مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام القائد: شروط التصدي للمسؤولية



ضمن مسلسل تفقده للمناطق المحرومة في الجمهورية الإسلامية، التقى القائد الخامنئي مع بعض المسؤولين في النظام الإسلامية وكان له كلمة قيمة في شروط التصدي للمسؤولية وتولي مراكز الخدمة وهنا نص الكلمة:

إنها فرصة نلتقي فيها مع الأخوة الأعزاء الكادحين من مسؤولي الحكومة الإسلامية في هذا لشطر من بلادنا العزيزة.
يتعين علي أولاً أن أقول لكم ساعدكم الله وأن أهنئكم ثانياً. أقول (ساعدكم الله) لأنكم تعملون وتكدحون بجد واجتهاد. وهذه المحافظة محرومة على الأصعدة المختلفة، والعمل في المناطق المحرومة يكون أكثر صعوبة. لقد عانى أهل هذه المنطقة من شظف المعيشة لسنوات وربما لقرون متمادية، وقد واجهت هذه المنطقة الفقر والحرمان والتمييز خلال العهد البائد. ويمكن أن نقرأ هذه المعاناة الطويلة في وجوه الناس.
كنت أتصفح اليوم وجوه الناس فعرفت أنهم أناس بائسون، أناس مظلومون ومحرومون وأصحاب معاناة، العمل من أجل هكذا أناس فيه لذة، لكنه صعب في نفس الوقت نظراً لأن البيئة يطغي عليها الحرمان. وعليه ينبغي أن يقال لكم (ساعدكم الله) خصوصاً بملاحظة أن المحافظة لا تتمتع ببعض الامتيازات التي تتمتع بها المحافظات القريبة من المركز سواء كانت تلك الامتيازات للناس أو للمسؤولين.

كما أنني أهنئكم في الوقت نفسه لأن الحياة لا تصبح ذات معنى إلا حينما يقدم الإنسان فيها خدمة للآخرين، فالحياة ليست هي الأكل والنوم والتمتع بالملذات، لا معنى للحياة في الوقت الذي يهتم الإنسان فيه بنفسه ويسعى فقط وراء لذاته الحيوانية، أن الحياة لا تجد معناها الحقيقي إلا حينما يكون فيها عمل وجد. وخصوصاً إذا كان ذلك العمل والجد لأجل أناس بهذا القدر من الصفاء والنقاء وبهذه الدرجة من الوعي الذاتي والطبيعي.

هنيئاً لكم جهادكم وعملكم من أجل هؤلاء الناس، هنيئاً لكم جلبكم لرضاه تعالى، وإسعادكم لقلب صاحب العصر عجل الله فرجه الشريف وذلك بخدمتكم لهؤلاء الناس، أن شاء الله يمحو هذا الجانب الثاني متاعب الجانب الأول من أبدانكم، ويبث في نفوسكم شعوراً بالفرح والسرور بهذا العمل الذي توليتموه.
ولكن لي كلام معكم بمثابة أنكم مسؤولو إدارة النظام هنا وليس كلامي مع أشخاصكم حيث أنني لا اعرف الكثير منكم عن قرب، بل باعتباركم مجموعة من التابعين للجهاز الإداري للجمهورية الإسلامية، وذلك من جهة أنني كنت واحداً من المسؤولين والمشرفين على هذا النظام منذ أوائل تأسيسه، وأنا اعرف في كثب الأساليب التنفيذية وفنون العمل والمشاكل والمزالق والمواقف التي يستطيع الإنسان العمل من خلالها أو التي لا يستطيع العمل من خلالها، ووظيفتي هنا أن أرشدكم إليها وأحذركم منها، وأن كنتم جيدين وأذكياء (إن شاء الله انتم كذلك).

اعلموا أن للعمل في نظام الجمهورية الإسلامية جهتين، جهة سعادة وجهة هلاك، لأننا إذا عملنا بطريقة صحيحة فليس هناك شيء أفضل من ذلك. يوجد في العالم الكثير ممن يعملون من أجل الناس ومن اجل المحرومين.

