نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مشكاة الوحي: خصائص المدير والقائد

 


لقد أولى الإسلام مسألة لإدارة والقيادة أهمية بالغة، وشغلت موضوع التدبير حيزاً كبيراً من تعاليمه، فالروايات الشريفة أكّدت في أكثر من موضع على نظم الأمور من جميع جهاتها وحيثياتها "اللَّه اللَّه في نظم أموركم"، وشدّدت على إنجاز المرء أعماله في غاية من الدقة والإتقان "إن اللَّه تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".

والقرآن الكريم الذي هو المنبع الأول لهذه التعاليم، أكّد على هذه المسألة في أكثر من آية، وبيَّن الخصائص والميّزات التي يجب توفرها في المدير، ابتداءً من أعلى سلطة في النظام (الحاكم الإسلامي) وانتهاءً بالعامل والأجير.

فنرى في قصة طالوت الذي نصّبه اللَّه سبحانه ملكاً على بني إسرائيل ليخلصهم من ظلم جالوت وبطشه، إن اللَّه سبحانه لم يولِ الاعتبارات الدنيوية المتمثلة بالمال والجاه والنسب أي أهمية في تنصيبه، إنما اصطفاه على غيره لما تميز به من شدّة في العلم بالأحكام الإلهية، والتبصّر في مجريات الأمور من جهة، وبالقوة التي تؤهله وتمكّنه من إنجاز أعماله على أتم وجه من جهة أخرى، وتتيح له فرصة القضاء على تلك القوة العاتية المتجبرة المتمثلة بجالوت بإذن اللَّه.
ولهذا نرى الآيات القرآنية ترد على أولئك المستغربين من بني قومه على تنصيبه وفيهم من هو أغنى وأيسر حالاً منه وهو الفقير الذي لم يؤت سعة من المال بقولهم: {أنّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنا ونَحْنُ أحَقُّ بِالمُلْكِ مِنهُ ولَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المالِ} (البقرة/ 247) بقوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكم وزادَهُ بَسْطَةً في العِلْمِ والجِسْمِ} (البقرة/ 247) وفي ذلك إشارة إلى أن العلم بالأمور وحده غير كافٍ وإنما المطلوب إلى جانبه القدرة على التحكم بالأمور والإدارة والتدبير.

وفي قصة يوسف عليه السلام نموذج آخر على هاتين الميزتين، حيث نرى يوسف عليه السلام عندما طلب إلى عزيز مصر أن يجعل أمور الخزينة ومالية الدولة بيده يقول: {اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف/ 55) وفيه إشارة إلى التقوى والأمانة اللتين تفرضان على المدير والقائد أن يرعى اللَّه في جميع أعماله ويقوم بها على أكمل وجه ويديرها أحسن إدارة.

وهكذا نرى عندما أشارت إحدى بنات شعيب عليه السلام على أبيها أن يستأجر موسى عليه السلام ليقوم مقامه في رعاية مصالحه حيث قالت: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص/ 26)، وذلك بعد أن رأت قوة موسى عليه السلام في سقي الغنم وفي انتشاله الدلو من البئر لوحده ـ ولم يكن ذلك من السهولة بمكان ـ وبعد أن خبرت أمانته وورعه حينما جاءت تستدعيه بأمر من والدها ليجزيه أجر ما سقى لهم، إذ طلب عليه السلام إليها أن يسير أمامها، وتوجهه هي إلى الطريق حتى لا يقع منه نظرٌ محرَّم إليها.
فالقوة في الأمر هنا جاءت بمعنى العلم والخبرة بتفاصيل الأمر الذي استؤجر لأجله وحسن الإدارة والتدبير. والأمانة عبارة عن التقوى التي تحول بين الأجير وبين أن يخون رب عمله في نفسه وماله وعرضه.
ولذا نرى الإمام الخميني قدس سره الذي درج على الإسلام، ونهل علومه من نبعه الصافي الزلال، أضاف هذين الشرطين إلى شروط المرجع والمجتهد كما إلى شروط الحاكم الإسلامي، وذلك تحت عنوانين:
1 ـ الورع في الدين والزهد في الدنيا، بأن لا يكون المرجع والحاكم منكباً على الدنيا ولا حريصاً عليها جاهاً ومالاً.
2 ـ الإحاطة بأمور الزمان التي تمكّنه من الإدارة الصحيحة والجيدة.
ويقول في مكان آخر:
"يجب على المجتهد أن يتحلى بالبراعة والذكاء والفراسة لقيادة المجتمع الإسلامي الكبير، وحتى غير الإسلامي، وبالإضافة إلى الخلوص والتقوى والزهد المناسب للمجتهد ينبغي أن يكون مدبّرً ومديراً جيداً"."

ولا يفوتنا في هذا المجال أن هاتين الصفتين ظهرتا بشكل بارز وكبير في شخصية مرجعنا الأعلى وولي أمر الأمة الإسلامية الإمام القائد السيد علي الخامنئي دام ظله، فكان مثال المرجع، والقائد الذي أراد اللَّه سبحانه للأمة الإسلامية أن تنعم بولايته.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع