نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الافتتاحية: قاعة الامتحان والاستعداد للبلاء

رئيس التحرير


كما هي قاعة الامتحان التي على داخلها أن يخضع لعدة أنواع من التجارب والاختبارات الذهنية والمهارات الفنية للعلوم المكتسبة، فالدنيا كلها قاعة امتحان كبيرة تظهر مدى قدرة الإنسان على السير باتجاه الكمال الإنساني، وكما أن الداخل لقاعة الدرس والامتحان لا يحق له الاعتراض لأن شيئاً من أصناف الضيافة لم يُعدّ له.

كذلك هو الإنسان الذي خلقه الله وأراد له أن يُختبر ويُمتحن ويخضع لعملية تجارب عديدة ومخاضات؛ فلا يحق له طرح الإشكالات على الخالق عزّ وجلّ، ولا إثارة الأجواء التي تعترض على أحكم الحاكمين، ذلك أن الإنسان خُلق لأجل هدفٍ سامٍ وبالتالي فإن المصاعب التي تواجهه والمصائب، هي التي تصقله وتصنعه، ففي الحديث الشريف "في تقلّب الأحوال علم جواهر الرجال" فمن يبتلى مثلاً بالكثير من الابتلاءات والاختبارات ويفوز ولا يسقط أمامها هو أفضل وأجدر من غيره ممَّن لم يُبتل بأي من تلك الأنواع، ومن يعيش في خضم الدنيا ويصر على أجواعها ولا تُسقطه التجارب هو أكثر أهلية من سواه ممّن لم يُعان.

وعلى سبيل المثال لا تستطيع أخي القارئ أن تحكم على صديق لك أنه مُخلص في صداقته ما لم تجرِّبه في النكبات والشدائد والمصائب وضائقة الحياة، فالمؤمن المجرَّب في مواجهة التحديات الكثيرة، في السلم والحرب، في السرور والحزن، في الرخاء والشدة، والرضا والسخط، هو أفضل ممّن لم يُرَ في مشهد واحد يصبر ويواجه.

وإن الانتماء والالتزام بالدين الإسلامي معناه الاستعداد الدائم لمواجهة أعباء الانتماء وخاصة إذا ما كان وجود المؤمنين يشكِّل تهديداً لكل من سواهم، كما حصل في بداية الدعوة الإسلامية، حيث كان الإيمان والتصديق بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخيف الجاهليين وبالتالي فإن على المؤمنين أن يستعدّوا للتعذيب والإرهاب والحصار والتشريد مِمَّ يخشون النور لا الظلام، ذلك أن الخفافيش أشد ما يزعجها ضوء النور والنهار فيحاربون لإبقاء الناس في عالم الظلمات، وقد حرص أئمة الإسلام على مسألة الاستعداد للبلاءات حيث كان يأتي بعض الموالين لإمام من الأئمة الأطهار ويخبره بحبه لهم فيجيبه قائلاً "إذاً استعد للبلاء" ذلك أن أئمتنا عليهم السلام كان لهم فهم خاص لهذه الحياة مختلف جذرياً عن فهم الناس العاديين لها، أما موضوع للنعيم وما شابه فهو مدّخر إلى دار النعيم، يقول تعالى:  ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾.

فهلمَّ إلينا، إلى العمل الصالح ومواجهة المستكبرين والظالمين وإلى الوقوف مع المظلومين والجائعين، ذلك أن الدنيا إذا كان فيها شيء من القيمة، فهي فرصة بين يدي المؤمن يكادح فيها ويأمر أهلها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويجاهد أعداء الله والإنسانية ويقارع الكفر والكفار فيها ويدعوهم إلى عبادة واحدٍ أحدٍ قهَّار، فإلى تصحيح مفاهيمنا للحياة والدنيا، وإلى الجهاد في سبيل الله وإلى الفوز في قاعة الامتحان الكبيرة والفوز برضوان الله..
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع