مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

رسائل إلى المهاجرين‏

السفر والهجرة لتحسين المعاش‏

تهاجر كل سنة مجموعات كبيرة من الشباب المسلم إلى مختلف أقطار العالم طلباً للرزق أو تحصيلاً للعلم. وفي خضم الأحداث السياسية والعسكرية التي تعيشها مناطقهم يطرح هذا السؤال: هل يمكن أن نعتبر هذا السفر جائزاً من الناحية الشرعية؟

لا شك أن سعي الإنسان لتحسين معاشه والتقدم في حياته أمر فطري تقتضيه طبيعة الفطرة البشرية. أما الخروج من ظلمات الجور والفساد، والابتعاد عن مظان الانحراف فهو تكليف إلهي عبّر عنه القرآن بقوله تعالى: ﴿ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، وهو احتجاج إلهي على كل أولئك الذين رضوا بظلم الظالمين وفسادهم وأجوائهم المنحرفة التي ألزمتهم طاعة الشيطان وأتباع الطواغيت.

قبل بيان نظرة الإسلام إلى السفر والهجرة نذكر بأن حياة الإنسان ليست ملكاً له يتصرف فيها كما يحلو له أو يراه مناسباً، وإنما بمقتضى القاعدة الإبراهيمية الشريفة: ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.
فإن جميع شؤون وأبعاد حياة الإنسان هي لله تعالى وعليه أن ينظر إلى ما يريده الله منه. وحتى الموت الذي هو انصراف عن هذه الحياة الدنيا ينبغي أن يرجع فيه إلى الله. وهذه قاعدة إلهية ثابتة في حقيقة الفقر الإنساني: ﴿يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد.
من يخالفها فإنه يخرج عن جادة الصراط المستقيم ويدخل في زمرة السافلين.

نعتقد أيضاً أن أي حوار في هذا المجال يجب أن ينطلق من هذه القاعدة، لأن المناقشة تدور حول فهم التكليف وليس في صناعة التكليف وصياغته. من لم يدرك هذا الأمر فإن الحوار معه يكون عقيماً، وخاصة أن ما يراه سيبقى هو الأصلح.

* السفر: أنواع‏
هناك سفر يعبّر عنه اليوم بالسياحة والتجوال أو النزهات الطويلة وهو ممدوح إذا كان للترفيه عن النفس في الحلال أو التأمل في الطبيعة والآفاق.
أما النوع الثاني فهو سفر يكون القصد فيه تحصيل فوائد أخرى، فإما أن يكون زيارة روحانية أو أداء لواجب شرعي كالحج وزيارة المعصومين والأولياء عليهم السلام، فهذا مما حثّ عليه الشرع الأنور وكلف به الإنسان لأنه تعبير عن السفر إلى الله والخروج من بيت النفس المظلم.
ويقابله سفر المعصية، كالخروج بقصد أذية الناس أو الفرار من الزحف وعقوق الوالدين.
ويبقى نوع آخر من السفر وهو لا يخرج بعنوانه عن أحد الأنواع المذكورة، فإما أن يكون مباحاً أو واجباً أو حراماً. وهو السفر لطلب الرزق وتحسين المعاش، أو لطلب العلم سواء كان علماً دينياً أو طبيعياً.

* ما هي الضوابط الشرعية التي نحدد من خلالها نوعية السفر؟
قد تنسد أبواب الرزق على الإنسان. وربما يكون محباً للعلوم الطبيعية كالفيزياء والطب والهندسة و... وقد يكون طموحه كبيراً في الوصول إلى أعلى الدرجات، وعندها يكون طلب الحلال وسلوك طريق المعارف والوصول إلى الدرجات العليا مباحاً، وقد يكون واجباً فيما إذا خشي على نفسه وعياله الموت جوعاً أو الحرج الشديد في ذهاب ماء وجهه وتسوله إلى الناس، أو إذا كان البلد محتاجاً إلى الأطباء والتقنيين والمهندسين والعلماء الذين يخرجونه من التبعية الاقتصادية والثقافية للغرب.
وكل هذه الأمور تتحول إلى حرام فيما إذا كانت مانعة من أداء التكليف، أو كان هناك تكليف آخر أولى منها.

وحتى لا تبعد كثيراً عن الواقع، فلنضرب مثلاً منطقة لبنان التي يعيش المسلمون فيها تحت سيطرة الكفار وتحتل أرضهم ويُعتدى عليهم يومياً، فهم في حالة هجوم من قبل الأعداء. وهنا يجب على جميع المسلمين في العالم القيام للدفاع عنهم حتى تتحقق الكفاية، ومن المعلوم أن الكفاية ليست متحققة لأن قسماً كبيراً من أرضهم ما زال محتلاً، إضافة إلى الهيمنة السياسية للكفار والمشركين.
مَن من المسلمين في هذا العصر يعتبر نفسه خارج هذا التكليف، ومن يمتلك مبرراً واضحاً لتركه الجهاد والسفر لتحصيل المال أو تحسين وضعه الاجتماعي؟

أكثر الأخوة الذين يعملون في الخارج يقولون إن سفرهم هو أنهم لم يجدوا فرصة للعمل وتأمين العيش في بلدهم، وأنهم يريدون تأمين حياة الكفاف ثم يعودون إلى بلدهم.
ونحن نقول: إنكم تتحملون مسؤولية استمرار الحياة الصعبة لإخوانكم المجاهدين وأهليكم الصابرين، أنتم الذين سافرتم لتحسين أوضاعكم ونسيتم أن الحل لا يكون في الهجرة، وإنما في استرجاع الأرض والكرامة وحكومتها، وفي هذا أعظم مصدر للعيش الهني‏ء. ويعود هذا التفكر إلى النظرة الفردية وعدم الوعي بحقيقة التكليف.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع