مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: سبُلُ الخير

السيّد علي عباس الموسوي

 



في طبيعة الإنسان التي خُلق عليها نزعةٌ للخير ولخدمة الناس والمحبّة لهم. وينطلق ذلك من كون الإنسان اجتماعياً بطبعه لا يستطيع العيش مستقلاً عن سائر الناس. وكما يشعر الإنسان بالرضا عندما يجد اهتمام الناس به، فإنَّ عليه أن يُظهِرَ اهتمامه بالناس لكي يُسِهمَ في حالة الرضا في نفوسهم أيضاً. وباب الاهتمام بالناس واسعٌ جداً، فبقدر حاجة الناس يكون باب الاهتمام مفتوحاً وبتعدد الحاجات تتعدَّد أبواب الاهتمام.

وقد حثّت التعاليم الإسلاميَّة على الاهتمام بالناس عبر إيصال الخير إليهم بشتَّى الوسائل والسُبل. ولكنّ الخير لا ينحصر بالماديّات وبمدِّ يد العون بالمال ونحوه، بل الخير، هو في كلِّ ما فيه صلاح هذا الإنسان في دنياه وآخرته. والمادّيات إذا كانت لصلاح الإنسان في دنياه ولكنّها كانت سبباً لخراب آخرته فإنّها ليست من الخير بل هي من الشرّ. ونقف هنا مع آيةٍ من كتاب الله بيَّنت ثلاثاً من سُبل الخير وهي قوله تعالى: ﴿لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (النساء: 114).

فالمظهر الأوَّل من مظاهر الخير هو الصدقة، أي العطاء الماليّ. وكلُّ إنسان يُعطي بقدر ما يملك، وفي كلِّ عطاء خيرٌ كثير. والمظهر الثاني من مظاهر الخير التي هي باب من أبواب الجنان تعليم الناس وإرشادهم إلى معالم دينهم وما فيه صلاح آخرتهم. فالآخرة لمَّا كانت هي الحياة الخالدة لهذا الإنسان، كانت عمارتها خيراً لهذا الإنسان من عمارة الدنيا وما فيها. والمعينُ للإنسان على عمارة آخرته هو من أشدِّ الناس معونة للناس على سُبل الخير، لأنّه بذلك يحفظ للآخر وجوده في النعيم ويقيه من الجحيم. ومن أفضل أبواب الخير وسبله وما فيه صلاح الدنيا والآخرة الإصلاح بين الناس، فإنّ الله عز وجل وعد بأن يُنيل الساعي للإصلاح بين الناس أجراً كبيراً.  عندما تكثر العداوات وتشتدّ الخصومات بين الناس لا سيما بين الأرحام فإنَّ من الخطأ أن يقف الإنسان موقف الناظر المتفرِّج الذي يعتبر نفسه بمنأى عن هذه الخصومات، ويخشى الدخول في الإصلاح بحجَّة أنّ هذا الأمر لا يعنيه أو أنّه لا يدخل في الأمر ما لم يُدعَ إليه، أو أنه قد يسمع بعضاً من الكلام الذي لا يُرضيه، ونحو ذلك من الحجج التي نسمعها على ألسن بعض الناس. ولكن هذا الموقف يرفضه الإسلام ويدعو الإنسان إلى أن يكون المبادر والمسارع إلى الإصلاح بين الناس.

إنّ المبادرة والمسارعة إلى الإصلاح بين الناس تعني أن يُقدِمَ الإنسان من نفسه على ذلك وأن يُسرِعَ في ذلك دون أن ينتظر دعوةً من أحد، وذلك لأنَّ العداوة وكما نشهد في حياة الناس تبدأ بأمرٍ صغير فإذا لم يتمّ علاجه والقضاء على أسباب العداوة في أول الأمر فإنَّه سوف يكبر ويعظم حتَّى يصل إلى مرحلة يعجز الناس فيها عن العلاج. إذا كنا مجتمعاً مؤمناً نقوى باجتماعنا فإنّ قوام ذلك أن تسود المحبّة والمودّة بيننا، وسبيل ذلك هو في أن لا ندع عداوةً أو خصومةً تسري بيننا، بل نكون من المبادرين إلى أفضل سبُل الخير وهو الإصلاح بين الناس. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع