فاطمة منصور


* نسائم قرآنية
قال تعالى: ﴿إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ (الأحزاب: 10)؛ فكيف يمكن أنْ تبلغ القلوب الحناجر مع كون أصحابها أحياء. ومن المعلوم أنّ القلب إذا زال عن موضعه مات صاحبه؟ وعن أيّ شيء زاغت الأبصار؟ وبأيّ شيء تعلّقت ظُنونهم بالله تعالى؟

ويمكن الإجابة عن ذلك بوجوه:
- المراد أنهم جبنوا، وفزع أكثرهم، لمّا أشرف المشركون عليهم وخافوا من بوائقهم؛ ومن شأن الجَبان عند العرب إذا اشتدّ خوفه أن تنتفخ رئته، ولا يُمتنع أنّ الرئة إذا انتفخت رفعت القلب ونهضت به نحو الحنجرة.

- وقيل إنّ القلوب توصف بالوجيب والاضطراب في أحوال الجزع والهلع. قال الشاعر:

* فروق لغوية(2)
1. الفرق بين الشدّة والصعوبة:
الصعوبة تكون في الأفعال دون غيرها فيقال: صعب عليّ الأمر يعني فعله صعب عليك.
ورجل صعب أي مُقاساتُه صعبة.
وفيها معنى الغلبة لمن يزاولها، فالصعوبة أبلغ من الشدّة. وقد يكون الشديد غير صعب ولا صعب إلا شديد.

2. الفرق بين الشدّة والجَلد:
الجلد: هو صلابة البدن ومنه الجِلد، لأنه أصلب من اللحم.
والجَلَد: الصلب من الأرض، ويتضمّن معنى الجَلد الصبر والقوة.

3. الفرق بين الشدّة والقوة :
الشدّة في الأصل هي مبالغة في وصف الشيء بالصلابة وليس من قبيل القدرة، ولهذا لا يقال لله تعالى شديد.
أما القوة فمن قبيل القدرة.

* مرادفات قرآنية
1. الفرق بين الدعاء والنداء: ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ (البقرة: 171).
النداء هو رفع الصوت بما له معنى.
والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه.
يقال: دعوت الله في نفسي، ولا يقال: ناديته في نفسي(3).

2. الفرق بين الصوت ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ (الحجرات: 2) والكلام ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ﴾ (آل عمران: 46) أنّ من الصوت ما ليس بكلام مثل: صوت السيوف والبهائم والطيور(4).

3. الفرق بين النبأ ﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ﴾ (الأنعام: 5) والخبر ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ (الكهف: 68)، أن النبأ لا يكون إلّا للإخبار بما لا يعلمه المخبَر، ويجوز أن يكون الخَبَر بما يعلمه المخبَر، ولهذا يقال: تخبرني عن نفسي ولا يقال تنبئني(5).

* آية وبلاغة
قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ...﴾ (الشعراء: 132-134).
هنا يذكر المتكلّم كلاماً في ظاهره لبس، إذ ليس واضحاً ما أمدَّهم الله به ثمّ يوضحه في بقيّة كلامه، وهذا ما يسمى بالإيضاح.

* مراتب لغويّة
أ. إذا زوى الشخص ما بين عينيه فهو: قاطب -عابس.
ب. إذا كشّر عن أنيابه مع العُبُوس فهو: كالح.
ج. فإذا زاد عبوسه وهو كالح فهو: باسر أو مكفهر.
د. إذا كان عبوسه من همٍّ أصابه فهو ساهم.
هـ. فإذا عبس من الغيظ وانتفخ وجهه مع احمرار فهو مبرطم(6).

* نوادر
قال أبو نواس لصاحبه، أثناء سيرهما معاً، في الطريق: أتشتهي كذا وكذا من الطعام؟ وذكر أنواعاً كثيرة طيّبة من صنوف الطعام، ممّا يسيل لها اللعاب.
فقال له الرجل بلهفة: نعم، والله إني لأشتهي كلّ ما ذكرته، خصوصاً، أن جوفي لم يدخله طعام من ليلة البارحة. فقال له أبو نواس: إذن.. فهيا بنا!
وانطلقا في الطريق حتّى وصلا إلى دار أبي نواس، وهناك ترك أبو نواس صاحبه جالساً بالفناء، وغاب عنه لبعض الوقت ثم عاد إليه حاملاً في يديه رغيفين يابسين وبعض الكامخ (المخلّل) ثمّ قال له: تفضل كُل بالهناء والشفاء.
فقال الرجل: وأين ما قلت؟ فقال له أبو نواس: أقلت لك عندي أم قلت تشتهي؟!

* قصص الأمثال
- "من جدَّ وجد ومن زرع حصد"
قيل إنّ ملكاً استدعى وزراءه الثلاثة، وطلب من كلّ وزير أن يحملَ كيساً كبيراً إلى بستان القصر ويبدأ بملء الكيس للملك من مختلف الثمار التي كان القصر مليئاً بها. وقد أمرهم، بحزم، أن لا يستعينوا بأحد في أداء تلك المهمة أو أن لا يسندوها إلى أحد. استغرب الوزراء طلب الملك ولكنّهم انصاعوا لما أمرهم؛ فأخذ كل واحد منهم كيسه وانطلق إلى البستان. وجمع الوزير الأول أفضل الثمار وأجودها، أما الثاني، فكان متيقّناً أنّ الملك لا يريد الثمار لنفسه فتكاسل ولم ينتبه لفاسد الثمار التي جمعها. والثالث لم يعتقد أنّ الملك كان مهتماً بما في الكيس فملأ الكيس بالحشائش والأعشاب. وعندما جاء الثلاثة إلى الملك، أمر الملك رئيس الجند أن يأخذ الوزراء ويضعهم ثلاثة أشهر في السجن وأن يحملوا معهم أكياسهم، وأن لا يأكلوا إلّا ممّا جمعوه. وهكذا، فإنّ الوزير الأول ظلّ طيلة المدّة مرتاحاً، والثاني، قضاها بتعب وضيق، أمّا الثالث فمات جوعاً قبل أن ينقضي الشهر الأول، ولهذا جاء في المثل "من جدَّ وجد ومن زرع حصد".

* من طرائف النحويّين
طلب نحويّ من ابنته أن تأتيه بإناء، فجاءت به ونادته: أمسك بالإناءَ (نصبت كلمة إناء) فقال لها: اكسريه، فرمته على الأرض!

* موائد الأطعمة
الوليمة: طعام العرس
الوكيرة: طعام الفراغ من البناء
التحفة: طعام الزائر
المأدبة: طعام الدعوة

^{1- يراجع: الأمالي، الشريف المرتضى، ج2، ص9.
2- الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري، ص164.
3- يراجع: (م.ن)، ص534.
4- يراجع: (م.ن)، ص324.
5- يراجع: (م.ن)، ص528.
6- فقه اللغة وسرّ العربيّة، الثعالبي النيسابوري، ص139}