الشيخ علي حجازي
• الإرضاع- الحضانة- النفقة
1ـ الإرضاع
كمال الرضاع أربعة وعشرون شهراً. ويجوز أن يفطم الرضيع على واحد وعشرين شهراً. ولا يجوز أن ينقص عن ذلك مع الإمكان ومن غير ضرورة، ومع عدم الإمكان أو مع وجود ضرورة يجوز أن يفطم قبل ذلك. فعلى وليّ الرضيع تأمين الرضاعة لولده مع الإمكان لمدّة واحد وعشرين شهراً هلاليّة.
- إرضاع الأم
أ- إنّ مسألة إرضاع الأم لابنها فيها ثلاث صور:
الأولى: إذا لم ينحصر الإرضاع بالأم، بأن وجدت مرضعة أخرى يمكن أن ترضع المولود، وفي هذه الصورة لا يجب على الأم أن ترضع مولودها.
الثانية: إذا لم توجد مرضعة أخرى غير الأم، ولكن أمكن حفظ الولد بطريقة أخرى غير الإرضاع، كأن أمكن إعطاؤه حليباً عبر وسيلة كالقنينة، فمع إمكان ذلك لا يجب على الأم إرضاع ولدها، بشرط أن يكون الولد مأموناً من الضرر بتناوله هذا الغذاء.
الثالثة: إذا لم توجد أيّ مرضعة غير الأم، ولم يتأمّن غذاء آخر للولد، أو وجد طعام آخر لكنّه لا يؤمن معه من الضرر على الولد، وفي هذه الصورة يجب على الأم إرضاع ولدها.
والخلاصة: لا يجب على الأم إرضاع ولدها إلّا إذا انحصر الإرضاع بها، ولم يوجد طعام آخر يؤمن معه من الضرر على الولد، فيجب على الأم إرضاعه، ولا يجوز لها أن تتخلّف عن الإرضاع مع الإمكان.
ب- لا يجب على الأم أن ترضع ولدها مجاناً، سواء أكان هناك مرضعة أخرى أم لا، وسواء أوجد غذاء آخر أم لا، ففي جميع الصور يجوز للأم أن تطالب بأجرة الإرضاع.
ج- إذا كان للولد مال، فيجوز للأم أن تطالب بأجرة الرضاع من مال الولد. وإذا لم يكن للولد مال فيجوز للأم أن تطالب أباه بالأجرة، كما ويجوز أن تطالب جدّ الولد لأبيه (يعني: تطالب والد أبيه).
د- إذا لم يكن للولد مال، وكان الأب والجدّ للأب فقيرين، ولم يكونا قادرين على تأمين أجرة الإرضاع، وجب على الأم (في هذه الصورة) أن ترضع ولدها مجاناً دون أجرة، وإن لم تكن قادرة على الإرضاع بنفسها يجب عليها أن تستأجر مرضعة أخرى، أو أن تؤمّن للولد طعاماً من طرق أخرى إذا لم يكن مضرّاً به، وتكون الأجرة أو النفقة على الأم مع قدرتها على ذلك.
هـ- إذا وجدت مرضعة أخرى غير الأم ففي المسألة ثلاث صور:
الأولى: إذا كانت الأم متبرّعة، بأن كانت ترغب في إرضاع ابنها دون أجرة، فتكون الأم أحقّ من غيرها بالإرضاع.
الثانية: إذا كانت تطلب أجرة بنفس ما تطلبه غيرها، أو أنقص ممّا تطلبه غيرها، فتكون الأم أحقّ من غيرها بالإرضاع.
الثالثة: إذا كانت تطلب أجرة أزيد ممّا تطلبه غيرها، أو كانت المرضعة الأخرى متبرّعة، فيجوز للأب تسليم الولد إلى غير الأم، ولا يجب عليه تسليمه للأم، والأحوط وجوباً بقاء حقّ الحضانة للأم في هذه الصورة، باستثناء الإرضاع.
