَكُ من الذهب والفضَّة، ثمَّ أُطْلِقَ على كلِّ ما يُقْتَنَى ويُمْلَكُ من الأعيان. وأكثرُ ما يُطْلَقُ المالُ عند العربِ على الإبلِ لأنها كانت أكثرَ أموالِهم. ولفظةُ المال مذكَّرة عموماً، وقد أنَّثها بعضُهم، يقول حسّان بن ثابت الأنصاريّ:

المال تُزْري بأقوامٍ ذَوي حَسَبٍ وقد تُسَوِّدُ غَيْرَ السيِّدِ المالُ

وفي الحديث نَهَى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن إضاعةِ المال، قيل: أرادَ به الأَنْعَامَ (الإبل والبقر والغَنَم...)؛ أي أن يُحْسَنَ إليها ولا تُهْمَل، وقيل: إضاعة المال: إنفاقُه في الحرام والمعاصي وما لا يُحبُّه الله، وقيل: أراد به الإسرافَ والتبذير وإنْ كان في حلالٍ مُباح(6).


1- لسان العرب، ابن منظور، مادة عشا.
2- (م.ن)، مادة عصا.
3- ديوان "كما الأعمدة"، سعيد عقل.
4- نهج البلاغة، شرح صبحي الصالح، ص236 - 238.
5- كتاب البيان، جورج شكّور، ص25.
6- لسان العرب، (م.س)، مادة مول.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع