الزوج: أعود إلى البيت بعد نهار شاق ومتعب فتستقبلني زوجتي بسيل من الشكاوى والتذمرات وتتهمني بالتقصير والإهمال.
تعتبر هذه الشكاية في حال تكرارها المؤشر الأبرز الذي يعكس هزالة الرابطة الزوجية بين الزوجين وانعدام المودة والرحمة بينهما. إذ أن استيفاء كل زوج حاجاته الفطرية التي من المفترض أن يؤمنها له الزواج تجعله قادراً على العطاء والتحمل والصبر في حال فرضت الظروف على أحدهما ذلك.
إن كلا الزوجين ينتظر أن يؤمن له الزواج حاجاته النفسية والجسدية بأبعادهما المختلفة. وهو ما يتحقق فيما لو اتُّبعت التعاليم الإسلامية الموزعة بين الواجبات والمستحبات المذكورة في الكتب المختصة.
فهل أنت تؤمن لزوجتك حاجاتها هذه بحيث تكون لباساً لها كما تريد منها أن تكون سكناً لك؟ وهل أنك تلاحظ اهتمامها بشؤون المنزل وتربيتها للأولاد كأعمال تؤديها طلباً للقرب والمودة أكثر منها واجبات فرضتها عليها التقاليد الموروثة مما يفرض عليك المشاركة في تحمل بعض الأعباء في حال التقصير. وهل أنك تنظر إلى ظروف العصر الحلية التي استدعت المرأة أن تواكب نهضة المجتمع الإسلامي وثورته في وجه الاستكبار حيث بات عليها أن تشاركك جزءاً من أعمالك الخارجية إضافة إلى عملها داخل المنزل. هذا مع ملاحظة ما قد تتبنّاه هي في حركتها هذه من أفكار مغلوطة وما أكثرها. كدعوة المرأة إلى التحرر والمساواة وغيرها من الشعارات المستهلكة في مجتمعنا، والتي تجعلها في صدام دائم معك.
إن ملاحظة هذه الأمور بدقة وباستمرار - مع الالتفات إلى كونك الولي عليها بحكم الإسلام وهو ما يتطلب منك أن تتصف بالصبر والرشد والحكمة - يجعلك تتعرف إلى الجذور الحقيقية للمشكلة والتي تدفعك بالنتيجة إلى إتمام ما أهملته من حقوق، أو معالجة ما وجدته من خلل - بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة.
الزوجة: يدخل إلى البيت عابساً مكفهراً ولا يتحمل أية كلمة مني أو من الأطفال فيبدأ بزجرنا جميعاً.
غالباً ما تحدث هذه الأمور في الحياة الزوجية، وخاصة عندما تضغط الظروف المعيشية وأوضاع العمل على الزوج فيلاقي في فترات عمله الكثير من المصاعب والأعباء ويقاسي أنواع الهموم والبلاء مما يجعله في حالة يرثى لها من الشعور بالألم والتعب والإرهاق. ولهذا يصعب عليه أن يغيّر من هذه الحالة عند دخوله إلى البيت حيث تكون درجة تحمله للمشاكل قد وصلت إلى نقطة قريبة من الصفر، ولهذا أيضاً يصبح أقل شيء باعثاً على الغضب الشديد فينفعل ويصرخ بوجه أهل بيته.
وقد يكون هذا الأمر ناشئاً من إخلالٍ بالحقوق والواجبات الزوجية عند الزوجة مما يؤدي إلى شعور دائم عند الزوج بتقصير الزوجة وعدم الاهتمام به. وحيث أن المصارحة فن لا يجيده إلاّ القلة من المتزوجين (للأسف) فإن طريقة التعبير عن الانزجار والاعتراض على تقصير الزوجة يكون بهذا العبوس والغضب حتى يخيل إلى الرجل أن بيته هو مصدر متاعبه في هذه الحياة.
إذاً فعلاج هذه المشكلة ذو شقين، فإذا كان هناك إخلال بالحقوق الزوجية وعدم مراعاة للواجبات فينبغي الإلفات إليها والتفاهم بشأنها، وقد ذكرت هذه الحقوق والواجبات في الرسائل العملية وفي الكتب الأخلاقية.
أما الشق الثاني فيتطلب اهتماماً من قبل الزوج والزوجة معاً.
فالزوج ينبغي أن يتناسى مشاكله وهمومه ومشاغله عند عتبه المنزل ويعلن نفسه مصدراً للرحمة والعطف والرأفة للبيت.
وكذلك على الزوجة أن تستعد لاستقبال زوجها بأفضل صورة ممكنة حتى لو تطلب منها هذا الأمر جهداً إضافياً، لأن مقابلة الزوجة لزوجها بالبشاشة والزينة والوجه الحسن تنسيه مشاكله وهمومه مهما عظمت.