إعداد: فيصل الأشمر
كان عيد الغدير، يوم البيعة والولاية لأمير المؤمنين عليه السلام، عرساً للشعراء على مر العصور، زينوا فيه قصائدهم بأنوار الولاية الإلهية لعظيم من عظماء التاريخ وفريد العصور بعد الرسول علي بن أبي طالب عليه السلام. تحدثنا كتب الأدب والتاريخ أن الشعراء تسابقوا على نظم القصيد في ذكر يوم الغدير، ولم يتأخروا في ذلك، إذ أنه وبمجرد أن أعلن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بيعته لعلي عليه السلام الإنبرى حسان بن ثابت يستأذن الرسول صلى الله عليه السلام في تخليد هذا اليوم العظيم فأذن لها وكانت قصيدته التي يقول فيها:
وأسْمِعْ بالرسولِ مُناديا |
يُناديهمُ يومَ الغديرِ نبيُّهمْ بخمٍّ |
ولم يُبدوا هناك التعاميا |
فقال فمن مولاكمُ ونبيُّكمْ فقالوا |
ولم تَلْقَ منّا في الولايةِ عاصيا |
إلهُكَ مولانا وأنتَ نبيُّنا |
رضيتُكَ من بعدي إماماً وهاديا |
فقال له قم يا عليُّ فإنّني |
فكونوا له أتباعَ صدقٍ مواليا |
فمن كنتُ مولاهُ فهذا وليُّهُ |
وكن للذي عادى عليّاً معاديا |
هناك دعا اللّهمَّ وال وليّهُ |
ويقول السيد الحميري:
قم يا محمدُ في البرية فاخطُبِ |
وبخُمٍّ إذ قال الإله بعزمه |
وما بلّغتَ إن لم تنصبِ |
وانصبْ أبا حسنٍ لقومك إنه هادٍ، |
فبين مصدقٍ ومكذبِ |
فدعاه ثم دعاهمُ فأقامه لهم |
كان يجعلها لغير مهذبِ |
جعل الولاية بعده لمهذَّبٍ ما |
ساعٍ تناولَ بعضها يتذبذبِ(1) |
وله مناقبُ لا تُرام متى يُرِدْ |
ويقول الشاعر الكبير ابن الرومي في مديح أمير المؤمنين عليه السلام ذاكراً يوم الغدير:
يسرحُ في الفؤاد تولّجا(2) |
لكنّ حبّي للوصيّ مخيّ في الصدر |
سببُ النجاةِ من العذاب لمن نجا |
فهو السراجُ المستنيرُ ومن بهِ |
يومَ القيامةِ من ذنوبي مَخرجا |
وإذا تركتُ له المحبّة لم أجدْ |
يوم الغديرِ لسامعيه مُمجمجا(3) |
قال النبيُّ له مقالاً لم يكنْ |
مثلي وأصبحَ بالفَخارِ متوّجا |
من كنتُ مولاهُ فذا مولًى له |
بيضاءَ تلمعُ وقدةً(4) وتأجُّجا(5) |
رُدّت عليهِ الشمسُ بعد غروبِها |
ويمدح الناشئ الصغير علياً عليه السلام فيقول في بعض قصيده:
إذ قال بين الورى وقامَ به مُعتضداً(6) في القيام مُكتشحا(7) |
ذاك عليُّ الذي تفرُّدُهُ في يوم خُمٍّ بفضله اتّضحا |
ذاك عليُّ الذي يقولُ له جبريلُ يوم النزالِ مُمتدحا |
من كنتُ مولاه فالوصيُّ لهُ مولًى بوحيٍ من الإله وحى |
ذاك عليُّ الذي تراجع عن فتحٍ سواه وسارَ فافتتحا |
لا سيفَ إلاَّ سيفُ الوصيِ ولا فتىً سواهُ إنْ حاد فَدَحا(8) |
وهذا ابن حمادي العبدي يقول في ذكرى عيد الغدير:
وأجلُّها قدراً على الإسلامِ |
يومُ الغدير لَأشرفُ الأيّامِ |
أعني الوصيَّ إمامَ كلِّ إمامِ |
يو أقامَ اللَّهُ فيه إمامَنا |
كفَّ الوصيِّ يقولُ للأقوامِ |
قال النبيُّ بدوحِ خمٍّ رافعاً |
بالوحي من ذي العزّة العلاّمِ |
من كنتُ مولاه فذا مولًى له |
فإذا قضيتُ فذا يقوم مقامي |
هذا وزيري في الحياة عليكمُ |
وانزل بمن عاداه سوءَ حِمام(9) |
يا ربّ والِ من أقرَّ له الولا |
فيها كمال الدين والإنعامِ |
فتهافتت أيدي الرجالِ لبيعةٍ |
ويقول الشيخ الكفعمي في كتابه المصباح:
ويومِ الحبورِ ويوم السرورِ |
هنيئاً هنيئاً ليوم الغديرِ |
وإتمام نعمة ربٍّ غفورِ |
ويومِ الكمالِ لدين الإلهِ |
ويومِ الصلاحِ لكلِّ الأمورِ |
ويوم الفلاحِ ويومِ النجاحِ |
أبي الحسنين الإمامِ الأميرِ |
ويومِ الإمارة للمرتضى |
بتقديرِ ربٍّ عليمٍ قديرِ |
ويومِ الخطابةِ من جبرئيل |
وعترتهِ الأطهرين البدورِ |
ويومِ السلامِ على المصطفى |
على كلّ خلقِ السميعِ البصيرِ |
ويومِ الولايةِ في عرضِها |
وغوثُ الولِّي وحتفُ الكفورِ |
عليُّ الوصيُّ وصيُّ النبيِّ |
* أخطاء شائعة
* حاز الشيء = إذا أردنا أن نعبر عن امتلاك الشخص لشيء ما نقول: حازَ الشيءَ، ولا يصح أن نقول: حاز على الشيء، لأن الفعل "حاز" لا يصح أن يتعدى بحرف الجر "على".
* الكف = يعمد بعض الكتاب إلى إطلاق صفة التذكير على كلمة: كف أي اليد، فيقول: الكف الأيمن، والصحيح أن كلمة كف مؤنثة، يقول صاحب لسان العرب "والكف: اليد، أنثى".
* أثَّر في الشيء = يستعمل بعض الكتاب الفعل أثَّرَ متعدياً بحرف الجر "على"، فيقول: أثر على كذا، والصحيح أن نقول: أثّرَ في ذلك.
* هو بمثابة أخي = الصحيح أن نقول هو مثل أخي أو بمنزلة أخي، أما كلمة مثابة فتعني: المنزل أو الموضع الذي يُثاب إليه أي يُرجع إليه مرة بعد أخرى.
* فلان يحتضر = الصحيح أن نقول عن الشخص الذي أوشك على مفارقة الحياة: فلان يُحتضَر (بصيغة المجهول) وليس: يحتضِر.
* دهست السيارة فلاناً = يستعمل بعض الكتاب الفعل دهسَ بمعنى: داسَ فيقول: دهست السيارة فلاناً، ولكن العرب لم تستعمل دهسَ بمعنى داس أو دعس، بل أنه وبمراجعة لسان العرب لا نجد كلمة دهسَ كفعل وإنما نجدها اسماً فقط.
* وجه صبيح لا صبوح = إذا أردنا أن نصف الوجه بالإضاءة نقول: وجه صبيح ولا يصح أن نقول: وجه صبوح، لأن كلمة صبوح معناها: الخمر أو الناقة المحلوبة صباحاً.
* اعتذر عن = تطالعنا الصحف ونشرات الأخبار يومياً بكلمة اعتذر، وغالباً ما تستعمل بوجه غير صحيح حين ترد كالتالي: اعتذر فلان عن الحضور. والأصح أن نقول: اعتذر عن عدم الحضور أي بإضافة كلمة "عدم" إلى الفعل "اعتذر".
* يخفاه الأمر ويخفى عليه = يستعمل بعض الكتّاب عبارة "يخفاه الأمر" بمعنى أنه غير مطلع عليه، والصحيح أن يقال: يخفى عليه الأمر، لأن الفعل أخفى لا يصح أن نُتبعه بالمفعول به.
* الحَساء والحِساء = يطلق البعض على الطعام الرقيق المصنوع من بعض الحبوب والماء (الشوربة) اسم: الحِساء، بكسر حرف الحاء، والصحيح أن يقال: الحَساء، بالفتح.
* الخُطة والخِطة = يستعمل البعض عبارة: الخِطة العسكرية، والصحيح أن يقول: الخُطة العسكرية، لأن معنى كلمة خِطة: الأرض التي تنزلها ولم ينزلها قبلك نازل.
(1) يتذبذب: يتحرك ويضطرب.
(2) التولّج: الدخول.
(3) الممجمج: غير الواضح.
(4) الوقدة: الإتقاد.
(5) التأجج: الإلتهاب.
(6) اعتضد: استعان بفلان أو احتضَنَ.
(7) المكتشح: المحتضن.
(8) فَدَحَ الحادثُ فلاناً: أَثقلهُ ...
(9) الحِمام: الموت.