الشيخ محمد حسن زراقط
يستدعي الحديثُ عن الطلاق الحديثَ عن الزواج ولو كمدخل يفضي بنا إلى الموضوع الأساس وهو البحث حول الطلاق ومبرّرات تشريعه في الإسلام. ولأنّ بعض حالات الزواج لا تتكلّل بالنجاح دوماً، فقد وضعت الشريعة مجموعة من التدابير تنظِّم حالات الاختلاف بين الزوجين كما وضعت تدابير ترعى حالات الوفاق وتساعد على استمرارها. ويكفينا للتدليل على هذا الأمر من القرآن قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ (البقرة: 235)، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾ (النساء: 21).
*تشريع الطلاق
فالحديث عن الميثاق بين الزوجين مؤشّر واضح يدلّ على أنّ العلاقة بينهما هي عقد قائم على الرضا المتبادل بشروطه المعروفة في الفقه الإسلامي. ومن نتائج هذه العلاقة التعاقدية أن تتوفّر في الشريعة الإسلامية قواعد شرعية لفسخ العلاقة بين الطرفين. ومن هنا نبدأ بالإشارة إلى النصوص الدينية التي تدلّ على تشريع الطلاق في الإسلام كوسيلة لفسخ العلاقة بين الزوجين.
كل من يراجع كتاباً في الفقه الإسلامي يرى فيه باباً خاصّاً يتحدّث فيه الفقهاء عن الطلاق. وهو من البديهيّات في التشريع الإسلامي. ومن تلك المؤشّرات وجود سورة في القرآن الكريم اسمها سورة الطلاق؛ تبين الطلاق كوسيلة لإنهاء العلاقة بين الزوجين.
وفي القرآن آيات تكشف عن تشريع الطلاق في الإسلام:
1 - ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (البقرة: 229).
2 - ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْسَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ (البقرة: 231).
3 - ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ﴾ (البقرة: 232).
وهذه الآيات تكشف عن تشريع الطلاق في الإسلام. ولكن هل الطلاق أمرٌ محبوب ومدعوٌّ إليه؟ وبعبارة أخرى: ما هو حكم الطلاق في الإسلام؟ هل هو مستحبٌّ؟ مباح؟ أم هو مكروه بحدّ ذاته؟ أو يتغيّر حكمه الأصلي إذا طرأت عليه بعض العناوين التي تدعو إلى تغيير حكمه؟
*تقويم الطلاق في الإسلام
يكشف لنا القرآن الكريم أنّ الطلاق الذي شرّعه الإسلام هو حالة استثنائية غير محبّبة؛ ولكنّها آخر الدواء عندما تعجز سائر المحاولات عن حلّ مشكلة الزيجات المتعثّرة. ويمكن اختصار موقف الإسلام من الطلاق وفق البنود الآتية:
أولاً: يعتبر الطلاق الخيار الثاني بعد العجز عن التوفيق بين الزوجين وعدم إمكان الإصلاح بينهما، كما بيّن قوله تعالى في الآيات الآتية:
- ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ (النساء: 35).
- ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ (الأحزاب: 37).
ثانياً: الطلاق الذي يدعو إليه الإسلام هو المقرون بالإحسان؛ كما في الآيتين الآتيتين:
- ﴿...فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (البقرة: 229).
- ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْسَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا﴾ (البقرة: 231).
ثالثاً: الطلاق في الإسلام خيار مقيّدٌ بقيود عدّة تعيق حصوله منها الإشهاد عليه، وأن يحصل في طهر. كما هو خيار يمكن الرجوع عنه بعقدٍ جديد أو دون عقد كما في حالة الطلاق الرجعيّ؛ لأنّ المطلّقة في الطلاق الرجعيّ هي بحكم الزوجة إلى أن تنتهي عدّتها، كما في الآيتين الآتيتين:
- ﴿أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾ (الطلاق: 2).
- ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواالْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ﴾ (الطلاق: 1).
رابعاً: هو أبغض الحلال: فالحالة الطبيعية في الأمور المباحة أن تكون خالية من المصلحة والمفسدة؛ لأنّ الحرام هو الفعل الذي فيه مفسدة، والواجب هو الفعل الذي فيه مصلحة ملزمة، وأما المباح، في بعض أنواعه، فهو الفعل الذي تتساوى فيه المصلحة والمفسدة أو يكون خالياً من المصلحة والمفسدة، ولذلك ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله يحب أن تُؤتى رُخَصَهُ كما يحب أن تُؤتى عزائمه". وأما الطلاق فإنّه على الرغم من إباحته وتشريعه في الإسلام إلا أنّه وُصِف بأنّه أبغض الحلال في عدد من الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها هذه الرواية المشهورة في هذا النص المشار إليه: "إنّ أبغض الحلال إلى الله الطلاق"1. وورد أيضاً: "وما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق..."2، وورد عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً: "... ويبغض البيت الذي فيه الطلاق وما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من الطلاق"3.
وإذا كان الطلاق مبغوضاً إلى هذا الحدّ فلماذا شرّعه الله؟ ألم يكن من الأجدى تحريمه كي لا يتحقّق ما يبغضه الله تعالى؟
*مبرّرات الطلاق في الإسلام
الطلاق مبغوض في الإسلام ومكروه في عرف المجتمعات الإنسانيّة لأنّه يتنافى مع بعض القيم الأخلاقيّة كالوفاء، ولما يترتّب عليه من خراب البيوت أو تشريد الأولاد، في الحالات التي يكون للزوجين أولاد. ولأجل ذلك اتخّذ الإسلام تدابير عدّة للتخفيف من الآثار السلبيّة للطلاق. ولتوضيح مبرّرات الطلاق في الإسلام نستعرض العناصر الآتية:
أولاً: الزواج ليس صدقة:
لا يتعامل الإسلام مع الزواج على أنّه صدقة من الزوج على الزوجة يحسن أن تستمرّ رغم الخلافات التي تحصل بين الطرفين، بل الزواج عقد بين طرفين متكافئين. ولا يرضى للزوجة أن تتابع حياتها الزوجيّة مهما كانت النتائج المترتّبة على بقاء العلاقة الزوجية، فالزواج عقد مبنيٌّ على التراضي وإذا كان يُراد له أن يستمرّ فلا بدّ أن يستمرّ مقروناً بالرضا. وأما المفاسد التي تترتّب على الطلاق فلا بدّ من حلّها بطرق وضمانات تشريعيّة أخرى كالتعويض على المرأة بالمهر، وضمان حياتها الاقتصاديّة أو يتولّى المجتمع رعايتها في حال العجز عن الكسب.
ثانيًا: الموازنة بين مفاسد الطلاق ومفاسد الزواج الإجباريّ:
الطلاق في الإسلام حلّ يُلجأ إليه فراراً من مفاسد تترتّب على استمرار الحياة الزوجيّة. وعندما يدور الأمر بين زواج تنتهك فيه حدود الله وقوانينه، ويتحوّل إلى إمساك بغير معروف، وبين طلاق مبغوض ولكنّه مقنّنٌ بقوانين وخاضع لحدود الله وضوابطه، ويصدق عليه أنّه تسريح بإحسان، يكون الخيار الأنسب هو الخيار الأقلّ ضرراً، وهذا ما يدلّ عليه قوله تعالى: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.
ثالثاً: الطلاق خيار نسائي أحياناً:
يكشف التأمّل في الآية المذكورة أعلاه عن أنّ الطلاق ليس حكماً لمصلحة الرجل على حساب المرأة، بل هو، كما يكشف الواقع الاجتماعي، خيار تستدعيه المرأة في بعض الحالات وتطلبه، بل تدفع المال أو تتنازل عن بعض حقوقها لتفتدي نفسها، ويكون ذلك خلاصاً لها من نير زواج الضرار والإمساك بغير المعروف.
ختاماً: إن الطلاق أحد الحلول التي اقترحتها الشريعة لفسخ الزيجات المتعثّرة. وهو تشريع يحفظ مصلحة الأسرة كلّها ويراعي مصالح الرجل والمرأة على حدٍّ سواء، ويحول دون استمرار العلاقة المبنيّة على المنكر والكره المتبادل. ليكون الزوجان مخيّرين بين حياة كريمة لهما أو طلاق وانعتاق لكلٍّ منهما. على أن لا يُفهم من الحديث عن مبرّرات تشريع الطلاق الدعوة إليه؛ لأنه يبقى أبغض الحلال. وهو العمل الجراحيّ الذي لا يلجأ إليه الإنسان إلا إذا أعيته المراهم والعلاجات السطحية. وعلى حدّ قول العرب قديماً: آخر الدواء الكيّ.
1- الخلاف، الشيخ الطوسي، ج4، ص484.
2- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج15، ص266.
3- م.ن، ص267.
توضيح حقوق الزوج على الزوجه
جنات
2013-09-02 09:34:48
العجب كل العجب لامرأة انعم الله عليها بزوج صالح ولم تعرف له مقدار فهي تدعوا عليه لانه يصلي ويذهب الى لزياة الائمة وتقول لماذا لا يجلس ليربي اولاده ويغسل لهم الملابس ويطعمهم فهي تركت انها الصغير بدون طعام الى ان مرض مرض عضال , فهي لا تعتني به ولا باولادها وتضرب اولادها لحد فقدان الوعي فهل مثل هذه المرأة تستحق ان يستمر زواجها ؟؟؟؟؟؟ رجاءا رجاءا كثفوا من محاضرات حقوق الزوج على زوجته لان بعض المشايخ اعطاهم الله الحظ والنصر يعطون حقوق المراة ويهملون الرجل لدرجة حسبت المراة لا حقوق لزوجها .جزاكم الله خير جزاء المحسنين