السيّد هاشم صفي الدين*
مما لا شك فيه -ومن خلال تتبع أعداد مجلة بقية الله ولو بشكل إجمالي- أنها سعت من خلال القيمين عليها وإدارة التحرير إلى تطوير أدائها، وخطت خطوات جيدة في هذا المجال وشكلت نافذة ثقافية لجيل الشباب المتعطش إلى المعرفة الدينية، كما أنها ساهمت مساهمة مشكورة في طرح ومعالجة موضوعات يحتاج الجميع إلى معرفتها.
وفي هذا المجال قامت بدور مهم في الابتعاد عن الخطاب النخبوي المتخصص والاقتراب أكثر إلى الحاجة الفعلية لجهة معرفة بعض أصول المعتقد وبعض المفاهيم الحياتية والاجتماعية الملحة، التي تحتاج دائماً إلى خطاب مباشر ومحبب وسهل، كما أن التبويب الذي اعتمدته لمحاور مركزية وأساسية من النقاط الايجابية التي ينبغي الاستمرار بها مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الملفات لم تكن المعالجات فيها كافية ووافية. ثم إنه من الإنصاف أن نذكر إيجابية الجمع بين عناصر الأصالة والمواكبة للمناخات الثقافية التي يتطلبها واقعنا العملي في مختلف أبعاده، وبهذا المعنى قامت بمساهمة مهمة في علاج وتوضيح مفاهيم ضرورية شكلت مظلة فكرية وفقهية لكثير من الحراك الجهادي والسياسي والاجتماعي المعاش من قبيل التركيز على مفاهيم هامة جداً: كالولاية والجهاد والشهادة، دون أن تغفل ثقافة المقاومة معتمدة على ذكر نماذج ووصايا وحالات بعض الشهداء الأعزاء. ومن قبيل تخصيص جوانب مهمة للتحدث عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه كأساس متين في بلورة فكرة الانتصار والارتباط الوجداني بإمام الزمان، ومعالجة بعض الأسئلة المطروحة في هذا المجال إلى غير ذلك من الأمثلة المشابهة.
أما التنوع فيها -ومع أنه يعد من العناصر المهمة والجيدة- لكن يفترض عدم المبالغة فيه، إذ من الصعب عملياً أن تتمكن مجلة لوحدها من القيام بهذا الدور بشكل كامل. ولهذا لا أرى عيباً أو ضيراً أن يتم التركيز على فئات محددة مقصودة أساساً بالخطاب، لتكون النتيجة أكثر فعالية. أما الاهتمامات التي أرى أنها لازمة لهذا النوع من الجهد الثقافي فأكتفي بما يلي:
1- تغليب الجوانب الروحية والسلوكية في العناوين والموضوعات التي يتم طرحها، وكذلك في المحاور التي يتم اختيارها، وخاصة تلك المرتبطة بالمشاكل الفردية والاجتماعية التي تحتاج إلى توجيه وتأهيل وشرح وتحديد برامج وعلاجات لا يستغني عنها أي إنسان.
2- التركيز على جيل الشباب والمساهمة في طرح الأسئلة الملحة، وأحياناً المحرجة عقائدياً وعملياً، والتي تسد حاجة وتروي ظمأً وتؤسس لمناهج فكرية ورؤى تساهم في تقوية البنية الفكرية والإيمانية للأجيال التي تواجه سيلاً من الثقافات والآراء المتنوعة.
3- السعي لتشريك القارئ في طرح الموضوعات وفتح أبواب الحوار معه، مما يخلق حيوية ثقافية مهمة ويؤسس لعلاقة مقصودة ومفيدة بين المجلة وقرائها.
4- عدم الاستفادة من الموضوعات والكتابات الرتيبة سواء في العناوين المطروحة أو في الأساليب المعتمدة، لأن ورود بعض الكتابات الضعيفة أو المملة يضعف العلاقة مع المجلة ويبعدها عن الهدف المنشود.
5- السعي لإقامة علاقة ثقافية مع شرائح الطلاب الثانويين والجامعيين من خلال الدخول إلى واقعهم الفكري وقضاياهم التي تحتاج إلى أجوبة دينية وثقافية واستفزازهم للمطالعة والمشاركة من خلال نافذة خاصة بهم
6- التركيز على جوانب مضيئة ومحددة في تجارب السلف من العلماء والمفكرين والمجاهدين بطريقة قصصية مشوقة تخلص إلى استنتاج عملي أو روحي أو فكري محدد.
في الختام أسال الله تعالى أن يوفق العاملين في هذه المجلة لمزيد من العطاء في أوقات أكثر ما نحتاج فيها إلى العلم والمعرفة والإيمان والعمل كما أن الإخلاص هو أساس النجاح والقبول والسلام عليكم.
*- رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله