تحدثنا في الفصل الأول عن أعمال عمرة التمتع وهي خمسة: الإحرام، الطواف، صلاة الطواف، السعي والتقصير. في هذا الفصل سنتحدّث عن أعمال حج التمتّع وهي ثلاثة عشر عملاً نأتي على بيانها وتفصيل الحديث عنها في هذه الحلقة من الأحكام الكلية لمناسك الحج.
* الفصل الثاني: أعمال حج التمتّع
بعد إتمام أعمال عمرة التمتع، ينبغي البقاء في مكّة حيث يجب الإحرام فيها لحجّ التمتّع ومن ثمّ التوجّه للوقوف في عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجّة. والأفضل أن يحرم في اليوم الثامن ويبيت ليلة التاسع في عرفات بسبب كثرة الناس والحشود حيث يحتمل التأخّر عن الوقت المحدّد وهو ظهر اليوم التاسع.
أمّا الأعمال الكلية لحج التمتّع فهي:
1- الإحرام
وهو أوّل أعمال الحجّ كما كان أوّل أعمال العمرة.
كيفية إحرام الحج مثل إحرام العمرة تماماً من حيث اللباس والتلبية وما يحرم عليه وغير ذلك، لكن يختلف عنه في النية فقط. فالنية هنا: أحرم لحجّ التمتّع "لحج الإسلام أو نيابة أو غيره" قربةً إلى الله تعالى.
وقت الإحرام يجوز تأخير إحرام الحج بعد إتمام أعمال عمرة التمتّع إلى وقت لا يفوته الوقوف في عرفات عند الزوال من اليوم التاسع من ذي الحجّة.
ميقات الإحرام لحجّ التمتّع فهو مكّة ويصحّ الإحرام في أيّ مكان منها إلاّ أنّه يستحب ذلك في مقام إبراهيم أو حجر إسماعيل عليهما السلام.
2- الوقوف في عرفات
وهو العمل الثاني من أعمال الحج والمراد من الوقوف في عرفات الكون في ذلك المكان سواءً كان راكباً أم راجلاً، وقاعداً أم نائماً، أي أنّه يجب على الحاج البقاء ذلك اليوم في جبل عرفات وعدم الخروج منه.
وقت الوقوف: والأحوط وجوباً في وقت الوقوف أي يكون من زوال يوم التاسع من ذي الحجّة حتّى غروب ذلك اليوم.
-الوقوف في عرفات عمل عبادي ويجب قصد القربة فيه خالصاً لله تعالى.
- لا يجب أي شيء آخر سوى الوقوف، إلاّ أنّه يوجد مستحبات كثيرة، فهو من أفضل الأمكنة لاستجابة الدعاء. وأفضل الأدعية في ذلك اليوم دعاء سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين ودعاء الإمام السجّاد عليهما السلام في الصحيفة السجادية.
3- الوقوف في المشعر الحرام
وهو العمل الثالث من أعمال الحج فبعد غروب يوم التاسع من ذي الحجة "ليلة عيد الأضحى"، يتوجه الحجاج من عرفات إلى المشعر الحرام لأداء عمل آخر من أعمال الحج.
وقت الوقوف في المشعر: الأحوط وجوباً البقاء في المشعر الحرام ليلة العاشر إلى طلوع الفجر بنية إطاعة أمر الله في هذه البيتوتة. وإذا طلع الفجر من يوم العيد ينوي الوقوف في المشعر الحرام إلى طلوع الشمس.
-الوقوف في المشعر الحرام من العبادات ويجب فيه قصد القربة والنية الخالصة من الرياء والسمعة.
-في المشعر لا يجب على الحاج عمل آخر سوى الوقوف، إلاّ أنّه يستحبّ له أخذ حصى الجمار لرمي الجمرات
"4 إلى 6": أعمال منى
بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجّة "عيد الأضحى"، يتوجّه الحجاج من المشعر الحرام إلى منى لأداء أعمالها، والأعمال في منى يوم العيد ثلاثة: رمي جمرة العقبة، الذبح والحلق أو التقصير.
4-رمي جمرة العقبة
وهو العمل الرابع من أعمال الحج
-الواجب رمي الحجر المعروف بـ"جمرة العقبة" بالحصى التي جمعها من المشعر ويجب أن يكون العدد سبعة.
- لا يجب أن تكون السبعة متوالية، بمعنى أنّه لو رمى اثنتين فأصاب ولم يصيب في الثالثة فلا بأس، لكن عندما يرمي الرابعة ويصيب تحسب له ثلاث رميات.
-في منى يوجد ثلاثة حجار.. ويسمّى الحجر الأول للمتوجه من المشعر الحرام غلى منى بـ"الجمرة الأولى" والثاي بـ"الجمرة الوسطى" والثالثة بـ"جمرة العقبى أو العقبة"، وفي يوم عيد الأضحى لا يجب رمي إلاّ جمرة العقبة.
5- الذبح
وهو العمل الخامس في أعمال الحج ويأتي مباشرة بعد الرمي.
شرائط الهدي:
1- الصحة والسلامة "عدم المرض".
2- أن لا يكون كبير السن جداً.
3- أن يكون تام الأجزاء.
4- أن لا يكون أعمى أو أعرج بشكل واضح بل ولو كان غير واضح على الأحوط وجوباً.
5- أن لا يكون أبتر مقطوع الذنب "أو بلا ذنب أصلاً على الأحوط وجوباً".
6- أن لا يكون مقطوع الأذن.
7- أن لا يكون مقطوع القرن أو مكسوره.
8- أن لا يكون مهزولاً.
9- أن لا يكون خصياً وهو الذي أخرجت خصيتاه، أو بلا خصية أصلاً.
10-إذا لم يكن للحيوان أذن ولا قرن في أصل خلقته فلا إشكال.
11-يشترط في الذابح أن يكون مؤمناً.
12-الأحوط وجوباً عدم تأخير الذبح عن يوم عيد الأضحى.
6-الحلق أو التقصير
وهو العمل السادس من أعمال الحج.
بعد الهدي، يجب على الحاج حلق الرأس أو التقصير، ويكفي فيه قص شعر الرأس أو اللحية أو الشارب أو شيء من الظفر والأولى قص مقدار من الشعر والظفر أيضاً. وبعد ذلك يحلّ له كلّ ما حرّم عليه بالإحرام إلاّ النساء والطيب، فيمكن له خلع ثياب الإحرام وارتداء الثياب العادية.
وهنا لا بدّ من الالتفات إلى عدّة أمور:
أ- من كان حجّه صرورة، أي أنّه يحجّ لأوّل مرة، لا يكفي له التقصير على الأحوط وجوباً، بل لا بدّ له من الحلق، أمّا من حجّ سابقاً فيجزئ له التقصير.
ب- النساء يجب عليهنّ التقصير ولا يجزئ لهن الحلق.
ج- مكان الحلق أو التقصير في منى.
د- وقت الحلق أو التقصير يمتدّ حتّى يوم الثالث عشر وإن كان الأحوط استحباباً يوم العيد.
7 إلى 11– أعمال ما بعد منى
بعد أداء أعمال منى يوم عيد الأضحى، يجب العودة إلى مكّة لأداء خمسة أعمال من أعمال الحجّة، ويمتدّ وقت هذه الأعمال حتّى نهاية شهر ذي الحجّة، ويجوز له البقاء في منى لأداء أعمال يومي الحادي والثاني عشر وليلتيهما ثمّ يتوجّه بعد ظهر يوم الثاني عشر من منى لإتمام بقيّة أعمال الحج.
أمّا الأعمال الخمسة في مكّة فهي عبارة عن:
أ- طواف الحج "سابع أعمال الحج".
ب- صلاة طواف الحج "ثامن أعمال الحج".
ج- السعي بين الصفا والمروة "تاسع أعمال الحج".
د- طواف النساء "عاشر أعمال الحج".
هـ- صلاة طواف النساء "حادي عشر أعمال الحج"
وهنا ينبغي الالتفات إلى عدّة أمور:
أولاً: طريقة أداء الأعمال بعد منى تماماً كما بُنيت في عمرة التمتّع، ولا تختلف عنها إلاّ في النيّة فقط.
ثانياً: كيفية طواف النساء وصلاته مثل طواف العمرة وصلاته تماماً ولكن يختلفان في النيّة فقط حيث يقول: "أطوف طواف النساء لحجّ التمتّع قربة إلى الله تعالى". وكذلك "أصلّي صلاة طواف النساء لحجّ التمتّع قربة إلى الله تعالى" بعد تعيين نوع الحج أيضاً "حجة الإسلام أو نيابة أو غيرها".
ثالثاً: بعد أداء طواف الحج وصلاته وسعيه يصبح الطيب حلالاً على الحاج، وبعد أداء طواف النساء وصلاته تحلّ المرأة على الرجل وكذلك الرجل على المرأة.
12-البيتوتة في منى
وهو العمل الثاني عشر من أعمال حج التمتع. فبعد أداء أعمال منى يوم العيد، سواء ذهب إلى مكّة وأتى بأعمالها أم لم يذهب، يجب على الحاج المبيت فيمنى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر من ذي الحجّة من غروب الشمس وحتّى منتصف الليل، ويشترط فيه قصد القربة والإخلاص. وعليه فلو ذهب إلى مكّة يجب عليه الرجوع قبل غروب الشمس إلى منى.
وهنا ينبغي الالتفات إلى الأمور التالية:
أ-المعذور من البقاء في منى، وكذلك من يبيت في مكّة مستيقظاً ومشتغلاً بعبادة الله حتّى الصباح، فلا يجب عليه المبيت في منى.
ب-من ترك المبيت لعذر يجب عليه لكلّ ليلة شاة، أمّا المشغول بالعبادة في مكّة فلا كفارة عليه.
13-رمي الجمرات الثلاث
وهو العمل الثالث عشر من أعمال حج التمتّع، يجب رمي الجمرات الثلاث بسبع حصى في اليوم الحادي عشر وكذلك في اليوم الثاني عشر.
أ-وقت الرمي من طلوع الشمس وحتّى الغروب.
لا يجوز الرمي في الليل "إلاّ لمن كان معذوراً ولم يتمكّن من الرمي نهاراً" ولو ترك الرمي يوم الحادي عشر، يجب في اليوم الثاني قضاء رمي الحادي عشر قبل أداء رمي يوم الثاني عشر.
ب-يجب البدء برمي الجمرة الأولى ثمّ رمي الوسطى وفي النهاية يرمي جمرة العقبة.
في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، يجوز للحاج أن يخرج من منى بعد الزوال "الظهر الشرعي"، ولو بقي هناك إلى الغروب يجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر ورمي الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر أيضاً وبعدها يخرج من منى.
وهكذا يكون قد انتهى من أعمال الحج.