للعلامة الشهيد مرتضى مطهري
قلما تجد كتاباً تحدث عن حقوق المرأة وغاص في تفاصيلها مثلما فعل كتاب العلامة الأستاذ الشهيد مطهري "نظام حقوق المرأة في الإسلام"، وذلك أنه درس هذه الحقوق وحللها من جميع الزوايا الطبيعية والتكوينية والإنسانية والأخلاقية والنفسية، وقدم الأدلة والبراهين على كل مذهب ذهب إليه واستشهد بأقوال علماء ومفكرين لهم باعهم في الدراسات الإنسانية والاجتماعية. فان كتابه بحق من أعظم الكتب في هذا المجال، إذ أماط اللثام عن هذه المسألة وكشف حقائقها بشكل يجعل القارئ له. يسلم تسليم موقن بحقانية قوانين وتشريعات الإسلام، وبعظمة الأهداف التي شرعت من أجلها هذه القوانين.
والكتاب عبارة عن سلسلة حلقات نشرت في مجلة المرأة المعاصرة الإيرانية سنة 1966، حين تصاعدت موجة المطالبة بتعديل القوانين المدنية بشأن الحقوق الأسرية، رد فيها المؤلف على القاضي إبراهيم مهدوي زنجاني الذي كان من أكثر المتحمسين لهذا التعديل، والذي قدم أربعين اقتراحاً بديلاً تتعارض طروحاتها مع نصوص القرآن الكريم، وأبدى استعداده للدفاع عن مقترحاته بشكل استدلالي، عبر سلسلة مقالات يقدمها للمجلة، فما كان من الشهيد مطهري- وهو المدافع عن قوانين الإسلام- إلا أن اتصل بالمجلة المذكورة معلناً استعداده للرد على هذه الاقتراحات والدفاع عن القانون المدني ضمن حدود انسجامه مع الفقه الإسلامي، شريطة أن تنشر هذه الردود النقدية في الصفحة المقابلة لمقالات السيد مهدوي، كما أعلن استعداده أيضاً للدفاع عنها بشكل استدلالي ومنطقي، فما كان أيضاً من المجلة إلا أن وافقت العلامة الشهيد على طلبه، فكان هذا الكتاب ثمرة هذه الحلقات.
يتميز الكتاب بأصالة أفكاره وغناها، ووضوح طرحه، وسلاسة تعابيره وهو يتألف من أحد عشر قسماً تناولت مواضيع مختلفة في المجال الاجتماعي والحقوقي للمرأة جاءت على الشكل التالي:
* القسم الأول: الخطبة وطلب اليد
عرض المؤلف في هذا القسم كما هو ظاهر من العنوان لمسألة الخطبة وطلب اليد في القانون المدني الإيراني الذي يسمح للرجل طلب يد أي امرأة خالية من موانع النكاح، والذي اعتبره صاحب "الأربعون اقتراحاً" إهانة للمرأة وتمهيداً لاقتناء الرجل- بما أنه شاريها- واستعباده لها، فاقترح في هذا المجال أن تكون الخطبة وظيفة كل من الرجل والمرأة حتى لا يصدق اقتناء المرأة على الزواج.
في رده على رأي الشهيد مطهري أن هذا العرف القائم منذ القدم والذي يقضي على الرجال بالذهاب لطلب يد المرأة، أكبر عامل من عوامل حفظ اعتبار المرأة وحرمتها، وذلك نظراً لطبيعة كل من الرجل والمرأة التكوينية التي جاءت بالرجل على شكل طالب وعاشق، وبالمرأة على شكل مطلوب ومعشوق، فجبرت ضعف المرأة الجسمي مقابل قوة الرجل الجسمية، ومنحت المرأة امتيازاً عظيماً، وذلك أن طبيعتها لا تتناسب ومتابعتها لخطبة الرجل.
ومن هنا فإن الأمر لا يتعلق بالقانون المدني، بل هو مرتبط بقانون الإبداع والخلق، كما بين خطل القول، بأن طلب يد المرأة هو عبارة عن ابتياعها لتصبح مملوكة لدى الرجل، بتساؤله: "هل أن كل مبتاع ينتهي أمر معاملته إلى نوع من المالكية والمملوكية؟ فالطالب والمتعلم مبتاع للعلم والمعلم، ومحب الفن مبتاع للفنان، فهل يتحتم أن نطلق على علاقة هؤلاء اسم المالكية ونعدها حينئذٍ متعارضة مع اعتبار العلم والعالم والفن والفنان؟
* القسم الثاني: الزواج المؤقت
في بداية هذا القسم تناول المؤلف الهجمة الكبيرة التي يشنها أعداء الإسلام لتشويه صورته المشرقة عن طريق انتقاداتهم لتشريعه الزواج المؤقت، وبيّن سادته لإثارة هذه الشبهات لاعتقاده أن هذا المنهج الإلهي المقدس يتجلى ويعلو ويشرق عبر تلك الناحية التي تتعرض فيها للهجوم بشكل أكبر.
بعد ذلك عرض لنقاط الاشتراك والاختلاف بين الزواجين الدائم والمؤقت، ليتساءل بعدها عما إذا كان الزواج المنقطع يتعارض على حد قول محرري مجلة المرأة المعاصرة- مع مقام المرأة الإنساني، ويتنافى مع روح البيان العالمي لحقوق الإنسان؟ وهل يتطابق مع مستلزمات زمننا المعاصر أم لا؟.
في ضوء إجابته على هذه الأسئلة، طرح الأستاذ الشهيد موضوع الزواج المؤقت والحياة المعاصرة، حيث تعقدت أساليب وطرق الحياة، وأصبحت تكاليف ومستلزمات الزواج شاقة، خصوصاً بالنسبة إلى الشباب الذين لا زالوا يتابعون دراساتهم الجامعية، ولا يستطيعون الزواج، فرأى أن الحل بالنسبة لهؤلاء يراوح في صورة عدم استطاعتهم إغفال هذه الحاجة الطبيعية والرهبنة- بين أمرين:
أ- إفساح المجال أمام الشباب والفتيات لإشباع رغباتهم عن طريق العلاقات اللامشروعية والقبول بمبدأ الإباحية الجنسية.
ب- الزواج المنقطع والمؤقت الذي يحول دون ارتباط المرأة الواحدة بأكثر من رجل، والذي يستلزم أيضاً ارتباط الرجل بامرأة واحدة إلا في حال عدم تعادل الجنسين سكانياً.
وهكذا يطوي- على حد تعبير المؤلف- الفتى والفتاة مرحلة دراستهما دون أن يتحملا أعباء الرهبانية المؤقتة ونتائجها، ودون أن يسقطا في وحل الإباحية الجنسية.
والجدير ذكره أن الزواج المنقطع لا يختص في حالة الدراسة والتحصيل العلمي، بل يتحصل في ظل ظروف أخرى أيضاً تفرضها طبيعة الحياة.
هذا وقد اعترف كل من الفيلسوف الغربي "راسل" والقاضي "ليندزي" بأن الزواج الدائم والاعتيادي لا يفي بكل الحالات الاجتماعية، ولذا قدما حلاً لهذه المشكلة تحت عنوان "زواج الصداقة".
بعد ذلك عرض المؤلف للاعتراضات التي قامت على قانون الزواج المؤقت فردها وبيّن تهافتها وعدم استنادها إلى ركن وثيق.
هنا انتقل المؤلف إلى عرض نقطة ضعف سجلها الغربيون على الشرقيين ألا وهي "ظاهرة الحريم" فاعتبروا أن الزواج المؤقت ما هو إلا دعوة لهذه الظاهرة.
وبالعودة إلى أسباب بروز ظاهرة الحريم رأى المؤلف أن هذه الظاهرة تعود إلى سببين: الأول، الحفاظ على تقوى وعفاف المرأة، والثاني، فقدان العدالة الاجتماعية والثراء الفاحش الذي كان يعيشه بعض الناس في مقابل القحط والحرمان والعوز الذي كان يحياه البعض الآخر.
وعن عدم تأثير الزواج المؤقت على هذه الظاهرة يقول الشهيد: "إن إطلالة عامة على التاريخ تثبت أن قانون الزواج المؤقت، ليس له أدنى تأثير على بروز ظاهرة الحريم، فخلفاء بني العباس والسلاطين العثمانيون أكثر الخلفاء شهرة في التوفر على الحريم، ولم يكن أياً منهم قد استغل قانون الزواج المؤقت، إذ لم يكونوا أتباع المذهب الجعفري. والسلاطين الذين انتسبوا للمذهب الجعفري، رغم أنهم حاولوا استغلال هذا القانون على طريق جمع الحريم، إلا أنهم لم يبلغوا أدنى ما بلغه الخلفاء العباسيون والسلاطين العثمانيون على هذا الطريق، وهذا الوضع التاريخي يدلنا على أن ظاهرة الحريم تستبطن عللاً اجتماعية أخرى غير مسألة الزواج المؤقت".
بعدها أشار العلامة الشهيد إلى أن الأديان السماوية وخصوصاً الإسلام، لم تأل جهداً في الدعوة إلى محاربة الطيش ومجانبة الهوى والشهوة، ودعا الإسلام إلى إشباع الرغبات عامة وفق الحاجة الطبيعية للفرد، وذلك رداً على من سوّلت له نفسه الاصطياد في الماء العكر، والتصوير بأن الإسلام بتشريعه الزواج المؤقت يدعو إلى الطيش والهوى.
وفي مقارنة بين دنيا الأمس ودنيا اليوم وما استجد في مسألة ظاهرة الحريم، أشار المؤلف إلى أن دنيا اليوم قد ألغت ظاهرة الحريم، إلا أنها عملت عملاً آخر. فقد ناهضت عامل التقوى والعفاف. فقدمت أكبر الخدمات للرجل عن هذا الطريق إذ لم يعد بحاجة إلى أموال هارون الرشيد والفضل بن يحيى البرمكي حتى يتوفر على الحريم، بل أصبح بإمكان أي رجل الحصول على أنواع الملذات والشهوات عن طريق ارتياد المطاعم والملاهي والفنادق التي أصبحت أكثر استعداداً لخدمة الرجل في هذا المجال.
ولا شك أن الخاسر الوحيد في كلا لعصرين، هو المرأة المسكينة والمغرر بها، وفي نهاية هذا القسم أشار المؤلف إلى أن الزواج المنقطع إنما منع وحرم في زمن الخليفة الثاني حيث قال هو بنفسه: "متعتان كانتا على عهد الرسول صلى الله عليه وآله و سلم وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء". فحاول تفسير وشرح هذا المنع وأسبابه، فتبنى رأي العلامة كاشف الغطاء الذي ذهب إلى القول "إن منع الخليفة إنما صدر لتصوره أن مسألة الزواج المؤقت من المسائل التي تدخل في دائرة صلاحيات ولي الأمر، والتي يمكنه أن يعمل قراره فيها وفقاً للمصلحة الاجتماعية في عصره". فاتخذه المسلمون نظراً لنفوذ شخصية الخليفة كحكم ثابت.
هذا دون أن يحكما- العلامة كاشف الغطاء والشهيد مطهري- أو يعلقا سلباً أو إيجاباً على الموضوع كما بين في هذا المجال دعوة أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام أصحابهم إلى إحياء هذا القانون وهذه السنة خشية إغفالها وتعطيلها.
* القسم الثالث: الاستقلال في اختيار المصير
في هذا القسم عرض المؤلف للكلام عن استقلالية المرأة في الإسلام وحريتها في تقرير مصيرها، إذ رفع الإسلام السيطرة المطلقة للآباء عن المرأة وحررها بشكل كامل وأعطاها اعتبارها واستقلالها الفكري، واعترف لها بحقوقها الطبيعية، وذلك بعد أن لاحظ الخصوصيات النفسية في كل من الرجل والمرأة، فصنع المدهش في هذا المجال.
بعد ذلك عرج المؤلف إلى الكلام في هذه المسألة على نوعين:
أ- اشتراط إذن الأب فيما إذا كانت البنت بكراً.
ب- عدم اشتراط إذن الأب فيما إذا كانت البنت ثيباً.
وهذا هو رأي الفقهاء المتقدمين في مقابل أكثر الفقهاء المتأخرين، وهو ما تبناه القانون المدني الإيراني لمراعاته الاحتياط وكان عليه رأي الأستاذ الشهيد.
إلا أن الشهيد قبل أن يشرع في تفسير وتبيين الهدف من هذا التشريع أشار إلى ملاحظة هامة وهي سلب التشريع الإسلامي سلطة الأب في تزويج بناته، في حال امتناعه عن التزويج دون مبرر وجيه. وتتمتع البنت في هذه الحالة باتفاق فقهاء الإسلام- بالاختيار الكامل في الزواج بمن تشاء.
ولا يعني اشتراط إذن الأب في الزواج البكر الرشيدة- يضيف الشهيد- "كون التشريع لا يجد للبنت أهلية، ويرى إنها أقل رشداً اجتماعياً من الرجل" وإلا "ما الفرق بين الثيب التي تعمر 16 عاماً والباكر التي تبلغ الثامنة عشر" إذ سمح للأولى بالزواج دون اشتراط إذن أبيها، ولم يسمح للثانية بذلك؟! ثم استقلالها الاقتصادي حيث سمح لها بالتصرف بأموالها وعقد الصفقات التجارية دون إذن أبيها.
فلا يبقى هنا سوى أن يكون هذا التشريع مرتبط من جهة بالجانب النفسي لشخصية المرأة المعروفة بسرعة تصديقها وإخلاصها للرجل، والتي لم تخبر الرجال بعد وتحتاج لمشاورة أبيها وكسب موافقته، لما له من خبرة بنفسيات وأحاسيس الرجال، ولما يتوخاه من سعادتها ومصلحتها، ومن جهة أخرى بالجانب النفسي لشخصية الرجل وبسلوكه الطامح لاستغلال المرأة.
* القسم الرابع: الإسلام والتحولات الحياتية
في هذا القسم عرض المؤلف للكلام عن الإسلام ومستلزمات الزمان، ورد على الاعتراضات التي تذهب إلى أن الإسلام دين ثابت والحياة متطورة، فكيف يمكن للقوانين الثابتة أن تحكم الحياة المتطورة؟ وإن القوانين الاجتماعية تأتي عادة لتلبية الحاجات البشرية المتطورة، فينبغي أن تكون هذه القوانين متطورة متغيرة، فكيف للقوانين الإسلامية الثابتة أن تلبي هذه الحاجات؟
في رده على هذا الاعتراض يقول الشهيد: "ومن حسن الصدف أن يكون أحد جوانب إعجاز رسالة الإسلام، الذي يفتخر به كل مسلم بصير هو أن الإسلام جاء بقوانين ثابتة ليلبي بها الحاجات الفردية والاجتماعية الثابت، كما جاء بقوانين متكيفة منسجمة مع الحاجات المتطورة الزمنية".
والدين الإسلامي هو أكثر الأديان انسجاماً مع التطور والتقدم وأكثرها تطابقاً مع صور الحياة المتغيرة، وسر هذا الانسجام يكمن في عدة أسباب منها:
أ- لم يتناول الإسلام في تشريعاته الصورة الظاهرية للحياة، التي ترتبط بشكل تام بمستوى المعرفة البشرية، بل اهتم التشريع في أحكامه بمضمون وروح وهدف الحياة، بتعين أفضل الأساليب التي ينبغي للإنسانية أن تسلكها للوصول إلى ذلك الهدف.
ب- شرع الإسلام قوانين ثابتة لتلبية الحاجات الثابتة، كما أخذ باعتباره الحاجات المتغيرة، ليستجيب لها ضمن إطار متغير.
ج- الجانب العقلاني في هذا الدين، حيث يقدم الإسلام في كل تعاليمه المصلحة العليا والأهم على المهم.
د- اعتماد الدين الإسلامي على قواعد جاءت في متنه لتؤدي دور ضبط وتعديل القوانين الأخرى. وهذه نظير قاعدة: "لا حرج" وقاعدة "لا ضرر".
وأخيراً هناك عامل الاجتهاد الذي هو بمثابة القوة المحركة للإسلام والمجيب على كل الواردات المستجدة في كل عصر.
* القسم الخامس: المركز الإنساني للمرأة في ضوء القرآن:
في هذا القسم عالج المؤلف القيمة الإنسانية التي جعلها الإسلام للمرأة ورد على الشبهات القائلة بأن الإسلام أهان المرأة وجعلها أقل قيمة من الرجل لاعتباره إياها إنساناً ناقصاً، وذلك أنه لم يجعلهما متشابهين في الحقوق والمهمات والمسؤولية، فعرض لوجهة النظر الإسلامية بشأن مركز المرأة الإنساني من زاوية الخلق والتكوين، والتي لا تقل أهمية عن الرجل، ورد كل الشبهات في ذلك، والتي ذهبت إلى القول بأنها موجود ناقص وإنها سبب الغواية وكل شر، وإنها خلقت من ضلع آدم... إلخ.
ثم عمد بعد ذلك إلى بيان الهدف من الاختلافات التكوينية في كل من الرجل والمرأة، وأخيراً الفلسفة التي ترجع إليها هذه الاختلافات والتي أدت إلى أن يكون لهما وضع غير متشابه في بعض المواقع.
يقول الشهيد في هذا المجال أن الإسلام يقر مساواة الرجل والمرأة في الحقوق، لكنه يرفض تشابههما فيها، وذلك لما فيه من ظلم وإجحاف بحق المرأة التي تختلف تكويناً عن الرجل، ذلك الاختلاف الذي يستلزم الاختلاف في الوظائف والمسؤوليات الملقاة على عاتق كل منهما، والتي شرعها الإسلام مراعياً فيها قدراتهما الجسمية والروحية.
ويضيف الشهيد: "إن المرأة إذا أرادت أن تتوفر على حقوق مساوية لحقوق الرجل، وسعادة تعادل سعادته، فالطريق لذلك ينحصر في إلغاء التشابه في الحقوق من الحسب، والإيمان بحقوق للرجل تناسب الرجل، وحقوق للمرأة تناسب المرأة، وعن هذا الطريق وحده يتوثق الارتباط الحميم بين الرجل والمرأة وتتمتع المرأة بسعادة تعادل سعادة الرجل، بل أكبر".
ومن هنا فإن عدم التشابه في الحقوق بين الرجل والمرأة يتطابق بشكل أفضل مع العدالة ويضمن السعادة الأسرية بشكل أحسن، ويتقدم بالمجتمع إلى الأمام بصورة أفضل.
إن العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق لا تعني تشابههما في ذلك، بل تفرض مراعاة الاختلافات التكوينية والطبيعية بينهما
بعدها عرض المؤلف للكلام عن الكرامة والحقوق الإنسانية فعرض للكلام عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخصوصياته، ثم عرض إلى الكلام عن انحطاط وسقوط الإنسان في ضوء الفلسفة الغربية، الذي نسي نفسه ونسي ربه، وحصر اهتمامه مرة واحدة بعالم الحس والمادة.
* القسم السادس: الأسس الطبيعية للحقوق الأسرية
تناول المؤلف في بداية هذا القسم الكلام عن الحقوق الطبيعية الاجتماعية لبني الإنسان، فرأى أن هذه الحقوق، "يتساوى فيها أفراد الإنسان جميعاً، ولكل واحد منهم الحق في العمل والمشاركة في معركة الحياة، وذلك نظراً لاختلاف وتفاوت استعداداتهم وقابلياتهم.
وبالانتقال إلى الحقوق الأسرية وطبيعة الحقوق المفترضة فيها رأى العلامة الشهيد أن هناك افتراضين:
الأول: أن تكون الأمومة والبنوة والأبوة والزوجية شأنها شأن سائر العلاقات الاجتماعية والعملية بين الأفراد في المؤسسات العامة.
الثاني: أن تكون هذه الحقوق متفاوتة بين الرجل والمرأة والأبناء، ولكلٍ منهم حقوق خاصة معينة. وهذا الافتراض ينسجم مع النظرة الإسلامية في ذهابها إلى عدم تشابه الحقوق الأسرية للرجل والمرأة.
ولمعرفة أي الافتراضين هو الأصح والأسلم، ما علينا سوى مراجعة الاستعدادات والحاجات الطبيعة للرجل والمرأة، والمزايا الطبيعة التي منحتها الطبيعية لكل منهما.
* القسم السابع: التفاوت القائم بين الرجل والمرأة
هنا عرج المؤلف لبيان الاختلاف في تكوين كل من الرجل والمرأة، وعمد أيضاً إلى بيان نوعية هذا الاختلاف التي هي أعمق من الاختلاف بين الجنسين والتي تستدعي بالتالي فرض حقوق وواجبات مختلفة على كل منهما.
هنا نذكر لطيفة أشار إليها الأستاذ الشهيد في تناوله لموضوع التفاوت واختلاف في التكوين، حيث رأى أن هذه الاختلافات من أبرز عجائب الخلق والتكوين ورأى فيها درساً من دروس التوحيد والألوهية، وآية ومؤشراً على النظام الحكيم المتقن الذي يحكم العالم، ونموذجاً واضحاً لانعدام الصدفة في حركة الخلق، ودليلاً جلياً على استحالة تفسير ظواهر الكون دون علة غائية لها.
ويضيف الشهيد قائلاً: "وهناك حيث يتطلب بقاء وإدامة النوع تعاون ومشاركة الجنسين، خصوصاً في النوع الإنساني، ولأجل أن يدفع جهاز التكوين هذين الجنسين ليعين كل منهما الآخر طرح أساس الوحدة والاتحاد، وقام بفعل بدّل فيه حب الذات وطلب المنفعة- الذاتيين لكل ذي حياة- إلى تعاون وإيثار، وجعل كل من الجنسين يترضى العيش والسكن مع الآخر.
ولأجل أن يكون طرحه عملياً بدرجة أكبر، ويتحد الروحان والجسمان بشكل أفضل، خلق جهاز التكوين اختلافات مدهشة بين الجسمين والروحين، وهذه الاختلافات هي التي تخلق أعلى درجات للتجاذب بين الجنسين، وتجعل كلا منهما عاشقاً ومريداً للآخر"...
* القسم الثامن: المهر والنفقة
في هذا القسم انتقل المؤلف للكلام عن المهر والنفقة، فشرع بالحديث عن المهر وكيف صار سنة، وما هي فلسفته، وكيف أقره الإسلام، وألغى كل متعلقاته التي لا تعود بفائدة على الزوجة كأخذ الأب للمهر أو لجزء منه.
ثم توصل بعد ذلك إلى القول بأن: "بروز ظاهرة المهر جاء نتيجة تخطيط حاذق في جوهر الخلقة البشرية، بغية توازن علاقات الرجل والمرأة، وأحكام هذه العلاقات مع بعضها".
فإن لدور الحب والانجذاب بين الجنسين، بالإضافة إلى اختلاف أحاسيس الرجل عن المرأة وكون الرجل أكثر شهوة من المرأة، كل من هذه العوامل مكنت المرأة رغم ضعفها من جلب الرجل إليها بوصفه الطالب، ودفعت الرجال ليتنافسوا عليها فيما بينهم. ونظراً لصعوبة حصول الرجال عليها برزت ظاهرة الحب العذري، التي دفعت العشاق ليلاحقوا عشيقاتهم، ويقدموا بين أيديهن هدية حين الزواج كدليل على حبهم وصدقهم.
ومن هنا فإن "المهر مادة من مواد لائحة صيغت موادها في صلب الخلق والتكوين وأعدت بيد الفطرة".
وهكذا فإن المهر ما هو إلا هدية ونحلة يقدمها الزوج بين يدي الزوجة عبارة عن حبه ووفائه وصدقه. قال تعالى: ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾.
بعدها انتقل إلى الكلام عن موضوع النفقة الذي ليس هو مقابل استخدام الرجل للمرأة واستحواذه على نتائج عملها ونشاطها الاقتصادي، وذلك أن الإسلام شرع النفقة في حين أعطى للمرأة حريتها الاقتصادية وجعل لها حق التصرف في أموالها، وأعفاها من نفقات الأسرة والسكن.. إلخ. فأظهر من خلال إثارة هذا التساؤل وجود فلسفة أخرى لها.
إن الطبيعة التكوينية التي تحمّل المرأة الأم الحمل والولادة ورعاية الأطفال، وتوفر للرجل قدرة أكبر على العمل تؤيد وتؤكد وجوب النفقة على الرجل
وفي مقارنة بين الحرية التي أعطاها الإسلام للمرأة قبل ثلاثة عشر قرناً، وبين الحرية التي أعطاها الغرب لها حديثاً، ذكر العلامة الشهيد بعض نقاط الاختلاف بين النهضتين هذه هي:
1- لم ينطلق الإسلام في منحه المرأة استقلالاً اقتصادياً إلا من بعده الإنساني والإلهي وحبه للعدالة وليس هنا منطلق آخر نظير أطماع رجال الأعمال الانكليز الذين سنوا القوانين المذكورة كي يملأوا بطونهم.
2- منح الإسلام المرأة استقلالاً اقتصادياً إلا أنه لم يهدم كيان الأسرة، ولم يزلزل أسس بنائه، ولم يدفع النساء للتمرد على أزواجهن، أو الفتيات للتمرد على آبائهن بل صنع الإسلام في ذلك ثورة اجتماعية عظيمة في غاية الهدوء ودون ضرر أو أذى.
3- إن ما صنعه عالم الغرب- كما يقول ول ديورانت- هو أن صيَّر المرأة في عبودية واستهلاك المحلات والمعامل، بعد أن أنقذها من عبودية واستهلاك المنزل وغيرهما، وأجبر الرجل على تأمين تكاليف معيشتها ومعيشة الأسرة.
أما عن فلسفة النفقة، فقد رعى الإسلام كما أسلفنا- الطبيعة التكوينية لكل من الرجل والمرأة والتي حملتها دورين مختلفين عن بعضهما فآلام ومتاعب الزواج من الحمل والولادة ورعاية الأطفال، مضافاً إلى الأم العادة الشهرية كل ذلك يؤدي إلى ضعف طاقة المرأة البدنية والعضلية، وبالتالي يضعف طاقتها على العلم والاكتساب.
كما أن عدم تساوي الرجل والمرأة في القدرة على العمل والإنتاج الاقتصادي يشكل عاملاً من عوامل وجوب إنفاق الرجل على المرأة.
وهناك علة أخرى تضاف إلى ما تقدم هي كون حاجة المرأة إلى المال والثروة أكثر من حاجة الرجل لهما، نظراً لحاجة المرأة الأساسية إلى التجمل والزينة، ما يتطلبه ذلك من نفقة تفوق عند المرأة العادية أضعاف ما ينفقه الرجل.
مضافاً إلى ذلك فإن بقاء المرأة يعني بقاء جمالها وحيويتها، وهذا يستلزم أن تتمتع باستقرار أكبر وتبتعد عن الإرهاق وتمارس عملاً يسيراً.
ومن هنا، فليست مصلحة المرأة وحدها، بل مصلحة الأسرة أيضاً تقتضي أن تعفى المرأة من العمل الإجباري الاستهلاكي لكسب معاشها.
* القسم التاسع: الإرث
في هذا القسم عرض المؤلف خلاصة عن إرث المرأة في العالم القديم، تناول بعدها أسباب حرمان المرأة من الإرث والتي يأتي على رأسها، الحيلولة دون انتقال الثروة من أسرة إلى أسرة، إذ كانوا لا يعتبرون أولاد البنت أبناء لهم.
بعد ذلك عرض لجملة أنواع من الإرث منها إرث المتبني وإرث المعاهد، وإرث المرأة، ليتناول بعد ذلك إرث المرأة في إيران الساسانية، وإرث المرأة من وجهة نظر الإسلام، مبيناً علة نقص سهم المرأة منم الإرث عن سهم الرجل، إلا وهو وجوب المهر والنفقة لها من قبل الرجل، فجبر الإسلام هذا التحمل عن طريق الإرث.
كما رد الشهيد في هذا القسم شبهات بعض المغرضين الذي تساءلوا: عن ضرورة جعل سهم المرأة أقل من سهم الرجل وجبر هذا النقص عن طريق المهر والنفقة؟ ولم لا نجعل سهم المرأة من الأساس معادلاً لسهم الرجل، فلا نضطر حينذاك لجبره عن طريق المهر والنفقة.
ورد الشهيد على هذا الاعتراض كان بنقطتين:
الأولى: إنهم جعلوا العلة محل المعلول والمعلول محل العلة، لقد تخيل هؤلاء أن المهر والنفقة مطول لوضع المرأة الخاص في الإرث غافلين عن أن وضع المرأة في الإرث معلول للمهر والنفقة.
الثانية: تخيل هؤلاء أن الأمر حين تشريع المهر والنفقة كان ذا جنبة مالية واقتصادية بحتة ولو كان كذلك أمكن أخذ اعتراضهم بعين الاعتبار، في حين أنه أخذ بعين الاعتبار نواحي متعددة، بعضها طبيعي وبعضها نفسي كما أشرنا آنفاً في موضوع المهر والنفقة.
* القسم العاشر: حق الطلاق
تناول المؤلف في هذا القسم الحديث عن ارتفاع نسبة الطلاق في الحياة الحديثة من خلال استطلاع نشرته إحدى الصحف الإيرانية نقلاً عن إحدى الصحف الأميركية حيث صورت الأخيرة الارتفاع الكبير في نسبة الطلاق في أميركا.
بعدها عرج الكاتب إلى بيان ارتفاع هذه النسبة في إيران أيضاً، وعزا ذلك إلى نفوذ التقاليد والأعراف الغربية إلى مشرقنا الإسلامي، ثم أخذ يحلل الأسباب التي أدت إلى هذا الأمر، وخصوصاً في المجتمعات الغربية، وعزاه إلى التفلت والانحلال الخلقي، وسعي المرأة إلى الاستمتاع واللذة والتحرر من البناء العائلي.
بعد هذا العرض افترض المؤلف خمس فرضيات بالنسبة لمسألة الطلاق:
الأولى: أن ترفع جميع القيود القانونية والأخلاقية التي تحول دون الطلاق.
لثانية: حذف الطلاق من القاموس البشري، والسعي مهما كلف الثمن لبقاء عقد الزواج سارياً.
الثالثة: قبول الزواج للفسخ من قبل الرجل وعدم قبول ذلك من المرأة بأي وجه من الوجوه.
الرابعة: فتح سبيل الطلاق أمام الزوجين على أن يكون باب خروج كل منهما من الزواج بشكل واحد.
الخامسة: فتح السبيل للخروج من الزواج الفاشل أمام كل من الزوجين، مع اختلافهما في كيفية الخروج. وهذه الفرضية هي عين ما أبدعه الإسلام، والتي تتبعها البلدان الإسلامية بشكل ناقص وغير كامل.
هنا توقف الشهيد عند شكاية البعض ممن كان حق الطلاق عندهم منحصراً بالرجال، من الظلم والإجحاف الذي يسببه الرجل للمرأة حين طلاقه إياها ظلماً ودون أي مبرر وجيه، أو حين امتناعه عن طلاقها في حال فشل زواجهما.
أقرّ الإسلام الطلاق كسبيل للخروج من الزواج الفاشل أمام كل من الزوجين، لكن مع اختلافهما في كيفية الخروجوقد رأى هؤلاء أن الحل في تغيير قانون الطلاق، في حين رأى العلامة أن تغيير القانون يفيد في العلاقات والعقود البحتة، أما في علاقات وعقود الزواج التي لها ارتباط كبير بالعاطفة، فإن القانون لا يستطيع أن يفعل شيئاً ولا بد من الإفادة من عوامل أخرى.
بعدها أكد الشهيد رفض الإسلام لمسألة الطلاق وكراهيته له، إلا في الحالات التي يكون الطلاق فيها هو الحل الوحيد.
هذا وقد ندد الإسلام بالرجال الذين يمارسون الطلاق الظالم بحق زوجاتهم، فجاءت الأحاديث حافلة بهذا المضمون، وقد ذكر الشهيد بعضاً منها في معالجته لهذه المسألة.
وأشار المؤلف أيضاً في هذا المجال إلى الإشارة التي أشاعها بنو العباس لأغراض سياسية- بحق الإمام الحسن عليه الصلاة و السلام والتي مفادها أن الإمام الحسن رجل مطلاق، فبين أسبابها وخلفياتها الدنيئة وردها.
وفي رده على السؤال لم يحرم الإسلام الطلاق ما دام يبغضه؟ رأى المؤلف أن قوانين الزواج والطلاق مبنية على أساس قوانين الفطرة والطبيعة التكوينية ولا يمكن مواجهة الطبيعة والتكوين في الطلاق، كما لا يمكن مواجهتهما في الزواج بل يجب مراعاتهما في كلا أمرين.
والعقد القائم على أساس المحبة والوحدة لا الزمالة والصداقة لا يخضع للإجبار والإلزام، نعم يمكن للقانون أن يلزم فردين لكي يعملا معاً، ويحترما اشتراكهما العملي على أساس العدالة ويمكنهما أن يستمرا في العمل معاً سنين طوالاً.
"غير أنه لا يمكن للقانون أن يدفع فردين بالقوة والإلزام بأن يتحابا وتتوثق علاقتهما بشكل صحيح... إذا أردنا أن تستمر علاقة على هذا المستوى، فلا بد أن نستخدم إجراءات عملية واجتماعية أخرى مضافاً إلى القانون".
ولذا أقر الإسلام تشكيل محكمة عائلية، تتألف من فردين يمثل أحدهما الزوجة يمثل الآخر الزوج، عندما تظهر مؤشرات خطر انحلال الأسرة: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾.
وهكذا يتضح أن الأسرة من وجهة نظر الإسلام، وحدة حية، يسعى الإسلام للحفاظ على حياتها، ولكن حينما تموت هذه الوحدة، ينظر الإسلام لها نظرة آسف، ويبيح دفها، وهو غير مستعد أن يحفظ جسدها قانونياً ليديم وجودها باسم قانون التحنيط.
بعدها انتقل إلى الكلام عن حق الطلاق وجعله بيد الرجل، وإمكانية تفويضه إلى المرأة كما ميز بينه وبين الفسخ الذي تترتب آثاره بمجرد وقوع أحد العيوب الموجبة لفسخ الزواج. وهو (أي الفسخ) قد مُنِحَ للرجل والمرأة على السواء.
وأخيراً، عرض للكلام عن الطلاق القضائي أو نظريات أعلام الطائفة فيه.
* القسم الحادي عشر: تعدد الزوجات
في هذا القسم عرض المؤلف للافتراضات التي تقف بوجه نظام الزوجة الواحدة وهي ثلاث:
1- الشيوعية الجنسية: ولم يثبت لنا التاريخ سيطرة هذه الحالة على مرحلة من مراحله بشكل تام وشامل، والحالة التي يدعى وجودها بين القبائل المتوحشة هي حالة متوسطة بين الحياة الاختصاصية والمشاعية الجنسية. وقد أثبت التاريخ بطلانها حين دعا إليها أفلاطون بين الفلاسفة الحاكمين والحكام الفلاسفة، ثم ما لبث أن تراجع عنها، وكذا حين دعا فريدريك انجلز الأب الثاني للماركسية إليها فرفضها العالم الماركسي.
2- تعدد الأزواج: وهذه العادة عرفت في بعض القبائل القديمة، وفي قبيلة "النائير" التي تعيش على سواحل "مالابار". والظاهر أن سبب سن هذا الزواج في هذه القبيلة يرجع إلى اشتغال رجالها بالحرب، فحظر على الرجل أن يتزوج أكثر من امرأة بينهما تستطيع المرأة أن تختار أكثر من زوج، وذلك لأضعاف علاقات الرجال العائلية التي تحول دون أداء وظيفته القتالية.
وقد باءت هذه الظاهرة أيضاً بالفشل لأسباب أهمها: إنها تتناقض مع الاطمئنان بالأبوة والارتباط بالابن الذي هو غريزة فطرية بشرية.
3- تعدد الزوجات: هذا النوع من الزواج من العادات التي كانت سائدة قديماً فجاء الإسلام ووضع له قيوداً وحدوداً، وجعل الحد الأعلى له أربع نساء كما وضع له قيوداً وشروطاً ولم يبحه لكل شخص.
وقد ذكرت عدة عوامل لتعدد الزوجات، منها السليم ومنها غير السليم، إلا أنها تتمثل بشكل عام في ثلاثة عوامل:
أ- العامل الاقتصادي: حيث أن الرجل بحكم قوته وتسلطه، يتجه باتجاه التعدد لينجب الأطفال ومن ثم يبيعهم ليجتنِ الأموال من وراء ذلك. وهذا من أبشع الممارسات بحق الإنسانية.
ب- يأس المرأة وعقمها مع حاجة الرجل أو الأمة إلى النسل. وهذا النوع من الأسباب قد يكون مبرراً للفرد أو الأمة.
ج- زيادة عدد النساء: إذا افترضنا وجود هذه الحالة في الماضي والحاضر، فهي ليست مسوغاً للتعدد فحسب، بل إلى وجود حق للمرأة يتحمل مسؤوليته الرجل والمجتمع.
وبهذا العامل الثالث يكون تشريع تعدد الزوجات أظم تشريع مدافع عن حقوق المرأة نفسها، وذلك أن الزواج من أكثر الحقوق البشرية فطرية وعليه فلا يمكن حرمان أي فرد منه تحت أي شعار.
هنا شرع المؤلف في بيان إحصائيات تشير إلى ارتفاع نسبة النساء المؤهلات للزواج عن نسبة الرجال المؤهلين له. كما ذكر الأسباب التي تؤدي إلى ذلك، ليتوصل بعد ذلك أن تعدد الزوجات منقذ لنظام الزوجة الواحدة، وذلك بدل أن يقضي العشق والعشرة، في حال ارتفاع نسبة النساء عليه.
بعد ذلك عمد المؤلف إلى ذكر عيوب طرحت في مسألة تعدد الزوجات من زوايا متعددة فردها وفند مزاعمها.
وفي نهاية المطاف، عرض للموقف الإسلامي من هذه المسألة والإصلاحات التي أدخلها عليها، من التحديد، والعدالة، والخوف من الظلم، وإيجابه، مراعاة هذه الحدود، وإلا استحق المتجاوز لها عذاب النار وبئس المصير.