الشيخ علي حجازي
قال تعالى:
﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ﴾ (النساء: 101).
بدأنا الحديث في العدد السابق عن الجزء الأوّل من "أحكام السفر الشغليّ" تعريفه،
وتوضيح حُكم مَن عمله السفر أو في السفر، ونتابع تفصيل ذلك في هذا العدد.
*الفصل بالبقاء عشرة أيّام
1. يشترط في استمرار حكم التمام على من تلبّس بالسفر الشغليّ أن لا يفصل بين أسفاره
الشغليّة بالبقاء عشرة أيّام في مكان واحد. فلو فصل بينها كذلك فالسفر الشغليّ
الأوّل بعدها يصلّي فيه قصراً، ثمّ يتمّ في السفر الشغليّ الثاني وما بعده.
2. إذا تخلّل الفصل بين الأسفار الشغليّة عشرة أيّام، ولكن ليس في محلّ واحد، ثمّ
سافر سفراً شغليّاً بقي على حكم التمام [فيها جميعاً].
3. المراد بالسفرة الشغليّة الأولى بعد البقاء عشرة أيّام في مكان واحد هو السفرة
الشغليّة إلى محلّ عمله، ويشترط أن تكون مسافة شرعيّة.
4. إذا سافر من بلده إلى بلد آخر للعمل، وبقي فيه مدّة، ولكن قبل مضيّ عشرة أيّام
على وجوده فيه خرج منه إلى بلد ثالث لأمر خاصّ، ثمّ رجع منه إلى العمل، فهذا لا
يَصدُق عليه أنّه فصل بين أسفاره الشغليّة بالبقاء عشرة أيّام في مكان واحد، فيتمّ
في سفره الشغليّ اللاحق.
5. إذا رجع من محلّ عمله إلى وطنه، ولكنّه لم يمكث فيه عشرة أيّام، وسافر منه إلى
مكان آخر، ولم يمكث فيه عشرة أيّام -أيضاً- وهكذا، فهذا لا يعتبر فصلاً بين أسفاره
الشغليّة بالبقاء عشرة أيّام؛ لأنّه لم يمكث في مكان واحد عشرة أيّام، وعليه فيبقى
على التمام لو سافر سفراً شغليّاً بعد ذلك.
6. لا يشترط في البقاء عشرة أيّام في مكان واحد أن تكون في بلده أو في بلد آخر،
فتُحسب عشرة في أيّ بلد، بلا فرق بين أن تكون العشرة مع نيّة أو من دون نيّة.
7. يبدأ حساب العشرة الموجبة للفصل من حين وصوله إلى المحلّ الذي يبقى فيه عشرة
أيّام، والليالي المتوسّطة (بين كلّ نهارين) داخلة فيها. وتكفي العشرة الملفّقة،
فلو وصل ظهر يوم فتنتهي العشرة عند ظهر اليوم الحادي عشر.
8. يكفي في عدم تحقّق البقاء عشرة أيّام في مكان واحد الخروج منه في أثناء العشرة
إلى خارج البلد، ولو بمقدار ساعة أو نصف ساعة، وعليه فلو بقي في مكان واحد عشرة
أيّام إلّا ساعة أو نصف ساعة ثمّ سافر سفراً شغليّاً يترتّب عليه حكم التمام.
*المسافة الشرعيّة ولوازم العمل
1. المسافة الشرعيّة أن يقطع المسافر 45 كلم امتداديّة أو تلفيقيّة.
والامتداديّة: تعني أن يكون الذهاب وحده 45 كلم، أو الإياب وحده 45 كلم.
والتلفيقيّة: هي جمع الذهاب مع الإياب، بأن يكون الذهاب 22.50 كلم على
الأقلّ ويكون المجموع 45 كلم فصاعداً. مع القصد واستمرار القصد.
2. مبدأ حساب المسافة آخر بيوت البلد الذي يسافر منه، وينتهي بالوصول إلى أوّل بيوت
بلد المقصد.
3. بين الوطنين أو بين الوطن ومكان الإقامة عشرة أيّام فصاعداً يُشترط أن تكون
المسافة امتداديّة، ولا يكفي التلفيقيّة.
4. يشترط في ترتّب حكم السفر وصوله إلى محلّ الترخّص. ويكفي في تعيينه عدم سماع
أذان البلد من الجهة التي خرج منها أو يدخل منها أثناء الرجوع. والمقصود بعدم
السماع هو عدم التمييز بين فصول الأذان، فضلاً عن عدم التمييز بين كونه أذاناً أو
غيره؛ وإن كان الأحوط استحباباً مراعاة العلامة الأخرى وهي عدم رؤية الجدران كذلك.
*السفر الشغليّ إلى المسافة الشرعيّة
1. يشترط في صدق عنوان السفر الشغليّ أن يكون السفر ذا مسافة شرعيّة، ولا يضرّ أن
يكون بعض أسفاره إلى ما دون المسافة الشرعيّة ولكنّها لا تحسب من السفر الشغليّ.
2. إذا كان متلبّساً بحكم التمام على أساس السفر الشغليّ، فبقي في مكان واحد عشرة
أيّام ففي السفر الشغليّ الأوّل بعدها يقصر، وعليه فيشترط أن تكون السفرة الشغليّة
الأولى بعد البقاء المذكور بمقدار المسافة الشرعيّة لا أقلّ.
3. إذا كان مكان عمله لا يبعد عن محلّ سكنه بمقدار المسافة الشرعيّة، ولكنّه أنشأ
سفراً شغليّاً إلى بلد آخر ذي مسافة شرعيّة كان هو السفر الشغليّ الأوّل، ويقصر
فيه.
4. إذا لم يكن بين محلّ سكنه ومحلّ عمله مسافة شرعيّة فإنّه يصلّي فيهما تماماً.
5. إذا كان محلّ عمله نفس محلّ سكنه، ثمّ عرض له السفر الشغليّ إلى المسافة
الشرعيّة كان حكمه حكم من شرع في السفر الشغليّ جديداً، فيقصر في السفرين الشغليّين
الأوّل والثاني، ويتمّ في السفر الشغليّ الثالث وما بعده ما لم يفصل بين هذه
الأسفار بالبقاء عشرة أيّام في مكان واحد، إذا كان يصدق عليه عرفاً أنه يكرّر السفر
لأجل العمل.