بمَ ينتصر الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ (1)* أخلاقنا | الكبر الرداء المحرّم (2)* تسابيح جراح | نور إرادتي أقوى من ظلام عينَيّ الشهيد القائد إبراهيم محمّد قبيسي (الحاج أبو موسى) صحة وحياة | كيف نتجاوز ألم الفقد؟ كشكول الأدب تحقيق | الشهادة ميراثٌ عظيم (2) بيئة | حربٌ على الشجر أيضاً عوائل الشهداء: لن يكسرنا الغياب لتكن علاقاتنا الاجتماعيّة مصدر أنس ٍوعافية

مشاركات القراء | تعجّلت العبور يا شيخ

مهداة للشهيد عباس مرعي
ريان مزيَد


مذْ غبتَ، ضاق وجه السماء ذرعاً بغربتي، وأسرفْتُ في تشكيلِ بعضيَ المتلاشي سوى في عينيكَ، اللتين أعادتاني إلى لقائنا الأوّل، حيث جمعتنا لغة القلوب منذ خاطبَت نظراتُك روحي، وباسم الله خطوت. دخلتُ دنيا جديدةً مليئةً بك، تضجّ بأنفاسك، تسبيحك، مناجاتك، دفء عبادتك واهتمامك. أحاطتَني بهالةٍ من نورٍ ربّانيٍّ جذبني، فانقدْتُ إليك طوعاً برأفةِ الابنة، وعاطفةِ الحبيبة، وحنوّ الزوجة، فأنت أضحيت عالمي بأكمله.

لم أغص كثيراً في كُنهِ فرحِك عند التقاط صور خطوبتنا، فوزُك الأعظمُ الذي تجلّى حينها عجِزتُ عن فهمه، حزنُ النوايا بات يسكنُني مع كلّ صورةٍ تتمايل أمام ناظري، تجسِّدُ ذكرياتٍ لوقتنا الأثمن، فتكسرُ خاطري بسمتُك التي غادرَتني. بوجهِ قلبي يرتسم اسمك، فيطرقُ الدمع باب أجفاني، ما بالُ الغيابِ لا يكفّ أياديه عنّي؟ باتَ الحزنُ يسحبُ أطراف ثوبي، كلّما هزّ حديثٌ عنك وردَ ذاكرتي، تعجّلت العبور يا شيخ! شوقُك المحموم للّحاق بقافلة الإمام الحسين عليه السلام كان أكبر من كلّ ما يحتويه أيّ شعورٍ دنيويّ. علومُك الحوزويّة أزكت اختلاج نبضِ هيامِك بسادة الوجود عليهم السلام، فانسابَت روحُك تسعى بين جنبات أوجاعهم، تتأوّه بصمت العارفين، تطيلُ وقوفك على درب المعنى لتضمّد جراحهم بدموعك، تخدم الناس طوعاً تأسيّاً بهم، دأبُك السجود الطويل وارتياد المسجد. يا مهجتي التي غفت مقلتاها، كلّ سجاياك لم تهيِّئني لفقدك، لم تبُح لي بمكنونات صدرِك وولهِك للانسياب من هذا السجن إلى ملكوتٍ لا ظلمَ فيه ولا عناء، لم تخبرني لأستظلَّ بطيفِ وجودك أكثر، ربّما لخوفك من تأثّري أخفيت ذلك. سخّرت علمك لإتمام عملك وتفانيت لأدائه، دون أن يؤثّر ذلك في إغداقك سيل الاهتمام والمحبّة. شاركتني الفرح، النجاح، الألم، التعب، ساعات الدراسة والسهر الطويلة في سبيل راحة طفلَينا بعد قدومهما، كنت أبانا جميعاً! كم أزهرت الشقائق في كفّيك وأنت تردّد تسبيحة الطهر فاطمة عليها السلام، وكم احتضنتك بدورها. تواضعك العابق بأريج الفرودس، رغم ما تحمله من شهاداتٍ وثقافةٍ، فاق جمال رائحة التراب الذي طالما زرعَتْه أناملك وأبيتَ غير سُكناه، بعد أن رويته بنجيعك القاني، كم استشعرتُ غيرتها من طيبك! ها دمي يرتدي قلقَ الهجران باكراً، أما قادتْك قدماك المبتورتان إلى حيّنا بعد؟ انتظرناك أيّاماً بعمر قحطِ الأعوام، وسيبقى الانتظار سِمة الوقت حتّى تعود مع القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، أيا كلّ الأقارب والأحبّة، كيف تركتنا؟

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع