سلوى صعب
هو لا يختلف عن أي إنسان فهو يملك روحاً تشعر وتحس، تحب وتكره، تفرح وتحزن وهو يملك أيضاً قدرات وإمكانيات وقد خلقه اللَّه سبحانه كما خلق سائر البشر إلا أنه يختلف عن سائر الناس في تفصيل واحد: فهو معوق، معوق بسبب طارئ ما أصابه قبل ولادته أو أثناءها أو لحادث ما حصل لاحقاً... الإنسان المعوق: ما هي حقوقه؟ وما هو دور الأهل والمجتمع في نهضته وتحويله إلى فرد منتج وفاعل؟
* عند ولادة الطفل المعوق:
عندما تفاجأ العائلة بولادة طفل معوق يكون الإحساس بالصدمة ردَّة الفعل الأولى، ولاحقاً إما تتقبل الحالة قبولاً سلبياً فتركن إلى هذه الإعاقة وتعتبر أن هذا نصيبها في الحياة فلا تعمل على التخفيف من آثارها أو معالجة ذيولها، أو أنها ترفض الحالة وتعتبرها مصيبة وبلاء لا تستحقه وتشعر بالحرج لوجودها في أحد من أفرادها، أو أنها ترضى بقضاء اللَّه، وتعتبر ما أصابها امتحاناً لصبرها وعلاقتها باللَّه سبحانه وتبحث فوراً عن أفضل الطرق والأساليب للتعامل مع هذه الحالة حتى تتحول الإعاقة إلى قوة منتجة وفاعلة.
* كيفية التعاطي مع المعوق داخل الأسرة:
الدور الأول والأهم يقع على عاتق العائلة منذ اكتشاف الإعاقة، فكيف يجب أن تتعامل العائلة مع ابنها المعوق؟ الاختصاصي في طب النفس العيادي توفيق سلوم يشير إلى أن تعامل العائلة يتحدد عبر مستويين على المستوى السلوكي وعلى المستوى النفسي.
* المستوى السلوكي:
فعلى المستوى السلوكي على الأهل أولاً إدراك حقيقة وضع طفلهم المعوق وقبوله وعدم النظر إليه كعالة تعيق وتعرقل حياتهم، وبعد القبول على الأهل الاستفادة من أهل الاختصاص لمعرفة كيفية التعامل مع الطفل المعوق نفسه وما هي أفضل السبل في هذا المجال. وكخطوة عملية من المناسب وضع برنامج حياتي لمتابعة المعوق ويتأتى ذلك من خلال خضوع الأهل لتدريبات خاصة تتيح لهم التعامل السليم والعلمي مع الحالة من قبل ابتكار لغة تواصل مشتركة مع الطفل المعوق في حالات الصمم، كاعتماد إشارات مرئية بدل الصوتية مثلاً وضع لمبة تضيئ عند قرع الباب أو إضاءة خضراء لإعلامه بأن الطعام جاهز وغير ذلك. وأخيراً وفي الإطار السلوكي من المفيد أن يختار الأهل الأماكن التي يسهل تنقل الطفل المعوق فيها دون أي عقبات سواء في السكن أو المدرسة أو أماكن الترفيه.
* المستوى النفسي:
أما على المستوى النفسي فعلى الأهل مراعاة عدة أمور:
عدم المبالغة في إغداق العاطفة على طفلهم المعوق بشكل يختلف ويزيد بشكل ملحوظ عن إخوته الأسوياء الأمر الذي قد يؤدي إلى نتائج سلبية في شخصية الطفل المعوق وفي علاقته مع إخوته. اغتنام الفرص للتعبير الودي الحميم سواء لفظاً أو تصرفاً، كالتعبير عن حبهم له، أو باحتضانه أو تقبيله وهذا لا يتعارض مع الملاحظة الأولى فالمعوق كما كل إنسان وإن كان على ثقة بحب من حوله إلا أنه يحتاج منهم من وقت لآخر للتعبير عنه هذا الحب. العمل على إظهار القدرات الكامنة لدى المعوق وتطويرها وتوجيهه للاستفادة منها. عدم فرض أجواء أو حالات اجتماعية على الطفل يمكن أن تسبب له إزعاجاً أو حرجاً كإرغامه على الجلوس مع أناس لا يرغب بمجالستهم وهذا الأمر لا ينفي تعويده على أن يكون اجتماعياً يلتقي بالناس ولا يخشى مجالستهم.
* حقوق المعوق على المجتمع:
وخارج إطار العائلة تتسع الدائرة لتشمل المجتمع الذي لا يجب عزل الطفل عنه، لذلك على المجتمع والمؤسسات التعاون لتسهيل عملية دمج المعوق عبر قبوله وعدم الاستهانة بقدراته وبالتالي عدم فصله في مجتمعات خاصة بالمعوقين. والمسؤولية هنا تتسع أيضاً لتشمل الدولة فهي لها الدور الأساسي في عملية الدمج وذلك عبر وضع برامج توعية في وسائل الإعلام وفي المدارس وعند إنشاء المشاريع والمرافق العامة مراعاة أمور تسهل حركة المعوقين كالمنحدرات أو الحروف النافرة في المصاعد والإشارات الضوئية وما إلى هنالك، وهنا أهمية أن يلتفت الأفراد إلى أمور من مثل عدم إيقاف سياراتهم أمام المنحدر المنخفض لمرور المعوقين. وعلى صعيد آخر واستناداً إلى القانون رقم 220 والقاضي بحجز وظائف بنسبة 3% للمعوقين في القطاعين العام والخاص على المؤسسات الخاصة والعامة عدم رفض أي طالب وظيفة فقط لأنه معوق. وتبقى كلمة أخيرة فالمعوق هو إنسان كسائر البشر له الحق بحياة كريمة وله الحق بأن يقبل وينال فرصة في الحياة وقد ابتلي بما هو عليه فحري بنا كأهل وكمجتمع وكدولة ومؤسسات أن لا نزيد بلاءه بلاءً...