آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص مجتمع | "الأمّ بتلمّ" مناسبة | من رُزق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حُبّها

فلسفة خمس الفاضل عن مؤنة السنة


الشيخ محمد توفيق المقداد


من أكبر موارد الدخل من ضريبة الخمس في الإسلام هو ما يتأتى من عنوان "ما يفضل عن مؤنة الإنسان السنوية"، وهذا العنوان بحاجة إلى نوع من التحليل الموضوعي من المنظور الإسلامي لكي يكون الأمر واضحاً بشكل جلي للمكلفين ودافعي الخمس.

أولاً لا بد من تحديد الطرق والوسائل التي تجعل الإنسان يكسب المال وهذا محصور بطريقين:

الأول: أن يكون عاملاً أو موظفاً لدى الآخرين كما في موظفي الدولة حيث تكون الوظيفة جائزة شرعاً، أو كما في موظفي الشركات الخاصة، أو كالعمال في المصانع، وبمعنى آخر كل من يعمل لدى الغير ويقبض راتباً بشكل دوري.

الثاني: أن يكون لديه رأس مال يستعمله في أي نوع من أنواع التجارة أو الصناعة أو الزراعة أو غير ذلك، بحيث يعود عليه رأس المال بأرباح قليلة كانت أو كثيرة. وبعد أن يكسب الإنسان المال من أحد هذين الطريقين فهو يستعمل إما راتبه إن كان موظفاً أو أرباحه إن كان صاحب رأس مال، في أمور معاشه كالطعام والشراب واللباس والطبابة ومصاريف أخرى كأجور تعليم أبنائه، وكل ما يحتاجه الإنسان لكي يعيش ويستمر.

وهذه المصاريف كلها هي التي يُطلق عليها شرعاً اسم "المؤنة"، وما يجب أن يخمسه الإنسان هو الزائد عن مصاريفه السنوية وهو ما يُطلق عليه شرعاً اسم "الفاضل عن مؤنة السنة". فلو فرضنا أن الإنسان كان موظفاً وكان يقبض شهرياً راتباً مقداره "مليون ليرة لبنانية"، وكان يصرفه كله في حاجاته المعيشية، فهنا عندما تمر سنة كاملة من حين قبض أول راتب له لا يبقى معه شي‏ء لكي يخمسه، فهنا لا يكون لديه فائض وعليه يكون خمسه "صفراً" أي لا خمس عليه لأن ما يقبضه يساوي احتياجاته ولا فاضل لديه، وهذا يعني أن مثل هذا الموظف قد صرف خلال السنة كلها "إثني عشر مليون ليرة" ولم يجب عليه دفع شي‏ء من الخمس. أما لو فرضنا أن راتبه كان مليون ليرة، وكان يصرف منه شهرياً، ثمانماية ألف ليرة، حيث يوفر كل شهر مائتي ألف ليرة، فبعد مرور السنة من قبض أول راتب سيكون لديه فاضل مقداره (مليونان وأربعماية ألف ليرة) وهذا المبلغ هو الذي يجب تخميسه فقط، وخمس هذا المبلغ هو (أربعماية وثمانون ألفاً)، وإذا قسنا نسبة هذا الخمس المدفوع إلى مجموع ما ربحه الإنسان نجد أنه لا يتجاوز نسبة ألـ (أربعة بالمئة) من مجموع ما كسبه خلال السنة، وهذا هو ما يجب أن ننظر إليه.

نعم لو فرضنا أن الخمس يجب أن يخرجه المسلم من مجموع الإنتاج لكان في ذلك عسر وحرج، ولوقع في الشدة والضيق وعدم القدرة على تأمين احتياجاته المعيشية، لكن الإسلام لم يتعامل مع أتباعه بهذه الطريقة لأنه يريد اليسر للناس ولا يريد بهم العسر، ومن هنا كانت ضريبة الخمس على ما يبقى مع المسلم بعد أن يكون قد صرف من كسبه كل ما يحتاج إليه من أمور المعاش طوال سنة كاملة. من هنا نرى أن ضريبة الخمس لا يمكن أن تصل أبداً إلى نسبة العشرين بالمئة لأن كل إنسان يكسب مالاً لا بدّ من أن يصرفه أو يصرف قسماً منه على أمور معاشه، هذا بلحاظ ما يفضل بعد الصرف، نعم لو فرضنا لكنه فرض بعيد أن الإنسان يوفر كل ما يكسبه ويعيش على حساب غيره طوال السنة، ففي هذه الحالة يجب عليه تخميس كل ما كسبه، لكن هذا الاحتمال قليل الحصول ونادر جداً. وتبقى نقطة أخرى مهمة ويجب لفت النظر إليها وهي أن هناك فرقاً من الناحية الشرعية في الخمس بين من يقبض راتباً ليعيش، وبين من يملك رأس مال يحصل من خلاله على ربح يصرف منه وهذا الفارق هو التالي: أن الموظف أو العامل يصرف جهده وتعبه أو علمه وخبرته لتحصيل راتبه الذي يكسبه ويعيش من خلاله، وإذا بقي منه شي‏ء إلى نهاية سنته الخمسية يجب عليه كما قلنا تخميس الباقي، فلو فرضنا أن الباقي بعد التخميس بلغ (مليون ليرة)، فهذا المبلغ لو بقي بعينه إلى سنة أخرى لا يجب تخميسه مرة ثانية لأن "الخمس لا يخمَّس" لكن شرط أن يبقى هو ذاته، أما لو فرضنا أن هذا المليون قد صرفه الإنسان في أمور معاشه المحتاج إليها، ثم جاء رأس سنته الثانية وكان قد وفر مليون ليرة، فهذا المبلغ يجب تخميسه لأنه ربح جديد جاء من السنة الثانية، وليس هو نفس المليون الذي بقي من السنة الماضية، وهذا الأمر يشتبه فيه الكثير من الإخوة والأخوات الذين يلتزمون بدفع الخمس.

وأما من يملك رأس مال يستعمله لتحصيل الربح، فهذا الشخص يكون قد استعمل ماله وعرَّضه لخطر الخسارة أو ما شابه ذلك، ومع ذلك يتعب ويجهد نفسه في العمل لتحصيل الأرباح ليعيش منها، ومثل هذا الشخص لو فرضنا أنه استعمل رأس مال قدره "عشرة ملايين ليرة"، ثم في آخر سنته المالية وجد أن المبلغ الموجود عنده من مال وبضاعة كان بمقدار "خمسة عشر مليون ليرة"، فهنا يجب عليه تخميس الخمسة ملايين الزائدة فقط لأنها ربحه الصافي. وبعبارة أخرى فصاحب رأس المال يحق له شرعاً استثناء رأس ماله المخمَّس المستعمل في التجارة ويخمس الزائد عنه فقط إن كان هناك زيادة، ولا يجب عليه تخميس رأس المال أيضاً ولو تبدل خلال السنة من مال إلى بضاعة ثم إلى مال جديد وهكذا. والفارق بين الموظف والتاجر إذن هو أن الموظف يضع عمله وخبرته ثم يتقاضى بدلاً مالياً، بينما صاحب رأس المال يضع ماله وعمله وخبرته، ثم يحول المال إلى بضاعة أو آلات وما شابه من أجل تحصيل الأرباح، لأنه لا يمكن للتاجر أن يحصل على الأرباح مع بقاء المال مالاً ومن دون تحويله إلى أشياء قابلة للبيع مع ربح يعيش منه ثم يخمس الزائد من الأرباح عن رأس المال. ولإلقاء الضوء أكثر على هذين الأمرين نذكر بعض الاستفتاءات الموجَّهة إلى سماحة ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي "دام ظله" مع أجوبتها.

س‏883: هل يجب الخمس على الموظفين الذين قد يزيد عندهم شي‏ء من المال عن مؤنة سنتهم؟ مع العلم أن عليهم ديوناً نقداً أو أقساطاً؟
الجواب: إذا كان الدين حاصلاً من الإقتراض في خلال السنة لمؤنة نفس تلك السنة، أو من شراء بعض حاجيات السنة نسيئة فإنه يستثنى من الأرباح المتبقية، وإلا فالأرباح المتبقية يجب فيها الخمس.

س‏929: لو أن إنساناً لا يمتلك بيتاً للسكن، ومن أجل تأمين وشراء المسكن قام بادخار مبلغ من المال، فهل يتعلق الخمس بذلك المبلغ؟
الجواب: المال المدّخر من أرباح السنة، وإن كان لأجل تأمين مؤنة العيش في المستقبل لو مرت عليه السنة الخمسية وجب تخميسه.

س‏939: المبالغ التي ينفقها الإنسان في الأمور الخيرية كمساعدة المدارس ومنكوبي السيول والشعب الفلسطيني هل تُحسبُ من مصاريف السنة أم لا؟ يعني هل يجب علينا أداء خمسها أولاً ومن ثم نتبرع بها، أو أنها لا تخمَّس؟
الجواب: تحسب هذه الانفاقات الخيرية من مؤنة السنة في الإنفاق ولا خمس فيها.

س‏973: هل يتعلق الخمس بأصل رأس المال وأرباحه أم لا؟
الجواب: إذا كان رأس المال مما حصل عليه الشخص بالتكسب (أعم من الرواتب وغيرها) ففيه الخمس، وأما الربح الحاصل من الاتجار به فيجب الخمس في الزائد منه عن مؤنة السنة.

س‏990: شخص لم يكن لديه حساب سنوي لدفع الخمس، والآن يريد أن يفعل ذلك، وهو منذ زواجه إلى الآن كان وما يزال مديناً، فكيف يقوم بحساب خمسه؟

الجواب: إذا لم يكن عنده فيما مضى وإلى الآن ربح زائد عن مؤنة معيشته فليس عليه شي‏ء بالنسبة لما مضى.

س‏993: هل يتعلق الخمس بالآلات التي تُستعمل في التكسب؟
الجواب: حكم وسائل وآلات التكسب هو حكم رأس المال في وجوب تخميسها.

س‏1001: يوجد مال أو بضاعة مخمسة قمت بصرفها، فهل يجوز في نهاية السنة المالية استثناء شي‏ء من ربح السنة عوضاً عن المقدار المخمس المصروف؟
الجواب: لا يستثنى شي‏ء من أرباح السنة عوضاً عن المال المخمَّس المصروف.

س‏1017: كيف يتم تعيين بداية السنة لأجل دفع الخمس؟
الجواب: تبدأ السنة الخمسية لأمثال العمال والموظفين من تاريخ الحصول على أول ربح من أرباح العمل والوظيفة، وأما أصحاب المحلات فتبدأ سنتهم من تاريخ شروعهم بالبيع والشراء.

س‏1021: هل السنة الخمسية يجب أن تعتبر وتحتسب شمسية أو قمرية "هجرية"؟
الجواب: المكلَّف مخيَّر في ذلك.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع