نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قرآنيات: الجهاد في القرآن


يكفي الجهاد فخراً أنّه "باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه" فكيف إذا عرفنا أنّ الطريقة التي اختص بها الله سبحانه وتعالى أمّة الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم، وهي خير أمّة أخرجت للناس، هي الجهاد. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لكلّ أمّة سياحة وسياحة أمّتي الجهاد".
فلا عجب إذاً أنّ القرآن الكريم أولى هذا الموضوع اهتماماً خاصاً، جعل من الأهمية بمكان إلقاء نظرة، ولو إجمالية، عليه.

* معنى الجهاد
الجهاد من الجُهد وهو بمعنى بذل الوسع والطاقة. قال تعالى: ﴿والذين لا يخدون إلاّ جُهدهم التوبة 79، أي وسعهم وطاقتهم.
والمجاهد هو الذي يبذلك كلّ ما في وسعه وطاقته في سبيل الأهداف المقدسة.
وفي لغة الشرع، الجهاد هو السعي لبذل المال والثروة والروح واستخدام كلّ الإمكانات في سبيل إعلاء كلمة الحقّ والتوحيد والدفاع عن الإسلام وإقامة الشعائر الإسلامية.
مكانة الجهاد في القرآن
 

وردت كلمة "الجهاد" وأخواتها كالقتال والزخف وأمثالها في القرآن الكريم بصور متنوعة وفي موارد متعدّدة، تأكيداً لأهمية هذا الأصل القرآني. ومن خلال مقارنة بسيطة نوردها مع بعض الموضوعات المهمة في الشرع الإسلامي يتبيّن لنا مدى الأهمية الكبيرة للجهاد.
ففي مجموع القرآن الكريم، ذكرت الصلاة واحداً وسبعين مرة (71)، والصوم اثنتي عشرة مرة (12)، والحج إحدى عشرة مرة (11)، والطهارة والتطهّر اثنتي عشرة مرة (12). ومع الالتفات إلى عظمة هذه الموضوعات وأهميتها، تتضح أهمية الجهاد إذا عرفنا أنّ القرآن استعمل كلمة "الجهاد" وتمجيد المجاهدين وتحقير المتخلفين في ثلاثة وثلاثين موضعاً (33)، وذكر الأمر بالجهاد في ثمانية وثلاثين موضعاً (38)، إضافة إلى آيات متفرقات حول عظمة الجهاد وفضيلته.
 

وهذه بعض نماذج من الآيات القرآنية الواردة في هذا الموضوع.
 

1-عظمة الجهاد:
يعتبر الجهاد بنظر القرآن من أعظم الأعمال المقرّبة إلى الله سبحانه، فهو أفضل من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام. قال تعالى: ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين. الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون. يبشرهم ربّهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. خالدين فيها أبداً إنّ الله عنده أجر عظيم التوبة 19.
وفي مجمع البيان ذكر أنّها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام والعباس بن عبد المطلب وطلحة بن شيبة، وذلك أنّهم افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت وبيدي مفتاحه. ولو أشاء بتّ فيه، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها. وقال علي عليه السلام: ما أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد.
 

2-محبة الله:
لا ريب أنّ الله تعالى يحبّ عباده جميعاً، كيف لا وهو القائل عزّ اسمه: يا ابن آدم خلقت الأشياء لأجلك. وخلقتك لأجلي فهل تفر مني". ولكن هناك محبة خاصة يتلطف بها تعالى على المجاهدين والمقاتلين في سبيله، قال تعالى: ﴿إنّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنّهم بنيان مرصوص الصف /4.
 

3-الأجر العظيم:
لكل عمل أجر معلوم، إلاّ الجهاد في سبيل الله فلم يرد الله تعالى أن يحدّد له أجراً. قال تعالى:
﴿فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً النساء / 74.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فوق كلّ ذي بر بر يُقتل الرجل في سبيل الله فليس فوقه بر. صدق رسول الله.
وقد حلّلوا ذلك أنّ المقتول في سبيل الله قد أعطى كلّ ما يملك وأعز ما يملك لله، ولا يرضى الله تبارك وتعالى إلاّ أن يبادله بالمثل.
 

4-المعاملة مع الله
اشتغل الناس بالتجارة للكسب والربح، وقد يدخل التاجر في معاملة ثمّ يخشى من الخسارة، فيطلب من الطرف الآخر أن يقيله من عقد البيع، وأمّا إذا كانت المعاملة مع الله فهل هي إلاّ البيع الربيح؟ قال تعالى: ﴿إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقُرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التوبة 111.
في التفاسير أنّ الآية نزلت على رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في المسجد، فكبّر الناس في المسجد، وأقبل رجل من الأنصار ثانياً طرفي ردائه على عاتقه فقال: يا رسول أنزلتْ هذه الآية؟ قال: نعم، فقال الأنصاري: بيع ربيح، لا نقيل ولا نستقيل.
 

5- الدرجات العلى
لكلّ المؤمنين فضل عند الله ودرجات في الجنان محمودة، ولكن أين منها دركات المؤمنين المجاهدين؟
قال تعالى: ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاّ وعد الله الحسنى وفضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً، درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماًالنساء / 95-96.

6- الامتحان بالجهاد
الامتحان من السنن الإلهية التي لا تبديل فيها، والمراتب الإيمانية للإنسان ومقاماته المعنوية تتوقف على مدى إخلاصه وكيفية تعامله مع النِعم الإلهية والابتلاءات الربانية التي يتعرض لها في حياته.
والجهاد بالمال والنفس من أهم الأمور التي يبتلى بها الإنسان، حتّى إنّ دخوله الجنّة غير ممكن ما لم يثبت أنّه من المجاهدين. قال تعالى:
﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين آل عمران / 142.
وقال تعالى مؤكداً: ﴿ولنبلوكم حتّى نعلم المجاهدين منكم محمد /31.
 

7-الجهاد وقت الضيق
ليس الجهاد كلّه واحداً. فلا يستوي الجهاد بالنفس والمال وقت العسرة، عند قلة الناصر وقوة العدو وضعف الإمكانات، والجهاد بعد الانتصار وانتشار الإسلام ودخول الناس فيه أفواجاً. قال تعالى:
﴿لا يستوي منكم من أنفق من قِبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا الحديد / 10.
والجهاد وقت العسرة والشدّة جهاد الأنبياء والأولياء، فإنّ معظم الأنبياء بعثوا لهداية الناس دون أن يزودهم الله تبارك وتعالى بالإمكانات المادية، فلا ثروة ولا مال ولا قصور ولا كنوز، ولا أنصار ولا جيوش، فكلّ ذلك كان من نصيب الأعداء والطواغيت وأتبااع الشيطان، ولكن الأنبياء ومن معهم لم يضعفوا ولم يستكينوا. قال تعالى:
﴿وكأيّ من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحبّ الصابرون، وما كان قولهم إلاّ أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين آل عمران/146 – 148.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع