إنَّ توصياتنا لمسؤولي البلد والمتصدّين لإدارة الشعب هي: عليكم جميعاً القيام بالمسؤوليات الجسيمة التي كلّفنا الله تعالى بأدائها؛ من أجل أن نكون أكثر عملاً، وأوفى بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا قِبال الله تعالى. إنَّ هذا التكليف الذي جُعل على عاتق المسؤولين، يعتبر من المسؤوليات الجسيمة، إلا أنَّه مع ذلك، يعتبر مسؤولية باعثة على الافتخار أيضاً.
* ذنوب المسؤولين
إنَّ هناك مجموعة من الذنوب يختص بها المسؤولون بالإضافة إلى ما يختص به أفراد الشعب من ذنوب وأحدها هو: (التقصير) العمل الذي يجب عليهم إنجازه، فلم ينجزوه. إنَّ تقصير المسؤولين، يعتبر من الذنوب التي لا تكون انعكاساتها السلبية على أنفسهم وحسب، بل سوف يكون تأثيرها على الشعب تأثيراً سلبياً أيضاً. ومن جملة الذنوب أيضاً: (التطاول على الأموال العامة)؛ أي أننا نُبتلى بارتكاب هذا الذنب، دون أفراد الشعب. وإنَّ أثر الذنب الذي يقوم به أحد المسؤولين، هو أعظم بكثير، بالنسبة للسرقة التي يمكن أن يقوم بها أحد أفراد الناس العاديين. ومن الذنوب الأخرى المتعلّقة بنا: (إبطاء النهضة الشاملة التي تجري في البلد، مع إيجاد اليأس في النفوس)، فنقوم بزرع اليأس في نفوس الشعب، وإحباط القوّة الباعثة على الحركة، ونجعل الآفاق مدلهمّة أمام أعين الأشخاص، ممن يجب أن ينطلقوا بشوق وأمل نحو تحقيق أهدافهم. ومن الأمور التي تقلل من حركة البلد أيضاً، التفرقة، والاختلاف، والتنازع، فإنَّ إثارة الخلافات وتأجيجها، تعتبر من الذنوب التي تبتلى بها طبقة المسؤولين والسياسيين بالخصوص.
وكذلك الفساد الاقتصادي سواء كان ذلك بسبب تلوّث الأيدي بالفساد الاقتصادي، أو التغاضي عنه من الأمور التي تؤدّي إلى إبطاء حركة النهضة الشاملة للبلد. إنَّ الفساد الاقتصادي يعتبر من المثبّطات أيضاً، باعتباره أحد أوجه الفساد التي تؤدّي إلى ظهور المشاكل المتعلقة بالقضايا المالية التابعة لعموم الشعب من جهة، ومن جهة أخرى يؤدّي إلى نفوذ الفساد في أذهان أفراد الشعب؛ نتيجة لما يبعثه من يأس في نفوسهم. ولهذا فإنَّ المشاركة في عملية الفساد لا سمح الله سواء كان ذلك بصورة التغاضي عن مسألة الفساد، أو جرّ الشعب إلى ذلك، من خلال ممارسة بعض التصرفات، أو التوجيهات والأعمال التي تؤدّي إلى تجرّؤ وتجاسر أفراد الشعب على القيام ببعض أنواع الفساد سواء كان فساداً مالياً، أو فساداً جنسياً .. وما شاكل ذلك فإنَّ كل واحد من ذلك سيؤدي إلى إبطاء حركة البلد؛ وهذا هو ما نبتلى به من الذنوب.
* الإقرار والمراقبة
إنَّ أعيننا مفتوحة في أحيان كثيرة تجاه أخطاء الآخرين، حيث نقوم بالبحث عن مواطن الاشتباه عندهم، وما صدر عنهم من خطأ أو شبه خطأ لنحمله على الخطأ أيضاً مع أنَّ عيوننا تغض النظر عن أخطائنا، وهذا أمر قبيح. يجب على كل واحد منّا باعتباره شخصاً أو مسؤولاً أو مديراً في أي مجال من المجالات أن يلتفت إلى أخطائه، وطبعاً فإنَّ ذلك أمر عسير، فليس من السهل على الإنسان الإقرار بأخطائه، والبحث عنها، وإدانة نفسه. إنَّ الله تعالى سوف يأخذ بناصيتنا في عرصات يوم القيامة، في تلك المحكمة القاسية والصعبة، ويبدأ بحسابنا، فإذا لم نسعَ لإيجاد الجواب في الدنيا، سوف نعجز عن الجواب في يوم القيامة.
إنَّ ذكر الأدعية والعبارات المأثورة عن الأئمة عليهم السّلام، هو نوع من التربية على توثيق ارتباطنا؛ من أجل أن نتمكن من السيطرة على نفوسنا باستمرار، ومن ثمَّ إصلاحها. ففي دعاء أبي حمزة الثّمالي نقرأ: (اللّهم فارحمني إذا انقطعت حجّتي، وكَلَّ عن جوابك لساني، وطاش عند سؤالك إيّاي لبّي). لماذا فعلت هذا ولم تفعل ذلك؟ فعندما يسألنا أحدهم الآن، ترانا نقوم بإلقاء الحجج عليه الواحدة تلو الأخرى، ونستدلّ على إجابتنا، إلا أنَّه في يوم القيامة سوف نعجز عن الاستدلال؛ لأن الحقائق سوف تكون واضحة، فليس هناك مجال للحيلة والخداع ارحمني في تلك الساعة لأنَّه: (وكلّ عن جوابك لساني)، فإنَّ لسان الإنسان يُعقد مقابل سؤال الله تعالى ومؤاخذته. (وطاش عند سؤالك إيّاي لبّي)، يجب أن نفكر بذلك اليوم. فأنتم تستطيعون ذلك من خلال فرصة الحياة والعيش المتاحة لكم، والسبيل إلى ذلك هو هذا: المراقبة. طبعاً، إنَّني أعتبر نفسي المخاطب الأول في هذه المواعظ؛ لأنَّني بحاجة إلى المراقبة أكثر من الجميع.
(*) المناسبة: لقاء القائد مع رؤساء ومسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية طهران 10 - 10 - 2006م.