الشيخ علي حجازي
عرض المقال السابق أحكام الطلاق البائن (الذي لا يحق للزوج أن يُرجع طليقته إلى ذمته أثناء عدّتها)، وبيّن أقسامه. فيما يهتم هذا المقال بتوضيح آخر أقسامه، وهو:
* طلاق الخُلع
الخلع هو الطلاق بفدية تدفعها الزوجة الكارهة لزوجها، وهو نوع من الطلاق البائن الذي لا يحقّ فيه للزوج الرجوع إلى زوجته في العدّة إلا إذا رجعت هي في البذل أولاً فحينئذٍ يجوز لهما الرجوع إلى الزوجية، فيجوز له أن يعقد عليها برضاها أثناء عدّتها.
* شروط الطلاق الخلعيّ
يشترط في الطلاق الخلعيّ جميع شروط الطلاق المتقدّمة في المقالة السابقة، ويضاف إليها ثلاثة شروط:
الأوّل: كراهة الزوجة لزوجها.
الثاني: بذل شيء من الزوجة لزوجها مقابل طلاقها.
الثالث: وقوع البذل قبل الطلاق.
* الأول: كراهة الزوجة
أ ـ يشترط في طلاق الخلع أن تكون الزوجة كارهة لزوجها، بحيث يُخاف مع بقاء الزوجيّة بينهما أن تخرج عن الطاعة وتدخل في المعصية. فلا يصحّ الطلاق الخلعيّ إذا لم تكن الزوجة كارهة لزوجها، أو لم تكن الكراهة بهذا الحدّ.
ب ـ لا فرق في سبب كراهة الزوجة لزوجها بين وجود بعض النواقص الخَلقيّة في الزوج، أو يكون سببها أموراً خُلُقيّة، أو أموراً عارضة على حياتهما الزوجيّة.
* الثاني: البذل
أ ـ يشترط في طلاق الخلع أن تبذل الزوجة شيئاً ليطلّقها الزوج. ويجوز الفداء بكلّ ما له ماليّة، بلا فرق بين القليل والكثير حتّى لو زاد على المهر.
ب ـ يشترط إنشاء البذل باللفظ، كأن تقول الزوجة: "بَذَلْتُ لك كذا لتطلّقني (أو: لتختلعني)". ويشترط أن ينشئ الزوج الطلاق بما بذلته الزوجة، بنحو يصرّح بالبذل.
ج ـ يشترط عدم الفصل بين إنشاء البذل والطلاق بما يخلّ بالفوريّة العرفيّة.
* أذيّة الزوج لزوجته
إذا طلبت الزوجة الطلاق من الزوج، وكانت كارهة له، وذلك بسبب إيذاء الزوج لها بالسبّ والضرب ونحوهما، فطلبت بسبب ذلك تخليصاً لنفسها، فبذلت لزوجها شيئاً ليطلّقها، فطلّقها على ما بذلت، لم يصحّ الخلع، ويحرم على الزوج ما أخذه منها من البذل، ولكن يقع الطلاق رجعياً إذا كان الخلع بصيغة الطلاق.
* الرجوع في البذل
يجوز للمطلّقة المختلعة أن ترجع في البذل ما دامت في عدّتها، فإذا رجعت فيما بذلت تصير مطلّقة رجعيّة، فيجوز للزوج الرجوع إليها ما دامت في العدّة دون عقدٍ جديد، ودون حاجة لرضاها.
* صيغة طلاق الخلع
أ ـ يقع طلاق الخلع بلفظ الطلاق، كأن يقول الزوج بعد بذل الزوجة: "أنتِ طالِقٌ على ما بَذَلْتِ"، أو يقول: "زَوْجَتي طالقٌ على ما بَذَلَتْ"، ونحو ذلك.
ب ـ يقع طلاق الخلع بلفظ الخلع وحده، كأن يقول الزوج بعد بذل الزوجة: "أنتِ مُخْتَلَعَةٌ على ما بَذَلْتِ"، أو: "خَلَعْتُكِ على ما بذلتِ"، ونحو ذلك. والأحوط استحباباً أن يبدأ بلفظ الخلع ثمّ ينتهي بلفظ الطلاق، كأن يقول: "خَلَعْتُكِ على ما بَذَلْتِ فأنتِ طالق"، ونحو ذلك.