مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تربية الطفل: مدرستي أحبك أخاف منك


حوار: سكنة حجازي‏


بسم الله الرحمن الرحيم‏
  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ التحريم/6.

ولدي الحبيب، يجب أن تذهب إلى المدرسة شئت ذلك أم أبيت!
وعليك التقيد بنظامها ودروسها وإلا لن أرضى عنك ولن أحبك أبداً. فأنا لا أرضى الجهل أو الفشل في حياتك ومستقبلك العلمي. يجب أن تكون متفوقاً بين زملائك دائماً ولا أحب أن يسبقك أحد.
أمي! أنا أحب المدرسة، ولكني أخاف الذهاب إليها لأنني لا أعرف شيئاً عنها ولا عن نظامها أو مدرسيها.
أبي! أرجوك اصطحبني إلى المدرسة، وابق معي. لا تتركني وحدي لئلا يأخذوني إلى مكان لا أحبه ولا أرغب فيه.
أهلي الأعزاء! أولادي الأحباء! إليكم الجواب مع الدكتور السيد محمد رضا فضل اللّه مدير دائرة الإشراف التربوي في مدارس المصطفى صلى الله عليه وآله جمعية التعليم الديني.


* ما هو السن المناسب لدخول الطفل إلى المدرسة؟وهل يجب تحضيره في الحضانة قبل انخراطه في رياض الأطفال؟
في الماضي كان السن المناسب لدخول الطفل المدرسة هو السادسة، وحجة بعض الخبراء في ذلك: أن الطفل يجب أن يعيش الحرية في طفولته بعيداً عن القيود والضوابط الرسمية، وأن يحصل على المحبة والعاطفة والرعاية من والديه بشكل كاف في أجواء منطلقة توفر له الاستقرار النفسي والأمن الذاتي... كل ذلك كان يوم كانت الأم متفرغة لشؤون الأسرة والأولاد، ولكن ضغط الحياة الاقتصادية من جهة، وشعور الأم المُلح بأن يكون لها دور فاعل في المجتمع من جهة ثانية، دفعا الأم إلى أن تخرج إلى ميدان العمل، حيث طُرح على البحث موضوع رعاية الأطفال، وكان الحل لدى التربويين بإنشاء قسم جديد في العالم المدرسي هو رياض الأطفال، الذي يتجسد ببناء يتسم بساحات واسعة وتجهيزات طفولية خاصة، يمارس فيها الطفل حريته ونشاطاته في ظل إشراف صحي وتربوي، تقوم فيه مربية متخصصة تلعب فيه دور الأم والمعلمة في آن واحد. وعلى هذا الأساس لا تتحول رياض الأطفال إلى مدارس أكاديمية تُعلّم فيها القراءة والكتابة والموضوعات المدرسية الأخرى، بل أن تصبح مؤسسات تمثل امتداداً لأجواء البيت، ومقدمة ممهدة لآفاق المدرسة، على ضوء كل هذا كانت النصيحة بأن يدخل الطفل عالم رياض الأطفال في حدود الرابعة، ولكن عمل الأم من جهة، والتنافس لدى الأمهات في استعجال الدخول إلى المدرسة، جعلا البعض يبكر في إرسال الطفل إلى المدرسة، فكان إنشاء دور الحضانة التي تسلخ الطفل من حضن أمه في سنّ هو بحاجة إلى كل محبتها ورعايتها، لذلك لا ننصح بأن نتخذ مثل هذا الإجراء، إذا كان ذلك ممكناً، لأنه قد يُحدث لدى الطفل صدمة نفسية قد تنعكس سلباً على كامل شخصيته.

* وحتى لا يشكل دخول الطفل إلى الروضة صدمة نفسية له، ما الإجراءات التي يجب أن تتخذها مؤسسة الأسرة مسبقاً كتمهيد لهذا العالم الجديد؟
إن التحاق الطفل لأول مرة في عالم رياض الأطفال يشكل منعطفاً هاماً في حياته، قد يكون له تأثيرات سلبية أو إيجابية على مستقبله الدراسي ووضعه النفسي، وهنا قد تختلف الحالة بين طفل واخر، فالطفل الذي سبقه أخوه الأكبر إلى المدرسة قد يكون وضعه أسهل من ذلك الذي دخل ابتداءً، لأنه عاش الأجواء من خلال أخيه، والطفل العادي قد تختلف حالته عن الطفل المدلل الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأهله... وهكذا، ومهما كانت حالة الطفل، وحتى لا يشكل انسلاخه عن البيت صدمة عنيفة ومفاجئة له، يُنصح الأهل باعتماد إجراءات تمهيدية متدرجة من شأنها أن تخفف من هول هذه الصدمة، منها:

- أن يتحدث الأهل عن المدرسة بايجابية مع الطفل... عن المعلمة التي تحبه، وعن الألعاب التي تنتظره، وعن الرفاق الذين سيلعب معهم...
- أن يزورها مع أمه بين حين وآخر، ليأخذ فكرة مسبقة عن أجواء المعلمة والرفاق وأجواء اللعب واللهو والتسلية.
- أن يشاهد بعض الأفلام التي تعرض سرور الأطفال ومرحهم في رياض الأطفال.
- أن ترافقه أمه إلى المدرسة في أول يوم دراسي، وأن تؤمن له مسبقاً كل الحاجات المدرسية التي يحبها ويألفها.
هذه المحطات وغيرها من شأنها أن تخفف من وحشة الطفل بتركه لأجواء البيت التي اعتادها.

* هذا هو دور الأهل، فما هو دور المدرسة في تهيئة الطفل نفسياً لأجواء الروضة؟
وحينما يقوم الأهل بتهيئة الطفل لأجواء المدرسة، على المدرسة أيضاً أن تكمل ما قام به الأهل، فتخلق أجواء ملائمة منها:

- أن يكون اليوم الأول قصيراً ومميزاً في استقباله، فيلتقي بالمعلمة التي تحضنه وتحوطه بالمحبة والرعاية، وبمعارض الزينة التي تزدان بالصور والملصقات المألوفة عنده، وبالأناشيد الطفولية البريئة التي تريح له سمعه، ثم بأنواع الألعاب التي يستطيع اختيار ما يحب ويألفه.
- أن نخفف عنه كل القيود المصطنعة التي تزعجه، فيشعر بالحرية الكاملة.
- أن نؤمن له زيارة إلى كل مرافق المدرسة، فيرى الملعب والدكان والمقاعد والصفوف والقاعات... وكلها تثير فيه البسمة والتفاؤل.
- أن تقدم له بعض الوجبات الغذائية الخفيفة.
- أن تحذر المعلمة أسلوب القسوة، وبالأخص مع أولئك الذي يستسلمون للبكاء، أو الذين يتوجسون خيفة من هذا العالم الجديد.
- وأخيراً أن تحرص المعلمة على تنظيم صفها بالشكل الذي يرى فيه بعض الصور والزوايا التي يشاهدها في بيته.

هذا بالنسبة للطفل الذي دخل المدرسة لأول مرة، فما هو الحال بالنسبة للطفل القديم الذي سيعود إلى المدرسة، هل تنصحون بفروض صيفية يستعيد فيها الطفل بعض معارفه، أم نتركه دون قيود وواجبات؟
هناك آراء مختلفة حول تزويد الطفل بواجبات مدرسية في عطلته الصيفية:

فالبعض يرى أن الطفل بعد عام دراسي مثقل بالواجبات والتكاليف والامتحانات وغيرها من حقه أن يستسلم للراحة ليستعيد قواه ويجدد نشاطه، فتهدأ نفسه، وتسترخي أعصابه، وحتى لا يصاب بكره للمدرسة وملحقاتها. والبعض الآخر يرى أن العطلة الصيفية قد تستغرق ثلاثة أشهر، وهي فترة طويلة نسبياً، بحيث لا يجوز للطفل أن يقضيها كلها في اللهو واللعب، لأن ذلك مما يعوده على البطالة من جهة، ويبعده عن المفاهيم الدراسية التي عاشها طيلة عام دراسي سابق، مما يجعل قدرته على التكيف مع العام المقبل ضعيفة. وهنا لا بد من اتخاذ موقف وسط، لا يرهق الطفل ولا يجعله في حالة استرخاء دائمة، وهذا ما تعتمده بعض المدارس من خلال تزويد الولد بدفاتر تتضمن نشاطات مسلية لا تتخذ شكل الواجبات المدرسية المرهقة والتي تتطلب تفكيراً عميقاً... هذا الإجراء من شأنه أن يجعل الولد على تواصل خفيف مع مختلف الموضوعات المدرسية، حتى إذا ما أقبل العام الدراسي الجديد، كان مستعداً له.

* ولكن الأهل قد يتدخلون في مساعدة أولادهم بشكل مباشر، وهنا ما فائدة هذه الفروض وما الجدوى منها؟
فيما يتعلق بمساعدة الأهل، من الأفضل أن يتركوا دون تدخل مباشر، سوى تحفيزهم على الإنجاز، وتوجيههم لدى حصول أية مشكلة... وحتى مع تدخل الأهل، فإن الأولاد يعيشون المفاهيم وهذا إنجاز بالنسبة لتواصل الطفل مع معارفه السابقة.

* ما رأيك بدورات إعداد وتأهيل للأهل، تساعدهم على امتلاك الأساليب التعليمية الملائمة أثناء مساعدتهم لأولادهم، كما يحصل في الغرب مثلاً؟
أنا مع هذا التوجه، بحيث يحصل الأهل على معارف ومهارات وأساليب تعليمية منسجمة مع ما تنهجه المدرسة، حتى لا يحصل تناقض بين أسلوبين ويضيع بينهما الولد. وهذا ما يفرض تواصلاً مستمراً بين الأسرة والمدرسة، حتى تفهم الأسرة ما يجري في المدرسة، وحتى تفهم المدرسة ما يحصل في الأسرة، وهنا يتكامل الدوران لمصلحة الطفل في تحصيله الدراسي ومستقبله الحياتي.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع