آية الله الشهيد مرتضى مطهري
* العلاقات الاقتصادية
● نوعان من العلاقات:
تنقسم العلاقات الاقتصادية إلى نوعين: العلاقات التكوينية والطبيعية والعلاقات الاعتبارية والقانونية (أو الاقتصاد الطبيعي والاقتصاد المبرمج). والعلاقات الطبيعية عبارة عن سلسلة من العلاقات والروابط العلية والمعلولية التي تتدخل في الأمور الاقتصادية شئنا أو أبينا، كالعلاقات المرتبطة بالعرض والطلب والقيمة في الاقتصاد الحر والتبال، مثلاً: التضخم المالي، ازدياد وانخفاض الأسعار، البطالة نتيجة الأزمات الاقتصادية، النفع والربح والضرر والأجر والماليات وأمثالها.
أما الروابط الاعتبارية والجعلية فهي عبارة عن القوانين المرتبطة بالحقوق والملكية الفردية أو الاشتراكية.
● تأثير العلاقات الطبيعية والعلاقات الاعتبارية على بعضها البعض:
من جملة المسائل التي تلفت النظر تأثير العلاقات الطبيعية والاعتبارية في بعضها البعض فالعلاقات الطبيعية ترتبط بالعمل والصناعة وتطور وسائل الإنتاج والمنافسة. وباعتقاد الماركسية فإن تطور وسائل الإنتاج سوف يؤدي شئنا أو أبينا إلى تغير القوانين الاقتصادية.
وبتعبيرها "إن تطور وسائل الإنتاج يؤدي إلى تغيير الروابط الحقوقية بين الأفراد". فهي تجعل الروابط الاعتبارية تابعة مئة في المئة لوسائل الإنتاج الحاكمة على العلاقات الاقتصادية الطبيعية، وتقول بهذا المعنى أن تطور وسائل الإنتاج يؤدي إلى تغيير العلاقات الاقتصادية الطبيعية، وهذا التغيير سوف يؤدي إلى التغيير القهري والقطعي في القوانين والقرارات الاقتصادية: لأن الأصل في كل قانون اقتصادي إنّه لا ينشأ إلاّ من مرحلة خاصة من مراحل تكامل وسائل الإنتاج ولعله - برأي الماركسية - لا يوجد أي تأثير للعلاقات الاعتبارية في العلاقات الطبيعية. ولكن برأي البعض الآخر، على العكس، فإنه لا يوجد دقة في الكلام حول تأثير العلاقات الطبيعية في العلاقات الاعتبارية.
ولكن طرحنا نحن هو أن كُلاً من هاتين النظريتين تحمل خطأ، فالقوانين الاجتماعية الخاصة تستدعي شكلاً من المجريات الاقتصادية الطبيعية، وأيضاً فإن العلاقات والآثار الطبيعية شئنا أم أبينا تحتم نوعاً من القرارات والقوانين الجديدة. ولكن المسألة الأساسية في المقررات الاقتصادية (أي العلاقات الاعتبارية) هي هل يوجد لها قاعدة غير وسائل الإنتاج؟ أم أن هذه القوانين التي هي، بالمعنى الأخص، سلسلة من القوانين الاجتماعية ناشئة عن سلسلة من الحقوق الطبيعية المستقلة عن وسائل الإنتاج؟ فاختلاف وجهة نظرنا الأساسية مع الماركسية هي في هذا القسم.
● التبادل
إحدى القضايا التي ترتبط بالاقتصاد قضية التبادل، التي هي فرع من الملكية الفردية (في الإشتراكية يوجد تبادل ولكن ليس بين الأفراد وإنما بين المجتمعات). الاقتصاد التبادلي هو ذلك الاقتصاد المبني على الملكية الفردية. والتبادل يكون أحياناً على شكل بضاعة مقابل بضاعة كالذي كان موجوداً في المجتمعات البدائية، وأحياناً يكون على شكل التوسط المالي الذي صار وجوده ضرورياً على أثر التوسع الاقتصادي. من المسلم به أنه في الزمن الذي كانت الحياة الاجتماعية للبشر محدودة بإطار الحياة العائلية لم يكن التبادل موجوداً. ولكن بعد أن تبدلت الحياة إلى الحياة القبلية، هل كان للملكية الفردية والتبادل وجود فيها أم لا كما ادعى الاشتراكيون؟ أم أن البشر بمجرد انتقالهم من الحياة العائلية إلى الحياة الاجتماعية بدأوا بالملكية الفردية والتبادل؟ هذا مطلب سوف نبحث حوله فيما بعد إن شاء الله.
القوانين الاجتماعية تستدعي نوعاً من العلاقات الاقتصادية الطبيعية، وهذه بدورها تحتّم نشوء قرارات وقوانين جديدة.
● المال
إحدى القضايا الاقتصادية هي قضية "المال" فحتى الوقت الذي لم تكن فيه الحياة الاجتماعية للبشر قد توسعت كثيراً، ولم يكن قد ازداد حجم العمل والتخصص، كانت احتياجات الناس سهلة التبادل، فقد كانوا يستطيعون بسهولة الحصول على ما يريدون من خلال مبادلة إنتاجهم مع صاحب الحاجة، ولكن تدريجيّاً وعلى أثر تطور الصنائع واتساع حجم الاحتياجات وتنوعها وازدياد العلاقات والتخصص ازدادت إشكالية التبادل، وصار لا بد من وجود شيء خاص له قيمة ذاتية أو اعتبارية وضمانية وهو المال. وفي باب المال يوجد أبحاث عدة أحدها في قيمة الذهب والفضة فهل هي ذاتية؟ بمعنى أنهما أصبحا واسطة نتيجة الحاجة إليهما عند الجميع وفي كل الأزمان إضافة إلى عدم فسادهما وتلفهما مع سهولة نقلهما وحملهما؟ أم أن هناك سبباً آخر من الأسباب الاعتبارية؟ والبحث الآخر هو في أية مرحلة من المراحل التاريخية للمجتمع البشري شاع استعمال المال؟ هذه مطالب سوف نبحثها في المستقبل إن شاء الله.
● القيمة
إحدى المسائل الأخرى المرتبطة بالاقتصاد هي القيمة أو السعر. ففي الاقتصاد التبادلي، يوجد للبضائع قيم مختلفة، وأسعار هذه البضائع ترتفع وتنخفض، أحياناً يكون هناك شيء أغلى من شيء آخر وأحياناً أرخص.
وحيث يتوفر المال فالرفاه أعلى وأحياناً تكون الحياة أصعب مع وجود الأسعار المنخفضة وبالعكس أحياناً. فما هي العلاقة الموجودة بين هذه الأمور ومثل ذلك السؤال يطرح حول نشوء القيمة حيث أن هذه المسألة مسألة فلسفية. ثم ما هو سبب ارتفاع الأسعار؟ وكيف يمكن تأمين الرفاهية؟ وكيف يمكن تثبيتها؟ إن هذه مسائل أخرى سوف نبحثها فيما بعد إن شاء الله.
(يتبع)
الخلاصة:
● العلاقات الاقتصادية نوعان: تكوينية طبيعية واعتبارية قانونية.
● تتأثر العلاقات الطبيعية والعلاقات الاعتبارية ببعضها البعض.
● هناك ثلاثة أمور ترتبط بالاقتصاد ينبغي بحثها لاحقاً:
- بداية التبادل.
- تاريخ استعمال المال وسبب ذلك.
- سبب ارتفاع الأسعار وكيفية تأمين الرفاهية وتثبيتها.