مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

حماة الإسلام: السفراء الأربعة

● عثمان بن سعيد العمري
● محمد بن عثمان العمري
● الحسين بن روح
● علي بن محمد السمري

* السفير الأول

هو الشيخ الموثوق عثمان بن سعيد العمري، أبو عمرو الأسدي وسُمي العمري نسبة إلى جدّه. ويقال له العسكري أيضاً، لأنه من عسكر وهي سامراء، ويقال له: السمّان لأنه كان يتَّجر بالسمن تغطية على الأمر.
لم يرد في المصادر التاريخية تحديد عام ولاته، ولا عام وفاته، وإنما يرد اسمه أول ما يرد كوكيل خاص للإمام الهادي عليه السلام الذي كان يستوثقه ويمدحه بقوله: "هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعني يقول، وما أدّاه إليكم فعني يؤدّيه". وكان دوره نقل المال والمقال من الإمام الهادي عليه السلام وإليه، فكان يمثل دور الوساطة - مع جماعة آخرين - بينه وبين القواعد الشعبية.

وحين يلقى الإمام الهادي عليه السلام ربّه عام 254هـ، يصبح أبو عمرو وكيلاً خاصاً موثوقاً للإمام العسكري عليه السلام حيث كان يكثر من مدحه والثناء عليه في مناسبات مختلفة وأمام أناسٍ كثيرين، حتى اشتهر حاله وعظمت جلالة شأنه بين الموالين.

وحين ولد الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف نص الإمام العسكري عليه السلام في مجلس حافل بالخاصة، يعدُّون بأربعين رجلاً، على إمامة ولده المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وغيبته، وكذلك نصّ على وكالة عثمان بن سعيد عن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وسفارته له قائلاً: "فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلى أمره (أو أقبلوا قوله) فهو خليفة إمامكم والأمر إليه".
توفي الإمام العسكري عليه السلام عام 260 ومنذ ذلك الحين أصبح أبو عمرو السفير الأول للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. بنصٍ من الإمامين العسكري والحجة عليهما السلام، حيث اضطلع بالمهمة العظمى في ربط الإمام بقواعده الشعبية وتبليغ توجيهاته إليهم. وقد استمر على هذا الأمر حتى وافاه الأجل.

لم يفت أبو عمرو قبل وفاته أن يبلّغ أصحابه وقواعده الشعبية، ما هو مأمور به من قبل المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، من إيكال السفارة بعده إلى ابنه محمد بن عثمان، وجعل الأمر كله مردوداً إليه.
ويكون لوفاته رنَّة في قلوب عارفي فضله ومقدري منزلته وخاصة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف نفسه، فنراه يكتب إلى ابنه السفير الثاني يعزّيه بأبيه قائلاً: "إنا لله وإنا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضاءً بقضائه عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام. فلم يزل مجتهداً في أمرهم ساعياً فيما يقرّبه إلى الله عز وجلّ وإليهم. نضّر الله وجهه وأقال عثرته".

* السفير الثاني
وهو الشيخ الجليل محمد بن عثمان بن سعيد العمري، تولى السفارة بعد أبيه بنصٍ من الإمام العسكري عليه السلام حيث قال لوفد من اليمن أتى لمقابلته: "أشهدوا عليّ أن عثمان بن سعيد وكيلي، وأن ابنه محمد وكيل ابني مهديكم"، وبنص أبيه على سفارته بأمر من المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

كانت القواعد الشعبية للسفير الثاني مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته، لا يختلف في ذلك اثنان من الإمامية، وذلك بسبب كلمات الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف المتظافرة والمتواترة بشأنه.
وكان مما قاله في حقّه: "لم يزل ثقتنا في حياة الأب - رضي الله عنه وأرضاه وأنضر وجهه - يجري عندنا مجراه ويسد مسدَّه، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل". إلى غير ذلك من عظيم الإجلال والإكبار.
كان لأبي جعفر العمري، كتب مصنفة في الفقه، مما سمعه من أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام، ومن الصاحب "المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف" ومن أبيه عثمان بن سعيد عن أبي محمد وعن أبيه علي بن محمد "الإمام الهادي" عليهما السلام.


بقي مضطلعاً بمسؤولية السفارة نحواً من خمسين سنة، حتى لقي ربه العظيم في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثمائة أو أربع وثلاثمائة فكان رضي الله عنه أطول السفراء بقاءً في السفارة، وبهذا يكون أكثرهم توفيقاً في تلقي التعاليم من الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأوسعهم تأثيراً في الوسط الذي عاش فيه والذي كان مأموراً بقيادته وتدبير شؤونه.

ولم يفت أبو جعفر العمري رضي الله عنه، أن يوصي إلى خلفه السفير الثالث: الحسين بن روح، بأمر من الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وبهذا أنهى حياته ودفن في الكوفة وقبره الآن مشيّد معروف "بالخلاني" يزار للذكرى والتبرك.

* السفير الثالث
هو الشيخ الجليل أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، من بني نوبخت، وهو كغيره من السفراء، لم يذكر عام ولادته، ولا تاريخ مبدأ حياته وإنما لمع نجمه أول لمعانه كوكيل لأبي جعفر محمد بن عثمان العمري، إلى أن انتهت الوصية إليه بالنص عليه، فلم يختلف في أمره ولم يشك فيه أحد.

وكان تحويل السفارة على أبي القاسم بن روح قبل موت محمد بن عثمان العمري بسنتين أو ثلاث، وقد أكّد عليها عندما اشتدّت به حاله، حيث اجتمع لديه جماعة من وجوه الشيعة، فقالوا له: إن حدث أمر، فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: "هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، القائم مقامي، والسفير بيمكم وبين صاحب الأمر عليه السلام، والوكيل والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم وعوّلكوا عليه في مهماتكم، فبذلك أمرت. وقد بلّغت".
وكان في إيكال السفارة إليه قبل سنوات من وفاة السفير الثاني، كما قيل، مصلحتان مزدوجتان، أولاهما: وصول هذا المنصب إلى الشخص المخلص إخلاصاً بحيث لو كان المهدي تحت ذيله وقرض بالمقاريض لما كشف الذيل عنه.
ثانيهما: غلق الشبهة التي تصدر من المرجفين: من أن محمداً بن عثمان العمري إنما أوكل الأمر إلى ابن روح، باعتبار كونه أخص أصحابه إليه وألصقهم به. فإنه لم يكن بأخصهم ولا بألصقهم، وإن كان من بعض أخصّائه في الجملة بل كانت الأذهان بعيدة عنه وكان احتمال الإيكال إليه ضعيفاً عند الواعين المستبصرين بشؤون المجتمع من أصحابه، حتى احتاج أبو جعفر لترسيخ فكرة الإيكال إليه وإيضاحها، إلى تكرار الإعلان عن ذلك، وتقديمه على ساعة موته بسنوات.

وعلى أي حال، فقد تولى الحسين بن روح السفارة فعلاً، عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بموت أبي جعفر العمري عام 305، وقد اضطلع أبو القاسم منذ ذلك الحين بمهام السفارة، وقام بها خير قيام وكان من مسلكه الالتزام بالتقية المضاعفة، بنحو ملفت للنظر، وذلك بإظهار الاعتقاد بمذهب أهل السنة من المسلمين، وقد تولّى أيام سفارته الحملة الرئيسية ضد ظاهرة الانحراف عن الخط وادعاء السفارة زوراً، من خلال تبليغ القواعد الشعبية توجيهات المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في ذلك وشجبه تلك الظاهرة.

وبقي مضطلعاً بمهامه العظمى، حتى لحق بالرفيق الأعلى في شعبان عام 326هـ ودفن في النوبختية في الدار التي كانت فيها دار علي بن أحمد النوبختي. وقبره معروف في بغداد وقد اتخد مقصداً ومزاراً.

* السفير الرابع
هو الشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري. لم يذكر عام ميلاده ولا تاريخ فجر حياته، إنما ذكر أولاً كواحد من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام، ثم ذكر قائماً بمهام السفارة المهدوية ببغداد. بعد الشيخ ابن روح، بإيعاز منه عن الإمام المهدي عليه السلام.

تولى السفارة من حين وفاة أبي القاسم بن روح عام 326 إلى أن لحق بالرفيق الأعلى عام 329 في النصف من شعبان، فتكون مدة سفارته عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ثلاثة أعوام.
لم ينفتح للسمّري، خلال هذا الزمان القصير، بالنسبة إلى أسلافه القيام بفعاليات موسعة، كالتي قاموا بها، ولم يستطع أن يكتسب ذلك العمق والرسوخ في القواعد الشعبية كالذي اكتسبوه، وإن كان الاعتقاد بجلالته ووثاقته كالاعتقاد بهم. ولعل لتلك السنوات المليئة بالجور والظلم وسفك الدماء دخلاً كبيراً في كفكفة نشاط هذا السفير، وقلة فعالياته.

وهذا الجو بنفسه كان من الأسباب الرئيسية لانقطاع الوكالة بوفاة السمري، وعزم الإمام المهدي عليه السلام على الانقطاع عن الناس كما انقطع الناس عنه. ولهذا نجد السمري رضي الله عنه يُخرج إلى الناس قبل وفاته بأيام توقيعاً من الإمام المهدي عليه السلام يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى ويقول:
"بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك. فأنت ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة. فلا ظهور إلاّ بإذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً...
".

وكان هذا آخر خطاب خرج من الإمام المهدي عليه السلام عن طريق السفارة الخاصة، وآخر ارتباط مباشر بينه وبين الناس في الغيبة الصغرى.
وبعد ذلك بستة أيام توفي السفير الرابع ودفن في بغداد حيث يوجد له قبل معروف ومزار، رضي الله عنه وأرضاه.


■ شاهد الشيخ المفيد ذات ليلة في عام الرؤيا أنه جالس في مسجد الكرخ وهو من مساجد بغداد، وإذا بالسيدة الزهراء عليه السلام ممسكة بيدي الحسن والحسين عليه السلام تتقدم نحو الشيخ قائله له: أيها الشيخ علِّمهما الفقه.
فاستيقظ الشيخ من نومه حائراً في ذلك.. وقال: ما منزلتي حتى أعلِّم الإمامين... لكنه رأى الأئمة عليهم السلام، وذلك يعني أن الحلم ليس شيطانياً. فذهب في الصباح إلى المسجد فرأى أم السيد المرتضى قد أقبلت مع جاريتها وقد أخذت بيدي السيدين المرتضى والرضي فأتت بهما إليه وقالت: "
أيها الشيخ علّمهما الفقه"
عندها عرف الشيخ تفسير رؤياه، فبالغ في احترام هذين السيدين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع