محمد تقي رهبر
عندما يتم التحدث عن الإعلام كعامل لنقل وسعة وتطور الفكر والعقيدة والاتجاه، فلا بد من التعريج على استراتيجية هذا الإعلام لأنها إحدى ركائزه.. وقد أنهينا في الموضوع السابق التحدث عن استراتيجية التبشير في التبليغ، ونتابع هنا لنتعرض لاستراتيجية كل من الصهيونية والامبريالية العالمية والماركسية.
2- استراتيجية اليهود في التبليغ والإعلام
من المشهور أن الدين اليهودي من الأديان التي لم تهتم بالتبليغ وقد قسم بعض الغربيين الأديان إلى قسمين: أديان تبليغية، وأديان غير تبليغية.
الإسلام والمسيحية والبوذية تقع في القسم الأول، واليهودية والزردشتية والبرهمائية تقع في الثانية. ونحن الآن لسنا بصدد التحقيق حول هذا الموضوع، لأنه إذا كان المقصود من اليهودية شريعة النبي موسى فمما لا شك فيه أن كل نبي اتبع أسلوباً معيناً من تبليغ رسالته وأما إذا كان المقصود أتباع الدين اليهودي فهذا شأن آخر لأن اليهود لم يتركوا وسيلة مخربة إلا اتبعوها للترويج لأفكارهم ومعتقداتهم والقرآن الكريم في هذه الآيات يخبرنا عنهم:
﴿وقالوا كونا هودا أو نصارى تهتدوا﴾ (البقرة، 135).
﴿من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه﴾ (النساء، 46).
﴿وقالت اليهود ليست النصارى على شيء﴾ (البقرة، 113).
﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم﴾.
﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود﴾.
لذلك لا يمكننا القول أن اليهودية ليست شريعة تبليغية بل نقول أن لها طريقة خاصة في التبليغ وتستعمل أسلوباً وتكتيكاً خاصاً لذلك. وبشكل إجمالي يمكن وصف منهجهم التبليغي بـ"الاستراتيجية التبليغية المخربة".
فالقتل وإشاعة الفساد والقسوة مزروعة في ذات اليهود والقرآن الكريم أخبرنا عنهم، كيف كانوا يقتلون أنبياءهم.
﴿أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون﴾.
وأيضاً:
﴿... فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين﴾.
وهذه الآية الشريفة أيضاً نزلت فيهم:
﴿إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم﴾.
إن أعمال اليهود الخبيثة مع أنبيائهم ومع السيد المسيح عليه السلام، والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. وفي عصرنا هذا، لا يمكن أن يمحوها العفو الذي أصدره الفاتيكان قبل مدة تحت ضغط اليهود وبرأهم فيه من دم السيد المسيح.
إن تبليغ وإعلام هذا الشعب العنيد وإشاعته للفتنة قديم قدم الزمان فكلنا يذكر كم دسّوا بين المسلمين حين حول الرسول القبلة إلى الكعبة المكرمة وبعدها كيف حاولوا إشعال نار الفتنة القديمة بين قبيلتي الأوس والخزرج التين وحدهما الإسلام وكيف نقضوا العهود ودخلوا مع المشركين في حرب الخندق وكيف وضعوا أحاديث مفتلعة سميت بالإسرائيليات والكثير من أعمالهم التخريبية.
* اليهود والماسونية
تعتبر الماسونية من أقدم وأخطر المنظمات اليهودية ويقول البعض أن تأسيسها يعود إلى عهد السيد المسيح عليه السلام وقد حالك اليهود من خلالها الفتن والمؤامرات ضده ومنذ ذلك الزمن وحتى الآن تعمل هذه المنظمة وتحت شعارات ظاهرها جميل (الأخوة، الحرية، والمساواة) أو (الاتحاد والترقي).
وباطنها يختزن الفتن والتخريب اليهودي.
جددت هذه المنظمة هيكليتها سنة 1717م في مؤتمرٍ عقدته في لندن، جمع الكثير من مفكري !!! ومثقفي اليهود في كل العالم.
أما الأهداف القريبة للمنظمة فهي:
1- جذب مجموعات كبيرة من الناس لطرفها ثم توجيههم لخدمة مصالحها.
2- السيطرة على كل الأحزاب السياسية العاملة في العالم ووضعهم تحت تصرفها وفي خدمتها.
3- نشر الإلحاد والفساد الأخلاقي بين الشعوب، وقد جاء في مذكرة للمؤتمر أعلاه:"نحن لا نكتفي بانتصارنا على المؤمنين وسيطرتنا على معابدهم ودينهم، بل هدفنا الأساسي هو إزالة الدين من الوجود".
وبناءً على ذلك، فليس عجباً أن يكون"ماركس""وإنجل" من قواد هذه المنظمة، فالماركسية إذاً مولودة الماسونية، وموجة الإلحاد التي ظهرت في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي هي من صنع المنظمة الخبيثة، ف"روسو" و"والتر" و"دالماز" من روادها.
ويتضح مما سلف، أن التبليغ اليهودي لا يهدف إلى هداية الناس إلى دينهم"أي اليهودية" فالعنصرية التي تحكمهم تمنعهم من قبول أحدٍ أجنبي بينهم، ولكن هدفهم الأساسي من الأعلام والتبليغ وإخراج الناس عن أديانهم ومن ثم السيطرة عليهم ووضعهم في خدمة الشعب اليهودي فهم شعب الله المختار وكل الناس خلقوا لأجلهم.
* الصهيونية
الصهيونية حركة يهودية أخرى هدفها كما أختها السيطرة على العالم ومحور عملها تجميع اليهود في فلسطين، اسم هذه الحركة اشتق من سم جبل في فلسطين"جبل صهيون" يقول اليهود أنه كان لهم. أحد الباحثين اليهود"إيلي ليفن أوغسل" كتب حول تاريخ الصهوينية يقول: إذا دققنا في تاريخ الحركة الصهيونية فإننا سنجدها تنقسم إلى أربعة عهود ومراحل:
1- عهد التوراة، 2- مرحلة ما قبل هرتزل، 3- مرحلة هرتزل بين 1904 إلى 1918، 4- مرحلة ما بعد هرتزل.
يقول"إسرائيل إبراهامز":
"إن كل يهود العالم متفقون على أن اقومية اليهودية المشتركة لا يمكن إزالتها بالعصبيات المحلية والنظرات الضيقة، فكلنا صهيونيون، ولأنا كذلك فروح التعاون والشعور القومي ترسخت وقويت بيننا".
* الصهيونية والإعلام
لا يخفى على أحدٍ النفوذ الصهيوني في المؤسسات الخيرية والإعلامية العالمية وتدخلهم المباشر في السياسات الثقافية والعسكرية والاقتصادية لمعظم الدول وخصوصاً أميركا.
يقول الدكتور عمارة نجيب أحد أساتذة الإعلام في الجامعات العربية:"من إن الإعلام له تاريخه كفن على مر العصور إلا أن اتخاذه كعلم وفن له أصوله وقواعده المخالفة للروح الإسلامية لا يخرج عن الفكر الصليبي والصهيوني وأعداء الإسلام: فالمفاهيم الأصلية لهذا العلم قد حُرِّفت وجعل هذا التحريف المعادي قانوناً يعطوننا إياه اليوم تحت اسم"علم الإعلام والصحافة".
لذلك على علماء الإسلام اليوم التدقيق والبحث في هذا العلم لمعرفة كل خفاياه وأساليبه خصوصاً وأن اليهود قد حققوا مكاسب وانتصارات باهرة بواسطة هذا العلم وعملوا من خلف الستار على تحريف الأفكار وإفساد العقول في كل العالم واستفادوا لذلك من سلاح الإعلام أكثر من أي سلاح مادي ومعنوي آخر والآن هم بصدد تثبيت قواعد هذا العلم المنحرف كما ثبتوا قواعد علم النفس والاجتماع.
كتب أدولف هتلر في كتاب"كفاحي" يقول:
"إن اليهود الصهاينة هم الذين حركوا العمال واستغلوهم، فتحت شعارات مزيفة أوحوا للعمال بالتحرك والاعتراض ضد أربابهم وقاد اليهود هذه الحركة نحو الأهداف الصهيونية بدون أن يشعر العمال أنهم يقومون بعمل قد رُسم لهم واستعمل اليهود في ذلك الإعلام وشعارات براقة كالعدالة والإصلاح... وأيضاً استخدم اليهود الماركسية لخدمتهم وقتلوا لذلك 30 مليون إنسان، كلهم ذهبوا فداءً للأهداف الصهيونية".
واستغل اليهود الراديو والتلفزيون والجرائد والمجلات... لصناعة الرأي العام المؤيد لهم واستعملوا الأساليب غير الإنسانية كنشر الفساد الأخلاقي والانحراف الجنسي والمواد المخدرة والمشروبات الروحية و... واستقروا أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها أكبر قوة في العالم فيستطيعون بذلك التأثير على أكثر شعوب العالم. وشعر الأميركيون بالخطر القادم من اليهود، فقال"فرانكلين" أحد واضعي الدستور الأميركي محذراً:"أن أعظم خطر يواجه الولايات المتحدة هو الخطر اليهودي". ومع ذلك فإن اليهود وصلوا إلى قلب السياسة الأميركية وأصبح لهم ثقلهم الانتخابي، فالمرشح لن ينجح إلا إذا نال رضا اللوبي الصهيوني.
وباختصار نقول أن السياسة الإعلامية الغربية والأميركية بشكل خاص هي في يد الصهاينة واليهود، فأكبر حصص من الأسهم في وكالات الأنباء الأربع الكبرى (رويتر، فرانس برس، يونايتد برس، آسوشتيد برس)، يملكها يهود وتعمل ضمن الإطار العام الصهيوني وكما هو معلوم فإن أكبر جريدة في العالم نيويورك تايمز (1500000 نسخة في اليوم) يملكها رجل أعمال يهودي ومديرها صهيوني وتعطي خدماتها الإعلامية لحوالي 506 مؤسسة صحافية في العالم وتدافع هذه الجريدة عن اليهود وإسرائيل بشكل علني ووقفت إلى جانب صدام في الحرب المفروضة وفي خلال سنةٍ واحدة فقد نشرت أكثر من 75 مقالة ضد إيران.
3- الامبريالية والاستراتيجية الإعلامية
عند مراجعة القواميس أو دوائر المعرفة الغربية، نجد تعاريف ملفتة للنظر عن البروبا كاندا (الإعلام) منها:
- "الإعلام (بروبا كاندا) هو الصناعة المدروسة لأفكار الآخرين".
-"التبليغ والإعلام هو عمل لتغيير الأفكار العامة".
-"الإعلام له صيت منفر بين الناس".
بدون شك، إن هذه التعاريف التي أعطيت للإعلام نابعة من الثقافة الحاكمة السائدة في المجتمع، فقد تفاهم الناس عرفياً على ذلك. ومن ناحية العرف الإسلامي فإن الإعلام والتبليغ له قداسة خاصة فهو من عمل الأنبياء والرسل وهدفه هداية الناس أجمع إلى الخير والصلاح وأما في المجتمع الغربي فإن الناس تنظر للشخص الإعلامي نظرة تردد واحتياط وذلك يعود لطبيعة عمل الصحفي عندهم. فكما قلنا سابقاً أن الإعلام استغل بعد الحرب العالمية الأولى والثانية بشكل واسع وبأساليب مضللة جعلت الناس تشك فيه، أما السياسيون فقد صرفوا أموالاً طائلة على الإعلام ووضعوا له أسسه القائمة على دراسات في علم النفس والاجتماع وسخروا له أجهزة عدة مثل التعليم والتربية والمراكز الثقافية والرياضية والاقتصادية و...
إن دور الإعلام في الدول المتقدمة هام جداً فهو يعمل على صياغة الرأي العام في الداخل وعلى خدمة مصالح الدول الثقافية والسياسية والاقتصادية في الخارج، ولذلك نرى أن الدول الكبرى تصرف ميزانيات هائلة لهذا الجهاز. فعلى سبيل المثال أن أميركا تصرف حوالي تسعين مليار دولار سنوياً على الإعلام وهي لها حوالي 50 ألف قناة عبر الأقمار الاصطناعية، ولها راديو"صوت أميركا" الذي يملك حوالي 500 محطة إرسال في كل أنحاء العالم ويبث برامجه في حوالي 38 لغة وعلى مدار الساعة.
إن ميزانية"الوكالة الأميركية للعلاقات الدولية" والمرتبطة بوكالة التجسس الأميركية (C.I.A)، تبلغ حوالي 400 مليون دولار سنوياً وتنشر 12 مجلة في 22 لغة عالمية وكل سنة تنتج حوالي 900 فيلم سينمائي وتلفزيوني تعرض في أكثر من 100 دولة في العالم. وتنشر هذه الوكالة كل عام حوالي 5 ملايين كتاب في 25 لغة توزع في الدول النامية.
ووكالة )C.I.A( لوحدها نشرت حوالي ألفي كتاب حتى الآن وزعت في كل أنحاء العالم.
* الامبريالية والإعلام في العالم الثالث
استغلت الامبريالية الغربية عوامل الضعف في الدول النامية كالأمية والجهل السياسي والفكري وعدم استقرار الأوضاع السياسية، وشنت حملة إعلامية كبرى هدفها استعمار كل دول العالم الثالث واستثمارها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
تقول إحصائيات اليونسكو أن نسبة الأمية بين الشباب الأفريقي تبلغ 60%، وأن هناك 42 مليون نفر لا يعرفون القراءة والكتابة في آسيا، وتقول أيضاً أن لكل ألف شخص في أفريقيا يوجد عشرة جرائد، أما في آسيا فيوجد 24 جريدة وفي أوروبا يوجد 230 جريدة لكل ألف شخص.
إن هكذا شعوب تصبح أكثر عرضة للانحراف خصوصاً إذا كان الهجوم الثقافي والإعلامي المعادي قوياً وضخماً وهو كذلك. فالأقمار الاصطناعية والراديو والتلفزيون قد دخلوا كل البيوت، والأفلام التي تعرض على الشاشات كلها سموم ثقافية هدفها حرف الشعوب عن مبادئها وقبول النظام الاستعماري الغربي، وتقول الإحصائيات أن وكالات الأنباء الكبرى تصدر يومياً أكثر من 45 مليون كلمة إعلامية إلى بلدان العالم، وهنا رئيس الخدمات الدولية لـ آسوشتيد برس يقول بافتخار:"إن حوالي المليار إنسان في كل دول العالم يتلقون الأخبار والأحداث العالمية من وكالتنا".
وليكن معلوماً أن وراء كل هذه المؤسسات الإعلامية والثقافية خبراء ومتخصصين وفي مختلف المجالات (علم النفس، علم اجتماع، علم الاتصالات، العلاقات، متخصص اختراق) ومن هدفهم إقناع الطرف الآخر بصواب رأيهم ومسلكهم وهدايته لسلوك نفس الطريق وبالتالي استثماره. ومن أهدافهم الأخرى إقناع شعوبهم بصواب مسلكهم وبحق استعمار غيرهم تحت عناوين مختلفة. وهنا لا بد من ذكر نقطة هامة ألا وهي أن حكومات دول العالم الثالث قد ساعدت كثيراً في هذا الهجوم المعادي، فكان إعلامها صورة مطابقة للإعلام الوارد وزادت عليه أيضاً بأن استخدمت وعاظ السلاطين لتأييد هذا العمل من الناحية الدينية، والذي يراقب الأحداث منذ مدة يرى كيف تحالفت دول العالم الثالث مع الإعلام الغربي وصبوا كل حقدهم وادعاءاتهم ضد الحركات التحررية وخصوصاً الإسلامية منها. وهدفهم من ذلك عدم إيقاظ الشعوب المستضعفة وإظهار الحركة الإسلامية بمظهر إرهابي ومنبوذ.
كانت هذه مختصراً عما قام الإعلام الامبريالي به ضد البشر والشعوب ولسنا بصدد التوسع أكثر بل هذا غيض من فيض.
* الاستراتيجية الإعلامية للامبريالية العالمية
مع أن الامبريالية تستخدم في عملها الإعلامي كل الوسائل والأساليب من كذب وجذب وسخرية، أو ادعاء الحقيقة واللعب بالأحاسيس والمشاعر وادعاء الوضوح و... فإننا لا يجب أن نغفل عن العامل الأساسي في نجاح عملهم ألا وهو الاستعمار الثقافي وهو يشكل الكثير من الموارد؛ التعليم والتربية، الفن، الرياضة، المبادلات الثقافية، اللغة... وما إلى ذلك من المظاهر الثقافية في المجتمع. وليكن واضحاً أن سقوط هذه المقومات في أيدي المستعمر يعتبر ضربة قاسية جداً للاستقلال الثقافي وأثره أكثر ألماً من الهجوم الإعلامي، وعند التدقيق في الحركات الاستعمارية نرى كيف أن الولايات المتحدة أدخلت أنظمة التعليم عندها إلى بقية الدول وصدرَّت لهم أساتذة الجامعات بل وأسست هي جامعات خاصة بها في تلك الدول، والعمل الدؤوب على إشاعة اللغة الإنكليزية بين شعوب العالم لا يخرج عن هذا الإطار وإعطاء المنح الدراسية وتوزيع الكتب والأفلام وتبادل الوفود الثقافية يصب في هذا المنوال أيضاً.
إذاً المسألة لا تقتصر على الهجوم الإعلامي بل تتعداه إلى الاستعمار الثقافي الأكثر خطراً من أي استعمار آخر.
4- الاستراتيجية الماركسية في الإعلام
كنا قد أشرنا سابقاً إلى أن النظام الإعلامي لبلد ما لا يخرج عن إطار السياسة العامة للدولة، فالحكومة هي التي تحدد أهداف ومنهج وأساليب العمل الإعلامي بناءً على مرتكزاتها الفكرية والعقائدية، فإذا كانت المادية حاكمة على المجتمع الروسي فإن النظام الإعلامي سيكون مادياً يؤمن بمبدأ"الغاية تبرر الوسيلة" وينكر الإيمان والأخلاق ويتبع أساليب تتماشى مع مصلحة نظامه الديكتاتوري. وقلنا سابقاً أن لينين مثل هتلر يعتقد أن الإعلام قدرة وقوة سياسية في يد الدولة، وإذا كان ماركس هو أول من وضع أيديولوجية الماركسية وقد نسبت إليه، فإن لينين هو أول من وضع الهيكلية الإعلامية للشيوعية ولبلوغ ذلك اقترح تشكيل منظمة من ثلاث خلايا:
1- خلية التنظيم: وتعمل هذه الخلية على عقد وتنظيم الاجتماعات والمؤتمرات الإعلامية.
2- خلية إيجاد التوتر والتشنج: تعمل هذه الخلية بين الناس على نشر الأخبار والشائعات التي تحركهم وتجعلهم في وضع يقبلون معه بالشيوعية، وأعضاء هذه الخلية من البقالة والطلاب والحلاقين و...
3- الخلية الصحافية: وعملها جمع الأخبار وإضافة المناسب عليها! ثم نشرها بين الناس.
يقول"ويليام شرام" في تحليله للنظرية الإعلامية الشيوعية:
"إن الروس لا يعتبرون السلطة الإعلامية هي رابع سلطة في الحكم كما هي الحال في الغرب بل هي أداة في يد الحكومة الشيوعية تعمل من خلالها على ترويج النظرية والأيديولوجية الماركسية- الشيوعية ولا تستطيع أن تنشر أي شيء إلا بعد أخذ موافقة الكرملين ومع ذلك يدّعون الحرية الإعلامية وحرية التعبير".
قال لينين في إحدى خطبه:
"لماذا نعطي الجرائد حرية التعبير؟ فالنظام الذي يعتقد بأصالته وصواب مسلكه لا يحتاج إلى الانتقاد، وأن قدرة التخريب في الأفكار والمعتقدات أشد خطراً من التخريب في المتفجرات".
إن حرية وسائل الإعلام التي يتحدث عنها الدستور الروسي ما هي إلا نظريات مخالفة للواقع فباسم اشعب والحفاظ على مصالحه وحقوق الطبقة العاملة احتكر الحزب الحاكم الإعلام بأسره وسيطر عليه سيطرة تامة كما سيطر على الدولة والحكومة. وتحول العمال في هكذا نظام إلى آلة متحركة لا إرادة ولا حرية لها.
