مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

إعلامنا: نجاحات وإخفاقات


تحقيق: كوثر حيدر

•وسائل الإعلام المقاوم

وبطبيعة الحال، فإنّ المسؤوليّـــة كبيـــرة، تأخذنا إلى إشكال حول وفاء المادّة الإعلاميّــة المقدّمــة عبر هذه الوسائل، في طرق معالجتها وتقديمها، إنْ من حيــث العـنـاوين التـربويّــة المقدّمة أو من حيث تجربة الفنّ الترفيهيّ الّذي لقي حصّة محدودة مؤخّراً، وصولاً إلى المادّة المكتوبة للقرّاء.

وعليه، قمنا باستطلاع رأي واسع وشامل تنوّعت فيه الآراء في أماكن، وتشابهت في أخرى، أمّا الرّؤية فكانت واضحة، لننتقل بعدها إلى مقابلة مع الأستاذ في كلية الإعلام الدّكتور عبّاس مزنّر.

•تباين آراء
شمل الاستطلاع آراء طلّاب الجامعة اللبنانيّة، طلّاب الحوزات العلميّة، وبعض الجامعات الخاصّة (الأميركيّة والمعارف). أشار التقييم النّهائيّ إلى متابعة أغلبهم للبرامج التي تعرض على المحطّات الإسلاميّة والمجلّات كـ"بقيّة الله" و"مهدي". وذكروا ملاحظاتهم واقتراحات تعكس متابعاتهم، فبعضها كان إيجابياً وبعضها كان سوداوياً، وبعضٌ ثالث قدّم نقداً موضوعيّاً شاملاً.

•أبرز نقاط الضعف
"ماجدة"، الطالبة في كليّة الإعلام، ترى أنّ وصول رسالة البرامج الثقافيّة الدينيّة يعتمد على الأسلوب الذي يلجأ إليه مقدّم البرنامج؛ "فالمباشرة بالنقد لا يُعدّ خطاباً صالحاً في هذا الزمن" على حدّ تعبيرها، "فيما عرْض مشهد تصويريّ قصير، يحمل من الوجدان ما يحمله، يفي بنقل الغرض المطلوب للمشاهد وأكثر، كما تفعل قناة الصّراط". وتضيف "إنّ أبرز نقاط الضعف التي قد يعاني منها الإعلام الملتزم بشكل عام هي في جمود المادّة المقدّمة من حيث "التكرار" و"عدم التنوّع".
وفيما يتعلّق بالجانب الترفيهيّ، لفتت "ماجدة" إلى نقطة مهمّة، فقالت: إنّ "المادّة التّرفيهيّة المعروضة في إعلامنا الإسلاميّ لن تنال مقاماً محموداً بأيّ حال من الأحوال، في ظلّ الابتذال الكوميديّ الّذي يعاني منه الإعلام اللّبنانيّ الآن"!

وانتهت "ماجدة" بتمنّ على الإعلام الذي يحمل فكر وثقافة المقاومة أن يقدّم المادّة المناسبة لمتطلّبات العصر الحاليّ، وينطلق بالفكر السّامي الذي تحمله فحوى الرسالة الإسلاميّة الذي يسعى لتصديره.

•القنوات الإسلامية جيّدة.. ولكن!
لم تختلف كثيراً رؤية "زهراء"، (طالبة في جامعة المعارف الإسلاميّة)، إلّا أنّها لفتت إلى ضرورة توجّه الإعلام الإسلاميّ إلى برامج تستقطب وتجذب فئة الشباب. "والأمر ليس صعباً كثيراً" بحسب زهراء، "فعوامل الجذب متعدّدة ويمكن تحصيلها من خلال الاهتمام بصورة المادّة، مواكبة الإعلام... إلخ". وعلّقت قائلة إنّ قناة "المنار" منذ مدّة عرضت برنامج (360 درجة)، "برأيي كان من الخطأ أن يتوقف مثل هذا النوع من البرامج الجذّابة المفيدة". من جهة أخرى، رأت أنّ تلفزيون "الصراط" يعطي أهمية لجهة الناحية الفنيّة وهذا محطّ استحسان للمشاهد، خاصة أن القناة تعمل على انتقاء المادّة الفنيّة الفريدة.

أمّا الحاجة "أم جعفر" والتي تلهي أحفادها بمشاهدة قناة "طه" من وقت لآخر، فتعتبر أنّها الأفضل للأطفال من بين الموجود على الساحة الإسلاميّة. إلّا أنّها ترى ضرورة معاينة كلّ مادّة على حدة، والالتفات إلى أبعاد المواد المقدّمة لأطفال لم تتجاوز أعمارهم السّنين الأولى. لـ"ملك" الرأي نفسه وتزيد "القناة جيّدة نسبيّاً لكن مع بعض التطوير التّقني تستطيع أن تضمّ مجموعة أعمار متفاوتة، فهامش الجذب لدى هكذا نوع من القنوات واسع ومهمّ، وبرأيي من الجيّد تحقيق الاستفادة الأكبر".

•المادة المقروءة نكهة مميّزة
فيما يتعلّق بالمادّة الإسلاميّة المقروءة، فإنّ استحساناً واسعاً كان ملحوظاً من خلال الاستطلاع. فالتنوّع الذي تضمّه المجلّات كـ"بقيّة الله" و"مهدي" واضح الأثر، من حيث فحوى العناوين المنتقاة، إلى شموليّتها، بالإضافة إلى العلاقة الجميلة مع القرّاء الذين كبروا وهم يقرأونها، حتّى أصبحت جزءاً جميلاً من مكوّنات المكتبة خاصّتهم.

فبحسب "سلمى" وعدد من القرّاء "هذه المجلّة (بقيّة الله) تعمل على مخاطبة جميع العقول. وأعتقد أنّها تمارس أسلوب "السّهل الممتنع"، وتتمتّع بنكهة مميّزة في ما يخصّ المواضيع المنتقاة. لكن يجب الحذر من الوقوف في منطقة واحدة، التوسّع التكنولوجيّ في وسائل التّواصل من شأنه أن يأخذ المجلّة إلى حقبة أوسع في مجال الإعلام الإسلاميّ".

•أهداف الإعلام الإسلاميّ

بعد استعراض نتائج الاستطلاع قمنا بالتوجه للكلمة الرسميّة حول بحث هذه الإشكالات مع الدكتور عبّاس مزنّر الذي قال: "الإعلام الإسلاميّ له وظيفة عروبيّة، حيث يعمل على تفريج هموم الأمّة ويعطي الأمل والصّبر. الصّراع مع إسرائيل هو أحد الأهداف الأساسيّة والاستراتيجيّة، لكن الهدف الأهمّ هو الهويّة العقائديّة الإسلاميّة الّتي تسبق الهدف الجهاديّ".

•الهويّة الإسلاميّة وارتباطها بالمرجعيّة
لقد انفتح خطاب حزب الله الإسلاميّ على المذاهب والطّوائف، والمثال الأكبر كان بعد حرب تموز حيث أُهدي النّصر للعرب مع انطلاقة نشيد "نصر العرب".

أظهر إعلامنا الهويّة الإسلاميّة العامّة، الّتي ترتبط بالوليّ الفقيه، والتي تفصل الإسلام المحمدي الأصيل عن الأنواع الّتي تظهر في العالمين العربيّ والإسلاميّ... لكن يوجد إسلام الولاية الأصيل الّذي نادى به الإمام {، الّذي هو كتلة متراصّة ذات هويّة وقوّة واحدة صلبة لها تأثير كبير في الإعلام على الرّأي العامّ، حيث استطاعت أن تبني صورة مقاومة بصورة صلبة، لأنّها ترتبط إضافة للأرض والصّراع، بإطار مرجعيّ كبير وهويّة أكبر هي المرجعيّة الجهاديّة والعقائديّة الإسلاميّة والقياديّة.

•ماهيّة الصّورة
في الخطاب الإعلاميّ، استفاد الإعلام من كلّ المعطيات التي قام عليها حزب الله، من حيث المؤسّسات والصراع والشهداء، أضف إلى ذلك أنّه لا يمكن الفصل بين المادّة الإعلامية المقدّمة وخطاب السّيد أو الفلاشات الجهاديّة أو صور الشهداء. هذه المادّة تصنع الصورة في السّيميولوجي (الرمزية).

فيما قدّم إعلام حزب الله نموذجاً عن صورة الإسلام الأصيل حتّى في أدقّ التفاصيل الخاصة بالملبس والحشمة مثلاً والابتعاد عن الابتذال. وصلت هذه الصورة بطريقة حضاريّة ساهم فيها رموزنا وقياداتنا.

•الهويّة الجهاديّة
استطاع حزب الله أن يجعل الجمهور الموالي كتلة متراصّة صلبة؛ بحيث إن انتصار عام 2006م كان مثالاً على اختبار مدى مبايعة وموالاة هذا الجمهور لهذا الخطّ والنّهج، وخطاب "يا أشرف الناس وأكرم الناس" كان خير دليل. ونجح حزب الله في تقديم رسالته الجهاديّة والعقائديّة والتّضحويّة الحسينيّة.

•الهويّة الثقافيّة الاجتماعيّة
انحدر إعلام أوروبا وأميركا إضافة للعالم العربيّ بعد العام 2000م لناحية الخطاب الشعبويّ الذي يتكلّم عن الشخصيّات والمذهبيّات. ودخل مؤخّراً ما يدعى بالأخبار الناعمة، وراحت المحطّات الكبرى في هذا الاتّجاه، إمّا عبر برامج الدّمى أو البرامج الإخباريّة الساخرة. إعلامنا الإسلاميّ لم يذهب في هذا الاتّجاه، فنحن ملتزمون بمبادئنا وثقافتنا الإسلاميّة التي لا يمكن التخلّي عنها.

•الإبداع في أداء الرّسالة
هناك ما يدعى الإبداع في التبليغ، وقد ذكره السّيد القائد دام ظله سابقاً. الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ﴾ (القصص: 51)؛ أي أنّ عمليّة الإيصال هي أساس. والإيصال له علاقة باللّغة والأسلوب، وله علاقة بالموضوعات والمضامين التي ينبغي أن تعرض. الناس الآن تبحث عن موضوعات جديدة لها علاقة بمجتمع المقاومة والناس وحياتهم ومشاكلهم. مسلسل النبيّ يوسف عليه السلام على سبيل المثال هو من روائع الفنّ الإبداعيّ الإيرانيّ. هناك بعض الثغرات الخاصّة بالأسلوب في ما يتعلّق ببرامجنا الثقافيّة الاجتماعيّة، من حيث عناوين الموضوعات العامّة جدّاً، فعلينا أن نذهب نحو التخصيص وأن نختار الأساليب الجاذبة.

لا يمكــن التغاضي عن موضوعات الخطوط الناعمــة المتعلّقــة بالعــلاقات الاجتماعيّة كليّاً كونها موجودة؛ لذا يجب العمل على تجديد الموضوعات والعمل على منظومة القيم وكيفيّة تظهيرها وتقديمها. للموسيقى أيضاً دور كبير، وعلينا العمل على التجديد والإبداع في المادّة الخاصّة بنا، بدءاً من القصّة التي يقول السّيد القائد دام ظله أنّها الأهمّ.

•الإعلام: مرآة الواقع
المطلوب أيضاً معايشة الواقع، يوجد العديد من البرامج الاجتماعيّة الهادفة التي يمكن أن تُعالَج موضوعاتها تحت إطار الثقافة الإسلاميّة، كالمواضيع المتعلّقة بالمرأة، والشباب.. إنّنا نعاني من التشدّد في الأمور التفصيليّة، في الوقت الذي تتناول فيه بعص المحطّات والبرامج قيمنا وثقافتنا. هذه الثقافة النّاعمة التي تخترقنا تصيبنا في صميم قيمنا في حين نخجل عن الرد تحت اعتبارات لا أساس لها أحياناً.
في الكوميديا، يجب العمل على استقطاب الناس المبدعين والعمل على التنوّع والتغيير.

ختاماً، إنّ إعلامنا حزين، يتناول جراح الأمّة. وهذا الأمر مهمّ، لكن يجب أن لا يطغى على الحالة العامّة. أحد الإخوة الإيرانيين في زيارة له لإحدى المحطات التلفزيونية قال: "أنتم بحاجة إلى شيء من الفرح الثوريّ، فيه عزّة وكبرياء".

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع