مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المشاكل الزوجية نماذج وحلول‏

الشيخ ياسين عيسى‏


الحياة الزوجية عبارة عن استقرار أسري ملؤه الطمأنينة والسكينة استجابة لرغبة الفطرة وميول الطبع ولا يمكن أن نتصور أن هناك من يريد بناء حياة زوجية في غير هذا الهدف. قال تعالى حاكياً هذا الواقع الفطري: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً (الروم: 21). والإنسان لديه الاستعداد بالفطرة للتعايش وهذا التعايش يفتقر إلى مودة وحب ورحمة ونظرة إشفاق وحنان، وكل هذا مودع في فطرتنا وجبلَّتنا التي أودع اللّه جل شأنه كل جمالٍ وكمالٍ فيها.

* البيت السعيد
في نظرتنا التي فهَّمنا إياها الإسلام العزيز الذي هو أعظم نظامٍ على الإطلاق يعتني بمصالح البشرية؛ فإن الحياة الزوجية هي عبارة عن تكامل في الأدوار في دائرة البيت السعيد حيث الزوج هو المدير والمشرف والمراقب والموجّه وحيث الزوجة هي المساعد له ونائبه وهي كلمة الرحمة ونظرة الحنان والطبيب النفساني والحِجْر الذي يتسع ويتسع ليكون المهدِّئ والحارس الذي يستقر عنده كل توتر من قبل الزوج والأولاد وأما معالم الأسرة فهي التعاون والطوعية والحوار والوضوح والتفاني والتضحية والتحمل والصبر والسباق في الفضيلة والأخلاق والتطلع إلى مستقبل فيه رضا اللّه وصلاح الإنسان.

* مشاكل الأسرة
إن ما ذكرناه عن الأسرة السعيدة لا يعني أنها بعيدة عن السلبيات والتقصير والمشاكل المتنوعة، كيف والدنيا متقلبة، والشهوات غالبة، والفقر محدِّق، والأمراض منتظرة والأخطاء واردة، ومن هنا جاءت الوصايا الإلهية لتهذِّب النفوس وتعطي الحلول وتحذِّر من كثير من الأمور، ومن هنا نفهم لماذا ركَّز الإسلام على الأخلاق والفضيلة فجعل ذلك عمدة تبليغ الرسالة الإلهية "إنما بعثت لأتمَّم مكارم الأخلاق" كما ورد في الحديث الشريف.

* المشكلة والحل معاً: إن المشكلة منتظرة داخل الأسرة ومن يتوهم الكمال الذي لا يخطى‏ء هو خاطي‏ء وحالم إذ لا كمال إلا للّه تعالى ولمن ارتضى من رسول أو إمام معصوم ولكن نحن نسعى إليه لنتكامل بقدر استطاعتنا وما اجتمع اثنين إلا ونترقب المغايرة بينهما ولكن في نفس الوقت لكل مشكلة حل والأسرة السعيدة هي التي تتغلب على مشاكلها والتغاير لا يُلغي التعايش وعدم التشابه لا يعني عدم الانسجام والأخطاء تنطوي بالتسامح والعفو والحذر من التكرار.

ومن المشاكل التي هي مثار للجدل في مجتمعنا:
* عدم فهم الطرفين لشخصية بعضهما البعض‏

إن من المشاكل المبتلى بها عدم تفهم الزوجين لشخصيتهما فقد يفتقد الزوج فهمه لدوره وأنه المدير والمصلح والحامي وقد يفتقد فهم شخصية الزوجة وأنها المساعد لزوجها الحاضنة لأطفالها ذات الجمال والحنان. وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة التي تخطي‏ء دورها لتمارس وظيفة إدارة البيت تسلطاً لا نيابة عن الزوج وكذلك عندما تحرم أسرتها من دف‏ء حنانها وليونتها وطوعيتها، فإن هذا وذاك سوف يعرض الأسرة للتشرذم والتفكك والضياع والحرمان العاطفي. ويدخل في ذلك من ينتظر من الطرف المقابل عدم الخطأ والكمال الذي لا نقص فيه فإنه سوف يفاجأ بكثير من المتاعب والقلق. ويمكن أن يحصل من هذه المشكلة عدة أمور:
1 - التقصير في أداء الوظيفة والدور.
2- الوقوف كثيراً عند الخطأ ونظرة العداء أو الاستخفاف بالمقابل.
3- فقدان الاستقرار والسكينة داخل الأسرة.
4- التفتيش عن البديل إما بالطلاق أو بالتعدد لدى الزوج.
5- قساوة القلب والبعد عن الفضيلة بسبب كثرة المشاكل المقلقة.
6 - سوء التربية للأولاد.
7 - انعكاس ذلك على بنية المجتمع لأن الأسرة هي أساسه.


الحل: هو بعودة اعتبار القيمة للإنسان وبالخوف من مخالفة قوانين الله تعالى وبالأخذ بتعاليم أولياء الله وهذا يختصر بتأهيل ثقافتنا وإعادة الاعتبار لها.

وليقف الرجل عند حدود رجولته التي تتميز بأنه المدير والحامي .. والمعيل والذي ينبغي أن تصدر كل مواقفه عن حكمة في حين أنه بطبعه يتحمل القساوة والشدائد. ولتقف المرأة عند حدود شخصيتها الأنثوية التي تمتاز باللطافة ورقة الشعور والميل للزينة والعاطفة المشبعة بالحنان والليونة في حين أنها يمكن أن تكون أداة للشيطان والنفس الأمارة بالسوء ولا ننسى أنها محمية زوجها ومربية أطفالها. فبهذا يحصل التكامل والنجاح.

وإذا ما غاب أحد الزوجين يقوم الآخر مقامه بالنيابة لا بالأصالة فليعطِ الزوج من عاطفته لأولاده في غياب الزوجة بالإضافة إلى الإدارة ولتعطِ الزوجة لأولادها من حكمة إدارتها في حال غياب الزوج وهكذا. ولينظر كل واحد بنظرةِ الرحمة إلى الآخر فيعفو عن خطئه ويتجاوز عن سيئاته ويحمله على المحمل الحسنَ، وليحسن عملية إصلاحه وتحمله والصبر على سجاياه وعاداته لأن هذا هو معنى المودة والرحمة الواردين في الآية المباركة. ويمكن الاستفادة لما ذكرناه من الأدلة التالية:
قال النبي صلى الله عليه وآله: "ويل لامرأة أغضبت زوجها وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها".
وقال صلى الله عليه وآله: "من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينهُ وترضيه وإن صامت الدهر".
وقال الإمام علي عليه السلام: "فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانه"(*). وقال عليه السلام: "الزوجة الموافقة إحدى الراحتين".
وقال الصادق عليه السلام: "إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد".

* عدم الصراحة وعدم الحوار
إن أغلب المشاكل لا يمكن أن يوضع لها الحل إلا بالتفاهم والحوار، والأسرة التي تفتقد جلسة الحوار والتفاهم غالباً ما تكون مورداً للمشاكل وقساوتها ولعل مشكلة ما تافهة تبقي حقداً ومقاطعة لعشرات الأيام، وعندئذ أي صورة لهذه الأسرة يمكن أن نتصورها بخيالنا، وكيف يتم التعاطي أمام الأولاد وكيف يصلُّون لربهم وكيف ينطلقون إلى أعمالهم.

* الحل: هو بالحوار والصراحة من أجل مدارسة المشاكل التي حدثت أو لمناقشة مشاكل الأولاد وشؤونهم من بلوغ وحوائج ... وثقافة إن هذا هو صمام الأمان للأسرة.

إن الأسرة الناجحة هي التي يملك كل من الزوجين شجاعة المبادرة بهدوء لجلسة الحوار ونعم الزوج الصالح الذي يبادر فيطلب من زوجته تهيئة جلسة للحوار على فنجان القهوة. ونعم الزوجة الصالحة التي تقول لزوجها عند هدوء المشكلة: الشيء جاهز تفضل على جلسة مناقشة وحوار بهدوء، ولا أقل من شجاعة الاستجابة لجلسة الحوار إذا ما دعى لها أحد الطرفين، وفوائد جلسة الحوار عديدة:
1- كسر عنفوان العناد.
2- الوضوح والصراحة ورفع صورة الغموض عن الطرف المقابل.
3- الإسراع في حلِّ المشاكل العالقة.
4- وضع الحلول لمستقبل الأسرة والأولاد ذكوراً وإناثاً.


ويؤيد ما قلناه الأدلة التالية الشاملة بإطلاقها لحال الزوجين:
قال الإمام علي عليه السلام: "إمحض أخاك النصيحة حسنةً كانت أو قبيحة" وقال عليه السلام: "خير من صحبته من لا يحوجك إلى حاكم بينك وبينه". وقال أيضاً عليه السلام: "بحسن العشرة تدوم المحبة".

* القهرمان: وكيل الدخل والخرج.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع