الشيخ بسّام محمّد حسين
تُعدُّ الموعظة من الأساليب التي اتّبعها القرآن الكريم، والأنبياء، والأئمّة عليهم السلام، والصالحون في هداية الناس، وفي إرشادهم إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة. وقد دأب الناس على الاستماع إلى الموعظة والسعي إلى العمل بها، خصوصاً تلك الصادرة عن أهل بيت الوحي عليهم السلام؛ لما رأوه من أثر لها على نفوسهم وحياتهم، بحيث نجد أحياناً أنّ جملة واحدة غيّرت مصير أحدهم، وهزّت مشاعره وكيانه، وبدّلت عاقبته من سيّئة إلى حسنة.
ومن الكلمات المنيرة والمضيئة التي جاءت عن الإمام عليّ الهادي عليه السلام في هذا المجال:
- عن محمّد بن الريّان قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله أن يعلّمني دعاء [للشدائد] والنوازل، والمهمّات، وقضاء حوائج الدنيا والآخرة... فكتب عليه السلام إليّ: "الزم الاستغفار"(1).
- وعنه عليه السلام أنّه قال: "إنّ الله جعل الدنيا دار بلوى، والآخرة دار عقبى، وجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سبباً، وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً"(2).
- وعنه عليه السلام: "الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر؛ لأنّ النعم متاع، والشكر نعم وعقبى"(3).
- عن ولده الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام قال: دخل عليّ بن محمّد عليهما السلام على مريض من أصحابه وهو يبكي، ويجزع من الموت، فقال له: "يا عبد الله! تخاف من الموت لأنّك لا تعرفه، أرأيتك إذا اتّسختَ وتقذّرتَ وتأذّيتَ من كثرة القذر والوسخ عليك وأصابك قروح وجرب، وعلمت أنّ الغسل في حمّام يزيل ذلك كلّه، أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك؟ أوَما تكره أن لا تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال: بلى، يا ابن رسول الله! قال: فذاك الموت هو ذلك الحمّام، وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك، وتنقيتك من سيّئاتك، فإذا أنت وردت عليه وجاوزته، فقد نجوت من كلّ غمّ وهمّ وأذى، ووصلت إلى كلّ سرور وفرح. فسكن الرجل، واستسلم ونشط، وغمض عين نفسه ومضى لسبيله"(4).
- وعنه عليه السلام: "خير من الخير فاعله، وأجمل من الجميل قائله، وأرجح من العلم حامله، وشرّ من الشرّ جالبه، وأهول من الهول راكبه"(5).
- وعنه عليه السلام: "الغنى قلّة تمنّيك، والرضا بما يكفيك، والفقر شرّه النفس وشدّة القنوط، والدقّة (بمعنى الخسّة) اتّباع اليسير، والنظر في الحقير"(6).
- وعنه عليه السلام: "الحسد ماحقُ الحسنات، والزهو جالبُ المقت، والعجب صارف عن طلب العلم، داعٍ إلى التخبّط في الجهل، والبخل أذمّ الأخلاق، والطمع سجيّة سيّئة"(7).
- وعنه عليه السلام: "ألقوا النعم بحسن مجاورتها، والتمسوا الزيادة منها بالشكر عليها، واعلموا أنّ النفس أقبل شيء لما أعطيت، وأمنع شيء لما سئلت، فاحملوها على مطيّة لا تبطئ إذا ركبت، ولا تسبق إذا تقدّمت، أدرك من سبق إلى الجنّة، ونجا من هرب إلى النار"(8).
هذا غيض من فيض كلمات هذا الإمام العظيم، الذي أضاءت كلماته قلوب المؤمنين، وشكّلت لهم سبيلاً إلى الهداية، ونجاةً من الضلالة. فالسلام عليه يوم وُلد، ويوم مضى إلى ربّه شهيداً، ويوم يُبعث حيّاً.
1.موســـوعة الإمـــام الهادي عليه السلام، اللـجنــة العلمية في مؤسسة وليّ العصر للدراسات الإسلاميّة، ص15.
2.(م.ن)، ج3، ص 41.
3.(م.ن)، ج3، ص12.
4.(م.ن)، ص17-18.
5.(م.ن)، ج3، ص45.
6.(م.ن)، ج3، ص 43.
7.(م.ن)، ج3، ص44.
8.(م.ن)، ص45.