نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

ذكرُ اللّه اطمئنانُ القلوب

إعداد: هيئة التحرير


ثمّة مستحبّات وآداب مختلفة، يستحبّ الإتيان بها دائماً، وهي مورثة للطمأنينة والاتّصال بالله تعالى في كلّ وقت، مثل: تلاوة القرآن، والبقاء على وضوء، وطهارة الملبس والمأكل، وذكر الله على كلّ حال؛ في القيام، والقعود، والسفر، والوصول،... كذلك استقبال القبلة حال القراءة أو الجلوس في العمل، والتسمية قبل كلّ عمل، والاستغفار والحمد، والمداومة على الصلاة على محمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وأيضاً ترك الذنوب والمعاصي. أمّا في مقام (ذكر الله)، فثمّة توصيات مرويّة، نعرض جزءاً يسيراً منها في هذا المقال، إضافةً إلى بعض نصائح العلماء الربّانيّين.

* للطمأنينة والأمن
قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الإسراء: 82)، كذلك نجد بعض التوصيات في نهج أهل البيت عليهم السلام، منها:

1. آية السخرة: ورد عن الإمام الصادق عليه السلام رواية جاء فيها: بعث طلحة والزبير في أثناء الاستعداد لمعركة الجمل رجلاً اسمه خِداش لينقل رسالة إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وقالا له: إنَّا نبعثك إلى رجل طال ما كُنَّا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانة، فحينما تذهب إليه فاقرأ آية السُّخْرَةِ لتكون في أمان من سحره، ولما جاء خِداش إلى الإمام علي عليه السلام أخبر الإمام بالرسالة التي بعثها طلحة والزبير، فطلب منه أن يقرأ الآية سبعين مرّة، ثمّ سأله عليه السلام: "أتجد قلبك اطمأنّ؟ فقال خداش: أي، والذي نفسي بيده"(1). بعد هذه الحادثة، التحق بجيش الإمام علي عليه السلام وقُتل يوم الجمل. وذكر الملا صالح المازندراني في تعليقه على هذه الرواية أنَّ قراءة هذه الآية سبعين مرّة توجب صفاء القلب واطمئنانه ورفع شكّه ووساوسه(2).

وتُعرف الآيات 54 و55 و56 من سورة الأعراف بآية السخرة، وهي: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ* ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (الأعراف: 54-56).

كما ويوصى بقراءة آية السخرة في الركعة السادسة من نوافل الظهر، وبعد صلاة الفجر.

2. أدعية الأمن عند النوم: روي أنّ من أدعية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند نومه: "بسم الله، آمنتُ باللهِ وكفرتُ بالطاغوتِ"(3)، و"اللّهمّ احفظني في منامي وفي يقظتي. اللّهمّ إنْ أمسكتَ نفسي في منامي فاغفر لها، وإن أرسلتَها فاحفظها بما تَحفظ به عبادَك الصالحين"(4).

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: اللّهمّ باسمكَ أحيا، وباسمِكَ أموت. فإذا قام من نومه قال: الحمدُ لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النُّشور"(5). ومنه أيضاً ما علّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للسيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام: قراءة سورة الإخلاص ثلاثاً قبل النوم، وتسبيحة الزهراء عليها السلام.

* دعاء لراحة البال
ثمّة أدعية كثيرة تبعث على راحة البال والهدوء، مثل دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجاديّة: "يا فارِجَ الهَمِّ وَيا كاشِفَ الغَمِّ، يا رَحْمنَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَرَحيمَهُما، صَلِّ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وفَرِّجْ هَمّي، وَاكْشِفْ غَمّي. يا واحِدُ يا أحَدُ، يا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدُ، وَلَمْ يولَدْ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدْ، اعْصِمْني وَطَهِّرْني، وَاذْهِبْ بِبَليَّتي". ثمّ قراءة آية الكرسي والمعوذتين وسورة التوحيد مرةً، ثمّ قول: "الّلهم إني أسألك سؤال من اشتدت فاقته، وضعفت قوته، وكثرت ذنوبه، سؤال من لا يجد لفاقته مغيثاً ولا لضعفه مقوّياً، ولا لذنبه غافراً غيرك"(6).

* لرفع الهموم والضيق
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "من لزم الاستغفار، جعل الله له من كلّ ضيق مخرجاً، ومن كلّ همّ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب"(7). وكذلك دعاء الإمام الصادق عليه السلام الذي علّمه بعض أصحابه لدفع الهول والغمّ: "أعْدَدْتُ لِكُلِّ عَظِيمَةٍ لا إلهَ إِلاّ اللّهُ وَلِكُلِّ هَمٍّ وَغَمٍّ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله مُحَمَّدٌ النُورُ الأول وَعَلِيُّ النُورُ الثَّانِي وَالائِمَّةُ الابْرارُ عُدَّةٌ لِلِقاء الله وَحِجابٌ مِنْ أعْداء الله، ذَلَّ كُلَّ شَيٍ لِعَظَمَة الله، وَأسْاَلُ الله عَزّ َوَجَلَّ الكِفايَةَ"(8).

* علاج الغيظ والغضب والتوتّر
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام: "لو قال أحدكم إذا غضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ذهب عنه غضبه"(9). وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الوضوء يعالج الغضب أيضاً، عندما سأله رجل: يا رسول الله أوصني، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أوصيك ألا تغضب، إذا غضب أحدكم فليتوضأ"(10).

* دعاء الحزين
هو دعاء للإمام زين العابدين عليه السلام، يدعى فيه في صلاة الليل، وهو مناجاة لمن لا يرى في نفسه لياقة الوقوف بين يدي الله تعالى، فيكون في ندم وحزن عميقين، منكسر القلب؛ لأنّ أشدّ الكُرب والأحزان، هو بُعد العبد عن ساحة مولاه، فيقول: "أناجيك يا موجود في كلّ مكان، لعلّك تسمع ندائي، فقد عظم جرمي وقلّ حيائي. مولاي يا مولاي، أيّ الأهوال أتذكّر وأيّها أنسى؟ (...)، حتّى متى وإلى متى أقول لك العتبى مرّة بعد أخرى، ثمّ لا تجد عندي صدقاً ولا وفاءً، فيا غوثاه ثمّ واغوثاه بك يا الله..."(11). وللدعاء تتمّة.

* توصيات العلماء
1. علاج سوء الظنّ(12):
س: أظنّ أنّ الجميع يريدون أن يهجموا عليّ ويؤذوني، فماذا أفعل؟
ج: قولوا كثيراً: "أستغفر الله".

2. للخواطر السيّئة(13):
س: ماذا نفعل لأجل نفي الخواطر، أي صفاء القلب والذهن من كلّ شيء سوى الله؟
ج: اعملوا ضدّه، استغفروا واذكروا الصلوات كثيراً، التي هي ضدّ تلك الخواطر. وأكثروا من التهليل (لا إله إلّا الله) مع الاعتقاد الكامل.

3. علاج الوسواس(14):
س: ماذا نفعل لعلاج الوسوسة عن طريق الفكر؟
ج: إكثار التهليل من باب الذكر، أمّا من باب الفكر، فالتفكير في كلّ شيء يزيل الوسوسة، مثل التفكير بأنّ هذه وسوسة، وهي مرض، وإذا لم تتمّ إزالتها وعلاجها تبقى.

في الختام، ذكر الله حصنٌ في كلّ حال، لكن بشرط تلقين القلب، قال الإمام الصّادق عليه السلام على ما في رواية (مصباح الشّريعة): "فَاجْعَلْ قَلْبَكَ قِبْلَةً لِلسانِكَ، لا تُحَرِّكْهُ إِلَّا بِإِشارَةِ القَلْبِ، وَمُوافَقَةِ العَقْلِ، وَرِضَى الإِيمانِ.."(15).


(1) الشيخ الكليني، الكافي، ج 1، ص 344.
(2) المازندراني، شرح أصول الكافي، ج 6، ص 272.
(3) الشيخ الكليني، مصدر سابق، ج 2، ص 536.
(4) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 5، ص 341.
(5) الشيخ الكليني، مصدر سابق، ج 2، ص 539.
(6) الإمام زين العابدين عليه السلام، الصحيفة السجّادية، شرح الأبطحي، ص 390. وفيه تتمّة.
(7) العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 90، ص 284.
(8) الشيخ القمّي، مفاتيح الجنان، ص 1071.
(9) الراوندي، الدعوات، ص 52.
(10) المصدر السابق، ص 52.
(11) الصحيفة السجّاديّة، ص 174.
(12) الشيخ بهجت قدس سره، الناصح، ص 391.
(13) المصدر نفسه، ص 392.
(14) المصدر نفسه، ص 389.
(15) الشيخ الطبرسي، مستدرك الوسائل، ج 5، ص 397.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع