عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إنَّ الصدقةَ تزيدُ صاحبَها كثرة، فتصدّقوا يرحمُكم الله! وإنَّ التواضعَ يزيدُ صاحبَه رِفعة، فتواضعوا يرحمُكم الله! وإنَّ العفوَ يزيدُ صاحبَه عزّاً، فاعفوا يعزُّكمُ الله"(1).

خصالٌ ثلاثةٌ يعطيها اللهُ عزَّ وجلَّ العبدَ إذا عمِلَ بها، ويعوّضُ سبحانه للمتحلّي بها ممّا يقابلُها؛ فإنفاقُ المالِ في سبيل اللهِ بابُ زيادة، والتواضعُ للهِ عزَّ وجلَّ بابُ علوِّ الشأن، والصفحُ والعفوُ بابٌ لنيلِ درجاتِ العزّ.

1. الصدقة: قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ (البقرة: 276)؛ فالصدقةُ تُثمرُ في الدنيا زيادةً في الرزق، وفي الآخرةِ زيادةً في الأجرِ والثواب، فعن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "اتّقوا النارَ ولو بشقِّ التمرة، فإنّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُربيها لصاحبِها كما يُربي أحدُكم فَلُوَّه أو فصيلَه، حتّى يوفيه إيّاها يومَ القيامة، حتّى يكونَ أعظمَ من الجبلِ العظيم"(2).

والصدقة تحمل حقيقة الزيادة ومفتاح باب الرزق، وليست نقصاً في المال، وهو التعليمُ الذي كانت عليه تربيةُ أهلِ البيتِ عليهم السلام، ففي الروايةِ عن الإمامِ الصادقِ عليه السلام -لابنِه محمّد-: "يا بُنَيَّ، كم فضُلَ مِن تلك النفقة؟ فقال: أربعونَ ديناراً، قال: اخرُجْ فتصدّقْ بها، قال: إنَّه لم يبقَ معي غيرُها، قال: تصدَّقْ بها، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُخلِفُها، أمَا علمتَ أنَّ لكلِّ شيءٍ مفتاحاً، ومفتاحُ الرزقِ الصدقة، فتصدَّقْ بها، قال: ففعلتُ، فمَا لبِثَ أبو عبدِ اللهِ عليه السلام إلّا عشرةَ أيَّام حتّى جاءه من موضعٍ أربعةُ آلافِ دينار"(3).

2. التواضعُ للهِ عزَّ وجلَّ: وهو أنْ يعيشَ المرءُ مع الناسِ كواحدٍ منهم، فلا يتمايزُ عنهم. وفي الثوابِ عنه وردَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن يتواضعُ للهِ درجةً يرفعُه اللهُ درجة، حتّى يجعلَه في عليِّين"(4)، فهذا في رِفعةِ الآخرة، كما ورد في رِفعةِ الدنيا أنَّ التواضعَ يجعلُ للإنسانِ مكانةً في القلوب، فعن الإمامِ عليٍّ عليه السلام: "التواضعُ يكسوكَ المَهَابة"(5).

وروي عن الإمامِ عليٍّ عليه السلام: "ما مِن أحدٍ من وُلدِ آدمَ إلّا وناصيتُه بيدِ مَلَك، فإنْ تكبَّرَ جذبَهُ بناصيتِه إلى الأرض، وقالَ له: تواضعْ وضَعَكَ الله، وإنْ تواضَعَ جذبَه بناصيتِه ثمّ قالَ له: ارفعْ رأسَكَ رفعَكَ الله، ولا وضعَكَ بتواضُعِكَ اللهُ"(6).

أمّا مظاهرُ التواضع، ففي الروايةِ عنِ الإمامِ الصادقِ عليه السلام عن آبائِه عليهم السلام: "إنَّ مِن التواضعِ أنْ يرضى الرجلُ بالمجلسِ دونَ المجلس، وأنْ يُسلِّمَ على مَن يلقى، وأنْ يتركَ المِراءَ وإنْ كانَ مُحقّاً، ولا يُحبَّ أن يُحمَدَ على التقوى"(7).

3. العفوُ في اللهِ عزَّ وجلَّ: والحثُّ عليه في الآياتِ والرواياتِ كثيرٌ، فعن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أُوقِفَ العِبادُ نادى مُنادٍ: لِيَقُمْ مَن أجرُهُ عَلَى اللَّهِ، ولْيَدخُلِ الجَنَّةَ. قيلَ: مَن ذا الّذي أجرُهُ عَلَى اللَّهِ؟ قالَ: العافُونَ عَنِ النّاسِ"(8). هذا في الآخرة، وأمّا في الدنيا، فقد وردَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن عَفا عَن مَظلِمَةٍ أبدَلَهُ اللَّهُ بِها عِزّاً في الدّنيا والآخِرَةِ"(9). والصفحُ الجميلُ في تفسيرِ قولِه تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ (الحجر: 85) هو "العفوُ مِن غيرِ عِتاب"(10)، وعنِ الإمامِ الرضا عليه السلام هو: "عفوٌ مِن غيرِ عقوبة، ولا تعنيف، ولا عتب"(11).

^{1- الشيخ الكليني، الكافي، ج 2، ص 121.
2- العلّامة الريشهري، ميزان الحكمة، ج2، ص1595.
3- المصدر نفسه، ج 2، ص 1596.
4- المصدر نفسه، ج 4، ص 3559.
5- المصدر نفسه، ج 4، ص 3558.
6- المصدر نفسه، ج 4، ص 3559.
7- المصدر نفسه، ج 4، ص 3557.
8- المصدر نفسه، ج 3، ص 2012.
9- المصدر نفسه، ج 3، ص 2013.
10- المصدر نفسه، ج 3، ص 2014.
11- المصدر نفسه، ج 3، ص 2014.}