و يستحبّ أن يكون رضاع الصبيّ بحليب أمّه، فحليب الأم أكثر بركة من غيره. نعم لو كانت الأم خبيثة، أو اقتضت بعض الجهات أولويّة غير الأم، من حيث طيب حليب الأخرى، ونحو ذلك، فلا يستحبُّ تسليم الولد للأم لأجل إرضاعه، وهذا لو كان الخيار بيد الوالد، وأمّا مع وجوب التسليم للأم فلا خيار للأب.
2ـ الحضانة
الحضانة هي ولاية على الطفل؛ لأجل تربيته، ولأجل ما يتعلّق بتربيته من مصلحة الطفل، من حفظه، وجعله في فراشه، وتنظيفه، وغسل ثيابه وخِرَقه، ونحو ذلك.
- حضانة الأم
الأم أحقّ بحضانة وتربية الصبيّ الذكر مدّة سنتين قمريّتين، وهي أحقّ بحضانة وتربية البنت سبع سنين قمريّة. فلا يجوز للأب أن يأخذ الولد في هذه المدّة. هذا بشرط أن تكون الأم مسلمة عاقلة، فلو لم تكن مسلمة أو كانت مجنونة فلا يحقّ لها حضانة ولدها.
- حضانة الأب
إذا انقضت مدّة حضانة الأم للولد فالأب أحقّ بالحضانة، فله حقّ حضانة الذكر بعد إكماله الحولين، وله حقّ حضانة البنت بعد إكمالها سبع سنين.
- طلاق الأم
إذا طلّق الرجل زوجته في مدّة حقّها بالحضانة لا يسقط حقّها بالحضانة، فيبقى حقّها بحضانة الذكر إلى أن يكمل سنتين، وحقّها بحضانة الأنثى إلى أن تكمل سبع سنين. ولكن إذا تزوّجت الأم رجلاً آخر غير الوالد فيسقط حقّ الأم بحضانة الذكر والأنثى. ولو طُلقت من الثاني ولم تتزوّج غيره يعود حقّ الحضانة لها ما دام الذكر لم يكمل السنتين، والأنثى لم تكمل السبع سنين.
- موت الأب أو الأم
أ- إذا مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه أو قبل الانتقال تكون الأم أحقّ بحضانة الولد حتّى لو تزوّجت.
ب- إذا ماتت الأم في زمن حضانتها فالأب أحقّ بالحضانة من غيره.
ج- إذا مات الأب والأم فتكون الحضانة لأب الأب، وإذا لم يكن أب الأب موجوداً فلأقارب الولد بحسب ترتيب مراتب الإرث، وله تفصيل آخر.
- انتهاء الحضانة
تنتهي الحضانة إذا بلغ الولد وصار رشيداً، فإذا بلغ رشيداً ليس لأحد حقّ الحضانة عليه، بل هو مالك لنفسه سواء أكان ذكراً أم أنثى. والرشيد من يُحسن التصرّف، ويقدر على تحمّل المسؤوليّة، دون الوقوع في الضرر والخداع.
3ـ نفقة الولد
أ- إذا كان للولد مال يجوز للوليّ أن ينفق على الولد من نفس مال الولد.
ب- إذا لم يكن للولد مال، ولم يكن مجال لأن يعمل ففي المسألة صورتان:
الأولى: إذا كان الأب يملك نفقة نفسه ونفقة زوجته الدائمة وما يزيد عن ذلك، بحيث يكفي الزائد لنفقة الولد، فيجب على الأب أن ينفق على ولده.
الثانية: إذا لم يكن مع الأب ما يزيد عن نفقته ونفقة زوجته الدائمة، ولم يقدر على تحصيل الزيادة فلا يجب عليه الإنفاق على ولده.
ج- نفقة الأب على نفسه مقدَّمة على نفقة زوجته وأولاده.
والنفقة على الزوجة الدائمة مقدَّمة على النفقة على الأولاد، ومع قدرة الأب على تحصيل نفقة الأولاد من خلال العمل اللائق بحاله وشأنه، فيجب على الأب العمل لتأمين نفقة الولد.