التاريخ: الخميس 18 ذو الحجّة عام 10 للهجرة.
المكان: غدير خمّ من الجحفة (موضع بين مكّة والمدينة) التي تتشعّب فيها طرق المدنيّين والمصريّين والعراقيّين.
الوقت: بعد صلاة الظهر في شدّة الرمضاء.
الرسول: جبرائيل عليه السلام عن الله تعالى.
المهمّة: تبليغ الناس ما نزل في الإمام عليّ عليه السلام من الولاية وفرض الطاعة على كلّ أحد: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (المائدة: 67).
الحضور: ما بين مئة ألف من المسلمين إلى مئة وعشرين ألفاً.
فحوى الرسالة: "... فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه" [يقولها ثلاث مرّات، وفي لفظ أحمد: أربع مرّات]، ثمّ قال: "اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض مَن أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحقَّ معه حيث دار..."(1).
أهمّيـّــــة الرســالة: إكمال الدين وإتمام النعمة:
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ (المائدة: 3). وبعد نزول الآية قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربّ برسالتي، والولاية لعليّ من بعدي"(2).
تهنئـــــةُ علــيٍّ عليه السلام بإمرة المؤمنين: بعد ذلك طفق القوم يهنّئون أمير المؤمنين عليه السلام، وكــان ممّن أطنـب في تهنئته بالمقــــام عمـر بن الخطاب، فأظــهر له المسرّة به، وقال فيما قال: بخٍ بخٍ يا عليّ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة(3).
دلالته على وجوب البيعة والطاعة: قال ابن عبّاس بعد التهنئة: وجبت -والله- في أعناق القوم(4).
ولايةٌ يُسأل عنها يوم القيامة: قال الحافظ الواحديّ بعد ذكر حديث الغدير: هذه الولاية التي أثبتها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ مسؤولٌ عنها يوم القيامة، روي في قوله تعالى: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾ (الصافات: 24)؛ أي عن ولاية عليّ رضي الله عنه؛ والمعنى أنّهم يُسألون: هل والوه حقّ الموالاة كما أوصاهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، أم أضاعوها وأهملوها، فتكون عليهم المطالبة والتبِعة(5).
مَن أصابته دعوة أمير المؤمنين عليه السلام لإخفائه حديث الغدير: إنّ قوماً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الحاضرين في يوم غدير خمّ قد كتموا شهادتهم لأمير المؤمنين عليه السلام بالحديث، فدعا عليهم فأخذتهم الدعوة، منهم أنس بن مالك، حيث لم يشهد لأمير المؤمنين عليه السلام عندما قال على منبر الكوفة: أيّها الناس، من حضر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه" فليقم وليشهد، فقام جماعة وأنس بن مالك جالس لم يقم، فقال عليه السلام: "يا أنس، ما منعك أن تشهد وقد سمعت ما سمعوا؟"، فقال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت، فقال عليه السلام: "اللهمّ، إنْ كان كاذباً فارمه ببيضاء لا تواريها العمامة"، فصار أبرص(6).
ومنهم: براء بن عازب الأنصاريّ، وجرير بن عبد الله البجليّ، وزيد بن أرقم الخزرجيّ، وعبد الرحمن بن مدلج، ويزيد بن وديعة(7).
رواة حديث الغدير وتواتره:
- من الصحابة: 110.
- من التابعين: 84.
- من أئمّة الحديث وحفّاظه والأساتذة: 360.
رواه الحافظ السجستانيّ عن مئة وعشرين صحابيّاً، والحافظ أبي العلاء الهمدانيّ رواه بمئتين وخمسين طريقاً. وقد أفرد شمس الدين الجزريّ رسالة في إثبات تواتره، ونسبَ منكره إلى الجهل. وعن ضياء الدين المقبليّ: إن لم يكن معلوماً، فما في الدين معلوم. وعن العاصميّ: حديث تلقّته الأمّة بالقبول، وهو موافق بالأصول. وعن البدخشيّ: حديث صحيح مشهور، ولم يتكلّم في صحّته إلّا متعصّب جاحد لا اعتبار بقوله. وقال: إنّه حديث متّفق على صحّته، وإنّ صدره متواتر يُتيقّن أنّ رسول الله قاله. ومن قول الآلوسيّ: ثبت عندنا أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قاله في حقّ عليّ(8).
الإجماع على متن حديث الغدير: قال أبو حامد الغزّاليّ في معرض كلامه عن حديث الغدير: "ولكن أسفرت الحجّة وجهها، وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خمّ باتّفاق الجميع، وهو يقول: (مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه). فقال عمر: بخٍ بخٍ يا أبا الحسن! لقد أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. فهذا تسليم، ورضى وتحكيم، ثمّ بعد هذا غلب الهوى لحبّ الرياسة، وحمْل عمود الخلافة، وعقود البنود، وخفقان الهوى في قعقعة الرايات، واشتباك ازدهام الخيول، وفتح الأمصار سقاهم كأس الهوى، فعادوا إلى الخلاف الأوّل، فنبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمناً قليلاً، فبئس ما يشترون"(9).
أعظم الأعياد وأشرفها: عن الحسن بن راشد عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدَين؟ قال: "نعم، يا حسن، أعظمهما وأشرفهما"، قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: "يوم نُصِّب أمير المؤمنين عليه السلام علماً للناس..."(10).
كصيام عمــــر الدنيا: روى عليّ بن الحسين العبديّ، قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: "صيام يوم غدير خمّ يعدل صيام عمر الدنيا، لو عاش إنسان ثمّ صام ما عمّرت الدنيا لكان له ثواب ذلك، وصيامه يعدل عند الله عزَّ وجلَّ في كلّ عام مئة حجّة ومئة عمرة مبرورات مقبولات..."(11).
التهنئة يوم الغدير: على المؤمن أن يهنّي من لاقاه من إخوانه المؤمنين بقوله: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِولايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ عليهم السلام. وَيقول أيضاً: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي أكْرَمَنا بِهذا اليَوْمِ وَجَعَلَنا مِنَ المُوْفِينَ بِعَهْدِهِ إلَيْنا وَمِيثاقِهِ الَّذِي وَاثَقَنا بِهِ مِنْ ولايَةِ وُلاةِ أمْرِهِ وَالقُوَّامِ بِقِسْطِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الجاحِدِينَ وَالمُكذِّبِينَ بِيَومِ الدِّينِ"(12).
المؤاخاة يـــــوم الغدير: ينبغي للمؤمن عقد المؤاخاة مع الإخوان، وهي أن يقول الأكــبر سنّاً بعــد أن يضع يده اليمنى على يد أخيه المؤمن: آخيتــك في الله، وصافيتك في الله، وصافحتك في الله، وعاهدتُ الــله وملائكتــه وكتبه ورسله وأنبياءه والأئمّة المعصومين عليهم السلام على أنّي إنْ كنتُ من أهل الجنّة والشفاعة، وأُذن لي بأن أدخل الجنّة، لا أدخلها إلّا وأنت معي، فيقول الآخر: قبلت، فيقول الأوّل: أسقطت عنّك جميع حقوق الأخوّة ما خلا الشفاعة والدعاء والزيارة(13).
الحمد لله على نعمة الولاية:
من مستحبّات عيد الغدير، أن يقول المؤمن 100 مرّة: "الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ كَمالَ دِينِهِ وَتَمامَ نِعْمَتِهِ بِولايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيّ بْنِ أَبِي طالِبٍ عليه السلام"(14).
1.الغدير، العلّامة الأمينيّ، ج1، ص11.
2.بحار الأنوار، المجلسيّ، ج21، ص390.
3.الإرشاد، المفيد، ج1، ص177.
4.الانتصار، العامليّ، ج6، ص292.
5.الغدير، العلّامة الأمينيّ، ج1، ص387.
6.راجع: إرشاد القلوب، الديلميّ،
7.الغدير، (م.س)، ج1، ص173.
8.راجع: الغدير، (م.س)، ج1، ص314-315.
9.كشف المهمّ في في طريق خبر غدير خمّ، هاشم البحرانيّ، ص21.
10.الكافي، الكلينيّ، ج4، ص148.
11.ذكرى الشيعة، الشهيد الأوّل، ج4، ص282.
12.مفاتيح الجنان، القمّيّ، ص436.
13.(م.ن)، ص438.
14.بحار الأنوار، (م.س)، ج95، ص321.