يحتل الإعلام في العصر الحديث موقع الصدارة في التأثير على مجمل التحولات والتغيرات التي تعصف بالمجتمع. فللإعلام الدور البارز في تغيير الأوضاع السياسية في بلد، ما وتوجيهها نحو الاستقرار أو التأزم، وهو يواكب الأعمال العسكرية وساحات القتال فيؤثر في تحقيق النصر أو الهزيمة، وله القدرة على الترويج لفكر أو ثقافة ما، أو التأسيس لعادات وسلوكيات قد تغير وجه المجتمع.
ولا شك أن الإعلام المرئي وجهاز التلفاز خصوصاً يمتاز عن الوسائل الإعلامية الأخرى في القدرة على التأثير، لما له من سعة الانتشار والقدرة على الذهول إلى كل بيت دون استئذان، وتقديم الحدث بالصورة الحية التي تخلب الأنظار، وتجذب القلوب، وتأسر المشاهدين.
فالتلفاز أصبح جزءاً من حياتنا اليومية ومن الضرورات المعيشية التي لا يخلو منها بيت أو يكاد، حيث يجتمع حوله الصغار، والكبار ويقضون الكثير من الأوقات مع الكثير من التفاعل والتأثر مع البرامج المعروضة إلى حد الاندماج الكلي، واتخاذ سلوك هذا البطل أو ذاك منهجاً وطريقة حياة، والذي يجعل الأمر في غاية الخطورة أن معظم القيمين على أجهزة التلفزة ليس لهم رسالة سوى توخي الربح المادي والكسب السريع ولو كان ذلك على حساب ثقافتنا وأخلاقنا وقيمنا التي ننتمي إليها.
عزاؤنا الوحيد وأملنا الكبير في تلفزيوننا الإسلامي ـ تلفزيون المنار ـ أن يكون على قدر المسؤولية، وأن يقوم بالدور التربوي والإرشادي لأمتنا ومجتمعنا، ويعرِّف الناس على قيم الإسلام الحنيف وتعاليمه السامية. وهذا ما يؤكده الإمام الخامنئي دام ظله حيث يعتبر أن التلفاز ليس جهازاً مسلياً، بل هو جهاز تعليمي فائق الأهمية ويتحمل مسؤولية إيجاد الوعي الفكري والثقافي والسياسي وتبيين تعاليم الإسلام ومواجهة المؤامرات التي تحاك ضده وضد الأمة وخاصة الإعلامية منها.
يقول الإمام القائد دام ظله: "يجب أن يكون التلفاز وسيلة لهداية الناس إلى الثقافة الإسلامية وأداةً للمعرفة ولإطلاع الناس على الإشراقات الإسلامية والإنسانية".
وفي كلام آخر له يقول دام ظله: "اعتبروا أن التلفاز والإذاعة جامعة لتدريس أصول الإسلام الثوري، فهذا هو مفهومنا حول التلفاز والإذاعة".
وإن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن هناك تعاون كبير بين المدراء والقيمين على هذه الوسيلة الإعلامية الخطيرة من جهة، وبين الفنانين والكتاب والإذاعيين والمعدين للبرامج والحرفيين والمخرجين والمصورين وغيرهم من جهة أخرى، لإعداد المفاهيم الإسلامية العظيمة والمضيئة وإخراجها على صورة برامج جذابة ومؤثرة حتى يتعلم الناس ويستفيدوا منها. ولا شك أن الكدح وبذل الجهد في هذه الأعمال مصداق حقيقي للجهاد في سبيل اللَّه كما يؤكد الإمام الخامنئي دام ظله: "أنتم أيها العاملون في الإذاعة والتلفاز جنود مجاهدون في سبيل اللَّه حقً... وقد تكون حصتكم في الانتصار لعسكري أكبر من حصة العمليات العسكرية التي تجري في الجبهات".
نحن ندرك أن حجم المشاكل والمصاعب أكبر بكثير من الإمكانات المتوفرة، ولكن متى لم تكن أوضاع المؤمنين كذلك؟ ومتى كان المؤمنون المجاهدون يعتمدون على الإمكانات المادية ويقعدون دون عمل بانتظار توفرها بشكل كامل؟
نشد على أياديكم والأمة معكم فاشحذوا الهمم وتوكلوا على اللَّه واجعلوه نصب أعينكم فبإذنه تعالى لن تخيب آمالنا وآمالكم.
والسلام.