الشيخ نعيم قاسم*
تُغني المطالعة في توفير المادة الثقافية التي تنمي معرفة الفرد، والمعرفة باب للهداية والاستقامة وتمييز الحق من الباطل، خاصة عندما يكون التوجيه من جهة أمينة وواعية وهادفة. ومع توفر وسائل الإعلام المرئية وشبكة الاتصالات بفروعها المختلفة فإنَّ الميل العام قد اتجه إلى الأسهل الذي تتحكم فيه الدوائر العلمانية وأصحاب الاتجاهات المادية، فضلاً عن ضعف التوجيه، وكثرة الإغراء باتجاه الانحراف. نحن بحاجة إلى المجلة الهادفة لتقديم وجبة فكرية سريعة ومتنوعة تلائم حاجات الشباب، وتعطي ثقافة إجمالية قابلة للاستيعاب، في ظل المناخ المحيط الذي يحارب التثقيف الهادف ويلجأ إلى التسطيح في كل شيء لقد نجحت مجلة بقية الله في عدة أمور:
1- جذبت شريحة واسعة من الشباب وعامة الناس لمطالعتها، سواءٌ أكانت المطالعة لمقالاتها بالكامل، أو لبعض منها.
2- نوَّعت مقالاتها بحيث تُحاكي الأذواق المختلفة، وتعطي الفرصة للاختيار والانتقاء.
3- اهتمَّت بالشؤون التربوية والروحية من خلال بحوثها القرآنية والأخلاقية وسيرة الأنبياء صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام والعلماء والشهداء وبعض الشؤون الاجتماعية المعاصرة، وهذا ما جعلها تنحو منحى التوجيه والتأثير في الفكر والسلوك.
4- أكدت على منهجها الإسلامي المحمدي الأصيل مستفيدة من الرصيد الكبير لنبيِّنا صلى الله عليه وآله وأئمتنا عليهم السلام ومن توجيهات قائد الأمة ووليّها الإمام الخميني قدس سره ومن بعده الإمام الخامنئي حفظه الله ورعاه
5- إختصرت الموضوعات فالقارئ المعاصر يضجُّ من المطولات
6- أكثرت من النصوص كأساسٍ في عرض المواضيع المختلفة، وهذا ما يركز الأصالة، ويعيدنا إلى الجذور والأصول
7- ولا يخفى بأنَّ المجلة خاطبت شريحة واسعة من الناس، لكنها لن تتمكن من مخاطبة الجميع، فهي غير قادرة على مخاطبة المثقفين أو عموم البعيدين عن الالتزام الديني أو الذين يرغبون في الجدال والنقاش، ومن الطبيعي أن تقدِّم عرضاً مناسباً للفئة المستهدفة بتقديم المادة الثقافية كمسلَّمات يتم توضيحها وتفصيلها.
أنصح بالمثابرة على التنوع، والابتعاد عن بعض المطولات التي لا تتحملها مثل هذه المجلة، وكذلك عن الموضوعات التي يهتم بها خواص المؤمنين المتقين، مع عدم إغفال تبيان حياة من نقتدي بهم، فإنَّ لسلوكهم أبلغَ الأثر في توجيه الجيل الناشئ، على أن نبتعد عن عالم المصطلحات ونقترب من مفردات ومعاني القرآن الكريم بالتوسع المناسب لتبقى الثقافة القرآنية الأصل والحاكم على ما عداها. أتمنى للمجلة المزيد من التقدم والتجديد، وأقترح القيام باستطلاع رأي متخصص لمعرفة مدى تأثيرها فيمن يقرأها، وماهية الأبواب محل الاهتمام، والدائرة التي تنتشر فيها، وسبب عدم انتشارها في دوائر أخرى يُفترض أنَّها محل اهتمامنا، فالمقياس الأساس في النجاح لا يرتبط بعدد النسخ الموزعة وإنما بحجم الاهتمام والتأثير، وبالتالي فإنَّ الشجاعة تقتضي أن نلغي أبواباً، ونضيف أخرى، ونعدِّل ثالثة، بما يحقق لنا الأهداف في تأمين المادة المعرفية الملائمة لطلابها. وفق الله المجلة وهيأها للمزيد.