لكنه لا يوجد عمل في أية نقطة في العالم يتمتع بنفس الكيفية والقيمة والرفعة التي يتمتع بها عملكم فيما إذا أديتم أعمالكم بشكل صحيح ومن اجل رضا الله تعالى، أما الجهة السيئة لعملنا فهي أسوأ من الأعمال السيئة للآخرين لأن المسؤولين والإداريين في سائر بقاع الدنيا وكذلك غير المسؤولين في بلادنا عندما يسيئون التصرف، فان عملهم السيئ هو أنهم لم يؤدوا وظائفهم بالشكل الصحيح، مثلاً استغلوا مناصبهم أو قصروا ولم يعرفوا قدر النعم الإلهية وما شابه ذلك. أما سوء عملي وعملكم في النظام الإسلامي فمضاعف، وذلك لأننا أولاً أسأنا التصرف وثانياً شوّهنا صورة الجمهورية الإسلامية بل وصورة الإسلام.

ولنأخذ مثالاً هذه الدوائر الموجودة حالياً والتي كانت اغلبها موجودة منذ الزمان الإمبراطوري الظالم باستثناء بعض المراكز التي تأسست بعد الثورة. هنالك كان بعض الأشخاص يعملون بصورة جيدة كذلك - وأن كانوا قليلين - وآخرون كان عملهم رديئاً. ولم يكن لهذا الشعب ارتباط مع الدوائر والأجهزة الحكومية بالشكل الموجود فعلاً هذه الأيام. اليوم ارتباط الشعب مع الجهاز الحكومي أكثر من أي وقت مضى، وذلك لأن الحكومة آنذاك كان تعزل نفسها عن الناس ولا تتابع الكثير من مسائلهم.
ولكن الحكومة الإسلامية حملت على عاتقهم الكثير من الأعمال التي لا تتحملها الحكومات عادة، وتولت القيام بخدمات كثيرة، فلو عملنا كما كان يعمل مسؤولو النظام البائد لقال الناس - وبالخصوص الذين ليس لديهم اطلاع على ما كان يجري أن ما نعمله - نحن - هو أسوء بكثير من عملهم.

نحن نسمع بأن بعض من يراجعون الدوائر تؤخذ منهم الرشى، فيضمحل عندهم الأمل بالنظام الإسلامي والثورة الإسلامية، ويقولون: إن اخذ الرشوة في هذا النظام أشد منها في النظام البائد. أنهم لم يتفق لهم أن يصطدموا بمن يأخذ الرشى في الدوائر آنذاك، ألا لرأوا كيف كانوا يسلبون الثياب... ولكن لا ينبغي لنا أن نسلك هذا السلوك، فلو كنا - نحن - الذين نسيء التصرف - لا سمح الله - بأخذ الرشى من هذا الشعب المرحوم، فما أسوأ هذا الأمر.
لاحظوا إذاً كم هو خطر العمل في النظام. أنه شفير حاد كالصراط فإذا كان عملنا على الوجه الصحيح فإلى الجنة وإلا فإلى الجحيم، حيث لا ثالث دونهما.

على من يريد العمل على الوجه الأكمل أن يتقيد بالتكليف الشرعي، وأن يشعر بأن ما يؤدي هو وظيفة إلهية. فعندما يكون الإنسان متعباً، قد يتقاعس في عمله - في حالة عدم وجود المراقب - ويقول في نفسه: لا داعي لأدائه بهذه الدقة، أو يترك عمله على النصف هذه وسوسة شيطانية... هذه صفات من لا يعتقد بالرقابة الإلهية، أما الإنسان المعتقد بالله تعالى وبهذا الدين، يرى أن هناك رقيباً عليه، اعني (الكرام الكاتبين)، وأن الله سبحانه وتعالى ينظر ويراقب من ورائهم، وسوف يسألنا غداً عن أعمالنا.
فليضاعف أحدكم ههنا مراقبته لنفسه، وإتقانه لعمله، يجب أن نتحلى بهذه الروحية، يجب أن يمثل الله والدين والتكليف الشرعي المقياس الأول بالنسبة لنا. وإذا واجهنا في مورد ما عملاً من الأعمال يرضى به الله سبحانه وقد لا ترضى به فئة من الناس، يتعين علينا أن نختار الجانب الذي فيه رضاه تعالى، وان استلزم ذلك استياء الناس، فنحن وان كنا نقدّر رضا الناس ونسعى لتحصيله ولكن عندما لا يكون ذلك على حساب رضاه سبحانه وتعالى.

يجب أن يكون الملاك هكذا، يجب أن نسعى لخدمة الناس وذلك لأن الله يريد ذلك ويرتضيه ويأمر به... أن تحترق قلوبكم على عائلة محرومة أو طفل يتيم أو قرية نائية أو أضبارة متروكة أو حكم قضائي ناقص أو ظلم تعرض له شخص من قبل آخر، فذلك أمر يرتضيه الله سبحانه، الله يحب ذلك، أن تعتبروا تكليفكم ووظائفكم الإدارية الحكومية أموراً واجبة عليكم تنجزونها بحرص، أمر يستوجب رضا الله سبحانه وتعالى، وهذا هو الشرط الأول أي التدين والتعبد والالتفات إلى المراقبة الدائمة لرب العالمين.

والشرط الثاني: هو الصفاء والإخلاص مع الناس، لا ينبغي أن نتظاهر أمام الناس، التظاهر أمر غير صحيح يجب أن نكون صادقين مع الناس، وليس معنى الصدق مع الناس أن نكشف للشعب الأخبار والمعلومات السرية حيث أن البعض يتوهمون خطأ ويقولون: (لماذا لا تعلمون الناس بالأخبار)؟ نعم بعض الأخبار سرية، لا يمكن الإفصاح عنها، لا من جهة عدم الثقة بالشعب بل من جهة أن العدو يستفيد من ذلك. لماذا نطلع العدو على أخبارنا ومعلوماتنا؟ ليس هذا معنى الصفاء والصدق مع الناس. أوائل الثورة كانت هناك مجاميع - وكثير منها أعضاء في السافاك - تصر على نشر أسماء الجهاز الأمني السافاكي وكذلك المصادر المعلوماتية التي كان يعتمدها السافاك. كانوا يريدون أن يعرفوا هل أن أسماءهم ضمن القوائم أو لا. يريدون أن يعرفوا ماذا يحدث يصرون ويضغطون ويقولون: (لماذا تخفون الحقائق عن الشعب)؟ وحتى الأجهزة الاستخباراتية المعادية كانت تصر على ذلك لأكل الاستفادة من المصادر المعلوماتية لجهاز الاستخبارات الفلاني. كلا إن الصفاء والإخلاص مع الناس يكون فيما تنجزه لهم.

أحياناً اسمع أن بعض المسؤولين عندما يزورون إحدى نقاط البلاد تقام لأجلهم مظاهر معينة.

أنا لا ارتاح لهذه الحالة، وقد وصلني قبل سفري هذا تقرير حول سفر أحد المسؤولين حيث ذهب إلى إحدى المدن، وهنا زينت له الشوارع ولا أدري لعلهم نثروا الزهور على جانبي الطريق الذي مر منه وزينوا الأماكن التي زارها أو غير ذلك. لقد استأت من هذه الحالة، وكنت في صدد أن أشير على مكتبنا الخاص أن يحولوا دون حصول مثل هذه الأمور خلال زيارتنا المقبلة. وكأنني نسيت هذا الأمر وإلا كنت أقول لهم وهم ينفذون بالطبع، ما الداعي إلى القيام بهذه الأعمال؟ أذكر أن أحد الأسباب التي كانت تجعلنا نسخر من الجهاز الطاغوتي في تلك الأيام الأعمال التي من هذا القبيل... نحن لا نأخذ بهذه الأشياء، أولئك هم الذين كانوا يهتمون بالأمور الظاهرية، لقد كانت نظراتهم سطحية جداً. كانوا يسرون كثيراً عندما تتزين الشوارع التي يعبرون مها حتى لو كان الخراب يعم كل الدنيا. نحن نفكر بهذه الطريقة.. فلتكن الطرق التي أمر منها غير صالحة ولا نظيفة، ولن لتكن القرى عامرة أنا أحب ذلك أكثر ولست بالذي يجلس ليتصفح التقارير الرسمية فقط. شاهدتم كيف قدم بالأمس عدة آلاف من أشخاص حضروا عندي، البعض منهم صافحني وانصرف والبعض الآخر بقي يتحدث معي... لن أنسى كلماتهم، لقد قدموا عرائضهم شفهياً وتحريرياً، وسأحفظ ما قالوه، وفي بالي الآن أسماء الكثير من القرى التي ذكرها. اليوم قلت للسادة الذين وفدوا من مناطق مختلفة أننا سنبعث بهيئاتنا إلى مختلف المدن. سبق وأن ذهبت هيئاتنا إلى مدن مختلفة ليطلعوا عن كثب على مشاكل الناس ومعاناتهم.
اهتموا بقوات حزب الله، فهؤلاء هم الذين يحفظون هذه الثورة ويدافعون عن الدولة، وهم الذين يصفعون أمريكا على وجهها...

أنا رجل دين، وقد تربيت في أحضان هذا الشعب، وكانت حياتنا كلها على هذا المنوال، هل تعرفون رئيس دولة في العالم يتمكن من الاختلاط مع شعبه والتفاعل معهم؟ إننا نستطيع ذلك، ولكن الآخرين لا يستطيعون...، والسبب في ذلك كوننا من صنف رجال الدين وكذلك ارتباطنا بالنظام الإسلامي.. بالطبع ليس فقط رجال الدين هم الذين يستطيعون في النظام الإسلامي أن يكونوا مع الناس الآخرين يستطيعون ذلك أيضاً إذا كانوا يعايشون طبقات هذا الشعب. والذين لا يستطيعون التفاعل مع الناس هم أهل المنظمات والأحزاب وأصحاب الموائد والتشريفات الحكومية. أنهم لا يفهمون لغة الناس، هذا يقول شيئاً وذاك يفهم منه شيئاً آخر. أما نحن فلسنا كذلك. وبناء على ذلك فأني أقول لكم لا تتظاهروا أمام أي مسؤول يفد على محافظتكم. بالطبع لا بأس بوضع اللافتات التي تعبر عن الترحيب بالضيف القادم بل هو أمر جيد، كما أن إعمار ناحية من المحافظة ببركة قدوم المسؤول الفلاني أمر جيد جداً. قوموا بهذه الأعمال، ولكن الأمر المرفوض في التظاهر، أن يصبغ هذا المكان لأن السيد الفلاني سيراه، وأن تزرع الزهور على جانبي الطريق لأن الشخص الفلاني سيمر موكبه من هنا، وبعد ذلك نتركها ثلاثة أيام بلا ماء فتيبس وتموت، في حين أن المناطق الأخرى من المدينة قد لا يوجد فيها زهور بل ولا جدول ماء، هذا أمر منبوذ... أنتم تدركون ما أقول بالطبع. والآن أقول لمكتبنا بعد أن نسيت، أقول لهم حاذروا من ذلك في سفراتي القادمة، قبل أي سفر اتصلوا بالمسؤولين في ذلك المكان وقولوا لهم أن يتجنبوا هذه الأعمال، الإخلاص مع الناس أمر حسن يشعرون من خلاله بأننا نتعامل معهم بصدق.

النقطة الثالثة: عدم الضجر والتعب من كثرة مراجعة الناس. بالطبع هذا أمر صعب جداً بل هو أصعب من الكل فإن الضجر والتعب يسببان ردود فعل غير طبيعية، على مختلف الأجهزة التي يراجعها الناس، أن تضع أقساماً خاصة بالإجابة على المراجعات، وينبغي أن يتولى العمل في هذه الأقسام العدد الكافي من ذوي اللياقة والحلم وسعة الصدر والقدرة الفائقة على التحمل وذلك لكي يعرف أبناء الشعب الجهة التي يصغى فيها إلى كلماتهم، بالنسبة للجهاز القضائي: يجب أن يرقى جهازنا القضائي إلى المستوى اللائق بحيث يشعر الناس بالطمأنينة فيما لو حصل تجاوز على حقهم، سواء من قبل الأفراد أو المسؤولين، إذ يقولون بلهجة واثقة لمن يعتدي عليهم سوف نرفع القضية إلى السلطة القضائية وهي التي سترجع لنا حقنا. يجب أن يغلب هذا الاعتقاد على قلوب الناس، يجب أن يكون الجهاز القضائي كما قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام لنور عينيه وقطبي عالم الوجود الحسن والحسين عليهما السلام: "كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً"، وليس الظالم من يفتل شاربه حتى يصل خلف أذنيه قد يكون الظالم بالعكس إنساناً ظاهر الصلاح ولكنه يظلم، قد يكون رجلاً يظلم زوجته، وقد يكون أباً أو أماً يظلمان أولادهما، أوابناً يظلم والديه، أو عاملاً يظلم زملاءه في العمل. هكذا يكون الظلم والتعدي على حقوق الآخرين "كونا للظالم خصماً"، والخصم غير العدو وليس معناه أن تبغضه بل أن تصبح في الطرف المقابل له وتحاول أن تأخذ منه حق المظلوم، "وللمظلوم عوناً" اعن المظلوم أياً كان، لا تقل لا دخل لي بالموضوع، ولا تقل أنا مطالب فقط بانجاز وظيفتي حسب السياق الظاهري العام... نعم يجب أن تتجلى هذه النقطة الثالثة - وهي سعة الصدر في التعامل مع الناس - بأعلى وأتم صورها في أجهزتنا القضائية.

أما النقطة الرابعة: فتتمثل بنفس تلك القضية التي أشرت إليها قبل شهرين أو ثلاثة وهي مراعاة جانب القوى الأصلية لهذه الثورة، ألا وهي قوات حزب الله، اهتموا بهذه القوى، هؤلاء هم الذين يحفظون هذه الثورة ويدافعون عن هذه الدولة، هم الذين يصفعون أمريكا على وجهها، ويرجعون كيد الأعداء إلى نحورهم، حافظوا على هؤلاء، قوات التعبئة هي التي يعود الفضل لها في انتصارنا في هذه الحرب، ومن هو التعبوي؟ أنه ذلك الإنسان الذي إذا شعر بوقوع حدث في البلاد، أو أدرك بقيام العدو بهجوم على بلادنا فلا ينظر إلى مزرعته أو دكانه أو وظيفته الإدارية أو امتحانه أو دراسته الجامعية بل يترك كل هذه الأمور ويذهب إلى الجبهة، هذا هو الذي نلقبه بـ "الحزب الإلهي".

إذا راعيتم هذه النقطة، فإن أية قطرة تبذلونها من أجل الثورة ستقع في مكانها المناسب ولن تذهب هدراً. حافظوا على القوى المؤمنة جهد إمكانكم، ولا تكترثوا بمن يقف في الطرف المقابل لهم ويستهين بهم ويسخر منهم ومن (التعبويين) أن أولئك لم يكونوا يرضون بالحرب ولا وافقوا أبداً على شعاركم المصيري (الموت لأمريكا)... والآن يعملون ضد هذا النظام، وإذا توهموا أن أحداً سيأتي غداً لشغل محل هذا النظام، فإنهم سيلهثون وراءه ولو بداعي الاحتمال، ولا تحتفوا بهذه الطائفة من الناس.

نحن طبعاً نستفيد من كل القوى التي بإمكانها تقديم خدمات للبلاد، ولكن لا ينبغي أن نظهر لهم الاكتراث بهم. هذه النقطة الرابعة مهمة جداً. راقبوا حركاتكم، قيامكم وقعودكم، مع من تجلسون، مع من تنهضون، لمن تبدون الحفاوة والاحترام، ومن الذين تعاشرون، فإن الناس تنظر لنا لترى ماذا نعمل، أنهم يدركون ذلك، ومن المهم جداً أن يشعروا بأن قوى النظام (حزب الله) ويحبون (حزب الله)، وأنهم اجتمعوا حقيقة لأجل العمل لا لأجل قتل الوقت أو المنفعة الشخصية (لا سمح الله)، إن بقاء الدولة بوجود القوى المخلصة فيها.

أيها السادة، نحن كدولة متأخرون جداً على صعيد التطور العلمي والتكنولوجي العالمي. لقد ظلمنا كثيراً، إن السلاطين في بلادنا أبقونا في حالة التخلف خلال القرن أو القرنين الأخيرين. لم يفسحوا المجال لدخول العلوم والثقافات والمعارف الصحيحة إلى بلادنا.

كان الملك القاجاري (ناصر الدين شاه) ينزعج عندما يذكر أمامه اسم القانون، وكان يسوؤه ذهاب شخص إلى الخارج وعودت من هناك، كان يستاء من استلهام المعلومات من الخارج، وقد دفعهم الهوى ذات مرة إلى القيام بعدة أعمال من هذا القبيل لفترة وجيزة جداً، لكنهم عندما رأوا أنه يمكن أن يتعرضوا للخطر من جراء ذلك عزفوا عن الاستمرار، الخلاصة أنهم أبعدونا عن العلم والمعلومات.
هكذا كانوا، أما العائلة البهلوية فكانت أسوأ فكانت أسوأ منهم وأن كانت لها طريقة أخرى، كانوا يشغلون الناس باتباع الشهوات، ويرجحون نشر الأشكال الفاسدة من الثقافة الأجنبية على الأشكال الجيدة فيها. وإذا كان لا بد أن يدخل البلاد على كل حال قسم مفيد منها فأنه لم يكن مؤثراً أو فعالاً، فنحن إذا اكتسبنا العلوم من الأوروبيين ورجعنا على شكل أناس غارقين في الشهوات عديمي الوجدان والإرادة والإيمان فما الذي تستفيده هذه الأمة من علومنا هذه؟ وقد لاحظتم الأشخاص الذين ذهبوا إلى الخارج ورجعوا بعلومهم ولكن لم ينفعوا بلادهم ولم ينجزوا شيئاً لها أبداً، وبقيت بلادنا على حالها، هذا هو ذنبهم، ذنب أولئك السلاطين، حيث لم يكونوا يدركون شيئاً سوى مصالحهم الخاصة، وقد كان هذا الواقع المر سائداً خلال القرنين الأخيرين على أو على الأقل ابتداءً من زمان فتح علي شاه ومحمد شاه وناصر الدين شاه وانتهاء بزمان محمد رضا وأبيه (هذين المجرمين الكبيرين).
وهكذا توقفت أمة واعية ذات مؤهلات وتاريخ علمي وثقافي، ليرتقي أعداؤها ومنافسوها من الأمم الأخرى الواحد بعد الآخر سلم الرقي العلمي والثقافي، وأنتم على علم بأن مسيرة التطور العلمي آخذة بالإسراع أكثر فأكثر.

ويمكن أن نمثل لها بشخصين أحدهما يمشي راجلاً والآخر وجد دراجة هوائية، وهناك سيارة على بعد بضعة كيلومترات. لا ريب في أن راكب الدراجة سوف يصل إلى السيارة أسرع من صاحبه ويستقل السيارة لتتضاعف سرعته بدرجة كبيرة ليصل إلى مكان تنتظره فيه طائرة، فإذا ارتقى الطائرة فان سرعته ستزداد مئات المرات، في حين أن صاحبه لا زال يحاول الحصول على دراجة هوائية. هكذا تكون المسافة وهكذا تزداد الفواصل والفوارق بيننا وبين الدول الأجنبية، والآن ماذا يتعين علينا أن نعمل؟ كيف نطوي هذه المسافة الشاسعة؟ يجب أن نسلك اقصر الطرق، يجب أن نستفيد من كل قابليات ومؤهلات بلادنا، كيف سيحصل ذلك؟ أنه يحصل بواسطة ترسيخ الإخلاص في الحركة ومواجهة الأعداء والسياسات الاستعمارية واعتباره أحد الأصول والمبادئ، وهذا لم يكن ليحصل إلا بواسطة الثورة وبركة الثورة. هذا أمر ضروري جداً لمستقبل أي بلد من البلدان.

إذا راعيتم هذه الأمور، حينئذ سيثيبكم الله تعالى على ذلك أجراً عظيماً، في الحقيقة أنا اعتقد أيها الأخوة المسؤولون عن النظام هنا، أن الملائكة تعجز عن إحصاء العطاء الإلهي الذي يقسمه الله لكم جزاء على عملكم إذا راعيتم فيه الموارد المذكورة آنفاً، أنها تعجز عن إحصائه نظراً لكونه جزاء موفوراً، نأمل أن يوفقكم الله تعالى وأن شاء الله سيجزيكم على جهودكم المشكورة وقلوبكم المتحرقة والحريصة وأحاسيسكم النبيلة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع