مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

فقه الولي‏: مناسك الحج‏


إعداد: الشيخ سامر جوهر


* تعريف الحج‏
الحج شرعاً مجموعة مناسك خاصة وهو ركن من الأركان التي بُنيَ عليها الإسلام كما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: "بُني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية"
.


منزلة الحج وفضله‏
الحج بقسميه الواجب والمستحب عظيم الفضل جزيل الأجر، ولقد ورد عن النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين في فضله روايات كثيرة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "الحاج والمعتمر وفد اللّه إن سألوه أعطاهم وإن دعوه أجابهم وإن شفعوا شفّعهم وإن سكتوا ابتدأهم ويعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم".

* وجوب الحج‏
وجوب الحج ثابت بالكتاب والسنة وهو من ضروريات الدين. قال تعالى في محكم كتابه: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ.

حكم المُنكِر لوجوب الحج والتارك له‏
إن ترك الحج ممن تحققت فيه شرائط الوجوب الآتية مع العلم بوجوبه من الكبائر، يظهر هذا من الآية أعلاه كذلك من الروايات التي تصرح بذلك، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "مَن مات ولم يحجّ حجة الإسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً".

* أقسام الحج‏

وينقسم الحج أيضا باعتبار البعد عن مكة إلى حج تمتع وإفراد وقران، والأول وظيفة من يبعد وطنه عن مكّة المكرمة ثمانية وأربعين ميلا، أي ما يقارب تسعين كيلومترا، والثاني والثالث وظيفة من يسكن في مكّة أو بين مكّة والمسافة المذكورة.

متى يجب الحج ؟
تجب حجة الإسلام إذا تحققت الشروط التالية:
* العقل، فلا تجب على المجنون.
* البلوغ، فلا تجب على غير البالغ ولو كان مراهقا.
* الاستطاعة، وتشتمل على الأمور التالية:
أ - الاستطاعة المالية.
ب - الاستطاعة البدنية.
ج - الاستطاعة السربيّة (كون الطريق آمنا ومفتوحا).
د - الاستطاعة الزمانية.

ولقد فصَّل سماحة الإمام القائد بشرط الاستطاعة:

أ - الاستطاعة المالية: وتشمل عدة أُمور هي:
أولاً: الزاد والراحلة.

* ما هو الزاد والراحلة ؟
يقصد بالزاد كل ما يحتاج إليه في السفر من المأكل والمشرب وغيرهما من متطلبات ذلك السفر، ويراد بالراحلة وسيلة النقل التي تُقطع بها المسافة. مسألة: لا يشترط أن يكون لدى المكلّف نفس الزاد والراحلة، بل يكفي أن يكون ما يمكن صرفه فيهما من نقود أو غيرها. إنتبه! لا تتحقق الاستطاعة المالية للمكلّف باقتراض نفقات الحج فإن حجّ في هذه الحالة لم يجزه عن حجة الإسلام. حالة خاصة: مَن كان لديه ما يكفيه للحج فقط واحتاج للتزويج وكان في تركه مشقة أو حرج أو مهانة عليه أو كان موجباً لمرضه أو خاف وقوعه في الحرام فلا يعتبر مستطيعا، فلو صرف المال مع ذلك في الحج فالظاهر أنه لا يجزي عن حجة الإسلام.

ثانياً: مؤنة عياله مدة السفر.
مسألة: يشترط في الاستطاعة المالية أن يكون لديه مؤنة عياله إلى حين رجوعه من الحج.

* ما هو المراد من العائلة ؟
المراد من العائلة التي يشترط وجود مؤنتها في الاستطاعة المالية هي ما يصدق عليه عنوان العائلة عرفا وان لم تكن واجبة النفقة شرعا.

ثالثاً: ضروريات الحياة وما يحتاجه في معيشته.
مسألة: يشترط أن يكون لديه ضروريات الحياة وما يحتاجه في معيشته اللائقة بشأنه عرفا، ولا يشترط وجود أعيانها بل يكفي أن يكون لديه نقود ونحوها مما يمكن صرفه فيما يحتاج إليه في معيشته. حالة خاصة: الشؤون العرفية للأشخاص قد تختلف من شخص لآخر فمن كان امتلاك المسكن من ضروريات حياته أو كان مناسبا لشأنه عرفا أو كانت سكناه في البيت المستأجر أو المستعار أو الموقوف توجب حرجا أو وهنا عليه، كان امتلاك البيت في حقّه شرطا في تحقّق الاستطاعة. مسألة: لو كان ما لديه من ضروريات معاشه من المسكن وأثاث البيت ووسيلة النقل وآلات صناعته ونحوها زائدا على شأنه قيمةً فإن تمكن من بيعها والشراء ببعض الثمن ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه وصرف الزائد من الثمن في الحج، ولم يكن ذلك حرجا أو نقصا أو مهانةً عليه وكان تفاوت القيمة بمقدار مؤنة الحج أو متمّما لها وجب عليه ذلك وعدّ مستطيعاً. مسألة: إذا باع المكلّف أرضا أو شيئا آخر ليشتري منزلاً بثمنه، فإن كان محتاجاً إلى امتلاك المنزل أو كان امتلاكه مناسبا لشأنه العرفي فلا يكون بالحصول على ثمن الأرض ولو كان بمقدار مؤنة الحج أو متمماً لها مستطيعا.

رابعاً: الرجوع إلى الكفاية.
مسألة: يشترط في الاستطاعة المالية الرجوع إلى الكفاية ويراد منه أن يكون لديه بعد رجوعه من الحج تجارة أو زراعة أو صنعة أو وظيفة أو منفعة ملك كبستان أو دكان أو غير ذلك من مصادر الدخل مما يكفي دخله لمعيشته ومعيشة عائلته بما يناسب شأنه عرفاً. حالة خاصة بالنساء: يشترط الرجوع إلى الكفاية في المرأة أيضاً وعليه فإن كان لها زوج واستطاعت للحج في حياة زوجها فهي ترجع إلى النفقة التي تملكها على زوجها، وأما من ليس لها زوج فيشترط في استطاعتها للحج مضافاً إلى مؤنة الحج أن ترجع إلى مصدر مالي يكفي لمعيشتها بما يناسب شأنها وإلاّ لم تكن مستطيعة للحج. إنتبه! لا يجوز للمستطيع أن يخرج نفسه عن الاستطاعة بعد حلول الزمان الذي يجب فيه صرف المال للذهاب إلى الحج، بل الأحوط وجوباً أن لا يخرج نفسه عن الاستطاعة قبل ذلك الزمان أيضاً.

ب - الاستطاعة البدنية:
والمراد بها صحة البدن وقدرته، فلا يجب الحج على المريض أو الهرم غير القادَرين على الذهاب إلى الحج أو كان في الذهاب إليه حرج ومشقة عليهما. مسألة: يشترط بقاء الاستطاعة البدنية، فإن مرض أثناء الطريق قبل الإحرام، فإن كان ذهابه إلى الحج في عام الاستطاعة وسلبه المرض القدرة على مواصلة الطريق كشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة البدنية له، ولا يجب على مثله الاستنابة للحج وأما من كان ذهابه إلى الحج بعد أن استقرّ عليه فعجز أثناء الطريق لأجل المرض عن مواصلته ويئس من القدرة على الحج من دون حرج ولو في السنوات الآتية وجب عليه الاستنابة، وإن لم ييأس فلا يسقط عنه وجوب مباشرة الحجّ، وأما إذا مرض بعد الإحرام فله أحكام خاصة.

ج - الاستطاعة السربية

المراد بها كون الطريق إلى الحج مفتوحاً وآمناً، فلا يجب الحج على من سُدّ عليه الطريق بحيث لا يمكنه الوصول إلى الميقات أو إتمام الأعمال، وكذا لا يجب على من كان طريقه مفتوحا إلا أنه غير آمن، كأن يكون فيه خطر على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله.

د - الاستطاعة الزمانية
والمراد بها تحقّق الاستطاعة في زمن يمكنه فيه إدراك الحج، فلا يجب الحج على من ضاق عليه الوقت بحيث لا يستطيع إدراكه أو كان يستطيع ذلك ولكن بمشقة أو حرج شديدين. حالة خاصة: لا يشترط إذن الزوج في الحج الواجب، فيجب على الزوجة الحج وان لم يكن الزوج راضيا بالسفر إليه. حالة خاصة: لا يشترط إذن الوالدين في صحة حجة الإسلام على المستطيع. إنتبه! إذا ترك الحج مع تحقق شروط الاستطاعة استقرّ الحج في ذمته ووجب عليه الإتيان به فيما بعد كيفما أمكن.

مقدمات الاستطاعة: إذا توقف إدراك الحج في عام الاستطاعة على مقدمات كالسفر وتهيئة وسائله وأسبابه وجبت المبادرة إلى تحصيلها على نحوٍ يوثق معه بإدراك الحج في ذلك العام، فإن قصّر المكلّف في ذلك ولم يأتِ بالحج عصى واستقرّ الحج في ذمته ووجب عليه أداؤه وإن زالت الاستطاعة. مسألة: لا يجب الحج طول العمر في أصل الشرع إلا مرة واحدة على من استطاع إليه، ويسمى ذلك الحج بـ"حجة الإسلام".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع