مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الوحدة الإسلامية واجب ديني

الإمام القائد الخامنئي [حفظه الله]


بسم الله الرحمن الرحيم
 ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون﴾.

الوحدة مفهوم أساسي في الإسلام ومبدأ يشكل واحدة من القواعد التي تقوم عليها فلسفة الإسلام الاجتماعية ونظرته العامة للكون والحياة.
عقيدة توحيد الله تعني في الواقع وحدة مبدأ كل المظاهر الكونية وتمركز كل ما في الوجود من حركة وسعي وهدف ومسير وإيمان وحب وأمل ودافع، وكل مظاهر الحياة كبيرها وصغيرها في الذات المقدسة للباري جلّ وعلا. توحيد الله هو في الواقع توحيد كل الكون والحياة. والشرك تمزيق لعالم الخليقة وإيكال لكل جزء من أجزاء الوجود إلى قدره وهذا ما رفضته كل الأديان الإلهية وقارعته.

من هنا فالعالم ـ في النظرية الإسلامية ـ يتكون من مجموعة واحدة منسجمة يشكل كل جانب منها جزءاً من كل، وقسماً من مجموعة متناسقة.
لئن حصرت مدارس أرضية كل مظاهر الكون في إطار صراع الأضداد فأخذت من ذلك أساساً لتفسيراتها الاجتماعية وتصوراتها الفلسفية والتاريخية فإن الرؤية الإسلامية للكون والحياة اعتبرت الكون ساحة للانسجام والارتباط والتناسق، وأن كل أجزاء العالم متناسبة مع الأجزاء الأخرى، ونظرت إلى المسيرة الطبيعية للعالم على أنها عالم ازدواج الأزواج والأشباه، وإلى كل جزء من هذه الأجزاء بمفردها ثم بمجموعها على أنها لانسجام الأجزاء وتناسقها وتناسبها. ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾َ (الذاريات/49).
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى*  أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى *  ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى  *  فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى  *  أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ (القيامة 36 ـ 40).


أما على صعيد الحياة الإنسانية فإن هذا الانسجام العام يتخذ طابع التكليف والتكيف القانوني، إضافة إلى ضرورته الطبيعية. فكل البشر من أصل واحد وطبيعة واحدة ومقصد واحد. إختلاف الألوان والألسن والأقاليم والتاريخ لا يعني اختلاف البشر في الجوهر والحقيقة.
 ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾  (الحجرات 13).
النظرة القرآنية ترى أن الأيدي التي تعمل على تجزئة الحياة الإنسانية وعلى إقامة السدود والفواصل والحواجز على الساحة البشرية هي أيدٍ شيطانية هدامة.
 ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ﴾. (الشورى 14).
القرآن يؤكد أن التفرقة كانت دوماً وسيلة بيد الطواغيت والقوى الشيطانية لترسيخ قواعد تسلطها.
 ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾  (القصص 4).

النظرة الإسلامية ـ بعبارة موجزة ـ تقرر وحدة البشر في الفطرة والطبيعة ووحدتهم في الحاجات والتطلعات ومن هنا تدعوهم إلى إيمان واحد وحركة منسجمة واحدة، وما بشر به أنبياء الله من دين في كل زمان إنما يتمثل بهذا الإيمان وهذا الهدف وهذه الحركة، فالدين في الحقيقة يرسم طريق وحدة أبناء البشر ويدعو مخاطبيه ي كل زمان ومكان إلى تحقيق وحدتهم وانسجامهم في إطار تعاليم رب العالمين.
مما تقدم تتضح أهمية الوحدة للمؤمنين بالإسلام فهذه الوحدة في الإطار الإسلامي ليست حكماً مفروضاً تصنيعاً بل هي نتبجة لازمة للإيمان الإسلامي. وحقاً ما قاله ذلك المفكر الإسلامي المعاصر: "بُنى الإسلام على دعامتين كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة".
وحدة المسلمين في العالم اليوم إحدى المسائل الهامة الضرورية الملحة. ولو ألقينا نظرة فاحصة على عالمنا المعاصر اليوم وما تستهدف أمتنا من مخططات ونوايا عدوانية لاتضح لنا أكثر أهمية هذه المسألة وحدّتها.

نحن ـ حين نتحدث عن الوحدة ـ لا نقصد البحث في مسألة سياسية صرفة بل نستهدف دراسة واحدٍ من أهم أركان الفكر الإسلامي والفلسفة الإسلامية، وهذه مسألة ينبغي أن تسترعي اهتمام المفكرين الإسلاميين قدر ما تثير اهتمام الساسة والمثقفين وقدر ما تحفز الكتاب والصحفيين وسائر أفراد جماهيرنا المؤمنة.
الوحدة الإسلامية واجب ديني إضافة إلى أنها حركة سياسية. نحن المسؤولين في هذه الدولة الإسلامية إذ ننهض بواجب تطبيق القرآن والإسلام في حياتنا، ونتخذ من العودة إلى الإسلام هدفاً جاداً لجهادنا الدامي، نعتقد أن الدعوة إلى الوحدة وطرحها بشكل جاد على ساحة عالمنا الإسلامي من أهم واجباتنا وأكثرها إلحاحاً وضرورة.
أكثر من مليار مسلم يسكنون اليوم في بقعة من أغنى بقاع العالم اقتصادياً وأهم نقاط العالم استراتيجية وأعرق مناطق العالم تاريخياً.

هذه الأرض كانت على مرّ التاريخ مهبط الوحي ومهد الحضارات الكبرى. واليوم يستمد العالم من هذه الأرض حياته ونوره وحرارته وحركته وتقنيته وصناعته فالمدنيّة القائمة تستند في الواقع إلى هذه المساحة من الأرض ونحن نهدف إلى أن تتعاضد هذه الملايين وتتآخى وتعود جسداً واحداً من أقصى شرق آسيا إلى أقصى غرب إفريقيا.

غير خافٍ عليكم أيها الأخوة أن المقصود من الوحدة ليس هو إزالة الاختلافات الفكرية والفقهية بين المسلمين وليس هو دفع المسلمين إلى اعتناق مذهب فقهي أو كلامي معين، فمثل هذه الاختلافات الفكرية والفقهية لا تحول دون وحدة المسلمين. لقد حاول نفرٌ من المتلبسين بلباس علماء الدين من العملاء القائمين على أمر تنفيذ عملية التجزئة في عالمنا الإسلامي أن يشيع فكرة استحالة الوحدة بين المسلمين متذرعاً بوجود الخلاف بين الفرق الإسلامية وخاصة بين الشيعة والسُنَّة. وهذه لا تصدر إلا عن جاهل بالإسلام وبمعنى الوحدة الإسلامية.
الإسلام لم يمنع المسلمين من الاختلاف في الرأي والنظرة، فمثل هذا الاختلاف تفرضه الطبيعة الإنسانية لكنه رفض بشدة أن يكون ذلك باعثاً على التنازع والشقاق.
القرآن لا ينظر إلى البشر على أنهم موجودات مجبرة على اتباع قالب فكري معين:  ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ .
والقرآن مع إقراره بهذا الاختلاف ينهى المسلمين عن التنازع الذي يؤدي إلى تبديد الطاقات وإهدار القوى الذاتية.
 ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِين﴾ُ

نحن اليوم نعيش في عالم الأحلاف والتكتلات. القوى الكبرى تتسابق لإيجاد التجمعات العسكرية والاقتصادي صيانة لمصالحها وأهدافها التوسعية. والبلدان الأخرى سعت لإيجاد تجمعات تحت أسماء مختلفة كي تستطيع أمام القوى الكبرى أن تجد لها ساحة للمناورة والحركة.
في مثل هذا العالم المتكتل من أجل مصالح شريرة توسعية غالباً، ومن أجل تحقيق أهداف خيّرة في بعض الأحيان، نجد التكتل الإسلامي الحقيقي غائباً عن الساحة ومُحرباً أشد المحاربة من قبل الطامعين التسلطيين.
وإذ أتحدث عن غياب التكتل الإسلامي الحقيقي جدير بي أن أشير إلى ظهور تجمعات باسم الإسلام غير أنها تنطوي على نقصين كبيرين، أولهما: انعزال هذه التجمعات عن الشعوب التي هي قاعدة الوحدة وجسدها وقوامها. والثاني: ابتعادُها عن حقيقة الإسلام، واتجاهها نحو ألوان الأفكار والنظريات والاتجاهات السياسية سوى الأفكار والنظريات والاتجاهات السياسية الإسلامية. ولهذا السبب بقيت هذه التجمعات معزولة عن آمال المسلمين وآلامهم، إن تقمصت اسم الإسلام وأصبحت في مواضع كثيرة ألعوبة بيد القوى الطامعة تسيرها كيف تشاء، وتحولت أحياناً إلى معول لهدم وجود الأمة ولقطع عرى الترابط بين أبنا ئها. زمام الوحدة الإسلامية ينبغي أن يكون بيد المخلصين من أبناء أمتنا، بيد أولئك الذي يعيشون هموم الأمة وتطلعاتها ويخدمون بفكرهم وكلمتهم وحركتهم وفنهم قضاياها وأهدافها.

إنه لمن حق العالم الإسلامي أن ينشد وحدة حقيقية صادقة، والإسلام باعتباره الإطار التوحيدي لإيمان الأمة ومشاعرها وأهدافها وكثير من تقاليدها الاجتماعية يستطيع أن يكون قاعدة لهذه الوحدة، أين منها القاعدة القومية والإقليمية!!.
القرآن قرر أن محور التجمع البشري هو الاعتصام بحبل الله، عن التفرق والتبعثر، بل دعا أهل الكتاب إلى كلمة سواء مع المسلمين بالاستناد إلى قاعدة الإيمان بالله.
 ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون﴾َ  (آل عمران 64).
أين نحن أيها الأخوة اليوم من هذا الحث الإلهي على الوحدة بين المسلمين؟!.

وماذا عسى أن أقول بحق أولئك الزعماء المسلمين الذين يزدادون من عالم الكفر كل يوم تقرباً وزُلفى ويزدادون من المسلمين بُعداً ونفوراً!!.
من المخططات التي نفذها المستعمرون منذ بداية الغزو الاستعماري لعالمنا الإسلامي، لهدم وحدة المسلمين هو مخطط بث فكرة القومية بين المسلمين.
وهنا لا بد أن نؤكد أيها الأخوة أن القومية التي أشاعوها في عالمنا الإسلامي لم يستهدفوا منها توحيد العرب أو توحيد الفرس أو توحيد الترك كما يبدو من كلمة القومية. بل لخلق التناحر والحزازات بين أبناء لعالم الإسلامي وإشاعة الصراع القومي بين أبناء البلد الواحد ومتى ما اتجهت القومية اتجاهاً وحدوياً خلقوا أمامها إقليميات كالبابلية والفرعونية والفينيقية وأثاروا في وجهها حساسيات مختلفة انتهت غالباً بصراع دام بين أبناء القومية الواحدة، كما هو المشهود مع شديد الأسف في الساحة العربية.
فالقومية استغلوها أفظع استغلال لخلق الحزازات والحساسيات بين المسلمين غير أنهم حالوا دون أن تتجه هذه القومية اتجاهاً توحيدياً نحو رصّ الصفوف أمام العدو الصهيوني.
من يتعمق في جذور الفكرة القومية في عالمنا الإسلامي ويُواكب تاريخ وتطور هذه الفكرة يفهم بما لا يقبل الشك، أنها مؤامرة استعمارية ظهرت لضرب المقاومة الإسلامية أمام الغزو الصليبي الصهيوني، ولا زالت تؤدي خدمتها في تثبيت مواقع أقدام المستعمرين ومحاربة الأطروحة الإسلامية الرافضة للوجود الاستعماري.
مُن العالم الإسلامي خلال القرن الأخير نتيجة تفرقه وتشتته بمأساة ضياع فلسطين، وهذه المساة هي دون شك أفظع ما مرّ على المسلمين بعد الهجوم المغولي والصليبي.

إنه لذل ما بعده ذلٌ أن تجتمع زمرةٌ موتورة من شُذاذ الأفاق في قلب العالم الإسلامي لتتحدى كل القيم الإسلامية والإنسانية ولتتحدى كل العواطف والمشاعر والأفكار ولتعلو وتتجبر وتبطش وتفتك وتشرد وتمحو من على الساحة الجغرافية بلداً إسلامياً وتسيطر على مقدسات المسلمين وتعبث بها ما شاءت أن تعبث وتعيث في الأرض الفساد.

لقد كان بإمكان هذا الغزو الصهيوني أن يكون عاملاً على تجمع الدول الإسلامية صفاً واحداً للوقوف بوجه هذا التحدي والاستعادة كرامة المسلمين المنتهكة، لكن الأيدي التي خلقت إسرائيل، لم تكن غافلة عمّا يمكن أن تحدثه هذه الدويل من وحدة بين المسلمين. فعملت بنفس القوة على إثارة كل ما من شأنه أن يخلق التناحر بين البلدان الإسلامية، وازداد هذ التناحر يوماً بعد يوم بينما ازدادت دويلة الصهيانة تجبراً وبطشاً وتعنّتاً، حتى قرر المتناحرون أخيراً أن يجلسوا حول طاولة واحدة... ولكن لا لتعبئة طاقات المسلمين وإعدادهم لمعركة المواجهة مع العدو الصهيوني الغاصب، ولا لاستثمار ما أغدقه الله على أمتنا من نعم قادرة على صعيد قوة المسلمين وعظمتهم وشكوتهم، بل للاعتراف... وما أصعب عليّ أن أقولها، للاعتراف رسمياً بحدود آمنة لإسرائيل. وكان القرآن يشير إلى هؤلاء القوم إذ يقول:  ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء﴾  (إبراهيم 38).

لا زالت السياسة التسلطية التوسعية للشرق والغرب تتخذ من التفرقة وسيلة لفرض سيطرته على المسلمين، فعلى المسلمين شعوباً وحكومات أن يجردوا الاستكبار العالمي من هذا السلاح.
نعتقد أن الأرضية متوفرةٌ تماماً لوحدة إسلامية شاملة ففلسطينُنا تدنسها أقدامُ الصهاينة المجرمين ولبنان يتعرض لألوان التهديد والعدوان، ومؤامرات الشرق والغرب قد انفضحت زالت الأقنعة عن الوجوه الكالحة التي كانت منتشرة بالشعادات البراقة، وتجربة إيران الإسلام إمكان الاعتماد على القوى الذاتية أمام تحديات القوى الكبرى، والتطلع المتعطش التوّاق إلى العودة الإسلامية على استعادة كرامة المسلمين وعزتهم وشرفهم يتّسع باستمرار بين الأمة الإسلامية وعلماء المسلمين الذين أريد أن يعيشوا في إطار الأحكام الفردية والأخلاق الشخصية بدأوا اليوم بمسؤوليتهم في كسر هذه الأطر المفروضة عليهم وفي النهوض بمسؤولية العودة إلى الحياة الإسلامية.

وأحبولةُ العلمانية القائمة على أساس الفصل بين الدين والسياسة بان زيفُها وفقدت مفعولها وأصبحت حشرجة تخرج مع الأنفاس الأخيرة التي يلفُظها المحتضرون من أصحاب السيطرة الثقافية الأجنبية. الشعوب تصيخ السمع لبشائر الوحدة... ترى من هو القادر على أن يزف لها هذه البُشرى!؟ ومن القادر على أن ينهض بأعباء هذه الرسالة الإلهية المقدسة؟!.
إن حملة راية الوحدة هم دون شك أولئك الذين لا يُثقل ظهورهم وزرُ طقوس عبادتهم تجاه كعبة البيت الأبيض والكرملين. ليسوا بأولئك الأذلاء الذين لا يهمّهم ألا أن يروا ابتسامة رضا على شفاه الطواغيت والمتجبرين. ليسوا أولئك الذين بلغ بهم الذل والهوان أن يعترفوا بإسرائيل ويسكتوا أمام تقسيم لبنان واحتلال فلسطين.

ما هؤلاء بقادرين على أن يحملوا لواء توحيد الكلمة، فهذا اللواء مثل لواء كلمة التوحيد يُنزل الحمم والصواعق على رؤوس المستكبرين، فكيف بمقدور أذناب المستكبرين أن يحملوه!!.
الوحدة الإسلامية ينبغي أن تنبثق من قلب الشعوب الإسلامية وأن يتصدرها المعبرون عن إرادة الأمة ومشاعرها وأفكارها.
الوحدة الإسلامية ينبغي أن نجدها في السيل البشري الطائف حول بيت الله الحرام والمتواجد على صعيد المواقف المشرفة في عرفات والمشعر ومنى.
دعاة الوحدة ينبغي أن يكونوا من بين أولئك الذين سخروا وجودهم لخدمة شعوبهم ولمقارعة طواغيت الأرض علماء الإسلام أئمة الجمعة يستطيعون أن ينهضوا بقسط كبير من هذه الدعوة الكبرى. وعلى المفكرين والأدباء والشعراء والفنانين أن يقفوا إلى جانب علماء الدين في دعوتهم إلى الأخوة الإسلامية والتعاضد الإسلامي. الإسلام باعتباره قاعدة الوحدة وقوامها، قادر على أن يعين مسيرة الحياة البشرية. واللغة العربية تستطيع أن تكون اللغة العالمية الإسلامية، وسياسة اللاشرقية واللاغربية بإمكانها أن تكون الخط السياسي المستقل للإسلام، وحجُ بيت الله قادر على أن يكون ساحة للتعارف والتآلف... كل تلك عوامل قادرة على لمَ الشتات وتوحيد الصفوف وإقامة الكيان الموحد المستقل.
نداءات الجمهورية الإسلامية إلى العالم الإسلامي تدور حول محور كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.

كلمة التوحيد تعني رفض كل الطواغيت المعادين لمسيرة البشرية نحو الله وعدم السليم للأنداد وإعلان حاكمية الله في المجتمع. وتوحيد الكلمة يعني تضافر الجهود لبناء الأمة الإسلامية الكبرى.
وهذا النداء الحياتي الحساس الذي ترفعه الجمهورية الإسلامية هو الذي ألب القوى الكبرى وحفزها لشنّ ألوان الهجوم على هذه الدولة الإسلامية المباركة فهذه القوى ترى فيما ترفعه إيران من شعار ودعوة، نهاية لحياتها التسلطية المقيتة.

إن ما ترفعه إيران من شعار في حقل التوحيد والوحدة أثار سخط مؤجّجي نيران الفتن والحروب وجعلهم ناقمين على الجمهورية الإسلامية.
 ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد﴾ٌ  (البروج 8 ـ 9).
لكني أقولها لكم أيها الأخوة بصدق وعزم ويقين إن غضب القوى الكبرى وتهديداتها لم يبعث في أنفسنا أي خوف وتردد بإذن الله على أن نصمد ونقاوم ونثبت للشعوب إمكان الصمود والمقاومة. نحن عازمون ـ بعون الله ـ على مواصلة طريق الثورة كي تُزيل عن الأذهان قاعدة تراجع الثورات عن شعاراتها بعد الانتصار.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع