مع الإمام الخامنئي | يا شعب لبنان الوفيّ نور روح الله | الوعي بوصلة المؤمنين قيم علوية| انشغل بعيوبك! تسابيح جراح | لن يقرب اليأس منّي أولو البأس | الخيام مقبرة غولاني الشهيد على طريق القدس عارف أحمد الرز («سراج)» تشييع السيّد يومٌ من أيّام الله طوفان المحبّين على العهد لن تأخذوا أسرارنا من صغارنا تذيع سرّاً تسفك دماً

ChatGPT: مساعدك الذكيّ (1)

رؤبال ناصيف


منذ أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022م، ضجّت مواقع «الويب» ومجتمع التكنولوجيا والإعلام وجزء كبير من الناس حول العالم بالحديث عن تطبيق جديد للذكاء الصناعيّ يحمل اسم (ChatGPT)، بحيث عدّ بعضهم أنّ ظهوره قد يعادل في أهميّته اختراع الإنترنت، وأنّه ثورة حقيقيّة في مجال الذكاء الصناعيّ، في حين شعر غيرهم بالقلق والخشية من الوثوق به، ووصفه آخرون بالببغاء العشوائيّ الذي يختلق الأشياء.

* انتشار سريع
لا شكّ في أنّ هذا التطبيق أخذ حيّزاً واسعاً من الاهتمام، وانتشر بشكلٍ سريع جدّاً على مستوى العالم في وقت قصير للغاية، بحيث تشير التقديرات إلى أنّه بعد أن حصد مليون مستخدم خلال أيّام من إطلاقه، وهو ما استغرق «إكس» (تويتر سابقاً) عامين لتحقيقه، وصل عدد مستخدمي التطبيق إلى ما يعادل 100 مليون مستخدم شهريّاً، بعد 3 أشهر فقط من إطلاقه، الأمر الذي يجعله التطبيق الأسرع نموّاً ونجاحاً في التاريخ، خاصّة وأنّ اثنتين من أهمّ شركات التكنولوجيا حول العالم (مايكروسوفت ولينكد) سارعتا إلى الاستثمار في الشركة الناشئة التي طوّرته (Open AI) بمليارات الدولارات، بعد نحو أقلّ من شهرين على إطلاقه.

* التعريف بالتطبيق
على الرغم من أنّ ChatGPT محدّد الوظيفة والدور، إلّا أنّه يرتبط بشكلٍ كبير بمجالات الذكاء الصناعيّ، والتعلّم الآليّ، وروبوتات المحادثة، وهي أمور مجهولة ومستعصية على الكثير من عامّة الناس، ولذلك، يتطلّب فهمه الخروج ذهنيّاً عن طريقة التفكير الاعتياديّــة تجـــاه التعــامل مع التكنولوجيا ومحاولة مقاربة الفكرة بشكلٍ مجرّد.

يختلف ChatGPT عن التطبيقات الرقميّة التقليديّة مثل Wikipedia أو Google أو WhatsApp، لأنّه يحوي قاعدة بيانات تضمّ الكثير من البيانات الرقميّة المتعدّدة، بمختلف اللغات، وعن مختلف مجالات الحياة، ومن مصادر كثيرة ومتعدّدة، وعلى امتداد الزمن (لغاية شهر 09/ 2021م)، بما في ذلك مجموعة واسعة جدّاً من صفحات «الويب» المختلفة، والرسائل الإلكترونيّة، والكتب، والمقالات، والمدوّنات، والبرامج التلفزيونيّة، والموسوعات، والمجلّات، وقواعد البيانات المختلفة، وما تضمّنه من قواعد بيانات منصّات التواصل الاجتماعيّ، وأرشيف الكثير من الجرائد ووكالات الأنباء، وكتب التاريخ، والكتب السماويّة، وكتب الأحاديث الشريفة، وغيرها من مصادر البيانات. بالإضافة إلى مجموعة واسعة وضخمة جدّاً من الملفّات الصوتيّة والفيديوهات والصور، التي تعجّ بها مواقع التواصل الاجتماعيّ.

* تطوّر مستمرّ
إنّ هذا التطبيق مجهّز لاستيعاب المزيد من البيانات المختلفة والجديدة التي يمكن إضافتها إلى قاعدة بياناته، سواء من قِبل مشغّليه، أو مستخدميه الذين يتفاعلون معه.

كما أنّه يتدرّب أيضاً وبشكلٍ مستمرّ ومتواصل على البيانات الجديدة المضافة، والتغييرات في استخدام اللغة وتواصل الناس والعلاقات الاجتماعيّة والخبرات، ويحلّلها ويستخلص الأنماط المختلفة فيها، ليتعلّم ممّا هو مناسب منها ويحسّن أداءه بشكلٍ تلقائيّ، ليطوّر، بالتالي، من قدرته على فهم اللغة والتواصل بشكلٍ أفضل مع الوقت.

* مجالات قصور التطبيق
صحيح أنّ هذا التطبيق ذكيّ، ولكنّه ليس كالذكاء البشريّ الذي يفكّر في معنى الكلمات والجمل والصور والمشاهد والروائح والنكهة، والمستند إلى المشاعر والمعرفة والحسّ القيميّ والأخلاقيّ والإدراك الحسّيّ والذهنيّ، والمتميّز بالإبداع والتفكير الخلّاق الذي يسمح له بالتعامل مع المشاكل المعقّدة والتكيّف مع التغيّرات في البيئة وإيجاد حلول جديدة للمشاكل والتحدّيات التي تواجهه، والقادر أيضاً على التفاعل المباشر مع العالم خارج الإنترنت والبيئة الرقميّة. إنّه نوع من الذكاء الصناعيّ الذي يُسمح له، عبر التدريب والتعلّم التلقائيّ، ووفق البرامج والخوارزميّات التي دُرّب عليها، بمعالجة البيانات الرقميّة كلّها التي تُدخل في قواعد بياناته، بسرعة وكفاءة عالية، عبر تحويلها إلى تنسيق رياضيّ مناسب يمكنه فهمه والتعامل معه وتحليله واستخلاص الأنماط المختلفة فيه، ليتمكّن، بالتالي، من استخدام وتوظيف ما حلّله ونمّطه من بيانات بطريقة فعّالة لإنجاز المهام المطلوبة منه بكفاءة ودقّة.

* محادثة ودردشة
اللافت أنّ هذا التطبيق متاح للعامّة، وبإمكان الناس جميعاً أن يتفاعلوا معه، في أيّ مكان وزمان، وبشكلٍ حرّ وسهل وبسيط. ولكن ليس بالشكل التقليديّ كما اعتادوا أن يبحثوا عمّا يحتاجونه من معلومات وإجابات عبر محرّكات البحث في غوغل، وإنّما بات المستخدمون يحادثونه ويدردشون معه، ويسألونه ويجيبهم، ويستكملون أسئلتهم أو يعدّلونها أو يوضحونها فيجيبهم بناءً على ما تفاعلوا معه، مع قابليّته لاستقبال أيّ مدخل رقميّ سواء كان نصّاً أم صورة أم تسجيلاً صوتيّاً أم مقطع فيديو، ليجيب عنه نصيّاً )على الأقلّ حتّى الآن(.

الأمر يشبه إلى حدّ بعيد استخدام تطبيق محادثة تقليديّ مثل WhatsApp للدردشة مع صديق أو طبيب أو مؤرّخ أو عالِم دين أو أستاذ جامعيّ أو مزارع أو مهندس أو نجّار أو أيّ كان، ولكن مع ChatGPT، المحادثة تتمّ بين إنسان وروبوت ذكيّ، يستطيع أداء أدوار كلّ هؤلاء معاً، بما يملكه من معلومات وقدرة على الإجابة بكفاءة وفعاليّة وسرعة ودقّة، دون كلل وملل، ومن أيّ مكان وزمان، حتّى لو أزعجته بكثرة أسئلتك وتشتّتها. وفوق هذا، هذا الروبوت مهذّب وموضوعيّ وغير متحيّز دينيّاً أو اجتماعيّاً أو عرقيّاً أو سياسيّاً، ومصمّم ليرفض الأسئلة المسيئة والعنصريّة أو المخالفة للقوانين العامّة.

* أدوار ChatGPT
ثمّة مجموعة من الوظائف أو الأدوار المنوطة بهذا التطبيق، نذكر منها:

1. الإجابة عن الأسئلة المختلفة: في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا والتاريخ واللغات والثقافة والأخبار والرياضة والترفيه والأعمال.

2. الدردشة: يتيح الدردشة مع الأشخاص والاستجابة للأسئلة والمواضيع المختلفة بطريقة طبيعيّة وودّيّة .

3. البرمجة: كتابة الرموز البرمجيّة البسيطة بلغات برمجة مختلفة، واكتشاف الأخطاء فيها وتصحيحها.

4. الكتابة: كتابة النصوص والمقالات والرسائل الإلكترونيّة وغيرها بطريقة دقيقة وسلسة .

5. الترجمة: بإمكانه ترجمة النصوص من لغة إلى أخرى بدقّة، وفهم اللغة الطبيعيّة والتعابير المتداولة .

6. التحليل اللغويّ: بإمكانه التحليل اللغويّ للنصوص والكشف عن المعاني الخفيّة والعلاقات بين الكلمات.

7. التوليف الإبداعيّ: بإمكانه التوليف الإبداعيّ للنصوص والمقالات والأفكار بطريقة مبتكرة وجديدة . وغيرها من المهام الأخرى التي يمكنه القيام بها باستخدام مهاراته اللغويّة والذكاء الصناعيّ.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع