نبيلة حمزي
في فصل الشتاء من كلّ عام، ومع انخفاض درجات الحرارة، يلجأ الناس إلى استخدام وسائل التدفئة المختلفة، ولعلَّ أشهرها إشعال الفحم أو الحطب، حيث لا يكاد يخلو منزل من مكان مخصَّص تجتمع الأسرة فيه حول دفء لهب النار.
* خطر احتراق الفحم والحطب
عندما لا تكون تهوئة المكان الذي يُشعَل فيه هذا الحطب جيّدة فإنَّ خطراً كبيراً تتعرّض له العائلة، من خلال الغازات التي تنتج عن احتراق الفحم أو الحطب، وعلى رأسها غاز "أوّل أكسيد الكربون (CO1)" وهو ما يُسمّى "القاتل الصامت". ولقد كانت ضحاياه أُسراً بأكملها نتيجة عدم تقيّدهم بالتعليمات التي تُصدرها المديريّة العامّة للدفاع المدنيّ، في كلّ عامّ.
وتكمن الخطورة في هذا الغاز أنّه لا طعم له ولا رائحة ولا لون، يغزو رئة الإنسان دون أن ندري، فضْلاً عن الغازات الأخرى التي تَنبعث من السوائل التي تُستخدم لإشعال الحطب أو الفحم.
الخطورة في استخدام الحطب كوسيلة للتدفئة ليست في استنشاق الغاز السامّ فحسب وإنما يتعدّى ذلك إلى حدوث حرائق راح ضحيّتها وفيّات عديدة.
* احذر هذا الغاز السام
ما يحدث طبيعيّاً خلال تنفّسنا هو: دخول الأكسجين إلى الرئتين من خلال القصبة الهوائيّة حيث يصل إلى الحويْصلات الهوائيّة، ويحدث فيها تبادُل غاز الأكسجين مع غاز ثاني أكسيد الكربون، حيث يتمّ نقل الأكسجين بواسطة الدم إلى أجزاء الجسم المختلفة وأهمّها الجهاز العصبيّ المركزيّ ممثّلاً في المخ كما يتمّ نقل غاز ثاني أكسيد الكربون، خلال الحويصلات الهوائيّة، إلى القصبة الهوائيّة ومن ثمّ طرده إلى الخارج. وغاز "أول أكسيد الكربون" يمكنه الدخول والانتقال من الرئتين إلى الدم بسهولة. لكن ما يحدث عند التعرّض إلى هذا الغاز السامّ، هو أنّه يدخل إلى الجسم عبر التنفّس، ويمتصّه الجسم من الدم مع الأكسجين لكن بقوة أكبر، فقوّة التصاق هذا الغاز بكريّات الدم الحمراء أقوى من قوّة التصاق جزيئات الأكسجين بها بمقدار 230 مرة، وهذه العمليّة تحرم الأنسجة من حصولها على الكميّة اللازمة من الأكسجين ممّا يؤدّي إلى الاختناق.
* أعراض الاختناق أو التسمّم
تختلف شدّة الأعراض وأنواعها تبعاً إلى تركيز غاز "أول أكسيد الكربون" الذي تمَّ التعرّض له.. ومن الأعراض التي تظهر على الشخص المتسمّم بشكل حادّ ما يلي:
1- صداع ودوخة وعدم تركيز، ويكون الصداع غالباً في الجهة الأماميّة من الرأس، وبشكل متواصل.
2- غَثَيان وتسارع في ضربات القلب وهبوط في الضغط الشرياني.
3- المشي بغير اتّزان وحدوث تشنّجات وفقدان للوعي.
4- توقّف التنفّس.
5- في حال التعرّض لنسبة قليلة من غاز "أول أكسيد الكربون"، قد تظهر بعض الأعراض العصبيّة، مثل: الصداع، الاكتئاب وضعف الذاكرة. غالباً، تزول هذه الأعراض عند التخلّص من هذا الغاز السامّ، ولكن تبقى الخطورة أشدّ على الأطفال، والأشخاص المصابين بأمراض الشرايين التاجيّة والنساء الحوامل.
6- قد يحدث التسمّم بهذا الغاز تدميراً لخلايا المخ ينتج عنه صعوبات في التعلّم، ضَعف في الذاكرة، وضُعف في الحركة.
* طرق إسعاف المصاب
1- سحْب المصاب إلى مكان آمن ذي تهوئة جيّدة (يُفضّل خارج المنزل).
2- تهوئة الغرفة عبر فتح الشبابيك.
3- مساعدة المصاب في أن يقعد بزاوية 45 درجة؛ لأنّها درجة مناسبة أكثر للتنفّس الصحيح.
4- الاتّصال بالإسعاف ليتمّ إعطاؤه الأكسجين ونقله إلى المستشفى.
أما في حال غاب المصاب عن الوعي بسبب الاختناق، يجب:
1- نقله إلى مكان آمن.
2- الضغط باليدين على الكتفين (ما يُسمّى بالوثّاب)؛ لأنّها منطقة تجمّع أعصاب، ويمكن حينها أن يستيقظ المريض، وإذا استيقظ فليجلس بزاوية 45 درجة. وفي حال بقي المريض غائباً عن الوعي يوضع في وضعيّة "الأمان الجانبيّ" (على جنبه ويديه تحت رأسه كأنه نائم) مع ضرورة الانتباه إلى وضعيّة اللسان حتّى لا يتسبّب له بالاختناق.
3- مراقبة التنفّس وضربات القلب.
4- وطبعاً الاتّصال بالإسعاف في أقرب فرصة ممكنة.
* الوقاية
1- عند الدخول إلى المكان المراد تدفئته تُفتح النوافذ والأبواب لمرور تيّار الهواء النقيّ لتفادي الاختناق أو التسمّم بغاز "أول أكسيد الكربون".
2- إبعاد الفحم أو الحطب عن المواد السريعة الاشتعال كالفرش أو الملابس أو رواق المخيّمات.
3- التأكّد التام من إطفاء الفحم أو الحطب قبل النوم.
4- مراقبة الأطفال ومَنعهم من الاقتراب أو العَبث في مخلّفات الفحم أو الحطب.
ختاماً، نأمل أن يكون الشتاء هادئاً يحظى الجميع فيه بدفءٍ وأمان.