الشيخ حسن الهادي
اللحم من المأكولات التي حثّت الشريعة عليها في التوسعة
على العيال يوم الجمعة، وعقد الحر العاملي في كتاب وسائل الشيعة باباً خاصاً بعنوان:
كراهة ترك أكل اللحم أربعين يوماً.
لقد شرّع الدين الإسلامي العديد من التشريعات
التي تتعامل مع اللحوم كعنصر غذائي مهمّ، وحرص على إيصالها إلى الشرائح الاجتماعية
الفقيرة، كتشريع الأضحية في الحجّ ليشبع المساكين من اللحم كما ورد في العديد من
الروايات، أو كتشريع استحباب العقيقة... وقد اعتاد المسلمون من عصر النبي صلى الله
عليه وآله والأئمة عليهم السلام على شراء اللحم من أسواقهم دون أدنى إشكال في الأمر،
ولكن نظراً لما يجري في العصر الحديث من ذبح غير شرعي بوسائل حديثة أو غيرها، ما
يعني عدم تحقّق التذكية الشرعيّة لكميّات كبيرة من اللحوم التي دخلت إلى أسواق
المسلمين بأهداف اقتصاديّة وغيرها، كانت أهمية التعرّف إلى الأحكام الشرعيّة لأكل
اللحم في مختلف هذه الحالات.
* حكم اللحوم المستوردة
- يجوز أكل اللحم المأخوذ من يد المسلم، كالذي يُشترى من سوق المسلمين، وهو محكوم
بالحليّة والطهارة سواء كان مستورداً أم لا، إلّا إذا علم بأنّه غير مُذكى، أو أنّه
يحتوي على نجاسة (كدهن الخنزير)، فلا يجوز أكله حينئذ.
- لا يجوز أكل اللحم الذي يُعلم بأنه مستورد من دولة غير إسلاميّة، وهو محكوم
بالحرمة والنجاسة، إلا أن يُحتمل أن المستورد المسلم قد فحص عنه وأحرز التذكية
الشرعيّة، ويتعامل معه معاملة المذكّى على الأحوط.
* حكم اللحم المنتج في بلاد غير المسلمين
اللحم أو الشحم أو الجلد إذا كان من بلاد غير المسلمين، له ثلاث صور:
الأولى: أن يحصل العلم بأنّ المسلم ذكّاه، فهو طاهر وحلال، وتصحّ الصلاة فيه.
الثانية: أن يحصل العلم بعدم التذكية فهو نجس وحرام، ولا تصحّ الصلاة فيه.
الثالثة: أن يكون مشكوك التذكية، وحكمه: أنّه طاهر ولكنّه محرّم الأكل، ولا
تصحّ الصلاة فيه (ويجوز بيعه لغير الأكل والصلاة)(1)مع وجود المنفعة المحللة
المقصودة عند العقلاء.
* حكم اللحم المشكوك المأخوذ من المسلم
ما يؤخذ من يد المسلم أو سوق المسلمين أو ما يوجد مطروحاً في سوق المسلمين من اللحم
أو الجلد فهو قسمان:
الأوْل: إذا لم يُعلم كونه مسبوقاً بيد الكافر فهو محكوم بالطهارة وإن لم يعلم
تذكيته.
الثاني: إذا علم بكونه مسبوقاً بيد الكافر فيه صورتان:
1- إن احتمل أنّ المسلم الذي أخذه من الكافر قد تفحّص عن حاله وأحرز تذكيته، بل
تعامل معه معاملة المذكّى على الأحوط وجوباً يحكم بالطهارة والحليّة.
2- إن علم أنّ المسلم أخذه من الكافر من غير فحص وجب الاجتناب عنه (وهو حرام ونجس).
* حكم اللحم المشكوك المأخوذ من الكافر
- إذا شكّ في شيء أنّه من أجزاء الحيوان أو من غيره (كالصناعيّ) فهو محكوم بالطهارة
ولو كان من الكفّار أو من سوقهم، ما لم يعلم بملاقاته للنجاسة السارية(2) وتصحّ
الصلاة فيه.
- لو أخذ لحماً أو شحماً أو جلداً من الكافر أو من سوق الكفّار ولم يعلم أنّه من ذي
النفس أو من غيره (كالسمك) فهو محكوم بالطهارة، ولكن لا تجوز الصلاة فيه.
* حكم أكل اللحم نيئاً
يجوز أكل لحم محلل الأكل نيّئاً أو مطبوخاً بل ومحروقاً إذا لم يكن مضرّاً، نعم
يكره أكله غريضاً أي طرياً لم يتغيّر بالشمس ولا بالنار ولا بذر الملح عليه وجعله
قديداً.
ولكن عندما سئل الإمام الصادق عليه السلام عن أكل اللحم النيئ قال: "هو طعام السباع،
ولكن حتّى تغيّره الشمس أو النار"(3).
* حكم أكل النخاع ألشوكي والعظام في الطيور
لا يترك الاحتياط بالاجتناب عن النخاع الشوكي، والأظهر جواز أكل العظم، بل لا إشكال
في أكل عظم صغار الطيور كالعصفور مع عدم الضرر.
* حكم أكل اللحم المحترق
يجوز أكل اللحم المحترق ولو أصبحت أغلب أجزائه محترقة (لونها أسود)، إلّا إذا كان
فيه ضررٌ معتدٌّ به أو خرج بالاحتراق واسوداد اللون عن كونه لحماً مشوياً كأن صار
رماداً أو فحماً.
نعم لو اكله ضمن الخبز أو سائر المأكولات لو كان قليلاً بحيث يكون مستهلكاً في ضمن
الخبز ونحوه ولا يصدق عليه أكل الفحم أو الرماد فلا يكون حرماً.
* حكم التكسّب بلحم الخنزير
- لا يجوز شراء لحم الخنزير وبيعه كطعام للإنسان، ولو كان لغير المسلم، ولكن لو
كانت له منافع عقلائيّة محلّلة معتدّ بها، من قبيل الاستفادة منه في تغذية
الحيوانات، والاستفادة من دِهنه في صناعة الصابون ونحو ذلك، فلا مانع من بيعه
وشرائه لذلك.
- ولا يجوز بيع ولا إهداء ما لا يحلّ أكله – كلحم الخنزير ونحوه - إذا كان لغرض
الأكل، أو مع علمه بأنّ المشتري يريد أن يأكله، ولو كان ممن يستحلّ ذلك.
* محرمات الذبيحة
يحرم من الذبيحة (في البهائم) أمور: الدم، والروث، والطحال، والقضيب والفرج،
والأنثيان، والمثانة، والمرارة، والنخاع (الخيط الأبيض)، والغدد وهي كلّ عقدة في
الجسد مدوّرة، والمشيمة وهي موضع الولد، والعلباوان، وهما عصبتان عريضتان صفراوان
ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب، وخرزة الدماغ وهي حبّة في وسط الدماغ بقدر
الحمصة تميل إلى الغبرة، والحدقة في العين دون باقي أجزاء العين، والحدقة هي الجهة
الناظرة من العين لا جسم العين كله. يجوز أكل القلب والكبد والكرش والأمعاء
والغضروف والعضلات وغيرها، نعم يكره الكليتان وأذنا القلب والعروق، ويجوز أكل الجلد
والعظم مع عدم الضرر.
(1) أما على فتوى الإمام الخمينيّ قدس سره فهو محكوم بالنجاسة، ولا يجوز أكله
ولا الصلاة فيه ولا يجوز بيعه.
(2) الرطوبة السارية هو كون الرطوبة بحيث تنتقل من الجسم الرطب إلى الجسم الآخر عند
الملامسة.
(3) وسائل الشيعة، ج 24،ص396، باب كراهة أكل اللحم نيئاً.
بيروت
حسن
2021-04-02 04:45:03
ما حكم من شك في حليّة اللحم الذي اكل منه في مطعم موجود في بيئة غير مسلمة لم يكن يعلم الحكم الشرعي للأمر و رأى انهم يبيعون الكحول او الخمر ( علما بأن اثناء طلب احد اصناف الطعام قال العامل بأن هذا الصنف متوفر بلحم الخنزير و كأنه يراعي امر المسلمين بعدما رأى وجود فتيات محجبات على نفس الطاولة مع الموجودين (ثم اُلغي هذا النوع من الطلب و طُلبت اصناف اخرى فيها لحوم).. كما و ديانة صاحب المطعم و العمال مجهولة و عندما نقل أحدهم شكه للمجموعة حيال حليّة اللحم رد من قدم للمطعم من قبل بانه تردد عليه مسلمون) فهل بكون اللحم الذي أُكل في هذا المطعم من اصناف طعام غير الذي اشار له العامل حرام؟ و ما هي التبعات الشرعية و الفقهية في حال الحرمة ( اي هل هنالك كفارة او تبعات على الصلاة و الصيام...؟).