إبراهيم منصور
*من أجمل الحديث
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وأمّا ابنتي فاطمة فإنها سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عينيّ، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسيّة، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جلّ جلاله، زهر نورها لملائكة السماء، كما يزهر نورُ الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزّ وجلّ لملائكته: يا ملائكتي، انظروا إلى أَمَتي فاطمة سيّدة إمائي، قائمة بين يديّ، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي. أشهدُكم أني قد آمنتُ شيعتها من النار"(1).
*من أجمل شعر الفروسيَّة
جاء في شرح الأخبار أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، بعد أن قتل عمرو بن ودّ العامري، في موقعة الخندق، أو الأحزاب، قال:
نَصَرَ الحجارةَ من سفاهةِ رأيهِ |
ونصرتُ ربَّ محمَّدٍ بصوابِ |
فصدَدْتُ حتى تركتُه متجدِّلاً |
كالجِذعِ بينَ دكادكٍ(2) وروابي |
وعففتُ عن أثوابه ولو أنَّني |
كنتُ المصرَّعَ بزَّني أثوابي |
لا تحسبَنَّ الله خاذلَ دينهِ |
ونبيِّهِ، يا معشرَ الأحزابِ! |
*عامِّيّ أصلُه فصيح
نقول بالعامِّيَّة: "نَجَّدَ المُنَجِّدُ الفَرْشَةَ"، إذا نفض صوفها وأعاد بَسْطَها وتخييطها، وأصل هذا التعبير فصيح، فالمنجِّد هو النجَّادُ الذي ينجِّدُ أي: يُنضِّدُ ما في البيت من البُسُط والوسائل والفُرُش. وأصل معنى التنجيد هو التزيين والتوشية، ومنه قول الشاعر ذي الرُّمَّة: "مِنْ وَشْيِ عَبْقَرَ تجليلٌ وتنجيدُ". والبيت المنجَّد هو المزيَّن بالثياب والفُرُش والسُّتُور التي تُعلَّقُ على الحيطان للزخرفة. والمِنْجَدَة هي العصا التي يُنْفَشُ بها الصوف(3).
*مفردات ثريّة بالمعاني
من المفردات الغنيّة بمعانيها كلمة "فرسخ" وهي ذات أصل فارسي معرَّب. فالفرسخ، أصلاً هو السكون، والفرسخُ الساعةُ أو الوقت، إذ فراسخ الليل ثلاثة أميال، وقيل: ستّة. والفرسخُ الراحةُ والفرَج، وكلّ شيء دائم كثير لا ينقطع هو فرسخ، يقال: انتظرتُك فرسخاً من الليل أو النهار، أي: وقتاً طويلاً. والفرسخ السكون وانكسارُ البرد، من قولهم: فرسَخَتْ عنه الحمَّى، أي: انكسَرتْ وبعُدتْ.
*من المتقارب لفظاً ومعنىً
"حاذَ" و"حازَ": نقول: حاذَ الجمَّالُ إبلَه حَوْذاً، أي: ساقها سَوْقاً شديداً، ومثلُه: حازَها يحوزها حَوْزاً. والحوذيُّ، أي: سائق الإبل، هو الحوزيّ. ونقول: حازَ الطالب شهادةً، إذا حصلَ عليها أو حاذَ عليها. ومن قولهم: حاذَ الإبلَ، إذا حازها وجمّعها ليسوقها.
*من أجمل الردود
دخل رجلٌ من عامَّة الناس على الأديب سعيد تقي الدين، في منزله في بعقلين، فرحَّبَ به الكاتب وقدَّم له طبقَ عنبٍ، فأكلَ الرجلُ بشغفٍ وبلا هَوادة، فقال له المُضيف:
- يبدو أنك تحبُّ أكلَ العنب.
فأجابه الرجلُ الضَّيْف:
- أنا، بين الحبّة والحبّة، أشتاق لأكلِ العنب!
*من جذور الكلام
"التِّقْنِيَّة": يعتبر كثيرون أن التِّقْنِيَّة، وتعني الحَذَاقة والإحكام، هي تعريب للكلمة الأجنبية "Technique"، وهذا خطأ صُراح؛ لأنّ كلمة "تِقْنيَّة" قديمة قِدَمَ جاهلية العرب، وهي مصدر صناعيّ من "تِقْن"، نسبةً إلى ابنِ تِقْن، رَجُلٍ من بني عاد يُدعى كعْب بن تِقْن، وكان جيّد الرمي بالسهام، ولم يسقط له سهم، لذا ضُرِبَ به المثل في التسديد والرَّمْي، فقيل: "أَرْمَى من ابن تِقْن". ثمَّ قيل لكلِّ حاذق ماهِرٍ بالأشياء "تِقْن"، ومنه يُقال: أَتقنَ فلانٌ عملَه، إذا أحكمه، وجاء في التنزيل العزيز: ﴿صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء﴾، ورجل تِقْن هو الحاضر المنطق والجواب(4).
*من الأضداد
- هَجَدَ القومُ هجوداً، وتهجَّدوا، إذا استيقظوا للصلاة، وفي التنزيل العزيز: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّك﴾ (الإسراء: 79). والهَجُودُ أو المتهجِّدُ يكون مُصَلِّياً، ويُقال: هَجَدَ فلان وتهجَّد، أي: نام ليلاً، وهَجَدَ وتهجَّدَ، أي: سَهِرَ، فهذا من الأضداد.
*من نوادر العرب
قال أبو الأَسْود لابنه: "يا بنيّ، إنّ ابن عمك يريد أن يتزوّج، ويجب أن تكون أنت الخاطب فتحفظ خطبةً".
فبقي الغلام يومين وليلتين يدرس خطبة، فلمّا كان في الثالث قال أبوه: ما فعلت؟ قال: قد حفظتُها، اسمع:
"الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوكّل عليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح...".
فقال له أبوه: "أمسِكُ، لا تُقِمِ الصلاة، فأنا لستُ على وضوء".
*من الثنائيّات
"الأبردان": الظِّلُّ والفيء، سُمِّيَا بذلك لبردهما. وكذلك الغداة والعشيّ هما الأبردان، لانكسار وهَج الحرّ فيهما.
"الخافقان": الشرق والغرب، لأن اللّيل والنهار يخفقان فيهما.
*من بلاغة نساء العرب
جاءت أسماء الأنصاريَّة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهو بين أصحابه، فقالت: بأمي أنتَ وأُمِّي، إنّي وافدةُ النساء إليك. واعلَمْ - نَفْسي لكَ الفداء - أنَّه ما امرأةٌ كائنةٌ في شرقٍ ولا غرب، سمِعَتْ بمخرجي هذا إلا وهي على مِثْلِ رأيي. إنَّ الله بعثَكَ بالحقِّ إلى الرجال والنساء، فآمنَّا بكَ وبإلهكَ الذي أرسَلَك. وإنَّا - معشَرَ النساء - محصوراتٌ مقصوراتٌ قواعدُ بيوتكم، ومَقْضَى شهواتكم، وحاملاتُ أولادكم. وإنّكم - معاشِرَ الرجال - فُضِّلْتُم علينا بالجُمعة والجَماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحجّ بعد الحجّ. وأفضلُ من ذلك الجهادُ في سبيل الله. وإنَّ الرجلَ منكم، إذا خرج حاجاً أو مُعتمراً أو مُرابطاً، حفظنا لكم أموالكم، وغزَلْنا لكم أثوابكم، وربَّينا لكم أولادَكم.. فما نُشاركُكُم في الأجر، يا رسولَ الله؟!
فالتفتَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أصحابه بوجهه كُلِّه، ثمَّ قال: هل سمعتم مقالةَ امرأةٍ، قَطُّ، أحسنَ - في مُساءلتها في أمر دينها - من هذه؟ فقالوا متعجّبين من فصاحة تلك المرأة: يا رسولَ الله، ما ظَنَنَّا أنّ امرأةً تهتدي إلى مثلِ هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليها ثمّ قال لها: انصرفي، أيتها المرأة، وأَعْلِمي مَنْ خَلْفَكِ مِن النساء، أنَّ حُسْنَ تَبَعُّلِ إحداكنَّ لزوجها، وطلبَها مرضاتَه، واتِّباعَها موافقتَه، يَعدِلُ ذلك كُلَّه فأدبرتِ المرأةُ وهي تُهلِّلُ وتكبِّرُ استبشاراً.
*من غريب اللغة
"المتردِّد": إذا كانت هذه المفردة بمعنى المتحيِّر أو المحتار، فهذه لغة معروفة شائعة، لا غرابةَ فيها، أما إذا كانت لفظة "المتردِّد" بمعنى الرجل القصير الذي اجتمعَتْ أعضاؤه، فهنا الغرابة. وأصل "المتردِّد": تردَّد بعض خَلْقه على بعض وتداخلت أجزاؤه. وفي صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس بالطويل البائن، ولا القصير المتردِّد، أي المتناهي في القِصَر(5).
1.بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 28، ص 38.
2.الدَّكادك: الرمال المتلبِّدة: كتاب العين للفراهيدي، مادة دك.
3.ابن منظور، لسان العرب، مادّة مجد.
4.م.ن، مادّة تقن.
5.م. ن، مادة ردّد.