إن الحملة التي يشنها الإعلام الروسي على الأديان كبيرة جداً وخصوصاً الدين الإسلامي وقد جاء في"دائرة المعارف الثقافية الماركسية":"إن الإسلام هو أخطر الأديان وهدفه استثمار العمال وخدمة الرأسماليين وهو دين مخالف للتمدن والتقدم ومعادٍ للاشتراكية ولحركات التحرر".
ونحن هنا لسنا بحاجة للدفاع عن الإسلام في مقابل هذه الادعاءات، فالشريعة المحمدية معروفة بأحكامها القاطعة والعادلة لكل أفراد الأمة ولكن مع الأسف أن الانحراف الذي وقع في مرحلة صدر الإسلام عن هذه الشريعة الكاملة وما تصرف به بعض الخلفاء المتظاهرين بالإسلام، قد كوّن مادة إعلامية دسمة ضد الإسلام فاستغلها الأعداء الجاهلون.
إننا ننصح هؤلاء (وقد اندثروا) بمراجعة الإسلام من خلال أئمة الإسلام الصادقين. وإن اتهامهم للإسلام بناه رجعي ومخالف للتمدن، مناقض للواقع فالكثير من حضارات الشعوب المتمدنة الآن (إصلاحاً) إنما استمدت الكثير من مقومات حضارتها وثقافتها من الحضارة الإسلامية والأدلة قاطعة في هذا المجال ولا يمكن إنكارها.
يقول"روبرت بريفولت":
"لا يمكننا العثور على أي عنصر من عناصر ومقومات الرقي والتقدم في الحضارة الغربية، إلا هو مديون لبركات التمدن الإسلامي وقد استهلم رقيه منه".
أما جواهر لالنهرو فيقول:
"إن قدوم المقاتلين من الشمال الغربي للهند وجلبهم للإسلام، كان له أثر كبير في تاريخ الهند، إن طرح الأخوة والمساواة الإسلامية بين الأخلاق التي يعتقد بها المسلمون قد جذبت الكثير من المعذبين والمضطهدين في الهند إلى الإسلام".
وإننا على علم بالسِّر الذي جعل الماركسية تُكِنَّ هذا العداء للإسلام، فهو الدين الوحيد الذي وقف ويقف في وجه أطماعهم المادية وفضح لك شعاراتهم المزيفة التي استغلوا من خلالها الشعب والعمال و... وإن ما يسمونه بالمسؤولية الاجتماعية ما هو إلا احتكار للسلطة ودعم للنظام الديكتاتوري والقائم على حكم الحزب الواحد المسيطر على كل مقدرات البلاد والأمة.
* الاستراتيجية وتغيير التكتيك والأسلوب
وامسألة الأخيرة التي يجب ذكرها في هذا المجال هي أن الماركسية وبعد أن فشلت في ترويج مشروعها الإلحادي عملت على تغيير سياستها المعادية للدين فسنت قانون حرية الأديان حيث تعمل فيه الآن في أكثر الدول الاشتراكية والكثير من الدول العربية السائرة في الفلك الشرقي (سابقاً) وأصبح تكتيكهم الجديد بأن الماركسية لا تخالف الإسلام بل تلتقي معه في عدة مسائل كالاقتصاد والاجتماع، ومن هنا ظهرت فكرة"الماركسية الإسلامية" التي تُعتبر إحدى البدع الجديدة للإعلام الماركسي والمتتبع لعملية ولادة هذه الحركة والأشخاص القائمين عليها والمكان الذي ظهرت منه، يدرك اللعبة جيداً، إنه إحدى وسائل الأيديولوجية الماركسية- الاستعمارية وتهدف لاستغلال المسلمين البسطاء ولبيان المسألة أكثر نشرح الآن العوامل والدعائم الأساسية للإعلام الماركسي وهي كالتالي:
1- السيطرة الكاملة على أجهزة الإعلام
تسيطر الدولة في الأنظمة الاشتراكية على كل أجهزة الإعلام فالكل لا ينطق إلا إذا أذن له من الباب العالي، ولا نقصد بوسائل الإعلام الراديو والتلفزيون والجرائد فقد إنما يشمل كل شيء من جهاز التعليم والتربية، المدارس، الجامعات، المراكز الثقافية، مراكز الفنون، الاتحادات، الأدبيات، وما إلى ذلك.
2- إيجاد أجواء التشنيج والتوتر
إن من أهم الوسائل الإعلامية عند الماركسيين هي إيجاد أجواء التشنيج والتهيج الشعبي وقد قال لينين:"العامل الأساسي في الإعلام هو تحريك وتهيج الشعب وإيجاد التشنج بين طبقات المجتمع" وتشتغل الماركسية بهذه الحالة لتزرع بذور اعتقاداتها في الناس المضطهدين.
3- العلم والتكنولوجيا
من أجل ترويج معتقداتها، تتبجح الماركسية يومياً بالتقدم العلمي الذي تدعي أنها تحرزه وخصوصاً في علوم الفضاء وتتحدث أيضاً عن التقدم الاجتماعي الذي وصلت إليه من حيث حقوق العمال، الصحة، الصناعة، والزراعة، وما إلى ذلك مما أتعب آذاننا لكثرة سماعه وطبعاً هذا إعلام للخارج فالشعب في الداخل يعرف الحقيقة فهو يومياً يكتوي بنارها.
على أي حال فإن تمجيد الشيوعية وتحقير المجتمعات الأخرى هي إحدى وسائل الإعلام الماركسي ويقول لينين معبراً عن هذه السياسة:
"يجب علينا دائماً تحقير المجتمعات والثقافات الأجنبية وذم البرجوازية وتمجيد ومدح الشيوعية في الليل والنهار".
ولأجل إجراء هذه السياسة، فهم سعوا إلى:
أ- نشر الفلسفة المادية مكان الإلهية.
ب- تشكيل الأحزاب الشيوعية في الدول الإسلامية.
ج- تشويه صورة الإسلام.
أما الوسائل الإعلامية الماركسية فهي:
1- الجريدة: وهي أقوى وسيلة إعلامية، حيث خصص لكل طبقة، من الشعب جريدة خاصة فمثلاً هناك جريدة لفلاحين وأخرى للعمال وللمثقفين و.... كلها تحت نظر الحكومة.
2- العمل الثقافي: كل المؤسسات والمراكز الثقافية في الدول الاشتراكية تخضع لسلطة الدولة وتعمل على نشر فلسفتها وتبدأ من روضة الأطفال حتى الجامعات وكل المعاهد الثقافية والعلمية.
3- الحد من السياحة: يُمنع الشعب الروسي من الخروج من الاتحاد السوفياتي (السابقة) إلا بإذن مسبق وخاص، والهدف من هذه السياسة الحد من اختلاط الشعب مع بقية العالم، فتنكشف عندها ألاعيبهم.
4- الادعاء بالتأييد الكامل: من الأساليب الدعائية للماركسية القول بأن كل الشعب قال كذا ويقول كذا يعني مؤيد لسياستهم، بمعنى آخر يجلس اثنان أو ثلاثة فيصوغون بياناً ثم ينشرونه باسم كل الشعب وهدفهم من ذلك تهيئة الناس لقبول معتقداتهم.
5- تربية الشباب على أساس الفلسفة الماركسية، يقول ستالين:
"نحن نريد لكل الشعب أن يفكر في إطار وقلب واحد، لذلك يجب عليها إيجاد أسلوب جديد في التربية حتى نستطيع حقن الشيوعية في شبابنا، وبعبارة أخرى تريد مجتمعاً يفكر بطريقة واحدة فعندما نقنع أحدهم بأصولنا اقتنع الجميع معه".
ومن وسائلهم الإعلامية أيضاً إضافة إلى ما ورد:
أ- التسابق العلمي والتكنيكي وخصوصاً في العلوم الفضائية حيث جُعل سلماً لرقي وتقدم ونشر الماركسية.
ب- القيام بحملة إعلامية ضخمة ضد الطرق المقابلة.
ج- السخرية والتحقير لشخصيات الشعوب الأخرى.