نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

آداب ومستحبات: آداب المساجد


السيد سامي خضرا

للمسجد أهميّة خاصة في الإسلام حيث هو موطن القلوب وأنيس النفوس ويكفي أنه بيت الله تعالى، ومَن أحب الله تعالى أحب بيوته، وأكثر من زيارتها، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (الجن:18). وقد ورد الحث العظيم على حضور المساجد، وإنَّ "مَن كان القرآنُ حديثَه، والمسجدُ بيتَه، بنى الله له بيتاً في الجنة..."(1). وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه: "إنّ بيوتي في أرضي المساجد، فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثم زارني في بيتي، فحقّ على المزور أن يُكرم الزائر"(2). والحقيقة أنه لا شيء يؤثِّر في نفسية المسلم، كتردّده إلى المسجد في كلِّ يوم لإقامة الصلوات ورؤية المؤمنين والتحدث إليهم والاستفادة من أجواء صلاة الجماعة والدروس والمواعظ. وكلُّ تردّد إلى المسجد لا يخلو من فائدة عظيمة سواء للدنيا أو الآخرة, وهذا ما يلاحظه كل الناس، ولو عجزوا عن وصفه أحياناً. ونظراً لقدسية وموقع المسجد في الإسلام، تعلَّقت به أحكام خاصة وجوباً واستحباباً... نذكر بعضاً منها تحت عنوان "آداب المسجد", وهذه وإن كانت مختصرة، إلا أنها "الحد الأدنى" الذي تجب معرفته والعمل به ونشره.

بعض آداب المسجد
1- محبةُ المساجد وتقديرُها، والنظر إليها بعين التكريم والتقديس والاحترام، لأنَّها بيوت الله تعالى التي بُنيت لذكره وعبادته. وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببناء المساجد بين الدور، أي في الأماكن التي تبنى فيها البيوت، وكنسها وتنظيفها وتطييبها، ويتأكد ذلك يوم الخميس وليلة الجمعة. قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ(الحج:32). وقال سبحانه: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(النور:36-37).

2 - التهيؤ للذهاب إلى المسجد بالطهارة والغسل وحسن الوضوء والتطيّب والتجمّل وحلق الشعر وقص الأظافر والسواك، ولبس أحسن وأنظف الثياب. قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ(الأعراف 31). وقال النبي صلى الله عليه وآله: "من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواتُه إحداها تحطّ خطيئة والأخرى ترفع درجة"(3). ويستحب أن يُقدم الداخل إليها رجلَه اليمنى، والخارجُ رجله اليسرى. وعند الدخول، يدعو بالمأثور وغيره، ويحمد الله تعالى ويثنى عليه ويصلي على النبي وآله... ومن المأثور: "بسم الله وبالله والسلام على رسول الله وملائكته، السلام على محمد وآل محمد، السلام عليهم ورحمة الله وبركاته، رب أغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك"(4). وعند الخروج من المسجد يقف بالباب ويقول: "اللهم دعوتني فأجبتُ دعوتك، وصليتُ مكتوبتك، وانتشرتُ في أرضك كما أمرتني، فأسألك من فضلك العملَ بطاعتك، واجتنابَ سخطك، والكفافَ من الرزق برحمتك"(5). ويستحب الخروج منه متأخراً متمهلاً.

3- عدم الالتفات إلى جميع الأعمال الدنيوية، وترك كافة الأشغال المادية عند سماع الأذان، والمسارعة إلى تلبية النداء، والتوجه إلى المسجد مهما كانت الأعذار. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ(الأنفال: 24). ويُستحبّ تجنب الخصومات والاشتغال بأمور الدنيا، والبيع والشراء، وإنشاد الشعر... ولا بأس فيما تضمن منه حكمة أو خيراً، ويكره نقش المساجد بالصور, والرطن بلغة الأعاجم (غير العربية), والنوم، ويكره دخولها وفي الفم رائحة ثوم أو بصل أو كراث، وكذلك رفع الصوت، ويكره كشف السرة والفخذ والركبة فيها. ... ولنكثر الصلاة في المسجد، وقول "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

4 - تحية المسجد: وهي صلاة ركعتين تقرباً وزلفى لأداء حق بيت الله المكرَّم. وفي الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين"(6). ويستحب الجلوس مستقبلاً القبلة، ففي الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "إن لكل شيء سيداً، وإن سيد المجالس قبالةُ القبلة"(7).

5- تجنب اللهو واللعب والجري، واللغو والثرثرة، ورفع الأصوات فيها بغير الأذان والوعظ وتعليم الأحكام، ولو بقراءة القرآن على وجه يشوّش على المصلين أو الذاكرين أو المتدارسين للعلم. عن أبي ذر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله في وصيته له قال: "يا أبا ذر، الكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة. يا أبا ذر من أجاب داعيَ الله وأحسنَ عمارةَ مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة، فقلت: كيف يعمر مساجد الله ؟ قال: لا ترفع الأصوات فيها، ولا يخاض فيها بالباطل، ولا يُشترى فيها ولا يُباع، واترك اللغو ما دمت فيها، فإن لم تفعل فلا تلومن يوم القيامة إلا نفسَك"(8).

6- وفي يوم الجمعة خاصة يُبكر في الذهاب إلى المسجد ساعياً إليه بالسكينة والوقار، والتواضع والخشوع، ناوياً إجابة أمر الله سبحانه والمسارعة إلى مغفرته ورضوانه. وليغتنم ثواب الصف الأول، ولا يكونن مع دينه أقلَّ همة من أصحاب الدنيا إذ يبكرون إلى أسواقهم ومحافلهم... ويُنصت لخُطبة الإمام إذا تكلم، فيستمع ما يقوله من وعظ وإرشاد وعلم، حتى يستفيد منه، ولا يتكلم مع من بجواره. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(الجمعة: 9). اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك وقلوبَنا عامرة بخشيتك وأسرارَنا عامرة بطاعتك... إنك على ما تشاء قدير...


(1) النهاية، الشيخ الطوسي، ص108.
(2) كنز العمال، المتقي الهندي، ج7، ص651.
(3) م.ن، ص297.
(4) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ص3، ص516.
(5) الكافي، الكليني، ج3، ص309.
(6) منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج4، ص154.
(7) مجمع الزوائد، الهيثمي، ج8، ص59.
(8) جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج14، ص112.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع