تفتح مجلة بقية الله صفحاتها للقراء الأعزاء لطرح أسئلتهم في مختلف القضايا الإسلامية وتقدم الأجوبة عنها وفي مورد الأسئلة الخاصة نرجو ذكر الاسم والعنوان حتى يتم إرسالها إليهم.
أحد الإخوة سال قائلاً: لقد أجاز الإسلام للبنت الزواج في سن التاسعة في حين أنها لا تصلح لأن تكون أماً في هذا العمر إضافة إلى عدم الاستعداد الجنسي. ولهذا فإن هذا التشريع قد رُفض في الدول الراقية، ألا يعد هذا نقطة ضعف توجَّه إلى الإسلام؟
الجواب:
لا يوجد أدنى شك في أن هناك بعض المناطق التي تصل فيها البنت إلى سن البلوغ في التاسعة والعاشرة وكذلك الشاب في عمر الخامسة عشر بحيث يصبح كل منهما مستعداً للزواج. وكذلك الأمر قد نجد في مثل هذه الأعمار من لا يقدرون على الزواج، ويصبح الزواج مشكلة جسدية كبرى يمكن أن تؤدي إلى أمراض عديدة عندهم.
وبالالتفات إلى هاتين الحالتين نقول أن الإسلام لو كان أوجب الزواج في تلك السن المبكرة لكان هذا التشريع ظلماً ولأدى ذلك إلى مشاكل كثيرة، ولكن نحن نفهم أن الزواج في الإسلام ليس واجباً على هؤلاء وإنما هو جائز ولا مانع منه.
وبهذه الإجازة يمكن لأولئك الذين يصلون إلى مرحلة النضج والرشد الكافيين في هذا العمر أن يؤسسا حياة عائلية سليمة ويحققا لهذه الشهوة أو الرغبة ارتواءها السليم والشرعي، ونحن نعلم أن عدم تلبية الرغبات الجسدية الملحة بشكل سليم يؤدي إلى جماحها على عكس ما يتصور البعض، والدين الإسلامي حث على الزواج في هذا الباب أيضاً. فأفضل وسيلة لإخماد نيران الشهوة الطبيعية يكون في إشباعها، وإشباعها ينبغي أن يتم بصورة شرعية لكي يتحقق للنفس تكاملها المطلوب.
أجل إن أولئك الذين لا يرون شيئاً وراء المادة والحس سوف لن يزيدهم هذا الإشباع إلا عطشاً لأنهم يتوهمون وجود السعادة الحقيقية في الجسد والمادة وقضاء الشهوات الحسية.
وهكذا يكون الإسلام في تشريعه للزواج في السن المبكر قد عمل على تحقيق التوازن والاستقرار في الشخصية من خلال إعطاء كل ذي حق حقه.
* الرشد
الشرط الآخر في الزواج هو ما يسمى بالرشد أو النضج العقلي، وهو وصول الشاب والفتاة إلى مرحلة من الوعي بمتطلبات الزواج، أو القدرة على معرفة الحقوق والواجبات الشرعية في العلاقة الزوجية.
فالإسلام لا ينظر فقط إلى الجانب المادي في تشريع الزواج بل يؤكد أيضاً على الجوانب المعنوية والعقلية.
والأهل يلعبون دوراً مهماً في التربية والتوجيه المناسب نحو هذه المسائل. ولذلك نجد في بعض المجتمعات أن الفتاة تملك من النضج ما ليس موجوداً عند أخواتها في مجتمعات أخرى. ويعود السبب في ذلك إلى مستوى الوعي العام السائد في ذلك المجتمع.
خلاصة الكلام أن الإسلام لم يوجب الزواج في هذا السن وإنما شرّعه لمصلحة عظيمة يتحقق من خلالها التوازن والاستقرار في شخصية الإنسان بشرط البلوغ والرشد.