استفتاء:
س - هل أن الحجاب من ضروريات الإسلام وما حكم من ينكره أو أولئك الذين لا يراعون هذا الأمر الإلهي خاصة في المجتمع الإسلامي؟
ج - أصل حكم الحجاب من الضروريات ومنكر هذا الحكم منكر للضروري ومنكر الضروري محكوم بالكفر إلا إذا علم أنه لا ينكر الله أو الرسول.
الإمام الخميني قدس سره
يعاني مجتمعنا الإسلامي من ظاهرة استشرت في البلاد الإسلامية منذ أن حصل الاتصال الثقافي والفكري بالاستكبار. وهي ظاهر السفور وعدم الحجاب. ولا نقصد هنا الحجاب المتعلق بالمرأة فقط بل أن ترك الحجاب انطلق من قاعدة التحلل من القيم والمفاهيم الأخلاقية سواء عند الرجل أو المرأة. وكما أن المرأة باتت في أحيان كثيرة تخلع سترها وتظهر محاسنها أمام الرجل فكذلك الرجل الذي استجاب، بل وهيأ ظروف السفور من خلال تعاطيه السافر مع عدم التحجب، صار يظهر بمظاهر تخالف العفة والتستر.
هذه الظاهرة المخالفة للشرع الحنيف والمعاندة للأوامر الإلهية تزعجنا وتعتبر تحدياً لنا في قيمنا ومفاهيمنا التربوية التي نسعى لبسطها داخل مجتمعنا لحفظ التوازن والاستقواء على الأعداء الذين يتربصون بنا الدوائر، كيف نواجهها من موقع التكليف الشرعي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟.
ينبغي أولاً أن نعرف ما هو الحجاب الشرعي وضده الذي هو السفور، ثم نبحث بعد ذلك داخل دائرة التكليف عن شروط ومهمات المواجهة وندرس بشيء من الإجمال الآثار السلبية للسفور والآثار الإيجابية للحجاب.
* الحجاب الشرعي
"يجب على المرأة ستر تمام بدنها عمن عدا الزوج والمحارم إلا الوجه والكفين مع عدم التلذذ والريبة، وأما معهما فيجب الستر...".
وكذلك نلاحظ في الاستفتاء الموجه إلى سماحة الإمام قدس سره، إن إنكار الحجاب مع الالتفات إلى تعلقه بالأوامر الإلهية وصدوره من ساحة العزّة عبر واسطة الوحي "الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم"، يعد كفراً والمنكر يكون كافراً.
* المواجهة
الإنسان المؤمن يتحرك لأجل مواجهة الفساد والانحراف وكل أشكال المعاصي من دائرة التكليف الإلهي بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك ينبغي أن يعرف أولاً شروط ومهمات هذا التكليف حتى لا يقع في المحظور الذي هرب منه.
وبالطبع فنحن هنا لن نقوم بعرض هذه الشروط (وقد بيناها في باب دروس في الفقه) ولكننا نحاول أن نطبق بصورة تفصيلية ما نعلمه وما نأخذه عن المرجع الجامع للشرائط في مورد مواجهة ظاهرة السفور واللاحجاب في مجتمعنا الحالي.
فأول مراتب الإنكار بعد معرفة طابع الحجاب الإسلامي ينبغي أن يكون متجهاً نحو إلقاء الحجة وبيان المخالفة للإسلام داخل كل قطاعات المجتمع الإسلامي والإعلان بأن هذا منكر ومعصية لا يرضى بها الله أبداً، وينبغي أن يكون ممتزجاً بالنصيحة والإشفاق والدعوة إلى العفة والصلاح.
بعد ذلك ينبغي أن يبدأ المؤمنون والمؤمنات بتوجيه النهي مباشرة إلى أفراد المجتمع ممن يرتكبون هذه المعصية وزجرهم عن هذا الحرام وإعلان النفور من أفعالهم وربطها بالفساد الموجود في المجتمع والدعوة إلى الستر والطاعة. وعلى المؤمنين أن يتحركوا كقوة إلهية يستمدون العون من الرب المتعال، وإذا لم يؤثر الخطاب الليّن والنصوح فليبدأوا بالنهي المتشدد والتهديد والوعيد.
* طريق آخر
ظاهرة السفور كغيرها من ظواهر الفساد في المجتمع هي بالدرجة الأولى وليدة النظام المنحرف والفاسد "أول ما يضيع من الإسلام الحكم وآخره الصلاة"، لذلك فإن الثورة على هذا النظام واقتلاع جذوره يعتبر طريقاً آخر يبتر مقدّمات السفور والظروف التي تساعد على انتشاره في المجتمع، بل يقضي على كل ظاهرة فاسدة فيه.
وفي الحقيقة نجد أن حركة الإمام الخميني قدس سره بالثورة على الظالمين لم تنطلق إلاّ من هذا الأصل فقد قضى بإسقاطه للحكم الشاهنشاهي على معاقل الفساد المستشرية في المجتمع آنذاك والتي كانت تحت حماية النظام الحاكم.
وهكذا فإن مواجهة الفساد والانحراف الخلقي في المجتمع يكون ذا شقين:
الشق الأول: الطريق المباشر بالخاطب الموجه إلى أفراد الانحراف مع مراعاة مراتب ودرجات الأمر والنهي.
الشق الثاني: الطريق غير المباشر عبر التوجه لإسقاط حماة الفساد ورعاته ممن يقوونه كلما ضعف، ويفتحون أمامه الأبواب ويهيئون له الأرضيات ليتكاثر وينمو.