مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

فقه الولي: من أحكام صلاة الجماعة(1)

الشيخ علي معروف حجازي

 



إذا صلّاها الفرد تضاعف أجره أربعاً وعشرين مرةً، ليس لشيء إلّا أنّه صلّاها صفّاً إلى جانب إخوانه المسلمين. وإنْ حدث وبَطلت، صحّت صلاته الفردية. هي بنيانٌ روحيّ بين الإخوة المؤمنين بتكبيرةٌ واحدة.. هي صلاة الجماعة. سيعرض المقال التالي بعضاً من أحكامها.

•من أهمّ الشعائر
صلاة الجماعة من الشعائر الإسلاميّة، بل من أهمّها، واستحبابها في غير النوافل مؤكّد عند جميع المسلمين، ولها ثواب عظيم عند الله تعالى، وهي ذات مضامين عالية. وقد ورد الحثّ على فعلها والذمّ على تركها في الكثير من الروايات، منها: عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: "الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة، تكون خمسة وعشرين صلاة"(1).

•موارد تشريع صلاة الجماعة
أ- صلاة الجماعة من المستحبّات الأكيدة في جميع الصلوات الواجبة، خصوصاً في الفرائض اليوميّة الخمس، ويتأكّد استحبابها في صلاة الصبح، وصلاتَي المغرب والعشاء.
ب- لا تشرع في جميع النوافل باستثناء صلاة الاستسقاء التي تشرُع فيها الجماعة.
ج- تجوز إقامة صلاة العيد جماعة في العصر الحاضر؛ لممثّلي الوليّ الفقيه المجازين من قِبَله في إقامة صلاة العيد، وكذلك لأئمّة الجمعات المنصوبين من قِبله، وأمّا غيرهم فالأحوط وجوباً لهم أن يأتوا بها فرادى، ويجوز لهم أن يأتوا بها جماعةً برجاء المطلوبيّة وليس بقصد الورود.

•مشاركة النساء في الجماعات
يجوز -بدون إشكال- حضور النساء للمشاركة في صلاة الجماعة، وإذا وقفت خلف الرجال فلا حاجة إلى الحائل الساتر. ولكن إذا وقفت إلى جانب الرجال فلا بدّ من الفاصل بشبر فصاعداً، ولكن يكره ذلك بدون حائل، فينبغي وجود الحائل رفعاً لكراهة محاذاة المرأة للرجل في الصلاة. أمّا التوهّم بأنّ وجود الحائل بين النساء والرجال في حالة الصلاة استخفافٌ بشأنهنّ وحطٌّ من كرامتهنّ ليس إلّا خيالاً لا أكثر، مضافاً إلى أنّه لا يصحّ إدخال الآراء الشخصيّة في الفقه. ويترتّب على مشاركتهنّ ثواب الجماعة.

•الفرادى أثناء الجماعة
إذا كانت الجماعة قائمة، وأراد بعض الناس الصلاة فرادى، فإن كان في الفرادى إضعافٌ لصلاة الجماعة، أو إهانةٌ وهتكٌ لإمام الجماعة الذي يعتقد الناس بعدالته، فلا تجوز. وفي غير ذلك تجوز الفرادى.

•تأخير الصلاة لأجل الجماعة
يستحبّ الصلاة في أوّل وقتها، وكلّما قرب من أوّل الوقت كان أفضل، إلّا إذا كان تأخيرها لجهة أفضل، كأن ينتظر إقامة صلاة الجماعة.

•شروط إمام الجماعة
يشترط في إمام الجماعة ستّة أمور:
1- الإيمان: بمعنى أن يكون إماميّاً اثني عشريّاً. وتجوز المشاركة في صلاة أهل السنّة، والصلاة بإمامتهم صحيحة مجزية إذا كانت لأجل حفظ الوحدة الإسلاميّة، حتّى وإن كان بالسجود على السجّاد وأمثال ذلك، ولكن لا يجوز التكتّف في الصلاة معهم إلّا إذا اقتضت الضرورة ذلك.
2- طهارة المولد: فلا تصحّ الصلاة خلف ابن الزنا، وتصحّ خلف المولود بوطء الشبهة.
3- العقل وعدم الجنون.
4- البلوغ: سواء أكان إماماً للبالغين أم لغير البالغين.
5- الذكورة: إذا كان بين المأمومين ذكر أو أكثر. وتجوز إمامة المرأة في صلاة الجماعة للنساء خاصّة.
6- العدالة: لا تجوز الصلاة خلف من ثبت فسقه، كما لا تجوز خلف مجهول الحال الذي لا يُعرف إذا كان عادلاً أم لا.

والعدالة هي حالة نفسانيّة باعثة دوماً على ملازمة التقوى، مانعة من ارتكاب المحرّمات الشرعيّة وترك الواجبات، ويكفي في إحرازها حسن الظاهر، سواء أحصل منه الظنّ أم لا. وتثبت بكلّ ما يفيد الوثوق والاطمئنان من أيّ وجه حصل، ولو من جهة اقتداء جماعة من أهل البصيرة والصلاح.

•قيادة الإمام للدرّاجة
قيادة إمام الجماعة الدرّاجة الهوائيّة لا تضرّ بالعدالة، ولا بصحّة الإمامة.

•تكفي العدالة بنظر المأموم
يجوز تصدّي الإمامة لمن يعرف من نفسه عدم العدالة، مع اعتقاد المأمومين بعدالته، وتكون الجماعة صحيحة.

•لا يشترط معرفة إمام الجماعة
لا يشترط معرفة إمام الجماعة بشخصه وهويّته، بل يكفي إحراز عدالته ولو مع الجهل بشخصه وهويّته.

•إمامة الناقص
أ- لا تجوز إمامة من لا يحسن القراءة لمن يحسنها. (ومن لا يُحسن القراءة هو من لا يؤدّي الحروف من مخارجها، أو يبدلها بغيرها، أو يُلحن في الإعراب). وتصحّ إمامته لمثله، ولمن هو أقلّ معرفة بالقراءة.
ب- لا تجوز إمامة القاعد للقائم، ولا المضطجع للقاعد، وتصحّ لمثله أو لمن دونه.
ج- لا تجوز إمامة الأخرس للناطق.
د- تصحّ إمامة المتيمّم وذي الجبيرة لغيرهما.
هـ- لا تصحّ إمامة الناقص لغيره، فلو كان الإمام فاقداً لأحد المساجد السبعة؛ كالقدم واليد -مثلاً- لا يصحّ الاقتداء به.
ومن اقتدى به مع عدم اطّلاعه على الحكم الشرعيّ المذكور فصلاته صحيحة، ولا تجب عليه الإعادة ولا القضاء. أمّا شلل اليد فلا يمنع من الائتمام بصاحبها.

و- إذا كان إمام الجماعة قادراً على الاستقرار في حال القيام، ويتمكّن من حفظ الاستقرار والطمأنينة حال أذكار الصلاة وأفعالها، ويتمكّن من الركوع والسجود الكاملَين على الأعضاء السبعة، ويتمكّن من الوضوء الصحيح، فلا إشكال في اقتداء الآخرين به في الصلاة بعد إحراز سائر شروط الإمامة.
هذا كلّه مع عدم نقصان أحد المساجد السبعة، كاليد والرِّجل، وإلّا فلا تصحّ الصلاة خلفه.

•بطلان صلاة الإمام
أ- إذا علم المأموم بأنّ صلاة الإمام باطلة من جهة كونه محدِثاً، أو تاركاً لركن ونحو ذلك، فلا يصحّ الاقتداء به حتّى لو اعتقد الإمام صحّة صلاته جهلاً أو سهواً.
ب- لو كان إمام الجماعة مضطرّاً إلى الصلاة بنجاسة على البدن أو الثوب لعذر، فيصحّ الاقتداء به.
ج- إذا تبيّن للإمام بعد الفراغ من الصلاة بطلان صلاته، فلا يجب عليه إعلام المصلّين بذلك.
د- لو انكشف بعد الصلاة أنّ الإمام فاسق صحّت جماعة المأمومين حتّى لو كان قد زاد بعضهم ركناً للمتابعة.

11- اختلاف الإمام والمأموم في التقليد
الاختلاف في التقليد بين الإمام والمأموم ليس مانعاً من صحّة الاقتداء، ولكن لا يصحّ في صلاة الجماعة أن تكون صلاة الإمامة باطلة بنظر المأموم اجتهاداً أو تقليداً، كما إذا كان الإمام يصلّي قصراً في السفر مع كون سفره مقدّمة للعمل بينما المأموم يصلّي تماماً في هذه الحالة، فلا يصحّ الائتمام به في هذه الحالة حينئذ.

وتقبّل اللّه صلاتكم.


1.وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج8، باب استحبابها في الفرائض، وعدم وجوبها، فيما عدا الجمعة والعيدين، ح1.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع