أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أحكام النشوز في الإسلام

علي عبد المنعم طالب


بعدما بيّنت الشريعة الإسلامية المقدسة جميع الحقوق والواجبات العائدة لكلّ من الزوجين، أخذت بعين الاعتبار أيضاً الجوانب السلبية التي قد تحدث عند أحد الزوجين عندما يتخلّف عن تأدية واجباته إزاء صاحبه، فعالجت هذه المشكلة معالجة دقيقة، وأفرد لها الفقهاء بحثاً خاصاً تحت عنوان "النشوز" تطرّقوا فيه إلى اتخاذ ما يلزم لو حصل مثل هذا التخلّف.
وحيث كان بالإمكان حصول النشوز عند كلّ من الزوجين فطبيعة البحث تقتضي تقسيم الحديث عنه إلى ثلاثة أقسام:
الأول:
حول نشوز الزوجة فيما لو كانت هي المقصّرة في حقّ زوجها.
الثاني: حول نشوز الزوج فيما لو كان مقصراً في حقّ زوجته.
الثالث: حول نشوزهما معاً، ويحصل فيما لو أخلّ كلّ منهما بواجباته تجاه الآخر.

* نشوز الزوجة:
قال تعالى: ﴿واللاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنّ فعِظُوهُنّ واهجُرُوهنّ في المَضَاجِع واضْربُوهُنّ فإن أطَعْنَكم فلا تَبْغُوا عليهِنّ سَبِيلاً﴾ (سورة النساء، الآية 34).
معنى نشوز الزوجة خروجها عن طاعته، وتخلّفها عن أداء حقوقه الواجبة عليها، كخروجها من بيته دون إذنه، وعدم تمكينه من نفسها، والتصرف بأمواله دون إجازة سابقة، وما إلى ذلك مما تقدّم تحت عنواني الإطاعة والأمانة.
في هذه الحالة أناطت الشريعة المقدّسة الأمر إلى الزوج ليعالج النشوز الحاصل على ضوء ما رسمته الآية الكريمة من بنود تربوية ترتيبية.
أولاً: الوعظ، لقوله تعالى: ﴿واللاتي تَخَافُون نُشُوزَهُنّ فَعِظوهُنّ﴾ والمراد منه الجلوس مع الزوجة ومحادثتها بالتي هي أحسن، ليتدارسا الأسباب التي أدّت إلى فتور الزوجة، والعمل معاً على حلّ المشاكل ورفع الخلافات بأفضل السبل الملائمة.

ثانياً: الهجران، لقوله تعالى: ﴿واهجُرُوهُنّ في المَضَاجِعِ﴾ والمراد منه إظهار الإنفعال والإنزجار من تصرفاتها، وعدم الاهتمام بها في أدقّ المواضع حساسية وهو المضجع، وذلك بأن يحوّل إليها ظهره في الفراش أو يعتزل عن فراشها، وهذا الأمر يأتي في الدرجة الثانية بعد إخفاق الأسلوب الأول وفشل جميع طرق الوعظ والإرشاد.
وهذا الإجراء من الزوج إنما هو لإظهار كراهيته لها، وتحريك عواطفها كزوجة، لأنّه تعبير عن عدم مبالاته لها في مكان يجب أن تسيطر فيه المرأة على الرجل، وهذا ما يدعوها للتفكّر في إعادة الحسابات والرجوع إلى سابق عهدها.

ثالثاً: الضرب، ويأتي ذلك في الدرجة الأخيرة المبيّنة في قوله تعالى: ﴿واضْرِبُوهُنّ﴾.
هذا الإجراء أمر لا بدّ منه بعد إخفاق المساعي الأخلاقية المتقدمة، وهو علاج تأديبي بهدف تصحيح السلوك المنحرف وتقوم الخط المعوج الذي تسير عليه الزوجة.
ويجب التنبيه هنا إلى أنّ الجائز منه ما كان بقصد التأديب والإصلاح بمقدار ما يحصل به الغرض، الأمر الذي يجعل أملاً في نفس الزوجة بالعودة عن سلوكها المعاكس، ولا يجوز أبداً الضرب المبرح أو الشديد الذي يترك أثراً على البدن أو ما كان بقصد التشفّي والانتقام، ولو حصل به اسوداد أو احمرار أو ما شاكل ذلك وجب الغرم.

* نشوز الزوج:
ويتحقّق بتعدّي الزوج على زوجته بإحدى حالتين:
الأولى: بالضرب والإيذاء دون مبرّر شرعي.
الثانية: بالامتناع عن أداء حقوقها الواجبة كالإنفاق والمبيت.
1- لو ظهر من الزوج النشوز بالضرب والإيذاء والشتم والتخويف وما شاكل ذلك فإنّ الفقهاء في مثل هذه الحالات يخوّلون الزوجة برفع أمرها إلى الحاكم الشرعي بما يتجنّبها ما يؤذيها، وللحاكم أن يؤدّبه لو ثبت تقصيره بما يراه مناباً بحسب ولايته الشرعية.
2- ولو امتنع الزوج عن أداء حقوق زوجته الواجبة عليه من القِسمة والنفقة والمبيت ونحو ذلك فلها المطالبة بحقّها بالقول الليّن والوعظ، فإن لم يؤثّر ذلك ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيُجبره ولو ببيع عقاره إذا توقّف عليه، فإن لم ينفع كلّ ذلك له تأديبه بما يراه مناسباً بحسب ولايته أيضاً.

* نشوز الزوجين:
لو وقع النشوز من الزوجين بحيث خيف الشقاق والفراق بينهما وانجرّ أمرهما إلى الحاكم الشرعي بُعث حكمان، حكماً من جانبه وحكماً من جانبها للإصلاح ورفع الشقاق بما يرونه من الجمع أو الفراق قال تعالى: ﴿وإنْ خِفْتُم شِقاقَ بَينهِما فابعثوا حَكَماً من أهْلِهِ وحَكَماً من أهلِها إن يُريدا إصْلاحاً يُوَفّقِ اللهُ بَيْنَهُما﴾ (سورة النساء، الآية 35).
- ينبغي على الحكمين إخلاص النية وقصد الإصلاح، فمن حسنت نيته أصلح الله مسعاه، ويجب عليهما بعد ذلك السعي في أمرهما، والاجتهاد في حالهما، بعد الوقوف على الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الخلاف، والعمل الجاد على حلّها بالطرق الحسنة والأساليب الناجعة.
- الحكم ما استقرّ عليه رأي الحكمين بشرط كونه جائزاً، فلو حكما على الزوج أن يُسكن الزوجة في دار ثانية بعيدة عن أهله أو أهلها مثلاً نفذ عليه، ولو حكما على الزوجة أن تؤجّله بالمهر الحال إلى أجل مثلاً نفذ عليها، بخلاف ما كان غير جائز كما لو حكما عليه بالإجازة لها بالخروج من بيته حيث تريد وأين تشاء ونحو ذلك.

- لو اجتمع الحكمان على التفريق ليس لهما ذلك، إلاّ إذا شرطا عليهما حين بعث إليهم الحاكم بأنّهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرّقا، وحيث إنّ التفريق لا يكون إلاّ بالطلاق فلا إشكال في إيقاعه إذا اجتمعا على ذلك.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع